قاعدة اليمن... تنظيم مزدوج الولاءات!

 

شبكة النبأ: حرب جديدة يقودها الجيش اليمني وبدعم من بعض الدول العظمى ضد مسلحي تنظيم القاعدة الذين تمكنوا في الفترة السابقة من الاستفادة من تردي الاوضاع الامنية التي عقبت رحيل علي عبدالله صالح والحصول على موطئ قدم في بعض المناطق والمدن اليمنية والتي باتت اليوم ساحة حرب بين العسكر وافراد التنظيم، ويرى بعض المراقبين ان الجيش اليمني بداء يحقق تقدم ملحوظ في ميدان القتال وهو ما تثبته الوقائع فقد سيطر الجيش اليمني على مدينة جعار الجنوبية بعد انسحاب مسلحي القاعدة منها تحت وطأة المعارك بحسب مصادر رسمية، فيما افاد شهود ان السكان يحتفلون بخروج المتطرفين من مدينتهم بعد اكثر من سنة. ويكون الجيش قد حقق بذلك اكبر انجاز له منذ اطلاق الحملة على القاعدة في محافظة ابين الجنوبية قبل شهر، على ان تستمر المعركة لاخراج مسلحي التنظيم خصوصا من زنجبار عاصمة ابين، ومدينة شقرة التي يعتقد ان قياديي المتطرفين يتحصنون فيها.

واعلن قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء الركن سالم علي قطن في بيان نشره موقع وزارة الدفاع "26 سبتمبر" انه "بعد ملحمة بطولية واستبسال كبير، تمكن ابطال القوات المسلحة والامن واللجان الشعبية (التي تقاتل الى جانب الجيش) من السيطرة على مدينة جعار وتكبيد عناصر الارهاب والشر ممن يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة وعناصر تنظيم القاعدة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد". واكد مقتل 20 مسلحا من القاعدة وفرار العشرات اضافة الى مقتل اربعة جنود، وذلك في المعارك للسيطرة على جعار التي كانت تعد من اهم معاقل القاعدة في جنوب اليمن. كما اعلن قطن ان القوات الحكومية تمكنت من فتح طريق عدن ابين المغلق منذ اشهر، مؤكدا ان "عمليات تمشيط ومطاردة تجري حاليا لتعقب فلول العناصر الارهابية التي فرت من جعار للقبض عليها وأحالتها لأجهزة العدالة".

وبدورهم، اكد شهود عيان ان مدرعات الجيش دخلت الى المدينة من الجهة الشمالية الغربية. وذكر السكان ان المئات من اهل جعار يحتفلون بخروج القاعدة من مدينتهم بعد سيطرة استمرت اكثر من سنة. واكد شاهد عيان ان "عربات الجيش دخلت المدينة من الجهة الشمالية الغربية وبدأت المدرعات تتمركز داخل جعار". وياتي ذلك بعد ان شوهد مقاتلو القاعدة يغادرون المدينة باتجاه مدينة شقرة المجاورة التي يعتقد ان قياديين في التنظيم يتحصنون فيها.

وقال بعض السكان ان مركبات كانت تنقل مسلحين من "انصار الشريعة"، وهو الاسم الذي تتخذه القاعدة في جنوب اليمن، مع اسلحتهم وقطع من الاثاث الى مدينة شقرة شرقا. من جهته، قال ضابط ميداني ان الجيش يتقدم بحذر شديد خوفا من عمليات قد ينفذها عناصر القاعدة. وقال الضابط "دخلنا الاحياء الواقعة في شمال غرب المدينة ونحن مع اللجان الشعبية ولدينا معلومات مؤكدة بان القاعدة انسحبت نتيجة المعارك". واضاف "نتعامل بحذر لان هؤلاء ارهابيون يمثلون خطرا على مستوى العالم".

وقال احد الشهود ان مسلحي القاعدة اخلوا المدينة "بعد ان احتدم القتال مع الجيش". وبحسب الشهود، وزع عناصر القاعدة منشورات في جعار اعتذروا فيها من السكان بسبب ادخال المدينة في القتال مع الجيش ما اسفر عن اضرار بالغة. بدوره، اكد محافظ ابين جمال العاقل في تصريح نقله موقع وزارة الدفاع ان "الانتصارات تحققت بفضل تكاتف الجهود وتلاحمها ما بين دعم القوات المسلحة والأمن وجهود اللجان العشبية والالتفاف الشعبي الكبير في ملاحقة ومقارعة فلول العناصر الإرهابية وتكبيدها الكثير من الخسائر في الأرواح والعتاد والذي اجبر تلك العناصر على التقهقر والانسحاب من مدينة جعار وجر ذيول الهزيمة والخيبة".

واكد المحافظ "اننا ماضون في تطهير كامل محافظة أبين من تلك العناصر الإرهابية التي أقلقت الأمن والاستقرار والسكينة العامة وأفسدت الحرث والنسل في محافظة أبين". كما اشار الى فرار ما بين 200 و300 "ارهابي ممن يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة وعناصر القاعدة بينهم قيادات خطيرة في التنظيم وأجانب من جنسيات مختلفة، مدن جعار وزنجبار وشقرة ويجري حاليا تعقبهم للقبض عليهم". بحسب فرنس برس.

وكانت معارك قاسية دارت في محيط جعار واسفرت خصوصا عن سيطرة القوات الحكومية على مصنع للذخيرة كان مركزا للقاعدة على اطراف المدينة، كما افادت مصادر محلية وعسكرية. واكدت المصادر العسكرية ان الجيش "يضيق الخناق" على مقاتلي القاعدة ايضا في زنجبار، عاصمة ابين التي سقطت بيد القاعدة نهاية ايار/مايو 2011، وكذلك في شقرة. وشنت القوات اليمنية حملة شاملة في 12 ايار/مايو بهدف استعادة البلدات والمدن التي وقعت في ايدي القاعدة خلال العام الماضي. ومنذ بدء الهجوم قتل 509 اشخاص طبقا لإحصاءات مستمدة من مصادر مختلفة. ومن بين هؤلاء 388 من مقاتلي القاعدة و76 جنديا و26 مسلحا تابعين للجيش و19 مدنيا.

شيعة رايتس ووتش تحذر

من جانبها حذرت منظمة شيعة رايتس ووتش، وهي منظمة حقوقية تتخذ من واشنطن مقرا لها مما وصفته مخطط اقليميا لتنفيذ ابادة جماعية ضد الشيعة في اليمن على يد تنظيمات القاعدة خلال الايام القادمة.

وفي ما يلي نص التحذير:

تدعو منظمة شيعة رايتس ووتش الرئيس اليمني وبحكم المسؤولية الوطنية والقانونية التي تقع على عاتقة الى الوقوف ضد مخطط خطير يستهدف شريحة كبيرة في الدولة تقف وراءه اجندات اقليمية ودولية مشبوهة، تسعى الى استهداف اتباع اهل البيت (ع) من المسلمين الشيعة في صعدة وبعض المناطق اليمنية خلال الايام او الاسابيع القادمة.

فقد تحصلت المنظمة على معلومات شبه دقيقة عن قيام بعض النافذين في اليمن على تجنيد مئات المتطرفين من تنظيم القاعدة والموالين لهم وتوفير لهم السلاح والعتاد الى جانب الغطاء الرسمي لتنفيذ جرائم تصفية جماعية بحق اليمنيين من الشيعة.

وتؤكد تلك المعلومات على اشراف كل من السفير الأمريكي والسفير السعودي علي محسن الأحمر والزنداني والقاعدة واعضاء من حزب الإصلاح، على التحضير لحرب إبادة ضد مواطني صعدة.

لذا تحذر منظمة شيعة رايتس ووتش من تداعيات ذلك المخطط  على الشعب اليمني بكافة اطيافه، فيما لو نجحت تلك الاطراف المتشددة في تنفيذه، وما سوف ينسحب على ذلك من اسقاطات في المنطقة الاقليمية بأجمعها.

هجمات القاعدة

على صعيد متصل تلقت السلطات اليمنية الجديدة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي ضربة موجعة بمقتل قائد المنطقة الجنوبية الذي قاد بنجاح الحرب على القاعدة في تفجير انتحاري في عدن، وذلك بالتزامن مع انسحاب المتطرفين من آخر معاقلهم في الجنوب. وقتل قائد المنطقة الجنوبية في الجيش اليمني اللواء الركن سالم علي قطن في هجوم انتحاري نسب للقاعدة قرب منزله بحي المنصورة في كبرى مدن الجنوب، حسبما اعلن موقع وزارة الدفاع ومصدر طبي.

وذكر الموقع ان "صوماليا مفخخا فجر نفسه في موكب سيارات قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اثناء مروره في حي ريمي الذي يقطن فيه مما اسفر عن استشهاده واثنين من مرافقيه". وأشار المصدر إلى أن الانتحاري "اقدم على رمي نفسه على سيارة". وتأتي هذه العملية بعد ان حقق الجيش بقيادة قطن انتصارات كبيرة على القاعدة في الجنوب اذ دفع مقاتليها الى الانسحاب من جميع معاقلهم في محافظتي ابين وشبوة.

وقاد قطن شخصيا الحرب ودخل بنفسه الى المدن التي حررها الجيش من القاعدة خصوصا زنجبار عاصمة ابين ومدينة جعار المجاورة. وقال مصدر طبي هو قريب لقطن ان "شخصا نزل من سيارته وقدم للواء قطن ورقة في حي المنصورة بعدن، ثم صافحه وانفجر".

وكان الرئيس اليمني التوافقي عبد ربه منصور هادي عين قطن مطلع اذار/مارس قائدا للمنطقة الجنوبية من اجل قيادة الحرب على القاعدة. ويأتي اغتياله فيما تعهدت القاعدة بمواصلة عملياتها بالرغم من انسحابها من معاقلها الجنوبية. وقال العميد علي منصور الذي كان من اقرب المقربين لقطن ومرافقا دائما له ان "هذه العملية الانتحارية تحمل بصمات القاعدة". واضاف "ان مقتله خسارة كبيرة لليمن ولجهود مكافحة تنظيم القاعدة". وذكر ان القطن "احدث في غضون ثلاثة اشهر فقط نقلة نوعية في مكافحة الارهاب والحاق الاضرار بالقاعدة وتطهير ابين وشبوة".

وياتي مقتل قطن متزامنا مع انسحاب تنظيم القاعدة من آخر معاقلهم في جنوب اليمن.

في السياق ذاته قالت وزارة الدفاع اليمنية إن أكثر من 50 يمنيا قتلوا بألغام زرعها مقاتلون مرتبطون بتنظيم القاعدة عند فرارهم من معقلين رئيسيين في جنوب اليمن المضطرب هذا الشهر. وتمكنت جماعة أنصار الشريعة من السيطرة على عدة مدن في محافظة أبين العام الماضي أثناء موجة من الاحتجاجات التي أجبرت الرئيس السابق علي عبد الله صالح على التنحي.

وطرد الجيش المتشددين من زنجبار عاصمة أبين ومدينة جعار الاستراتيجية وهو تقدم كبير في هجوم تدعمه الولايات المتحدة يستهدف تأمين الاستقرار في منطقة الخليج الغنية بالنفط. وقالت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني نقلا عن غالب الرهوي نائب محافظ أبين إن المتشددين زرعوا آلاف الألغام قبل ترك معاقلهم. وأضاف الرهوي أن أكثر من 50 مواطنا قتلوا بألغام زرعها "إرهابيون" قبل فرارهم من زنجبار وجعار. وقالت مصادر حكومية إن من بين القتلى مدنيين وجنودا يمنيين. بحسب رويترز.

وقال الرهوي إن إزالة الألغام وإعادة الكهرباء والمياه أتاحت لمعظم النازحين في القتال العودة إلى بيوتهم. وتابع قائلا إنه لا يزال يجري إزالة الألغام من زنجبار ومن ثم لا ينبغي للسكان أن يعودوا. وتشعر الولايات المتحدة بقلق متزايد من قوة المتشددين المرتبطين بالقاعدة في اليمن وقامت بدعم القوات اليمنية من خلال التدريب ومعلومات المخابرات والهجمات بطائرات بدون طائرات وزيادة المساعدات.

من جانب اخر اكد مسؤول محلي ان تنظيم القاعدة فجر بعبوة ناسفة انبوب الغاز الذي يربط بين مأرب في وسط البلاد ومصنع بلحاف للغاز الطبيعي المسال الواقع على الساحل الجنوبي والمملوك جزئيا من قبل شركة توتال الفرنسية، وذلك بالقرب من بلدة ميفعة بمحافظة شبوة الجنوبية.

وقال المسؤول انه "تم تفجير انبوب الغاز بالقرب من ميفعة عبر زرع عبوة ناسفة" مشيرا الى ان مكان التفجير يبعد عن عزان، وهي مركز القاعدة في شبوة، حوالى عشرين كيلومترا، وحوالى 40 كلم عن بلحاف. وذكر المسؤول ان "القاعدة فجرت الانبوب ردا على الغارات التي استهدفتها" في الايام الاخيرة واودت بحياة عدد من قيادييها وناشطيها. بحسب فرنس برس.

وتعرض هذا الانبوب نفسه لاكثر من هجوم في السابق، وكان آخرها في 26 نيسان/ابريل. ويعد هذا الانبوب من اهم المنشآت الاستراتيجية لقطاع الطاقة في اليمن، ولم يتضح مدى الضرر الذي اصابه وما اذا كانت امدادات الغاز من مأرب ستتاثر بشكل كبير.

توظيف كوادر في الغرب

من جهة اخرى أعلن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في عدد من المنتديات "الجهادية"، عن حاجته لتوظيف كوادر جديدة في الغرب، في أحدث مؤشر على استمرار سعي التنظيم، الذي تعتبره أمريكا الأخطر على أمنها، لجذب متأثرين بأيديولوجيتها في الغرب. وجاء الإعلان في بيان حمل توقيع "اللجنة العسكرية تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية" في أثنين من المواقع الإلكترونية التي تعنى بأخبار القاعدة والجهاديين "شبكة الفداء" و"منتديات شموخ الإسلام بحسب "فلاش بوينت بارتنرس، وهي مجموعة معنية برصد المواقع "الجهادية.

وذكر البيان الذي حمل عنوان : قافلة الشهداء قم . فاركب معنا للتواصل مع عشاق العمليات الجهادية الفردية"، إن "الهدف هو التواصل مع الأخوة الذين يتوقون للشهادة ويبحثون عن تنفيذ عملية تحدث مقتلة ومذبحة عظيمة في أعداء الإسلام.. "من الواضح الآن أن الجهاد الفردي أو ما يسمى الذئب المنفرد بات أكثر شيوعًا، وباختصار هي عملية جهادية كاملة يقوم بها أخ وحده منفردا". وبحسب البيان، فأن الأهداف هي وبحسب الأولوية: أمريكا، وإسرائيل، ثم فرنسا وبريطانيا، بجانب أنظمة "الردة المتواجدة على أراضي المسلمين".

وذكر التنظيم في بيانه أن "المجاهد يقوم باختيار الهدف، ويقدم عرضًا مفصلاً عنه للجنة العسكرية" التي تدرسه ثم تقرر بعد ذلك موقفها، او ان الهدف يتم اختياره من قبل اللجنة العسكرية نفسها وتطلب من الانتحاري استهدافه. وكانت القاعدة في شبه الجزيرة العربية" قد أصدرت دليلاً للمجندين الغربيين من إعداد سمير خان، رئيس تحرير مجلة "الإلهام" التي يصدرها التنظيم باللغة الإنجليزية.

وكان خان، وهو أميركي، قد قتل في غارة طائرة أمريكية بدون طيار في العام الماضي. وكتب خان في إرشاداته: "أوصي بشدة جميع الأخوة والأخوات القادمين من الغرب لاعتبار مهاجمة أمريكا في عقر دارها، لما لذلك من تأثير كبير، فإنه يحرج العدو دائما.. هذا النوع من الهجمات الفردية يستحيل عليهم احتوائه." بحسب CNN.

وكشف مسؤول أمريكي ـ أن القاعدة تسعى لتجنيد كوادر على دراية بأهداف داخل الولايات المتحدة والغرب. وحذر المسؤول من أن "القاعدة في شبه الجزيرة العربية"، وعلى مدى العام الماضي، نمت بشكل أكبر وأقوى وأصبحت أكثر قدرة وتصميما على مهاجمة الولايات المتحدة.

وكانت أجهزة مكافحة إرهاب سعودية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد فككتا مخططاً جديداً لتفجير طائرة متجهة لأمريكا بمواد متفجرة لا يمكن رصدها بأجهزة التفتيش بالمطارات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/تموز/2012 - 13/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م