محو الامية التقنية... ينقل موظفي العراق الى عالم الكمبيوتر

 

شبكة النبأ: بابتسامة عريضة، تتابع وسن صالح تعليمات محاضر يشرف على دورة تدريبية في الجامعة التكنولوجية في بغداد تهدف الى "محو الامية في مجال استخدام الحواسيب" لدى الموظفين الحكوميين.

وتقول وسن (35 عاما) الموظفة في وزارة التجارة العراقية وهي تدون ملاحظات على دفتر صغير "انها المرة الاولى في حياتي التي استخدم فيها الحاسوب (الكمبيوتر)". وتضيف بخجل بدا واضحا على ملامح وجهها الذي يلفه حجاب ملون "عندي حاسوب، لكن بما انني كنت جاهلة لم استخدمه من قبل. الآن، سادخل كل الاشياء فيه واتعرف اليه، انها تجربة خاصة سانصح بها عائلتي وجيراني".

وتستضيف الجامعة التكنولوجية في وسط بغداد منذ شباط/فبراير 2009 دورات تدريبية في مجال الكمبيوتر، من بينها دورة "ترقية موظفي الدولة" التي تشمل تعريف هؤلاء إلى كيفية استخدام الكمبيوتر وإلى برامج اساسية مثل "اوفيس"، وايضا الانترنت. بحسب فرانس برس.

وتبحث الجامعة اليوم امكانية تطوير هذه الدورات التعليمية لتشمل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مثل "فيسبوك" و"تويتر" بهدف تعزيز امكانيات الموظفين الذين لا زالوا يعتمدون في معظم الدوائر الرسمية على التعامل الورقي.

وبحسب مدير "قسم الحواسيب" في الجامعة حارث فؤاد جواد، بدأت فكرة اقامة هذه الدورات في مقال نشر في صحيفة محلية في كانون الاول/ديسمبر 2008 وطالب بالقضاء على "الامية التقنية".

وقد نقل المقال عن استاذ جامعي قوله "القيت محاضرة للاساتذة عن الحاسوب وعندما طلبت منهم رفع اتجاه الفأرة الى الاعلى، قام احدهم برفعها فوق الكمبيوتر". ويقول جواد "اذا لم يكن المرء يعرف اليوم كيفية العمل على الحاسوب، فكأنه يريد ان يكتب ولا قلم بيده"، مضيفا "كثيرون ياتون الينا ويقولون: نريد ان نتعلم، فمن اين نبدأ".

ويشير جواد الى انه "في اولى الدورات، استقبلنا اداريين ومدرسين وفنيين" وكان عددهم 66، بحسب ما تشير رسالة موجهة من الجامعة الى وزارة التعليم العالي. وقد شملت الدورة برنامج "اوفيس" والتعريف بخدمة الانترنت.

ونظمت الجامعة 48 دورة على مدار العام 2009 شارك فيها 446 شخصا، و28 دورة في العام التالي بمشاركة 389 شخصا، و21 دورة في 2011 بلغ مجموع المشاركين فيها 239 شخصا.

ويشير جدول الدورات التي اقامها "مركز الحاسوب لمؤسسات ودوائر الدولة" الى انه منذ نهاية 2011 وحتى 31 ايار/مايو 2012، نظمت الجامعة 57 دورة شارك فيها 547 موظفا حكوميا.

وشملت هذه الدورات التي تستمر كل منها عشرة ايام وتبلغ مدة كل حصة منها ثلاث ساعات استخدام الانترنت والرسم الهندسي وتصميم المواقع على الانترنت وبرنامج "اوفيس"، بالاضافة الى برامج اخرى.

وفي قاعة صغيرة تضم نحو 30 جهاز كمبيوتر، تشرح محاضرة لموظفين حكوميين تفاصيل برنامج "اوفيس" على شاشة معلقة على حائط، فيما يقومان هما بمتابعة تفاصيل الشرح على شاشتين صغيرتين وضعتا امامهما.

ويقول الموظف في وزارة العدل عبد الجليل حنون (55 عاما) "نتعلم هنا تفاصيل برامج عدة منها +وورد+ و+اكسل+ وقد دخلنا مرات عدة الى الانترنت. نتعلم اشياء في عالم لم نكن نعلم به".

وتعبر نجوى عبد الرضا (27 عاما) الموظفة ايضا في وزارة العدل عن سعادتها بتعلم استخدام الكمبيوتر بشكل اوسع من مجرد ارسال بريد الكتروني، موضحة أن "الكمبيوتر حول العالم الى قرية، ونحن نريد دخول هذه القرية".

وبعد أن منعت سنوات الحرب والحصار العراق من اللحاق بقطار التكنولوجيا علما أنه كان قبيل حرب ايران (1980 - 1988) يتمتع بموقع ريادي في هذا المجال على الصعيد الاقليمي، لم تتعرف البلاد إلى خدمة الانترنت بشكل واسع الا بعد اجتياح العام 2003.

وكانت خدمة الانترنت ابان نظام صدام حسين تخضع لمراقبة مشددة، وكانت مواقع الكترونية كثيرة مغلقة. وكان جهاز المخابرات يعترض كل رسالة في البريد الالكتروني لقراءتها ثم يلغي بكل بساطة اي رسالة تثير انزعاجه.

وعلى الرغم من ان هذه القيود الغيت جميعها اليوم، الا ان نسبة مستخدمي الانترنت تبقى منخفضة مقارنة بباقي الدول المجاورة، بحسب مراكز متخصصة، في بلاد تشهد احد اعلى معدلات الفساد الحكومي في العالم وتعيش على وقع عنف يومي متنقل منذ 2003 قتل فيه عشرات الآلاف.

وبحسب وزارة التربية، تبلغ نسبة الامية بين السكان الذين يبلغ عددهم حوالى 30 مليون نسمة 20 في المئة تقريبا. ويقول جواد ان "العراق كان حتى العام 1980 افضل دولة في الشرق الاوسط على صعيد التكنولوجيا، لكن الحرب (مع ايران) غيرت كل شيء، وبات الوضع مختلفا اليوم لان المسالة مسالة سباق، ونحن لسنا في المقدمة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 7/تموز/2012 - 16/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م