"لك وحدك رشفة لا تنساها سنابل الحب ولا تعدوها لغة الجرح ولا
تغفلها معارج السماء يا سيد الشهداء فاستلم
القلب كيف تشاء"
جئتكِ الآن مدّع في قراري= مستريبا على خيوط النهار
أقدح الحب بين عينيّ شوطا= صهر العمر في لهات
استعاري
وأنا الناي مولعٌ - أيّ منا =موسقته رئاته باعتذار
وهواك المتيم المحض بوح= تشتهيه نوارس الأقدار
فتلاشت خرافة العزف لمّا= راودتني بسحرها الموّار
فتنفست حسنها الغر سكرا= ذبتُ فيه بنكهة السمار
غير إني تملكتني المرايا =في فم الغيب لافتضاح
الدراري
أتخطى سنابل العشقِ =ومضماري يحن إلى مضماري
أنتِ مني بريق روح دعاها =هاجس الغيب من سنا الإبكار
فصهيلٌ مغرد بين روحي =كيف لا يقوى اختبار قراري
وأنا من غصن هذي المزامير= تفاحٌ لموسم الإخضرار
ذا بياني مبعثر في حكاياي= من شظايا تحيّري وانتظاري
أشرع الوقت في جبين =الصباحات قصيدا بترصّدِ الأشعار
وأتيه فلا الأمانيّ حبلى =بالمواويل ولا الصدى في
جواري
أفتحُ الطرف بغيةً تعتريني= في نداكِ سياحةُ الأنظار
وأتيت أسابق الشعر أفراسا =بعبقريٍ من الرؤى في
مداري
فأراني حين التمست =جناني خاتلتني بخيبةٍ أسحاري
ثمّ تبتُ على رؤاك بلحن= طرّز الوقتَ في مهبِّ
انصهاري
جئتكِ اليوم أحتفي رملَ روحي =خالعا عنّي سُلافة
استحضاري
يا حروفا تكررت في ربيعي= المدوّر على لظى تكراري
اعتقيني على السؤال المعنّى =وارحمي الذات من جفون
احتضار
وتسلي بخافق مستهامٍ =أجّلّ الحزنَ في غنا الأوتار
يا قصيدا من الطهارة يشذو= بالبياض الذي توشى بناري
ها أنا الآن أهرق الحب في فنجاني= وأزمّ السؤال من
افكاري
فادعيني إذا الذهول تجلى =في دما القلب ساعة
استأثاري
وأطيلي في وله الذكر غناءً= من سكونٍ يلمّه استقراري
بكِ تبتلّ هذه الأشعارُ =أحلاما فتوريْ رشاقة
القيثار
فدعِ النزف جانبا أيّها =الشعر ودعني مراقصا أطواري
فأنا الآن في حضرة الحبّ= مياسا بنفحهِ المِعْطار
وأنا الآن خافق يتدلى =بين عزفٍ وخفقةِ البحّار
فشراعي حيث الحسين سفيني= وجهاتي حيث الحسين مداري
فحسين توقف الوقت فيه= أين للوقت لحظة استنفار
وهْو بالعرش شرفة من ضياءٍ =نصبتها عوالم الأقدار
فاغتدى الطهر ثوبه وحريّ =من سناه تسلسلُ الأطهار
يا حسينا يا ضفة الوحي صلتْ= لك منا مآذن استأثار
أنت كونٌ توحد الله فيه= ورسولٌ بملمح الأسرار
ما الرسالات غيرُ ما أبدعَ =الحبُ من كوثرٍ إلى
المختار
حين صلت نواهلُ العرش تترى= زوّج النور بالضيا
الكّرار
فهما التبرُ والحسينان ذرّ =في امتزاجٍ يفيضُ
بالأنوار
وحسين في كلّ قلب يطوفُ= موزّعا فيه حلاوة الأدوار
بابتسامه الذي علّم الكون =كيف تزهو مساحةُ الأقمار
وبقرآنه الذي فقّه الخلق =كيف يحيى بلوحةِ استغفار
فأبى إلا الرسالاتِ تسمو= بشموخٍ عن فتنة الدينار
فالتمسناه و الخطى نهنهات =في ظلام الحياة عن كل عار
واصطفيناه للإبا شرفات =مشرعات بالحلم للأحرار
واتخذناه معبرا مستداماً =في موازينِ فكرة وافتكار
واغترفنا من غيبهِ الثرّ تبيانا= يتجلى على فتورِ
الدوار
يا لمسعاه كيف فيه اختصرنا= بين همسٍ و شهقةٍ
وانكسار
فاهتديناهُ فطرةً فينا تنمو= وحّدتها مرافئ الإصطبار
وتلوناه عبرةً ظُنّ فيها =ما طواه بلثغةِ الأسرار
وأطلت على الرؤى منه شمسٌ= طرزتها حناجرُ الثوّار
يا حسينا وليس بدعا من الوقت= تخضلُ بالربيع
الصّحاري
منذ أنت غرستَ فيها جذورا= فارعاتٍ شدّت عيون
المّدار
ها هو الحب قلمّ الليلَ أشجارا =في دياجيه شقوة
بالفنار
أينما يشتهي الهوى منه جنحا= غشيته ملامحُ الأعمار
فأنتضى الدرب معبرا يتسامى= بفداء مضمخٍ بالنهار
حيث خاطت نوابض القلبِ نزفا= ترتديه نافورة النوّار
وتجلى بملمحِ العشق فينا= وثناياهُ ضجيجُنا الهدّار
أينما تنحنى مهجُ الصبر =أكبرته على سفوح انحدار
يا حسينٌ فما تأخر نبضٌ =منك يُعلي لجوقة التيّار
إلا كنت من السماءِ قريبا =يُسهر الكونَ كوكبٌ منك
ساري
وحْدُكَ الحبُ خبأتك النوايا =في شغافٍ مضرجٍ
باختمار
تتوخاك بانسكابٍ عجيبٍ =واغترابٍ يفضّ بوح الجرار
فلكَ الماءُ من قلوبِ الظمايا= رغبة تستجيرُ عذباً
بنار
يا حسينا تعتق الوجدُ فينا= فغرقنا بمدمعِ منا جاري
تاه عنا حلم المريدينَ فلمْ= ندرِ أيٍ من حلمنا
المُستعار
قدْ غسلناه بالحقيقة وردا= بين ذكر وذكرة واذكار
وجبلنا على الحكايات حتى= عتّقَ الليلُ ذنبه بالوقار
وتوهمنا مرفئً كان يحمي =ضفة الريحِ من ذرى الأقدار
فهُدينا لمحجرِ فيه ثقلٌ =يتمارى على الرؤى ما يداري
واستبقاناك واللظى يحتوينا= ظمأً في حقيقة الأنهار
يا حسينا ومن لكنهك يسلو= نسكَ الدربِ بالجراحِ
الغزارِ
ذاك مجد لن ندعيه ولكن =ندعي فيه صوتنا الموّار
نشتهيه إذا الردى أوصد =القلب بظلم وظلمة واستعار
يا لهيهات ذلة شاغبتنا= بالمسافات بالشفارِ الصغار
نتلظى وعزمنا في إباءٍ= كالحقول بمهمهِ الإعصار
ما ذبلنا رغمَ الهجير وماءٌ= منك يجري على ضَمير
الكبَار
بوصلاتٌ من كربلاءٍ تقينا= جسدَ الظلمِ ماردا
للدّمار
ودمانا دليلها يا حسينٌ =تشرعُ الحقّ في فدا الأطهار
"يا حسينا" وتبقى فينا تغني= لمْ ترعها نكاية
البتّار
وسنبقي أي يا حسين- الضحايا= نعشق الموتَ في دوي
انفجار
وسنبقى عشاقكَ المستميتينَ =في العشقِ نحو اسْتباق
المَزار
فطريق عبدتّه الحبّ يسمو= بسلامٍ لقمةِ الانتصار
ما ارتضعنا سواهُ للوثبة البكر= فمتى نمدّ كفّ
المدار
فهنيئا لنا الحسين منارٌ =يشعل الوحي بالهدى السيّار
وهنيئا لأمة قدمته =للمعالي عن زيفها المُستعار
فسلامٌ على الحسين بقلبي= وسلامٌ على الحسين بداري
وسلامٌ الى مداه الملبّى =يوم نجثو على الجسوم
العواري |