الرقابة الصحية هي الحل

زاهر الزبيدي

هل صادفك يوماً وانت تدخل الى محل قصابة فيهيئ اليك كأنك داخل الى بناية الطب العدلي في ايام الحرب الطائفية وتلك الرائحة التي تزكم الأنوف؟.. وهل صادفك وأنت تدخل مطعماً للترويح عن عائلتك لتفاجئ بالوساخة في كل مكان؟..

وهل أجبرت يوماً على تشرب شيئاً من عربة في الشارع أو محل للعصائر في أحد الشوارع المهمة ولاحظت الكؤوس التي شربت منها؟.. من شرب منها قبلك؟.. وهل صادفك أن تشتري سلعة ما وتتعطل في أول ساعة من عملها وفي بداية فرحة العائلة بها؟..

هل جربت تلك الصدمة عندما تشتري جهاز تلفاز جديدة لتجبرك الكهرباء اللاوطنية على رميه في سطح المنزل بعد إحتراقه؟.. أو هل صادفك وأنت تتسوق من أحد الأسواق القريبة من منزلك بأن تلك المناظر للقذارة التي تلف المكان قد يكون جزءاً منها قد لصق على ما تسوقته؟ وحينما تفتح أكياسك ترى أنها قد عبئت بأفسد المواد؟

أنها محنتنا أجمعين تلك العقلية التجارية لتجارنا والتي بنيت على أساس المكر والخديعة بأحدث الطرق والالتفاف على كل المعايير الصحية في سبيل الوصول الى تلكم الثروات التي أغرقت أسواقنا بكل شيء صالح للاستيراد أو حتى غير الصالح منها.. ونفسية الباعة لدينا ممن امتهنوا الخداع قبل امتهانهم لمهنهم البسيطة تلك مبتعدين عن أبسط قواعد البيع والشراء وأصوله.. لقد أصيبوا بأدهى أمراض العصر مما أصاب حياتنا بالاضطراب الشديد.. ولكن أين يكمن الحل وبيد من؟

أنها الرقابة الصحية الحقيقية.. ففي أغلب الأيام أطالع في القنوات الفضائية لأعرف مايجري وأتابع أحدى القنوات العراقية الكردية وهي زكاروس.. وفي برنامج محدد أفهم منه أنها لجنة مكونة من أشخاص فيهم الطبيب والموظف والشرطي تدخل في كل حلقة من حلقات البرنامج الى المطاعم ومحلات القصابة ومختبرات التحليل الطبي وصور الأشعة وتبحث في خفايا وزوايا تلك المرافق وتعمل على تأشير الخلل وتغلق أو تحاسب أصحابها على أدنى قصور في العمل وفق ضوابط اعتمدتها.

ونحن هنا في بغداد نرى أننا بحاجة الى مثل تلك الفعاليات الرقابية الصحية الحقيقية (الشريفة) ولو فعلنا ذلك بصورة صحيحة، حماية لأبناء شعبنا، لأغلق 90% من المطاعم والفنادق والملاهي ومحلات بيع الأطعمة الجاهزة وأغلقت 95% من مختبرات التحليل الطبي و 85% من عيادات الأطباء و 100% من المرافق الصحية العامة و90% من المدارس.. أقول لازلنا كشعب نعاني من هذا الاستخفاف الكبير في حقوقنا برقابة صحية صارمة بعد كل سنين التيه التي عشناها والتي سهلت إستغلال الكثير من المنتفعين حاجتنا للخروج، على محدوديتها، الى المطاعم والمتنزهات كي تجني الأموال الطائلة منها على حساب راحتنا...

فكثير من المطاعم تستخدم اللحوم التي راجت بعد 2003 والتي تحمل أسماء العتبات المقدسة والتي أوضحت إحدى الدراسات بـأنها هندية والهند الدولة الوحيدة في العالم التي لاتحّرم إستخدام مادة الـ DDT في الوقاية من الحشرات والتي تصل الى الحيوانات التي نتراكض على شراء لحومها لرخصها ولكونها تحمل تلك الأسماء المهمة في حياتنا... على الرغم من أن تلك المطاعم تفرض ذات الأسعار التي كانت معتمدة قبل ولوج تلك اللحوم الحمراء الى السوق العراقي.. فما هو حجم الأرباح التي جنتها من جلودنا ياترى؟.. وبعيداً عن عين الرقابة والشروط الصحية والمقاييس الكمية لمأكولاتها التي لا تتطابق مع أي معايير عالمية فيها مما يجعلنا نرضى بالخديعة على مضض.

أما مياهنا فلغاية يومنا هذا وعلى الرغم من كل التقارير التي تنشر هنا وهناك حول ردائة المياه المعبئة اللامعدنية.. لا توجد جهة رقابة أوضحت لنا أسماء تلك الشركات كي نتجنب شراء مائها وحتى يومنا هذا بانتظار أن تخرج نتائج محددة لتوضح لنا أسماء كل المصانع والمطاعم وشركات تعبئة المياه التي خالفت الشروط الرقابية والصحية في صناعتها.. مما يولد الشك لدينا بأن جميع تلك الدراسات والتصريحات الصحفية الرنانة هدفها ابتزاز تلك الشركات للحصول على المنافع منها مقابل عدم نشر أسمائها.. وهذا إذا ماصح فتلك هي الطامة الكبرى في أن الجميع يسعى الى الابتزاز على طريقته الخاصة.

 رفقاً بنا فما عادت لدينا جلوداً تحتمل تلك السياط اللاهبة من الأسعار ورداءة المواصفات في طعامنا وشرابنا وقوت أطفالنا.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/حزيران/2012 - 30/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م