المنيا .. مدينة مصرية تسعى الى لفت الانظار

 

شبكة النبأ: تتطلع محافظة المنيا المصرية التي ظلت معزولة لسنوات عن صناعة السياحة في مصر بسبب أعمال عنف شنها إسلاميون متشددون إلى رئيس جديد للبلاد يُحَسن أوضاعها ويعيد لها مكانتها على خريطة السياحة المصرية. وقال محمد بدوي (54 عاما) وهو موظف في جامعة المنيا "نريد عدالة في توزيع الثروة وتعليم وصحة. الصعيد محروم محروم محروم."

ويرى كثيرون في مدينة المنيا الواقعة على بعد 250 كيلومترا جنوبي القاهرة ان أي زعيم لمصر قد يفعل أكثر بالنسبة لهم على صعيد الاقتصاد مما فعله مبارك الذي ينحصر إرثه في المنيا في عدد قليل من المصانع ونظام صحي متداع وغياب خدمة الطيران عن المحافظة. وبينما ازدهرت سياحة السفن النيلية بين الأقصر وأسوان لم تحظ المنيا إلا بعدد قليل من السائحين خوفا من أعمال عنف كان يشنها إسلاميون متشددون في التسعينيات من القرن الماضي وأودت بحياة أكثر من ألف شخص.

ومنعت الحكومة المصرية السفن السياحية في المنطقة خوفا من تعرضها لهجوم يثير ذعر السائحين ويمنعهم من زيارة كافة أرجاء مصر. وتعرضت السياحة المصرية لانتكاسة في عام 1997 بعدما قتل 58 سائحا في الأقصر. واضطر السائحون الأجانب القلائل الذين تحلوا بجرأة كافية للقيام بالرحلة في المنطقة المحيطة بالمنيا الى السير في قوافل تحرسها قوات شرطة مسلحة.

لكن الأمور تتحسن فمنذ أسابيع قليلة بدأت الحكومة المصرية الانتقالية التي يدعمها الجيش في السماح للسفن السياحية بالإبحار من القاهرة إلى المنيا للمرة الأولى منذ سنوات. وزاد الامل في إمكانية إصلاح الطرق المهملة والمدارس والمستشفيات لخدمة السياحة في المحافظة. كان اخناتون أحد ملوك مصر القديمة قد نبذ الآلهة التقليدية واتجه لعبادة اتون وشيد عاصمة جديدة مترامية الأطراف عام 1350 قبل الميلاد على ضفاف النيل على بعد 60 كيلومترا جنوبي ما يعرف الان باسم المنيا بعيدا عن عاصمة مصر القديمة التي تعرف الآن باسم الأقصر.

ويُصَور الاله اتون في الاثار الفرعونية القديمة كقرص شمس حيث تمتد أشعة الشمس لتغمر من يعبدون اتون بالحياة والقوة. ولم تستمر عبادة اتون طويلا فعندما مات اخناتون أعاد ابنه توت عنخ آمون الالهة القديمة مثل امون ورع. ومازالت آثار ومقابر عاصمة مصر التي أقامها اخناتون قرب المنيا ولم تدم طويلا موجودة إلى جانب آثار يونانية وقبطية وإسلامية تلاحقت على المنطقة.

وقال بهاء فكري الذي كان رئيسا للحزب الوطني الديمقراطي المنحل في المنيا -الذي كان يترأسه مبارك- ولم يعد يتولى الان أي منصب رسمي "لا نحظى بكمية سياح يساوي المكانة الأثرية للمنيا." وتوجه الاجانب بدلا من ذلك إلى شواطئ البحر الأحمر وإلى أسوان والاقصر. وتساهم السياحة بنسبة نحو عشرة في المئة من الاقتصاد المصري وتضررت كثيرا من الانتفاضة الشعبية العام الماضي حيث نشرت صور اشتباكات في الشوارع ومبان محترقة أثناء الانتفاضة حول العالم.

ومازالت أعداد السائحين الوافدين أقل 25 في المئة في الشهور الثلاثة الأولى من العام مقارنة بنفس الفترة العام الماضي عندما اندلعت الانتفاضة. ويرى السائحون لدى وصولهم للمنيا تكوينات الحجر الجيري البديعة وسط أشجار النخيل. وفي مدينة المنيا نفسها تشير الفيلات والمباني القديمة على ثراء المنطقة التي تعود إلى أيام الحكم الملكي الذي أطاحت به ثورة قام بها ضباط في الجيش عام 1952 .

وتطرح شركات السياحة بالفعل رحلات مدتها 14 يوما لكن يبدو أنه من غير المرجح أن تتعافى تلك الرحلات التاريخية بالكامل قبل أن ينتهي انعدام الأمن والتوتر السياسي بعد انتفاضة الربيع العربي. وقال فكري إنه كان من الممكن إعادة الرحلة النيلية قبل سنوات لكنها كانت ضحية لحكومة مبارك وأضاف أنه لا يعتقد أن المشكلة كانت أمنية في الآونة الأخيرة ولكن  الحكومة آنذاك شعرت أن من الأسهل لها ألا تفعل شيئا فكان الكسل هو السبب.

ويتنافس في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق وهو قائد سابق للقوات الجوية المصرية وحليف مبارك مع محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين. ويتمنى أنصار كلا المرشحين أن يتحرك الفائز لاستعادة حركة السياحة في محافظة المنيا. وقال ضياء المغازي أمين حزب الحرية والعدالة في المنيا إنه إذا شكل الحزب وهو الذراع السياسية للإخوان المسلمين الحكومة القادمة بعد الانتخابات فإنها ستعزز السياحة عن طريق تحسين الوضع الأمني وتجميل المواقع السياحية وإطلاق حملة دعاية عالمية.

وأضاف "عندنا كم هائل من السياحة الفرعونية متمركزة في المنيا فلو كانت أخذت حقها في السياحة الحقيقية كانت أتاحت فرصة جيدة للغاية.. فرصة جميلة للسياحة أن تأتي إلى هنا في المنيا تستمتع بجمال المنيا." وتوقع ما لا يقل عن خمسين إلى ستين الف فرصة عمل للشباب.

وتعهد المغازي بألا يمنع حزب الحرية والعدالة الخمور التي تعتبر من عوامل جذب السائحين.

وقال "لا مشكلة. دي حرية شخصية لكن مش دي الأولوية.. واحد عايز يعمل مصنع خمرة (خمور) أو مصنع بيرة (جعة) ده حقه.. مليش دعوة.. دي مش اولوية في الدولة."

وشجع الرئيس المصري الراحل أنور السادات الإسلاميين في السبعينيات من القرن العشرين ليواجه بهم نفوذ اليساريين الذين كانوا معارضيه السياسيين الأساسيين في ذلك الوقت. وكان من بين الاسلاميين المتشددين في المنيا خالد الاسلامبولي ضابط الجيش المصري الذي اغتال السادات في عام 1981 كما أن جذور الكثير من القيادات الحالية للجماعة الاسلامية التي تمت إعادة تأهيلها وأصبحت نشطة على الساحة السياسية المصرية تعود إلى المنيا. وقال فكري إن كل من كانوا مقتنعين باللجوء للسلاح كانوا من المنيا وأسيوط في إشارة إلى مدينة مصرية أخرى تقع إلى الجنوب.

وقمعت الحكومة المصرية حركة التشدد السلامي بحلول الألفية الجديدة وأعلن معظم المتشددين أن لجؤهم للعنف كان خطأ. لكن الحكومة المصرية لم تسارع فيما يبدو لتحسين اقتصاد المحافظة. وعلى الرغم من ولاء فكري للحزب الوطني الديمقراطي القديم فإنه قال إن طلبات باتخاذ قرارات بسيطة من وزراء في القاهرة كانت تقابل بالتجاهل أو تعرقلها السياسة الداخلية. وقال فكري إن الرد كان بطيئا وأضاف أن الانتفاضة المصرية يجب أن تغير كل هذا وإن مصر ستكون في غضون عشر سنوات مختلفة للغاية. بحسب رويترز.

وأضاف أنه وبغض النظر عن شكل الحكومة فإنه إذا حكم شخص لمدة 30 عاما فسيكون هناك كسل ولا تغيير ولا تطوير أما إذا عرف الرئيس أنه سيغادر المنصب بعد اربع سنوات فإنه سيضع كل طاقته في هذه السنوات. وقالت شادية هشام الفولي مسؤولة العلاج الطبي في مديرية طب المنيا وهي من أنصار شفيق إن الرئيس الجديد يجب أن يهتم بالفقراء. وأضافت "نريد الأمن والأمان والاستقرار ومستقبل جيد للأجيال القادمة."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/حزيران/2012 - 2/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م