التسلح السعودي... رشوة للغرب ام مخاوف من الشرق؟

 

شبكة النبأ: تسعى المملكة العربية السعودية كغيرها من دول المنطقة الى بناء وتطوير قدراتها العسكرية وبناء مؤسسة عسكرية متكاملة، ويرى بعض المراقبين ان السعودية تسارع الزمن لأجل بناء ترسانة عسكرية متكاملة ومتطورة بهدف السيطرة على الاوضاع في منطقة الخليج العربي الذي بات اليوم يعج بالكثير من المشاكل والازمات والتي غالبا ما تكون السعودية طرفا فيها وهذا ما يزيد من احتمال حدوث ردة فعل تجاه بعض تلك التدخلات، وفي هذا الشأن اعلنت وزارة الدفاع السعودية انها وقعت مع نظيرتها البريطانية عقدا بثلاثة مليارات دولار لشراء طائرات واجهزة تدريب خاصة بالجيل الرابع من الطيران الحربي، بحسب ما افادت وكالة الانباء السعودية. ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع قوله ان العقد "بقيمة ثلاثة آلاف مليون دولار (هو) لتوريد طائرات حديثة للتدريب التأسيسي والمتقدم للقوات الجوية الملكية السعودية مع المشبهات والمعدات الأرضية وأجهزة التدريب وقطع الغيار والكتب الفنية". واعتبر المصدر انه سيكون لهذا العقد "الاثر الكبير في تأهيل الاطقم الجوية السعودية ليتمكنوا من استخدام الطائرات المقاتلة من الجيل الرابع بكل كفاءة واحترافية". وكانت السعودية ابرمت مع بريطانيا في السابق عقود تسلح بعشرات مليارات الدولارات.

وفي لندن، اوضحت شركة "بي ايه اي سيستمز" البريطانية في بيان انها فازت بعقد لصالح القوات الجوية السعودية الا انها كشفت قيمة عقد ادنى مما اعلنه الجانب السعودي. وقالت الشركة ان قيمة العقد تبلغ 1,6 مليار جنيه (2,54 مليار دولار) مشيرة الى انه يشمل 22 طائرة تدريب من نوع "هوك" و55 طائرة "بيلاتوس بي سي - 21"، وهي ايضا مخصصة للتدريب، اضافة الى معدات اخرى وقطع غيار. وكان وزير الدفاع السعودي الامير سلمان بن عبدالعزيز اجرى في نيسان/ابريل الماضي زيارة لبريطانيا الا ان شيئا لم يرشح حينها عن تلك الزيارة التي تضمنت لقاءات مع كبار المسؤولين البريطانيين. وتعد السعودية من ابرز زبائن السلاح البريطاني.

وكانت المملكة تقدمت في 2006 بطلبية لشراء 72 مقاتلة من طراز يوروفايتر بقيمة 32,9 مليار دولار. ويصنع هذه الطائرات تحالف بين مجموعة "ايه اي دي اس" الاوروبية (46%) و"بي اي ايه سيستمز" (33%) والشركة الايطالية "الينيا فينميكانيكا" (21%). بحسب فرنس برس.

 وتخصص السعودية 10% من اجمالي ناتجها المحلي لقطاع الدفاع، وابرمت في ايلول/سبتمبر عقد تسلح بستين مليار دولار مع واشنطن لشراء مقاتلات اف 15 ومروحيات قتالية ومعدات عسكرية اخرى. وفي الثمانينات، وقعت السعودية عقدا ضخما للتسلح مع بريطانيا عرف بصفقة اليمامة، بقيمة 40 مليار جنيه (63,3 مليار دولار بالاسعار الحالية). وقد فتح تحقيق في اتهامات فساد تتعلق بدفع عمولات مفترضة لمسؤولين سعوديين في هذه الصفقة. وتخلت اجهزة مكافحة الفساد البريطانية في نهاية 2006 عن تحقيق كان يمكن ان يطاول مسؤولين سعوديين في اطار صفقة اليمامة. ودعم رئيس الوزراء حينها توني بلير علنا هذا التدبير مشيرا الى مخاطر حيوية على امن البلاد في مجال الارهاب.

على صعيد متصل اشاد وزير الدفاع السعودي الامير سلمان بن عبدالعزيز خلال محادثات مع نظيره الفرنسي جيرار لونغيه في الرياض بعلاقات "الشراكة بين وزارتي الدفاع في البلدين بشكل خاص"، بحسب مصدر رسمي. ونقلت وكالة الانباء السعودية عن الامير سلمان قوله ان "اللقاء يأتي لدعم العلاقات الثنائية عامة وعلاقات الشراكة القائمة بين وزارتي الدفاع السعودية والفرنسية بوجه خاص". واكد "عمق العلاقات الثنائية منذ عام 1926 والتي تتسم بوشائج قوية تقوم على مبدا المصالح المشتركة كما اننا نقدر عاليا تطابق وجهات النظر تجاه العديد من القضايا التي تدعمها الاتصالات الجارية باستمرار عبر القنوات الدبلوماسية بشأن كافة قضايا المنطقة". وشارك في المحادثات نائب وزير الدفاع الامير خالد بن سلطان وسفير فرنسا لدى المملكة بيتران بيزانسونو.

ونسبت الوكالة الى الوزير الفرنسي اشادته ب"ما تحظى به المملكة من امن واستقرار يجعلها تضطلع بدور حيوي رغم ما يشهده العالم من توترات مؤكدا حرص بلاده على تعزيز شراكتها مع المملكة في مختلف المجالات". كما بحث الوزير الفرنسي مع رئيس الحرس الوطني الامير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز مسائل ذات اهتمام مشترك، بحسب الوكالة. بحسب فرنس برس.

 يذكر ان مجموعة "نكستر" الفرنسية وقعت مطلع الشهر الحالي طلبية لتزويد السعودية 73 مدرعة من طراز "ارافيس" حسبما اعلن رئيس مجلس ادارة المجموعة فيليب بورتان. وقال "لقد سجلنا طلبية ب73 مدرعة ارافيس" مضيفا "انها الطلبية الوحيدة التي تدخل حيز التنفيذ" ولكن محادثات تجري لتلبية حاجات جديدة. ورفض الافصاح عن قيمة الصفقة وهي الاولى من نوعها للمدرعات التي تصنعها الشركة لحسابها الخاص. يشار الى ان ارافيس هي مدرعة استطلاع بوزن 11 طنا وهي محمية تماما ضد القنابل اليدوية الصنع التي تستعمل في العراق وافغانستان.

شراء مزيد من الدبابات

في السياق ذاته ذكرت صحيفة فيلت ام زونتاج الالمانية ان السعودية تريد شراء ما بين 600 و800 دبابة من طراز ليوبارد من المانيا وهو ما يزيد مرتين على الاقل عن الرقم الذي كان متوقعا سابقا. واضافت الصحيفة في تقرير خاص ان صفقة لشراء نحو 300 دبابة على وشك التوقيع. وقالت الصحيفة انه على الرغم من وجود معارضة للصفقة في المستشارية ووزارتي الخارجية والدفاع بألمانيا فانه يوجد تأييد لها داخل وزارة الاقتصاد. واضافت ان "الطلبية السعودية قد تضمن مستقبل شركتي كروس -مافي فيجمان وراينميتال اللتين تحتاجان بشكل ملح لأسواق جديدة بسبب اعادة هيكلة الجيش الالماني." وامتنعت متحدثة باسم الحكومة الالمانية عن التعليق.

ونفت المانيا في العام الماضي تقارير قالت انها وافقت على تصدير 270 دبابة ليوبارد للسعودية. ولا يمكن الاعتراف رسميا بصادرات العتاد العسكري لأنها سرية ويعاقب من يكشف عنها بالغرامة او السجن. وزاد نواب المعارضة من الضغط على حكومة المستشارة انجيلا ميركل بعد تقارير قالت انها ابرمت صفقة سرية لبيع دبابات قائلة انها تتنافى مع الخطوط الرئيسية لتصدير المعدات العسكرية بألمانيا. بحسب رويترز.

وتصدير السلاح قضية حساسة في المانيا في ضوء ماضيها النازي بالإضافة الى الدور الذي لعبته شركات صناعة السلاح مثل كروب في تغذية الحروب التي جرت في القرنين 19 و20 بتصدير السلاح لأطراف الصراعات. وامتنعت المانيا عن تصدير الاسلحة الثقيلة لدول الخليج في الماضي في ضوء علاقتها الوثيقة مع اسرائيل وفي الآونة الاخيرة بسبب ما يسمى بالربيع العربي. ونقلت فيلت ام زونتاج عن مصادر صناعة قولها ان السعودية تريد التوقيع على الصفقة بحلول 20 يوليو تموز مع بداية شهر رمضان. وقالت الصحيفة ان شركة جنرال ديناميك/سانتا باربره الاسبانية ستنتج الدبابات بموجب ترخيص من الشركات الالمانية.

استقالة وزير الدفاع السويدي

من جهة اخرى اعلن رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفلت ان وزير الدفاع ستين تولغفورس استقال من منصبه اثر جدل مستمر اسابيع بعد تسرب معلومات بان السويد وقعت اتفاقا لمساعدة السعودية على بناء مصنع للأسلحة. وصرح راينفلت في مؤتمر صحافي مشترك مع الوزير المستقيل "لقد قررت اليوم بناء على طلب من تولغفورس ان اعفيه من مهامه". وفي 6 اذار/مارس، كشفت الاذاعة السويدية العامة ان وكالة ابحاث الدفاع السويدية في اطار مشروع يحمل اسم "سيموم" قامت بإنشاء شركة باسم "اس اس تي اي" كغطاء، للتعامل مع السعودية وذلك لتجنب اي ربط مباشرة مع وكالة أبحاث الدفاع والحكومة السويدية.

وفتح الادعاء السويدي تحقيقا اوليا في القضية، اذ ندد المدير العام نفسه لوكالة ابحاث الدفاع يان اولوف ليند امام المدعي العام ب"اشتباهه بجريمة"، بعد مراجعة داخلية في الوكالة. واوضح تولغفورس الذي يتولى مهامه منذ العام 2007، انه اتخذ قرار الاستقالة خصوصا لأسباب عائلية قبل فترة لكن "اهتمام وسائل الاعلام في الاسابيع الاخيرة سهل هذا القرار وسرعه". وقال "ليس لدي ما اضيفه في ما يتعلق بالمناقشات حول السعودية". وكلف راينفلت وزيرة البنى التحتية كاثارينا ايلمساتر سفارد مهام الدفاع مؤقتا قبل تعيين وزير جديد في ذلك المنصب.

وتحت ضغوط من المعارضة التي طالبت باستقالته وتركيز وسائل الاعلام منذ كشف القضية، اقر تولغفورس انه كان على علم بالمشروع في السعودية وبوجود الشركة الغطاء لكنه اكد انه لم تتم مخالفة اي من القوانين في السويد. وفي حال باعت السويد اسلحة الى السعودية فان الاذاعة السويدية تعتبر ان الوثائق السرية التي حصلت عليها تظهر ان مشروع سيموم "يتجاوز حدود ما تقبل به السلطات السويدية"، لان الامر يتعلق بمساعدة الى نظام "دكتاتوري". بحسب فرنس برس.

من جهته، اعلن المتحدث باسم الحزب الاجتماعي الديموقراطي اوربان آلين في تصريحات نقلتها وكالة الانباء السويدية "آمل ان تتم مساءلة تولغفورس حتى ولو استقال امام اللجنة الدستورية للبرلمان لألقاء الضوء على ما حصل". واكد راينفلت "تواصل التحقيق والاسئلة المتعلقة بالقضية وهذا امر جيد دون شك"، موضحا ان تولغفورس (45 عاما) سيحتفظ بمقعده النيابي عن الحزب المعتدل بزعامة رئيس الحكومة. والعام الماضي صدرت السويد اسلحة بقيمة 13,9 مليار كراون (1,56 مليار يورو) وكانت السعودية ثاني الدول المستوردة، بحسب وكالة الانباء السويدية.

منظومة امنية

الى جانب ذلك كشفت السلطات السعودية عن منظومة "متطورة" لحماية المنشآت في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، بحسب وكالة الانباء الرسمية. وذكرت ان الامير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الامنية شاهد في الدمام عرضا خاصا حول "عمل المنظومات المتمثل في احدث الاجهزة الامنية المتطورة على مستوى العالم للكشف عن المتفجرات وابطال مفعولها اليا عن طريق التحكم عن بعد". وراقب مساعد وزير الداخلية فرضية محاولة تفجير احدى المنشآت فتصدت لها المنظومة الامنية من خلال الاجهزة التي يتحكم بها رجال قوات امن المنشآت عن بعد.

وتتولى قوة امن المنشآت حماية المؤسسات الحيوية البترولية والصناعية والتأكد من كفاءة وامن كل منشاة من الداخل الى جانب القيام بتحليل المخاطر الامنية واعداد الخطط اللازمة لتفاديها واجراء الفرضيات المتنوعة للتأكد من مدى فاعليتها. من جهته، قال اللواء سعد الماجد قائد امن المنشآت ان "المنظومة تركز على قيامها بجانب وقائي للتعامل مع ما يستهدف المنشآت من الجانب الاخر وهو المتفجرات باي وسيلة كانت". بحسب رفنس برس.

واكد "توفير المعدات والاجهزة في المرحلة الاولى لمنظومات الحماية الفنية بقوات امن المنشآت بالمنطقة الشرقية". واوضح انه "تم تدريب اكثر من 2600 من رجال قوات امن المنشآت على كيفية التعامل مع المتفجرات والمواد المشبوهة فالأليات والمعدات يتم التحكم فيها عن بعد يصل مداه الى الف متر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء26/حزيران/2012 - 5/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م