كربلاء تشيع العلامة القرشي

عدسة وتحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: شهدت مدينة كربلاء المقدسة تشييع مهيباً لجثمان المرحوم المغفور له آية الله الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله تعالى، والذي توفي في مدينة النجف الاشرف عصر يوم الأثنين وشارك في هذا التشييع السادة الكرام من بيت الشيرازي ومندوبي بيوتات المراجع الأعلام، والعلماء والفضلاء وطلاب الحوزة العلمية، وشخصيات سياسية واجتماعية اخرى. وجمع غفير من اهالي كربلاء المقدسة الذين نقلوا الجثمان الطاهر صوب المرقدين الشريفين للأمام الحسين واخيه العباس(عليهما السلام).

وقد تقدمت الامانتان العامتان في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية الى العالمين العربي والاسلامي بنعي فقيد العلم والمعرفة الباحث والمؤرخ الكبير حجة الاسلام والمسلمين سماحة الشيخ باقر شريف القرشي قدس سره الذي وافاه الاجل صباح يوم الاثنين بعد مسيرة طويلة حافلة بالعلم والبحث والتحقيق والتأليف اثرت ورفد المكتبة الاسلامية بالكثير من المؤلفات والدراسات.

وأقيمت الصلاة على جثمان المرحوم بإمامة سماحة السيد احمد الصافي الامين العام للعتبة العباسية وما بعد صلاة المغرب والعشاء انتقل جثمان المرحوم المغفور له حجة الاسلام والمسلمين الشيخ باقر شريف القرشي الى صحن الامام الحسين عليه السلام وكان من بين الحاضرين اية الله العظمى السيد مرتضى القزويني وقد رثاه بكلمات الاسى والحزن واقيمت عليه صلاة الجنازة.

شبكة النبأ المعلوماتية حضرت مراسيم التشيع ولتقت بعض الشخصيات المشاركة لتتعرف بعض اهم الجوانب المشرقة في حياة الفقيد حيث التقت اولاً الشيخ صلاح الكربلائي امام الجماعة في حرم الامام العباس عليه السلام والذي ابتدأ كلامه بالترحم على فقيد الامة الاسلامية حجة الاسلام والمسلمين الشيخ باقر شريف القرشي سائلا المولى ان يتغمد الفقيد برحمته الواسعة وان يسكنه فسيح جناته وان يحشره مع من احب وتولى مع محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين وان المغفور له ابدع ايما ابداع لقد قدم للعالم الاسلامي الافكار النيرة والتحقيقات المهمة في اكثر مفاصل التاريخ الاسلامي فنرى كتاباته توصف بالإنصاف والتدقيق والتركيز على ما يهم الباحثين ومعرفة الحقيقة نسال الله سبحانه وتعالى ونحن نحمل جنازته ونشيعه من حرم ابى الفضل العباس الى حرم الامام الحسين عليهما السلام ان يتغمده بواسع رحمته وان يلحقه بمن كان يتولاه وبمن افنى عمره في خدمتهم وتعريف الناس بهم وبتاريخهم واخلاقهم والحمد لله رب العالمين.

السيد سجاد المدرسي طالب في حوزة الامام الجواد في كربلاء المقدسة تحدث قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين في الحديث الشريف عن الامام الصادق عليه السلام ما من مؤمنا يموت احب الى ابليس من العالم اليوم يفرح الشيطان بموت عالما من علماء مذهب اهل البيت وهو المحقق والمؤرخ والمؤلف الخبير في شؤون التاريخ الاسلامي وفي شؤون اهل البيت عليهم افضل الصلاة السلام اية الله الشيخ باقر شريف القرشي رضوان الله تبارك وتعالى عليه وهو الذي خلف من بعده الالاف الاوراق التي كتبها علما مفيدا في نهج اهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام وفي الحديث الشريف اذ مات المؤمن انقطع عمله الا عن ثلاث عن صدقه جارية وولدا صالح وورقة علم في الواقع الشيخ المرحوم المغفور له رضوان الله تبارك وتعالى عليه خلف مئات الصفحات التي كتبها في العلم وانشاء الله هذه الصفحات وهذه الاعمال سوف تبقى خلفه لتستفيد منها الاجيال.

الشيخ هاشم الزيدي وكيل اية الله السيد الخوئي قال: الشيخ القرشي بدء من نعومة اظفاره من اسره علمية كان ابوه رجل من الفضلاء وكان اخوه الشيخ هادي القرشي رجل من العلماء وكان يدرس في الحوزة العلمية وقد عرفة المغفور له عن قرب ومن زمن قديم كان حثيث في الكتابة وكان يجهد نفسه جهدا عظيما في كتابة تراث ال محمد وقد افرغ نفسه لهذا ليترك للعلماء الباقين فرصة الكتابة في الفقه والاصول وفائدة الفقه والاصول فائدة خاصة يعني تخص طلاب الحوزة العلمية وتخص العلماء فقط ولكن تراث ال محمد الذي بدى مهجورا في الاحقاب القديمة وحتى الان لا زال مهجور مهما كتبنا عنه فنحن من المقصرين لأهل البيت هو قال لي انى نذرت ان افني نفسي في اظهار فضل ال محمد وكنت زميله وصاحبه وانى اتشرف بذلك من سبعينيات القرن الماضي الى التسعينيات وكنت جاره ايضا وتربطني به علاقة عائلية وابنه وابن اخوه الشيخ هادي كانوا يقرؤون عندي الدرس وهو يعتبرون اخوه الاغر كونه سننا عمره يناهز التسعين عاما. وكان اول من حثه على الكتابة الشيح اسد حيدر وكان بيت الشيخ اسد حيدر قريب من منزل الشيخ باقر بالنجف الاشرف اسد حيدر كتب الصادق والمذاهب الاربعة فقام بدعوة الشيخ باقر للكتابة له كتابات في فقه الزيدية كتاب نظام العامل والعمل في الاسلام وكتب ايضا زيد الشهيد وكتب الامام الباقر ثم انتقل الى الامام علي والحسن والحسين وكتب عن قمر العشيرة وعن الائمة الطاهرين مجموع من كتبه يصل الى مائة كتاب والرجل صبور جدا حيث يبقى ثمان او تسعة ساعات في داره ومنعزل عن عياله لان منشغل في البحث عن موضوع وهو من طلاب السيد الخوئى حيث يأتي منهكا من بحث السيد الخوئي وعندما اسأله بان اثر التعب بادي عالية يجيبني البارحة اشتغلت على مسئلة واحببت ان اخرج بنتيجة والحمد لله حققت شيء ويبدو فرح ومسرور كونه حقق شيء ما.

والرجل يعتمد على قدراته الذاتية كونه لا يطلب المعونة من احد واذا ما اراد طبع كتاب مثال حياة الحسن ثلاث مجلدات او كتاب حياة الامام الحسين ثلاث مجلدات او كتاب حياة الامام الجواد او حياة الامام الباقر حيث يعتمد على بيع كتابه الطبعة الاولى ومن نمائه يطبع الكتاب الاخر. يمتلك الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله مكتبه ثريه جدا جمعها من ماء عينه وبأتعاب مضنيه ترهق الجبال هو الرجل دؤوب انصب اهتمامه على ثراء اهل البيت عليهم السلام اثنين في هذا القرن من العلماء بهذا المستوى ابدعوا وشكر الله سعيهم ونسأل الله تعالى ان يجعلها في ميزان اعمالهم انشاء الله وهو الشيخ محمد جواد مغنيه والشيخ باقر شريف القرشي هؤلاء الاثنين اتعبوا انفسهم تعبا شديدا والفوا بما لم يكتب فيه من مثل التعرض الى طلاب الامام الصادق وطلاب الامام الجواد الذين حضروا عنده كتب عنهم الرجل وحتى المناظرات التي قام بها امام الباقر والصادق(ع) وهم لهم مناظرات مع الزنادقة لهم مناظرات مع الكفرة والملحدين لهم مناظرات معه المرجئة لهم مناظرات مع الأشاعرة والمعتزلة واثلجوهم والزموهم الحاجة ذهب القرشي رحمته الله عليه الى مضانها وسلط عليها الاضواء وابرزها للعالم وحتى طلاب العلم كانوا لا يعرفون ان هذه المناظرة العظيمة التي برز بها الامام الصادق مع ابي حنيفة او مع سيد المعتزل او مع سيد المرجئة او الزنادقة حيث كثروا في عهد الامام الباقر والصادق وكانوا يناظروهم بالحجة الدامغة.

 انقل لك حادثة معينة حصلت مع حجة الاسلام والمسلمين الشيخ باقر شريف القرشي رحمه الله في احد المرات التقيته في الزينية وسالته ان يكتب عن الحر الرياحي فقال لي لو حاوله الكتابة عن الحر لا اكتب الا اربعة صفحات لن لا توجد لهذه الشخصية مساحة جغرافية في التاريخ هو بدء نجمه يتألق بعد واقعة الطف حينما انتقل الى معسكر الحسين ولا يعلم ان كان قبل اذان الظهر او بعد اذان الظهر التحق بالأمام الحسين عليه السلام ليقول له هل ترالي من توبه وبعدها استشهد فعمره مع الحسين لا يمتد الا الى نصف ساعة فقط فماذا تريد ان اكتب عنه فهو ليس صحابي او تابعي او من اهل بدر ولا من اهل احد فقلت له اني سوف اكتب عنه وقال لي لا تتعب نفسك الا اني مضيت بهذه الفكرة وحاولت الكتبة وخرج الكتاب الى النور وهو يحمل عنوان الحر الشهيد اباءه وزراء وابناء شهداء واحفاده فقهاء والكتاب تشكل من ثلاثمائة صفحة تتحدث عن اباءه وهم وزراء في العصر الجاهلي في الدولة المنذرية لهم مجد تليد وعز مجيد وهو ابن وزراء وعنده ابناء شهداء يوم الطف اربعه واخوه مصعب ابن يزيد وثلاثة عشر من بني تميم بعد ذلك عنده فقها 37 فقيهة ظهروا من صلبه واثروا الطائفة الشيعية وتعجب المرحوم رحمته الله من البحث وقيل عن الكتابة انها بكر لن تتزوج.

ويعتبر المرحوم اية الله الشيخ باقر شريف القرشي شخصية علمية تفانت في نقل تراث اهل بيت النبوة ومهبط الرسالة الى المسلمين منذ اكثر من خمسين عاما، وعرف عنه التقوى والاخلاص والاخلاق الطيبة والدمثة، وكان رحمه الله كتلة من الحركة والعمل الدؤوب من اجل التثقيف ومن اجل نشر العلم والمعرفة. وهو من مواليد مدينة النجف الاشرف وقضى عمره الى جوار مرقد الامام علي عليه السلام عمره يناهز التسعين عاما.

المرجعية الشيرازية تنعى الفقيد

الى ذلك تقدم مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله الوارف في كربلاء المقدسة بخالص عزاءه إلى بقية الله الأعظم والمراجع العظام والحوزات العلمية بمناسبة رحيل الباحث والمفكر الإسلامي العلامة الحجة الشيخ باقر شريف القرشي قدس سره الذي وافته المنية في مدينة النجف الأشرف.

وفيما يلي نص برقية العزاء: في هذه الظروف العصيبة التي تمر بالأمة الإسلامية, وهي بأمس الحاجة لعلماء ربانيين مجاهدين, نفتقد اليوم علماً بارزاً من فطاحلها ومؤلفاً قديراً وهو سماحة المفكر الإسلامي العلامة الحجة الشيخ باقر شريف القرشي قدس سره.

وبهذه المناسبة نرفع أسمى آيات العزاء لبقية الله الأعظم والحوزات العلمية, راجين من المولى العلي القدير ان يقيِّض لهذه الأمة أمثال هذا العلم المفضال, حفظ الله الباقين وأطال أعمارهم الشريفة... واسكن الله الفقيد فسيح جنانه والهم ذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/حزيران/2012 - 28/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م