العراق... مخاض سياسي لحلول ميته

  

شبكة النبأ: لاتزال الساحة السياسة في العراق تعج بالكثير من الخلافات والمشاكل التي اثرت بشكل سلبي على حياة المواطن العراقي الذي ادرك ان المصالح والمكاسب الحزبية اهم ما يشغل رجال السياسة الذين ابتعدوا عن هموم ومشاكل الوطن والمواطن، ويرى بعض المراقبين ان التناحر السياسي في العراق قد تحول الى عداء شخصي بين بعض قادة الكتل والاحزاب المهيمنة وهذا ما تثبته الوقاع اليومية والحرب الاعلامية المستمرة التي اتسمت بطابع التسقيط السياسي، يضاف الى ذلك وجود بعض التدخلات الخارجية بقصد استمرار الازمات وتوسيع نقاط الخلاف من اجل مصالحها في هذا البلد المهم الذي بدأ يستعيد مكانته على الصعيدين العربي والعالمي، لذا تراها تدخل في السياسة الداخلية للعراق من خلال دعمها لبعض الجهات وبشتى العناوين، وفي ما يخص الازمة السياسية الاخيرة والتي تدعو الى سحب الثقة من الحكومة الحالية والتي اسهمت بخلق حالة فوضى سياسية فقد دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خصومه السياسيين الى مائدة حوار مؤكدا "انها الحل الكفيل" لمعالجة المشاكل.

وجاءت تصريحات المالكي خلال لقائه وفدا من زعماء عشائر ووجهاء في اقليم كردستان العراق الشمالي، اكد فيها على عمق الاخوة بين جميع مكونات الشعب، حسبما افاد بيان عن مكتبه. وقال المالكي ان "القطيعة واغلاق ابواب التواصل والتحاور لا تخدم احدا"، مضيفا "انا ضد ايجاد فواصل وحساسيات بين مكونات الشعب العراقي الذي هو شعب واحد بكرده وعربه ومكوناته الاخرى". ويشار الى ان العلاقات بين المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وصلت الى حد غير مسبوق من التوتر، بسبب اتهامات متبادلة بين الطرفين. وتصاعد التوتر اثر مطالبة قوى كردية بدعم بارزاني لسحب الثقة عن حكومة المالكي.

وتصاعد التوتر اثر اتهامات ساقتها بغداد ضد اقليم كردستان بتهريب النفط المنتج من حقوله وابرام عقود نفطية غير قانونية، تلاها اتهام بارزاني للمالكي بالسعي للحصول على مقاتلات اف 16 لضرب الكرد. واستضاف بارزاني عددا من الاجتماعات لخصوم المالكي في اربيل لمناقشة سحب الثقة عن حكومته، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق العدد الكافي للإطاحة به. واكد ان "الجلوس الى مائدة الحوار والتفاهم هو الكفيل بحل كل المشاكل". وخاطب المالكي خصومه، قائلا ان "الرجوع الى الدستور هو الذي يحفظ لجميع ابناء الشعب ومكوناته حقوقهم ويمنع حصول الظلم". وذكر رئيس الوزراء بان "العراقيين اقرب الى بعضهم وهم لا يحتاجون الى وسطاء ووكلاء من هذا الطرف الإقليمي او ذك لكي يدخل بينهم ويتظاهر بنصرة طرف على طرف".

من جانبه، اكد الوفد الكردي انهم جاؤوا باسم شيوخ ووجهاء كردستان ليعربوا عن رغبتهم بضرورة انتهاج الحوار واللقاءات المباشرة لحل كافة الخلافات، بحسب ما نقل البيان. ونقل عن متحدث باسم الوفد "جئنا لتوطيد الاخوة بيننا وايصال رسالة اهلنا بان العراق واحد من زاخو الى الفاو ومن اقصى الشرق الى اقصى الغرب". وتابع "نريد توطيد هذه الاخوة وتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق " مؤكدا "استمرارهم ببذل الجهود لتعميق التواصل وزيادة التكاتف بين القيادات العراقية لخدمة الشعب العراقي وتماسكه".

وتحاول قائمة "العراقية" بزعامة اياد علاوي وقوى كردية يدعمها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وتيار الصدر منذ اسابيع سحب الثقة من حكومة المالكي على خلفية اتهامه بالتفرد بالسلطة. ويمثل هذا المسعى احد فصول الازمة السياسية في العراق التي بدات عشية الانسحاب الاميركي قبل ستة اشهر، وباتت تشل مؤسسات الدولة وتهدد الامن والاقتصاد.

في السياق ذاته اعلن مصدر في مكتب الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر ان الصدر ورئيس الوزراء نوري المالكي بحثا الازمة السياسية في اتصال هاتفي من دون ان يتم الاتفاق على انهائها. وقال المصدر ان "المالكي اجرى اتصالا هاتفيا بالسيد الصدر لبحث الازمة السياسية، من دون ان يتم الاتفاق على انهاء الازمة" التي تدور حول سحب الثقة من حكومة المالكي. واستدرك المصدر "لكن الطرفين بحثا ايجاد طرق لا نهائها".

وهذا اول اتصال يعلن عنه بين الجانبين منذ لقائهما في ايران في اذار/مارس الماضي. وفي وقت لاحق، اعلن المصدر في مكتب الصدر في النجف ان "الايام القليلة المقبلة ستشهد لقاء بين زعيم التيار الصدري ورئيس الوزراء من اجل البدء بنقاشات لأنهاء الازمة". واضاف "يمكن ان يكون اللقاء ثنائيا او يجمع طرفا ثالثا من الجهات السياسية المطالبة بسحب الثقة من المالكي مثل القائمة العراقية او غيرها". وتابع "لم يحدد مكان اللقاء حتى الان، فاما ان يذهب الصدر الى المنطقة الخضراء او ان ياتي رئيس الوزراء الى النجف، لبحث الازمة القائمة".

الى جانب ذلك اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لمستشار نائب الرئيس الاميركي جو بايدن للامن القومي ان العراق ينتهج سياسة اقليمية "بعيدة عن سياسة المحاور". وقال المالكي خلال استقباله توني بلنكن في مكتبه في بغداد ان "العراق ينتهج سياسة مستقلة بعيدا عن سياسة المحاور التي تحاول وضع العراق في محور معين ضد محور اخر". واكد بحسب ما نقل عنه بيان وزعه مكتبه الاعلامي "على متانة العلاقات" بين بغداد وواشنطن داعيا الى "المضي قدما في التنسيق بين العراق والولايات المتحدة بما يعزز فرص الامن والاستقرار في المنطقة". بحسب فرنس برس.

كما ذكر المالكي ان "العراق بما لديه من نظام ديموقراطي قادر على حل جميع المشاكل وتجاوز كافة التحديات التي تعترض طريقه". واشار البيان الى ان مستشار الامن القومي لنائب الرئيس الاميركي جو بايدن اكد من جهته على "التقارب في وجهات نظر بين البلدين حول مختلف المشاكل والتحديات التي يمر بها العراق والمنطقة". واعتبر بلنكن ان "نجاحه (العراق) في علاقاته الاقليمية سيما مع بعض الدول المجاورة واستضافته لمؤتمر القمة العربي ونشاطات اخرى زادت من تأهله للعب دور اكبر في المنطقة".

عقود اكسون موبيل

على صعيد متصل حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من ان عقود شركة اكسون موبيل النفطية الاميركية مع اقليم كردستان تمثل بادرة خطيرة، مؤكدا انه سيذهب الى "اقصى الدرجات للمحافظة على الثروة الوطنية"، وفقا لمستشاره الاعلامي. ووقعت اكسون موبيل في 18 تشرين الاول/اكتوبر الماضي عقدا مع حكومة سلطات اقليم كردستان العراق لاستثمار ستة حقول نفطية، بعضها يقع ضمن مناطق متنازع عليها في نينوى، الامر الذي رفضته بغداد واعتبرته غير قانوني.

وخيرت الحكومة العراقية اكسون موبيل بين العمل مع بغداد، او المضي في التعاقد مع الاقليم الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي. وقال علي الموسوي المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء ان المالكي "يرى في هذه الصفقات بادرة خطيرة للغاية قد تؤدي الى اشعال حروب، لانها تقود الى تفتيت وحدة العراق". واضاف ان المالكي "مستعد للذهاب الى اقصى الدرجات من اجل الحفاظ على الثروة الوطنية، والشفافية اللازمة في استثمار ثروة العراقيين خصوصا النفط وعدم التفريط بها باي شكل من الاشكال سواء في اسلوب العقد او في طبيعته" وتابع ان "رئيس الوزراء وعندما حصل على معلومات حول العقد وان شركة اكسون موبيل تقوم بابرام الاتفاقيات، بعث الاسبوع الماضي رسالة الى الرئيس الاميركي باراك اوباما يحثه فيها على التدخل لمنع اكسون موبيل من الذهاب بهذا الاتجاه".

وجاءت تصريحات الموسوي على خلفية مقابلة صحافية لمحافظ نينوى اثيل النجيفي لم يستبعد فيها امكانية ان تصبح محافظته طرفا في الاتفاق بين اقليم كردستان واكسون موبيل. وقال النجيفي في المقابلة مع "موقع نفط العراق" ردا على سؤال حول ما اذا يريد ان يكون احد الاطراف الموقعة "يجب ان نكون جزءا من هذا العقد بالطبع ان ذلك لن يكون قراري بمفردي، بل سيكون قرار مجلس المحافظة". بحسب فرنس برس.

وتابع "اعتقد ان لدينا ذات السلطة والصلاحية التي تتمتع بها حكومة اقليم كردستان. في الدستور، ليس هناك فرق بين المحافظات والاقاليم"، مؤكدا انه التقى ممثلين عن اكسون موبيل.

وشدد الموسوي على ان "رئيس الوزراء لا يمكنه السماح بتمرير مثل هذه العقود لا لحكومة اقليم كردستان ولا للحكومات المحلية". وذكر ان المعلومات التي حصلت عليها الحكومة "تؤكد وجود صفقة مع محافظ نينوى تنص على التنازل عن شريط لمسافة 10 كلم لمحافظة دهوك الواقعة ضمن اقليم كردستان، ويضم هذا الشريط قضائي شيخان والقوش اللذين يحويان على عشرين مليار برميل نفط". وعلق النجيفي على تصريحات الموسوي قائلا "لم نصدر موافقتنا على اي شيء"، مضيفا "هذا التحذير ليس في محله، يجب ان نجلس ونتفاهم حول الموضوع، والدعوة للتقاتل ليست مؤشرا حكيما".

استجواب رئيس الوزراء

من جهة اخرى اعلن رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي ان طلبا باستجواب رئيس الوزراء نوري المالكي سيقدم الى البرلمان، على ان يليه تصويت محتمل على سحب الثقة منه. وقال النجيفي في مؤتمر صحافي في مقر البرلمان ان "القوى السياسية التي تقدمت برغبتها، وهي رغبة مبدئية، بسحب الثقة من السيد رئيس الوزراء مستمرة بإجراءاتها وستقدم الطلب اعتقد خلال الايام المقادمة".

واضاف "هناك لجنة ذكرت لي انها ستتقدم خلال يومين او ثلاثة ايام بطلب استجواب رئيس الوزراء"، مضيفا انه بصفته رئيسا لمجلس النواب ملزم مع الهيئة الرئاسية "بالطلب من السيد رئيس الوزراء بالحضور للاستجواب". وتابع النجيفي، القيادي السني في قائمة "العراقية" المعارضة للمالكي "القرار سيكون في مجلس النواب، اذا كانت هناك اغلبية برلمانية غير مقتنعة بنتائج الاستجواب فسيتم سحب الثقة من رئيس الوزراء".

في السياق ذاته دعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الى سحب الثقة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كمقدمة لتطبيق الاصلاحات في البلاد مضيفا ان نوابه سيدعمون سحب الثقة من رئيس الوزراء عند الضرورة. وصرح مقتدى الصدر للصحافيين ان "الاصلاحات هي الهدف الاول، وسحب الثقة هي مقدمة للإصلاحات" مشبها ذلك بالصلاة والوضوء. وقال "الامر كالصلاة والوضوء، الوضوء مطلوب اولا، ونحن نريد ان نصلي لكن لا تصح صلاتنا الا بذلك الوضوء فنحن نقول ان الاصلاحات لا يمكن ان تجري بدون ضغوطات على الحكومة العراقية". واضاف "لا اريد ان اسحب الثقة ولا غيري وانما مطلبنا الاول والاخير هو الاصلاحات والشراكة وعدم التهميش".

لكنه اكد انه في حال الحاجة الى اصوات كتلته البرلمانية للإطاحة بالمالكي، فانه سيستخدم تلك الاصوات. واوضح "قلت ولا زلت اقول، وهذا وعد مني الى الكتل الاخرى بان اصواتهم اذا وصلت الى 124 سأضيف اليهم 40 صوتا من عندي". وتحاول القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي وقوى كردية يدعمها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وتيار الصدر منذ اسابيع سحب الثقة من حكومة المالكي على خلفية اتهامه بالتفرد بالسلطة. بحسب فرنس برس.

وتتهم هذه القوى ايران بالضغط من اجل ابقائه في الحكم، في حين يؤكد فريق المالكي ان مخططا خارجيا يقف وراء هذا المشروع. ويمثل هذا المسعى احد فصول الازمة السياسية في العراق التي بدات عشية الانسحاب الاميركي قبل ستة اشهر وباتت تشل مؤسسات الدولة وتهدد الامن والاقتصاد.

تظاهرة لتيار الصدر

الى جانب ذلك تظاهر مئات من انصار تيار الزعيم العراقي الشيعي مقتدى الصدر وسط بغداد احتجاجا على اجراءات عقابية فرضتها الحكومة العراقية ضد قناة فضائية. وسارت التظاهرة التي شارك فيها مسؤولون بارزون ونواب ينتمون جميعهم الى التيار الصدري وسط اجراءات امنية مشددة حول ساحة الفردوس وهم يحملون اعلاما عراقية وصورا لمقتدى الصدر ورايات اسلامية.

وقالت النائبة مها الدوري "نتظاهر للدفاع عن حرية الصحافة واستقلالها فالحكومة العراقية تمارس سياسة كم الافواه"، فيما كانت الحشود تهتف "نعم نعم للسيد القائد"، في اشارة الى مقتدى الصدر. وكانت السلطات العراقية قررت اغلاق مكاتب قناة "البغدادية" في بغداد في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر اثر بث مطالب منفذي الهجوم الذي اودى بحياة 46 من المصلين في كنيسة سيدة النجاة، فنقلت القناة مقرها الى القاهرة وابقت مكاتب لها في العراق. بحسب فرنس برس.

وقال محمد حنون احد مسؤولي الادارة في فضائية "البغدادية" ان "هيئة الاتصالات الحكومية تطالبنا بغلق مكاتبنا والاعتذار اليها، دون اي تفسير عن الدافع وراء الاعتذار". وكان رئيس الوزراء نوري المالكي اعتبر في بيان انه "لا ينبغي الدفاع عن وسيلة اعلامية معينة صدرت بحقها احكام قضائية لمخالفات تتعلق بتحريض او غيره". واضاف ان "الحكومة تؤكد مرة اخرى دفاعها عن حرية التعبير وحمايتها لوسائل الاعلام ضد اي جهة تتعرض لها بالتهديد اوالتجاوز وستقف بحزم ضدها".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/حزيران/2012 - 7/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م