المرأة العراقية... مثال على غياب الانصاف

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعاني النساء في العراق أقسى أنواع التمييز والظلم كالتهميش وممارسة العنف وفرض القوانين والمقررات المناهضة ضدهن، حيث شهدت أوضاع النساء العراقيات تدهورا اضافيا بعد اجتياح العام 2003 عندما حازت الجماعات المتشددة على دور اكبر في السياسة والمجتمع، علما ان الحرب خلفت نحو مليون ارملة، فلا يزال تحقيق المساواة بين المرأة والرجل يتطلب نضالاً متواصلاً وخطوات عاجلة وجدية من لدن الجهات المعنية والمرأة نفسها، وابرز المشاكل التي تواجه المرأة العراقية وفقا لما حددته المنظمات المعنية بحقوق النساء، تمثلت بحرمانها من التعليم والعمل في المناطق الريفية واجبارها على تطبيق تعليمات بعض الجماعات المتشددة، بحجة العادات القبلية والتطرف كختان الاناث وجرائم الشرف والعنف الاسري، فضلا عن عدم مساواتها بالرجل الكثير من مجالات الحياة، من جهة أخرى تسعى وزيرة الدولة لشؤون المرأة ابتهال كاصد الزيدي والمدافعة عن حقوق المرأة العراقية الى النهوض بمستقبل المرأة السياسي من خلال سعيها لتدعيم نفوذ المرأة بالبرلمان والسلطة التنفيذي، كما دعت الامم المتحدة الى ان يكون للمرأة العراقية تمثيل اكبر في مؤسسات الدولة، وفي خطوة جديدة لحماية المرأة ومساواتها مع الرجل، أسست شابة عراقية مشروع سيارات للأجرة خاص للنساء في بالعراق، لكن مازالت هناك أسئلة كثيرة تدور حول واقع المرأة في العراق، بين التقاليد والأعراف وقانون الأحوال الشخصية، وموقف القانون والدستور العراقي في ضمان حقوقها، لذا فإن حقوق المرأة والمطالبة بها في العراق هي ناتج طبيعي لبلد تشكل فيه النساء الطبقة الأكبر.

جرائم الشرف

في سياق متصل وبالقرب من مدينة كركوك بشمال العراق ألقى أب الماء المغلي على بناته الثلاث وأطلق عليهن الرصاص فقتل اثنتين.. دفاعا عن الشرف، وفي حين أن عقوبة القتل في العراق يمكن تصل الى الاعدام سجن الاب عامين فقط بسبب القوانين التي تقول ناشطات انها شديدة التساهل فيما يتعلق "بجرائم الشرف". وحدث هذا رغم أن الفحوص أثبتت عذرية القتيلتين، استند الحكم الى المادة 409 من قانون العقوبات العراقي والتي كثيرا ما تستخدم في قضايا الشرف. وتعمل ناشطات في العراق بقيادة السيدة الوحيدة في حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وهي ابتهال الزيدي وزيرة الدولة لشؤون المرأة على تغيير هذا القانون، لكنهن يقلن انهن يواجهن قيما عشائرية راسخة في بلد يضم فيه البرلمان عددا كبيرا من الرجال من أحزاب محافظة، ولعقود ظلت المرأة العراقية تتمتع بحريات أكبر مما تتمتع به الكثيرات في دول أخرى بالشرق الاوسط.. فهي لا تجبر على ارتداء زي معين ولها مطلق الحرية في خوض غمار العمل السياسي، لكن العادات العشائرية المحافظة ما زالت قائمة ومازالت جرائم الشرف مستشرية، ويصعب توثيق مثل تلك القضايا. وجاء في تقرير لوزارة حقوق الانسان العراقية أن 249 امرأة قتلن عام 2010 لاسباب يتعلق بعضها بالشرف دون ذكر تفاصيل محددة. ونقلت منظمة العفو الدولية عن الوزارة قولها ان 84 امرأة على الاقل قتلن في جرائم شرف بالعراق في عام 2009، والمادة 409 من قانون العقوبات تخفض الحكم في جرائم القتل الى ثلاث سنوات كحد أقصى لكل "من فاجأ زوجته أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما اعتداء أفضى الى الموت أو الى عاهة مستديمة، وبعض الاسر تتستر على مثل هذه الجرائم وتغض المحاكم الطرف أحيانا. كما أن حلفاء أحزاب سياسية في السلطة قد يسهلون عملية الادلاء بشهادة زور أو توفير شهود زور، قالت سرود أحمد من مكتب كركوك لجمعية الامل النسائية "أحد الاسباب لعدم معرفة أعداد جرائم الشرف هو لانه عندما تعرض في المحكمة تقدم على أنها انتحار، وأضافت "الشرطة تعفيه.. لانهم يقولون انهم من أبناء المجتمع فلا يستطيعون أن يكونوا قاسين معهم، ووثقت جمعية الامل في كركوك قضية الاب وبناته الثلاث التي حدثت وقائعها في 2008 لادراجها في تقرير أعدته جامعة ديبول في شيكاجو، وحين هجم الاب على بناته في تلك الواقعة وقتل اثنتين منهن فقدت الثالثة احدى عينيها وأصيبت باعاقة ذهنية شديدة، وعندما خرج والدها من السجن عادت للعيش معه لانه لم يكن أمامها مكان اخر، وقالت وزيرة حقوق المرأة انها تريد تغيير القانون العراقي لفرض عقوبة متساوية على الرجل والمرأة دون اعفاءات خاصة للرجال بموجب المادة 409، وتذكرت قصة فتاة عراقية عمرها 12 عاما قتلت والدها بعد أن رأته وهو يمارس الزنا وحكم عليها بالسجن 15 عاما، وقالت الوزيرة المحجبة "لو كان رجلا ورأى احدى محارمه ترتكب الزنا كيف سيحاكم؟ ستة أشهر ويخرج، وأضافت "المرأة تسجن 15 سنة وهي طفلة عمرها 12 سنة.. وارتكبته خوفا ورعبا مما رأت، ومضت تقول "بالفعل نحن طرحنا هذا الموضوع وقلنا أين الانصاف؟ أين العدالة؟ لماذا هناك حكم للمرأة يختلف عن الرجل؟... المفروض العدالة والمساواة في هذا الموضوع، وأردفت قائلة انها تعتزم تقديم توصية الى الحكومة بتعديل المادة 409 من قانون العقوبات بحيث تنص على العقوبة ذاتها للقتلة من الرجال والنساء على حد سواء. لكنها تعتقد أن أي تغييرات مقترحة على القانون من المرجح أن تثير "رد فعل قويا". بحسب رويترز.

وقالت الوزيرة التي تخصصت في دراسة اللغة العربية والعضو المستقل في الائتلاف الحاكم بقيادة المالكي "سوف نواجه صعوبات وتحديات كثيرة. هذا لا ننكره لانه مجتمع شرقي أولا وأخيرا. وهو مجتمع غالبيته من العشائر وتحكمه هذه العادات، ومضت تقول "اعتقد نحن نحتاج فترة الى أن تصدر هذه القوانين وتشرع ويتخذ بها حكم وتصبح قانونا ملزما للدولة.. ولكن يجب أن تحصل بها توعية مجتمعية، وذكرت وزيرة شؤون المرأة انها تتمنى أيضا اصدار قانون لمحاربة العنف الاسري هذا العام. وتشير الاحصاءات الرسمية الى أن 20 في المئة من العراقيات يعانين سوء المعاملة داخل المنزل، تقول سندس عباس التي ترأس معهد المرأة القيادية وهو جماعة حقوقية لها فروع في سبع محافظات عراقية ان النسبة الحقيقية للنساء اللاتي يتعرضن لانتهاكات جنسية أو سوء معاملة في المنازل تصل الى 73 في المئة، وذكرت أن التعديلات التي تقترحها وزيرة شؤون المرأة على القانون لا تعالج المشكلة. وذكرت أن منح القاتلات نفس حقوق القتلة يظل يمثل ستارا قانونيا للعنف ضد المرأة، وقالت "أنا أعتقد أننا نحن بحاجة لتعديل القانون بحيث تكون العقوبات رادعة وأن يكون هناك اجراءات وليس أن نساوي بين المرأة بأن يكون لها الحق في أن تقتل زوجها اذا زنا.. والزوج له الحق أن يقتل زوجته اذا زنت وانما أن يكون هناك قانون ينظم هذا الامر، وأضافت أنها تعتقد أن من الضروري الغاء المادة 409 وأن يكون هناك قانون يعاقب على الجريمة بغض النظر عن أسبابها.

تولي رئاسة الوزراء

فعلى الرغم من "النهضة" التي حظيت بها بعد عام 2003، تبقى المراة العراقية بعيدة "عشرات السنوات" عن تبوء مناصب قيادية كرئاسة الوزراء، بحسب ما ترى وزيرة الدولة لشؤون المراة ابتهال كاصد الزيدي، واعربت الزيدي عن خيبتها جراء "واقع المراة في السلطة التنفيذية"، مؤكدة في موازاة ذلك ان الحكومة اتفقت مؤخرا على منح النساء وظائف في مؤسساتها بنسب تتراوح بين 30 و50 بالمئة، وقالت الزيدي (47 عاما) في مكتبها المتواضع داخل مبنى الامانة العامة لرئاسة الوزراء في المنطقة الخضراء المحصنة ببغداد "لا توجد امراة تتصدر الآن القوائم المرشحة للانتخابات وتمثل رمزا"، واضافت "اعتقد اننا نحتاج فترات اطول بعد ودورات انتخابية اكثر حتى نبلغ مرحلة يكون عندنا فيها امراة رمز"، ورات انه "متى وجدت امراة رمز بين الرجال، يمكن حينها ان نامل في ان تتولى هذه المراة منصب نائب رئيس الوزراء (...) ثم منصب رئيس الوزراء، واعتقد اننا نحتاج الى عشرات السنوات"، وتمتعت النساء العراقيات بظروف افضل مقارنة مع اوضاع النساء الاخريات في الشرق الاوسط قبل حرب الخليج عام 1991 التي قضت، مع سنوات الحصار التي تلتها، على هذا الامتياز، وتعتبر الزيدي، الاستاذة السابقة للغة العربية في جامعة بغداد، ان وضع المراة بعد اسقاط نظام صدام حسين شهد في موازاة هذه الانتكاسات "نهضة على كافة المستويات، وكانت اكثر المكاسب من خلال اقرار نسبة الكوتا 25 بالمئة في البرلمان"، ورغم ذلك، ترى الوزيرة المحجبة ان "واقع المراة في السلطة التنفيذية مخيب للامال حاليا وليس بمستوى الطموح"، وتضيف المراة الوحيدة في الحكومة التي تضم 32 وزيرا آخرين ان "المراة العراقية يجب ان تحصل على نسبة الكوتة البرلمانية نفسها في السلطة التنفيذية، ونحن نعمل على تقديم مشروع قانون لاقرار هذه النسبة"، واعلنت الزيدي وهي ام لثلاثة انه "تم الاتفاق داخل مجلس الوزراء على ان تكون 50 بالمئة من الدرجات الوظيفية المقبلة مخصصة للنساء في وزارتي التربية والصحة، و30 بالمئة في باقي الوزارات"، وفي ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، تؤيد الوزيرة "قوامة" الرجال على النساء اللواتي يمثلن نحو 55 بالمئة من السكان، انما تؤكد ان هذه المسالة يجب ان تكون نابعة من التفاهم المشترك بينهما، وتوضح ان "الاسرة مؤسسة اجتماعية تربوية وكل مؤسسة لا بد ان يكون لها مدير مسؤول، وهذه الادارة لا الشرع ولا القانون يمنع ان تكون ادارتها في يد المراة لكن العرف الذي ساد في اكثر المجتمعات العربية هو ان الرجل رب الاسرة"، وتضيف ان "مسالة القوامة تكون بالتفاهم بين الزوج والزوجة"، معتبرة انه "من الفضائل ان المراة لم تكلف بادارة الاسرة (...) لان ادارة الاسرة امر عسير جدا ولا بد من ان يتشارك المراة والرجل في ادارة ملف الاسرة"، وتشير الزيدي الى ان "القوامة لا يقصد بها ان يمارس الرجل سلطة تعسفية على المراة (...) والقوامة ليست انتقاص من قدر المراة، بل انها امر قائم على اساس التفاهم واحترام راي المراة"، وكانت مجموعة من الناشطات العراقيات وجمعيات حقوقية احتجت مؤخرا على موقف الزيدي من مسالة القوامة، وعلى قرارات رسمية تحد من حرية الملبس لدى الموظفات في الدوائر الحكومية، واوضحت الزيدي ان "مسالة ملابس بعض الموظفات التي بدات تخرج عن الاطار الطبيعي حيث يرتدين ملابس لا تليق بالعمل الحكومي طرحت خلال اجتماع للجنة النهوض بالمراة (...) وقد خرجنا بتوصية توخينا فيها الا نمس بخصوصية المراة والاديان"، وقالت "اخترنا عبارة تركناها عامة حتى تقدر المراة بنفسها ما ترتديه، هي +التزام الموظفات بالزي المناسب للعمل الحكومي+، فالمراة المسلمة ترتدي ما تراه مناسبا، وغيرها ترتدي ما تراه مناسبا"، واكدت الزيدي ان اللجنة "ابدا لم تضع عبارة حشمة ولا حجاب ولا زي رسمي ولا لون معين (...) تركنا الحرية الكاملة للمراة لترتدي ما تراه مناسبا ادراكا منا ان المراة العراقية ذكية وقادرة على اختيار الزي المناسب"، ولجنة شؤون المراة التي تشكلت عام 2005، تراسها وزارة المراة وتضم 37 عضوا من كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية بدرجة مدير عام ومعاون مدير عام، من الرجال والنساء، وتلتقي كل ثلاثة اشهر حيث ترفع توصيات تعمم على الامانة العامة لمجلس الوزراء، التي ترسلها لاحقا الى كافة الوزارات، وتقول الزيدي التي تقود فريقا مؤلفا من نحو 20 موظفا ان "الوزارة من وجهة نظري تكليف شرعي ووطني ورسمي"، وتشدد على ان عملها يهدف الى "ارضاء الله اولا، والشعب والنساء في العراق بصورة عامة".

ختان الإناث والاضطرابات النفسية

فقد تتفاوت معدلات انتشار ختان/تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في كردستان العراق بشكل كبير، أكدت بيانات جديدة في العراق ما أعتقده الكثير من علماء النفس على الرغم من قلة الأبحاث والمتمثل في كون الفتيات اللائي خضعن لعمليات الختان/تشويه الأعضاء التناسلية أكثر عرضة للاضطرابات النفسية التي تشمل اضطرابات توتر ما بعد الصدمة، وهذا ما أثبتته نتائج البحث الذي أجراه جان ايلهان كيزيلهان من جامعة فرايبورغ، وهو خبير في علم الصدمات النفسية، والذي نشرته المجلة الأوربية للطب النفسي، وكان كيزلهان قد توصل إلى وجود "ارتفاع مقلق" لمعدلات اضطرابات توتر ما بعد الصدمة (44 بالمائة)، والاكتئاب (34 بالمائة)، والقلق النفسي (46 بالمائة)، والاضطرابات الجسدية (اضطرابات نفسية تتمثل أعراضها في أمراض عضوية ليس لها تفسير- 37 بالمائة) بين مجموعة مكونة من 79 فتاة خضعن لعملية الختان في إقليم كردستان شمال العراق تتراوح أعمارهن بين 8 إلى 14 عاماً على الرغم من أنهن لم يعانين من أية أحداث مؤلمة من نوع أخر، وتشكل تلك المعدلات سبعة أضعاف نسبة الاضطرابات بين الفتيات اللائي لم يتعرضن لعملية الختان من نفس المنطقة، كما أنها مماثلة للمعدلات الموجودة بين الأشخاص الذين عانوا من سوء المعاملة في مرحلة الطفولة المبكرة. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وفي هذا السياق، أفاد كيزلهان أن البرلمان في إقليم كردستان قد منع ختان/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث خلال العام الماضي بعد وقت قصير من استلامه نتائج هذه الدراسة، وأعرب كيزلهان) عن أمله في أن تؤدي هذه النتائج إلى علاج نفسي أفضل لاضطرابات توتر ما بعد الصدمة التي تعاني منها الفتيات اللائي خضعن لعملية الختان/ تشويه الأعضاء التناسلية باستخدام التقنيات الخاصة التي تشمل مشاركة الأسرة في عملية المعالجة بأكبر قدر ممكن، وأضاف كيزلهان أن ظاهرة ختان / تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في الشرق الأوسط أقل شيوعا عنها في أفريقيا. وتتفاوت تقديرات انتشار الختان/ تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في كردستان العراق بشكل كبير باختلاف المناطق، ولكن الدراسات أشارت إلى أن العدد الإجمالي يمكن أن يصل إلى حوالي 40 بالمائة من سكان الإقليم والمتراوح عددهم بحوالي خمسة ملايين شخص. إلا أنه لا يوجد به سوى 13 أخصائي نفسي من بينهم واحد فقط متخصص في معالجة الاضطرابات النفسية.

كردستان العراق

وعلى الرغم من مرور عام على اقرار برلمان كردستان العراق قانونا يجرم ختان المرأة والعنف الاسري ضدها، لا تزال النساء هناك يعانين من اضطهاد بات يولد احباطا لدى النشطاء في مجال حقوق الانسان، ويعد مجتمع اقليم كردستان من المجتمعات المحافظة في الشرق الاوسط، وقد شكل اقرار القانون قبل نحو عام نجاحا كبيرا لمنظمات المجتمع المدني وخطوة كبيرة نحو الامام بعد سنوات طويلة من النضال لحماية حقوق المرأة، ويعاقب القانون من يمارس جميع انواع الاعتداء الجنسي والجسدي والنفسي في اطار الاسرة، ويوفر الحماية للمراة الضحية وينص على انشاء محاكم متخصصة لهذا الغرض، ويعاقب أيضا بالسجن والغرامات المالية كل من يقوم بممارسات تشمل تشويه أعضاء الإناث التناسلية، ويتمتع اقليم كردستان بحكم ذاتي وبوضع امني واقتصادي افضل من باقي انحاء البلاد، وعلى الرغم من ذلك، تعيش نساء الاقليم اوضاعا صعبة للغاية، ويعد تشويه الاعضاء التناسلية (الختان) من المشاكل الرئيسية، ومع ان هذه الممارسة تسمى المرض الافريقي، الا انها من الحالات الشائعة جدا في كردستان، ووفقا لدراسة نشرتها منظمة "وادي" الالمانية عام 2010، استنادا لمقابلات اجرتها مع نحو 1700 امرأة من الاقليم، فان 72,7 في المئة من النساء في محافظتي السليمانية واربيل كن ضحية لعملية ختان الاناث التي تصل نسبة تطبيقها في بعض المناطق الى 100% من نساء المحافظتين، كما تشير الدراسة الى ان اكثر من نصف (51,1 %) نساء اقليم كردستان لا يعرف القراءة والكتابة، وتقول سوزان عارف رئيسة منظمة "امباورمنت" وهي احدى منظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون بالمرأة تاسست عام 2004، ان "اقرار القانون كان انتصارا كبيرا. على الاقل بامكاننا التحدث عن هذا الامر الان"، من جهتها، ترى الامينة العامة للمجلس الاعلى لشؤون المرأة في كردستان باخشان زنكنه ان "تجريم العنف المنزلي في مجتمعنا امر مهم جدا"، وتضيف ان "المجتمع يعترف بهذا، نعم لدينا عنف منزلي وهذه جريمة". بحسب فرانس برس. 

وعلى الرغم من صعوبة المعركة التي خاضتها الجمعيات غير الحكومية لتشريع القانون، ترى عارف ان "القوانين موجودة، ولكنها لا تطبق، وهذه مشكلة كبيرة"، واشارت الى انه "لا يمكن أن نقول إن عدد (حالات الختان) قد تراجع بفضل القانون لأن لا أحد يعرف هذا القانون، لافتة إلى أن السلطات لا تتابعه كما يجب وداعية إلى إطلاق "حملة" لرفع الوعي حوله، وذكرت الناشطة الحقوقية ان شرطة كردستان لا تبدي اهتماما كبيرا بالتحقيق في اعمال العنف وحالات الانتحار في صفوف النساء، مع أن "غالبيتها هي جرائم شرف" في الواقع، وأضافت أن عددا كبيرا من النساء يفقد الأمل عندما يلاحظ أن القانون لم يؤد إلى أي تغيير، وتبدي رمزية زانا وهي مديرة منظمة للابحاث في اربيل، تشاؤما اكبر، وتقول "مر عام على اقرار القانون ولكنه لم يطبق بعد"، ووصفت الامر ب"انه كارثة. علينا اما تطبيق القانون وإما اعادته الى البرلمان"، وترى زانا ان القضاة ورجال الدين هم الذين وقفوا في طريق تطبيق هذا القانون، موضحة ان "القضاة في غالبيتهم يعتقدون انه يضر بالعائلة" ومن يطبقه منهم "يعد على الاصابع"، وهذه هي أيضا حال رجال الدين في كردستان، ف"القانون لا يروق لهم بتاتا" وقد يدعون الى تعديله او إلغائه، لكن زنكنه شددت على انه "يجب ان نصبر"، داعية الى وضع خطة لتطبيق القانون بالتعاون مع الامم المتحدة، واوضحت انه امر جديد بالنسبة إلى مجتمعنا، واي امر يناقض التقاليد الشائعة لا يمكن تقبله في أشهر معدودة.

سيارات للأجرة خاصة للنساء

فيما أسست عراقية شابة شجعتها قصص نجاح سيارات الأجرة المخصصة للنساء في دبي ولبنان شركة تقدم هذه الخدمة في محافظة أربيل، سيارات الأجرة الجديدة في مدينة عين كاوة التي يغلب المسيحيون على سكانها في أربيل بشمال العراق لا تتجول في الشوارع بحثا عن ركاب بل تُحجز سلفا عن طريق الهاتف، لانا خوشابا مالكة الشركة التي ترفع شعار "للنساء وبادارة النساء" ذكرت أن الخدمة الجديدة تسعى لتلبية احتياجات النساء اللاتي يواجهن مضايقات من سائقي سيارات الاجرة الرجال، بدأت لانا خوشابا -التي تبلغ من العمر 25 عاما وتحمل شهادة جامعية في الهندسة المدنية - شركتها الصغيرة في أكتوبر تشرين الاول الماضي برأس مال بلغ 100 ألف دولار وثلاث سيارات وسائقتين في نوبتي عمل يوميا، وقالت لانا "أكثرية المواطنين حبوا الفكرة خاصة النساء. الرجال طبعا في البداية قالوا لا ما تنجح.. مُستحيل تشوفون درايفرز نساء لان ماكو (لا توجد) بنت هنا في كردستان تسوق تاكسي. مستحيل تلكون (تجدون). بس (لكن) نحن بصراحة لكينا (وجدنا) رد فعل ايجابي من أكثر.. تقدر تقول و80 بالمئة من المواطنين قالوا الفكرة كلش ممتازة وراح تنجح، تحاول لانا حاليا زيادة عدد سيارات الاجرة في الشركة الى مثلين بعد أن شجعها رد الفعل الايجابي والاقبال الذي لاقته الخدمة لكنها واجهت صعوبة في العثور على نساء يقبلن العمل في قيادة تلك السيارات. بحسب رويترز.

وقالت "المشكلة الوحيدة.. الصعوبة الوحيدة التي تواجهنا أنه نحن نقابل بنات. كلش (جدا) صعبة. عينا اثنين وثاني يوم اثنيناتهم (الاثنتان) استقالوا. قالوا نحن أخذنا التاكسي وطلعنا الى الشارع وشفنا (رأينا) مضايقات من هواي ( كثير) من الرجال ويرمون أوراق تلفونات لنا وقالوا نحن ما نقدر نحن أن نستمر بعد بهذا الشغل.. اعذرونا.. نحن نتمنى نشتغل ونتمنى نساعد النساء بهذه المنطقة بس شفنا مضايقات لا تحتمل. فاثنينهم ثاني يوم استقالوا. نحن نحاول. ما يأسنا. نحاول نسوي مقابلات ونسوي حاليا اعلان سنضع قطع في عين كاوة كلها وفي اربيل أنه مطلوب نساء للعمل، الاجرة التي تتقاضاها الشركة مقابل خدمات سياراتها ليست زهيدة لكن النساء اللاتي يتعاملن معها يقلن ان الراحة والشعور بالامان في سيارة تقودها امرأة لهما ثمنهما، وقالت فتاة في العشرين من عمرها تدعى لورين تتعامل بصفة منتظمة مع شركة سيارات الاجرة الخاصة للنساء "مرات واحد يريد يروح حفلات.. نريد نلبس براحتنا.. بس ما نقدر نصعد مع أبو التاكسي لان ابو التكاسي (سيارات الاجرة) كلش خطرين وهواية صايرة حالات بأنه يضوجون ( يضايقون) البنات. فما كنا نستطيع أن نطلع. لكن الان البنك تاكسي موجود. تشوفون (ترون) مبدلة وفرحانة وخابرتهم وجاءوا بالوقت وخدمة كلش مريحة وأنا مرتاحة حتى من أطلع لان بالروحة وبالرجعة (الذهاب والعودة) هم الذين يوصلوني، وقالت أمريكية تقيم في اربيل تدعى سارة هارفي "أستخدمها في أي وقت خلال اليوم حتى أثناء النهار. أفضل الخروج في سيارة أجرة خاصة للنساء ومعظم الناس عندما سمعن عنها شعروا بالحماس. الجميع يريدونها أن تكبر وأعتقد أنها ستكبر كثيرا وبسرعة كبيرة.، وتعمل سيارات الاجرة الخاصة للنساء حاليا داخل اربيل وتعتزم الشركة توسيع نطاق خدمتها ليشمل السليمانية ودهوك ايضا ابتداء من مارس اذار 2012.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/حزيران/2012 - 2/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م