جفيان شر ملا عليوي

كاظم العبودي

الامثال والحكم والحكايات موروث تناقله الاباء عن الاجداد، يحمل عبراً ودروساً كبيرة وكثيرة في نفس الوقت، والتراث العربي زاخر بمثل هذه الانواع ومن بينها هو مثل (جفيان شر ملا عليوي).

 وحكاية المثل تقول ان الملا عليوي كان شديد الالتزام بالشريعة فيلزم ابناءه على تطبيقها دون شرح ضرورتها واهميتها وفائدتها خصوصاً الصلاة، وهو بذلك مطبق لقاعدة ابدأ بنفسك ثم عيالك حيث كان يطبق تلك التعاليم على عائلته بشدة وقساوة احياناً اخرى، لكن ابنه الاكبر كان دائماً يتخلف عن اداء الصلاة ويتركها في اغلب الاحيان، فيحثه الملا على اداءها واذا لم يبادر لا داءها يتشاجر معه حتى اصبح الشجار بسبب الصلاة عادة بين ملا عليوي وابنه، وفي ذات يوم تشاجر الملا عليوي مع ابنه الاكبر لا نه لم يؤدي فريضة الصلاة في وقتها مما أستدعى الابن ان يسرع للوضوء ويستقبل القبلة في جمع من الحاضرين (الحواييز) لفض النزاع قائلا : بصوت مرتفع اصلي الصلاة –الظهر-(جفيان شر ملا عليوي) فذهبت مثلا ذا معنى كبير وذا دلاله مؤثرة لمن يريد العبرة والاعتبار بهذا المثل على الرغم من اغلب الناس يستخدمونه للسخرية والضحك.

وشاهد السالفة هي تنطبق على ابناء هذا البلد فهم لم يتفاعلوا مع دولتهم الفتية والجديدة حتى اصبحت هذه العادة تثير القلق وتطرح كسؤال متكرر من قبل الجميع (سياسيين ومثقفين واعلاميين) وغيرهم، فعدم اكتراث الكثير منهم للأملاك العامة من متنزهات وبنايات وارصفة وصولاً الى ابسط شيء وهو رمي الاوساخ في الشوارع دون مبالات فهناك عدم قناعة بالواجب المفروض عليهم او عدم دراية بفائدة العمل فتلاحظ ان تطبيق القوانين لا يتم الا بالقسر والاجبار ولا يتم تطبيقه بوعي وثقافة من قبل المواطنين، وخير مثال هو حزام الامان فعندما يصل السائق الى السيطرة يضع حزام الامان وعند مغادرتها بأمتار يقوم بخلع الحزام حتى اذكر في ذات مرة كنت متوجه الى العاصمة واوقفتنا سيطرة فارتدى السائق الحزام امام رجل المرور !

 وهذه السلوكيات تنتج ازدواجية في تطبيق القوانين والاعمال فما دام هناك رقيب يحاسب يتم تطبيق القوانين وبطريقة الجفيان شر ملا عليوي لذلك تجد تنفيذ المشاريع واداء الموظفين وكل اعمالنا هي خاضعة لقاعدة ابن ملا عليوي.

 اما النوع الثاني فيكون بغياب الرقيب التي لا ينفذ منها الا نسبة 1% وهذا السلوكيات ستخلف اللامبالاة الجماعية والمجتمعية لأنها تصبح ثقافة لدى ابناء المجتمع بالإضافة الى ان تطبيق القوانين بالقوة وليس بثقافة الوعي ستنتج عنه معارضة تكسر تلك القوانين وتتمرد عليها وبنوعين من المعارضة الاول معارضة ظاهرية والثانية معارضة مخفية غير علنية الأولى تمارس دور الاعتراض على القوانين، اما الثانية فهي تبحث عن الثغرات في القوانين وتوجد الاعذار للتصرفات الخاطئة لذلك يجب على الجميع اشاعة الثقافة العامة والمصلحة العامة ولرجال الدين ورجال الثقافة ان يعملوا على تلك المسألة لان رجال السياسة فقدو الثقة لدى الشارع العراقي ولم يستطع احد منهم ان يقوم بذلك الامر لفقدانهم الشخصية القدوة المؤثرة التي يقتدي بها ابناء الوطن ويلتف حولها كل اطياف المجتمع لما يتمتع به من صفات اخلاقية عملية لا اخلاقية تنظيرية بعيدة عن الواقع وهذه الشخصية بالإمكان ان تولد في شريحتي المثقفين ورجال الدين لانهم لم يفقدوا ثقتهم لدى الشارع الذي اصيب بخيبة امل كبيرة ومؤلمة.

واذا فقد المواطن الثقة بتلك الشرائح اصبح فريسة سهلة لكل الثقافات الدخيلة او يبقى الشعب يسير بصورة عشوائية لا نظامية تنتج الا مبالات واحياناً الشعوذة.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 11/تموز/2012 - 20/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م