في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات.. عينكم على شبابنا

زاهر الزبيدي

في 26 حزيران من كل عام، أقرت الأمم المتحدة أن يكون يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات واتخذت في قرارات لاحقة كبيرة وتبنت، فيما بعد، خطة العمل على الصعيد العالمي لمكافحة المخدرات وقررت الالتزام باليوم العالمي كجزء من الجهود الرامية إلى رفع وعي المجتمعات وتشجيع الإجراءات الوقائية.

لم تكن، مطلقاً، تعنينا تلك الأيام والتي تعرف بالأيام الصحية للعالم لكوننا كنا بعيدين، بشبابنا، عن كل المخدرات وعن الاستخدام الخاطئ للعقاقير الطبية وهناك رقابة شديدة على تلك المستحضرات الطبية وعلى المخدرات بحد ذاتها.. ولكن..

مع الانقلاب السلوكي الكبير والواضح الذي حدث في حياتنا الاجتماعية بعد 2003 ومع ظهور بوادر كثيرة للأمراض النفسية التي تعاقبت على تهيئة بيئتها الحروب مع دول الجوار والحرب الطائفية والظروف العامة للبلد في تلك الحقبة السوداء من تأريخ العراق ولدت الحالات النفسية التي تمثلت في تقلب المزاج والقلق من المستقبل المجهول والعصبية والاكتئاب والبطالة والتضخم الذي أضحى يسري على ممتلكات الشعب مع بعض الصفات السلوكية الخطرة على الصحة النفسية وما وفرت عمليات "تحرير العراق" من فضاء حرية غير مقيد إطلاقاً، شاهد من عايشه لنماذج حياتية يومية كان أهمها بيع المشروبات الكحولية جنباً الى جنب قرب اسواقنا التي نتبضع منها قوت يومنا في ظاهرة غريبة على مجتمعنا المحافظ ولم تمثل تلك إلا نموذجاً واحداً فالنماذج الأخرى كانت تجري بعيدا عن تلك الأسواق من خلال مشاهدتنا للكثير من الشباب وهم يجوبون الصيدليات بحثاً عن العقاقير الطبية التي تستخدم للعلاجات النفسية ويدفعون مال، لا نعرف مصدره، في سبيل الحصول عليها محدثة إضطراباً سلوكياً لأولئك الأفراد المتعاطين لها يؤهلهم لأن يقوموا بأبشع أنواع الجرائم والتي كان آخرها ما حدث في منطقة الصليخ حينما هاجم أخ عائلة أخيه وقتل جميع أفراد أسرته بما فيهم الأطفال بدم بارد وهو تحت تأثير المخدر!!

يجب أن لا نخجل من أن نشخص أخطائنا بدقة وأن نصفها علمياً لنضع أمامها حلولاً مهمة على طريق بناء وحدة الأسرة التي تهاجمها المسببات الرئيسية للانحراف السلوكي من كل جانب.. فاليوم المجتمع، الشارع والمدرسة، والفضائيات والأنترنت والهواتف الجوالة، كلها تشكل عامل تحد لرب الأسرة في ديمومة بناء الأسرة وتوحيد إتجاهها، فمع ضعف الرقابة والتوجيه أمام عظم التحدي جعلنا نتخبط في إتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من أهم العوامل النفسية التي تهيء وبشدة لظهور المخدرات كعامل خطر ومدمر على صحة الفرد العامة والمجتمع.

على الرغم مما تبذله الجهات المختصة من حرب ضروس في الخفاء والعلن في تعقب وإصطياد الشحنات التي تمر بالعراق أو تلك التي تصدر للعراق من دول الجوار وعلى إختلاف تلك المواد من الحشيشة وحبوب الهلوسة وعلى الرغم من أنها تفلح كثيراً في الكشف عنها إلا إن تلك الحملات التي تم إكتشافها تدل على أن حجم التجارة كبير وكبير جداً لكوننا لا نغفل مطلقاً أنها تجارة مربحة لتجارها بل هي الأكثر ربحاً على الأطلاق ولكن علينا معرفة مناطق تصريفها بدقة وتشخيص بؤر تواجد مروجيها..

 ولا نخفي أمراً أن قلنا أن عبور المخدرات أشد قسوة علينا من عبور إنتحاري القاعدة عبر حدودنا مع دول الجوار وعلينا أن نعيد تنظيم تلك الحدود والمعابر وفق أحد تقنيات المراقبة.

لقد أصبحت الكثير من المقاهي الشعبية التي فتحت ابوابها للكثير من الشباب وأصبحت الملاذ المهم لهم لما فيها من عناصر متعة يبحث عنها الشاب العراقي قد لايجدها في بيته وبين أسرته وهناك يرى صحبة السوء التي تتلقفه لامتصاص ما في جيبة وفيها أيضا يجري التعاقد على تدمير حياته من حيث لا يدري لينسحب بهذا التدمير على أسرته وبيته.. مما يتطلب من الحكومات المحلية أن تراقب تلك المقاهي وتضع شروطاً مهمة لأقامتها ومحاولة إستغلالها لخدمة المجتمع عن طريق برامج التوعية الصحيحة وفق خطط علمية حديثة.

اليوم يجب أن (نضع عيننا) على شبابنا بجد وإخلاص إذا ما أردنا أن نديم مجتمعنا من خلال محافظتنا على اسرنا وشبابنا من الضياع الأكيد وإذا ما أردنا أن نسير بدرب البناء الصحيح وإذا ما أردنا أن نحارب الفساد.. فالمخدرات سبباً مهماً من اسباب الفساد والجريمة.. وهذا أمر مفروغ منه.. وعلينا أيضاً أن نهيئ، إحتياطاً، ورش معالجة الإدمان لكونها خطوة فعالة لتخلص المدمنين من إدمانهم.

 أمامنا عمل كبيرة للدفع بمسببات القضاء نهائياً على المخدرات في مجتمعها من خلال توفير الحياة الحرة الكريمة للمجتمع.. ولا أكرم من مجتمعنا العراقي النبيل.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/حزيران/2012 - 7/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م