على مرفأ الغيب

فريد عبد الله النمر

"أناديك ياموجود في كل مكان علك تسمع ندائي "

 

أأثث نبض الروح شوقا فاُأسرا =بشهقة هذا القلب لمّا تبعثرا

 

وأنفض عني عتمة الليل والهوى= وأختار وشياً للمواقيت معبرا

 

أراودني فضّ التلاوين في دمي= لألقى شغاف الحبّ لونا مزوّرا

 

يخاتلني بعضي على شكّ بعضه= ويشبهني ظلاً أراه مزرّرا

 

حبيسا أجرّ الذنب نحوي مراودا =سنيَّ الزّمان الذي فرّ محسِّرا

 

أقدّ قميصَ الوقت لما تثاءبت =رئات الهوى المبحوح فيه مؤشرا

 

على وجه هذا الأفق أنحو جهاته =التي استرقت من سجدة الشكر إظفرا

 

وكل غناء رجّع اللحن ناكرا =تشظى بخفق الذّات شوطا محيّرا

 

وبين سؤلاتي عناوين شرفة =تجيئ وتنأىْ في مداها تكررا

 

هي اللحظة الأشهى تعدّ كرومها= اللاتي تدلّت للفوانيس أقمرا

 

فنشتاق منها ما يغني مدوّرا= ويرقصُ مفتونا, ويفترُّ مزْهرا

 

نروّي ظما الآهاتِ لمّا تقاطرت= على ضفة الأنفاس جمرا ومجمرا

 

نعانق فيه الورد والحقل والربا= وننتشق الصحراء قلبا مصبّرا

 

وليس سوى ما تنفخ الريح في فمي= من الشهقة التعبى تجاذبني الثرى

 

وأنت سوار الروح صيغ بمعصمٍ= من الغيب لبى حين ألفاك مدبرا

 

تخيط سماء الحب في ضوء نبضه= شعاعا وتستاف الأمانيّ معبرا

 

ويؤلمني فيك افتكاري بخلسة =على إنني لا أعرف الشكّ مخبرا

 

ولا شيء الا وجهةٌ تحسبُ الخطى= وتفرك عين الوجد ظلاً مكسّرا

 

تحوّلَ طبعُ الشوق فانداح رفه= بأفئدة العشاق للحبّ منكرا

 

ليفترس الأحلامَ ذئبٌ من الأنا= التي انبثقتْ بالروحِ ناباً تنمّرا

 

فمن يسكتُ الآلامَ إن ضجّ جرحها =بمستأنسٍ بالغيب لبّى مقدّرا

 

وشوطٌ يجرّ الهمسَ نزفا يلمّنا =لنحمدَ في معناه ما قدْ تأخرا

 

فضوءهُ مسكوبٌ يضيء قلوبنا =الــ..ثملتْ بخمرِ الحب لما تكررا

 

نشاغبنا في برهة النبض رعشة= تهزّ كيان الليل كأسا مقطّرا

 

فتعشب في معناك عمرا مشجرا= بوحي ضمير بات يزهو مشجرا

 

فيسمو ومعنى التوق يجتاز بعضه =النائي كمَنْ يهوىْ تعاجله السّرى

 

وقد أوقف الأصداء رجع معتق= بملمح من ناداك فجرا مخفّرا

 

لتهفو عيون الشمسِ للفجر طلّةَ =تزمّ الأسارير....القداسات للذرى

 

أتسخو جفون الغيبِ آمالَ شرفة =عليها سماتُ العشق إن بانَ أخضرا

 

فيا أيّها المذخور للحبّ رأفة= بنا نحنُ من يهواك بردا ومجمرا

 

حنانيك هذا القلب مفتاحُ عشقنا =فهلّا افتتحتَ الوقتَ باباً معّذرا

 

فضفتك الأخرى صلاةٌ تؤمنا =لقبلتك الأشهى إذا الليلُ أدبرا

 

وضفتنا الأولى تخورُ بها القوى= يمزّقها وحشُ الأباطيلِ أظفرا

 

ويغتالها من زرقة البحر ماردٌ =من الحزن لا يألو عليها التذمّرا

 

ويشبعها جوع من الوعي يا ترى =بأيّ حياض الله نحن.. كما ترى

 

فقد أصبح العباد مرمىً لفرقةٍ =بما دبّرَ الباغون من بائسِ الكرَى

 

أينعم للطاغين وقت مرفهٌ =ويهنأ عيش الجور ريشاَ وأقصرا

 

ولم تذخر في الحقد تطهو جراحنا= حبالاتُها الشوهاء نزْرا ومُكثِرا

 

فنكّسَ صَرحَ الدّين فضّ مغلفٌ بنارِ الشياطين الذي منها وجّرا

 

وخالفَ شرعَ اللهِ صَلفٌ تلونت عليه المقاديرُ فولّى مشمّرا

 

تقاطبنا الأشباهُ في كل دعوةٍ تُناهبها الأقزام قدا ومأزرا

 

وكلّ إلى ليلاهُ يدعو بسفْرهِ على الحلُم المزعوم ينداحُ خنجرا

 

ولا هزة تطفو ولا منْ مقاوم =على فريةِ الأهواء سرا ومُجهرا

 

وقد كان يكفي واحدٌ بصروفه =يديرُ لقطبِ الوقتِ لمّا تضّورا

 

أمن ثورة تُعلي وكلّك ثورة =تقوم على اسم الله للعدلِ مُصدرا

 

وأنت أمان الكون من كلّ فتنة =تسودُ لتسقيْ الحبّ قهرا مسوّرا

 

فذي النهضةُ البيضاءُ هذي خطوطها= اتضحت منارا للولاية أخضرا

 

فخذْ كلَ روحٍ أنت فيها تشدها= نداءً فهلْ إلاك يؤثرُ الورى!

 

ونحن المنادون مذ ألف غيبة =ترعرع فيها الشوقُ نبتا وأثمرا

 

أمن شرفة تسخو بمغزل حلمها= فقد أرهق الأقمار ضوءٌ تستّرا

 

فهلا أعرت الروح بعض حياتها =لتسموا بهذا الشوق عينا ومنبرا

 

لكي تقتفيك الحلمَ ملء فدائها =على رقعة الأهوال نصرا مؤزرا

 

أما آن للصبّ الغيور بومضة =تعيد لقطب الكون وزنا معطرا

 

فأقدم فما ذا الوقت إلا خصومة= تجاذبها المسرىْ يمينا فأيسرا

 

تساوم فينا النبض غير قلوبنا =قوافيك شدّتْ في هواك تفجّرا

 

فخذْ مهجة الحبّ العتيق يراعه= لطلعتك السمحا مجدّا ومعبّرا

 

على وزنك الأشهى نُصاغ قصائدا =أيا مهديْ.. يا مولايَ نفديك منحرا

 

فقم واسقنا الكأس الذي هو عشقنا= فكم يحمدُ الشطرُ الذي آبَ أشطرا

 

ومن يلهب الشكوى إذا الشعر صانها= بعينك ظمآنا مقلاً ومكثرا

 

أيكفيه منك الآن توري زناده =كما كان حراً أن تفيهِ تحرّرا

 

لعل نداء الشوق يطفو بخفقة =كفاه اضطهادا يشربُ القهرَ مِشعَرا

 

فما ذنبه الشوق غير أني بأحرفي= أناديك يا مهديُّ لحنا مفطرا

 

فهذي شراييني أسيل يقينها =يراعا تطيل الندب إياك معبرا

 

فأقدم كفاك البعد فتّتْ قلوبنا =أيا حجة الله والمبينةِ.. ما الكرى ؟

 

فأكحل دروب العز عدلا بنصرة= تعيدُ سماء الحقّ حقاً مطهرا

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/تموز/2012 - 18/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م