التضخم.. آفة الاقتصاد العراقي

زاهر الزبيدي

أنه بالطبع ليس تضخم الكبد أو الطحال أو حتى البروستات أعاذنا الله وإياكم من خطرها.. ولكنه مرض من أخطر الأمراض الاقتصادية والاجتماعية التي تعبث بجسد اقتصاديات البلدان وتنبئ بحدوث مشاكل وتأثيرات سيئة.. انه التضخم الاقتصادي الذي تشير دلائل كثيرة على إرتفاع نسبته في العراق خلال السنوات القليلة الماضية والذي وصل الى حد يفهمه الاقتصاديون بجداولهم وبياناتهم التي تنشر بين الحين والآخر وتقارير وزارة التخطيط/دائرة السياسات الأقتصادية بتقاريرها السنوية.. تقارير يفهمها واضعوها ولكن الغالبية المطلقة من أبناء الشعب العراقي ممن أرهقهم الركض وراء قوت يومهم وهم يعملون يوماً بيوم لايفهمون جدوى من تلك التقارير ولكن قد يهم البعض منهم أن تهمّ الحكومة جادةً في معالجة الأسباب التي تدفع بالتضخم الى أن يقفز ليدق عظامنا فهم، العراقيون، لا تهمهم التقارير ولكن تهمهم أكثر المعالجات التي تسعى الدوائر الاقتصادية الحكومية في البلد لإجرائها إبعاداً لهذا الخطر المحدق بجيوبنا وإيراداتنا.

قبل أربع أو خمس سنوات وتحديداً عندما بدأت الزيادة في رواتب الموظفين.. كانت سعادتنا بالغة ونحن نستلم رواتبنا لكون المبلغ الذي كنا نستلمه نرى فيه شيئاً نعرفّه، في العراق، بالبركة حتى بدأ أحدنا يغبط الآخر على راتبه الكبير وأخص بالذكر رواتب الهيئات التدريسية والعسكريين.. إلا أنه وبمرور الوقت بدأ الإحساس بأن الكتلة النقدية التي كنا نفرح بها قد فقدت بركتها وبدأت تتلاشى محدثة فراغاً كبيراً حتى قبل نهاية الشهر بعشرة أيام..لقد بدأ ارتفاع الأسعار يلتهم رواتبنا بشراهة ولم يعد الموظف الحكومي قادراً على مواكبة يومه إلا بشق الأنفس ولم تعد تنفع معه جدولة الصرفيات ولا التقنين ولا حتى التجاوز على بعض حلقات الصرف اليومي..

فنظرة واحدة على الأسعار لكافة المواد منذ 2004 ولغاية يومنا هذا نلاحظ الفرق الكبير في تلك الأسعار والذي قد يصل الى ثلاثة اضعاف مع ثبات في المرتبات الشهرية.

لقد دأبت الحكومات على معالجة التضخم بطريقين الأولى أن تضيف نسبة التضخم كزيادة مالية على رواتب موظفيها والثاني أن تضع المعالجات المهمة التي تسهم في إيقاف ارتفاعه من خلال جملة من الإجراءات الحكومية القومية التي تسهم في ذلك وأهمها الرقابة المشددة على الأسعار ومحاسبة من يساعد على ارتفاع بشكلها الجنوني هذا وذلك ما يسهم فيه تجارنا الذين ابتدعوا أكثر الطرق قابلية على شفط مدخولاتنا وبكافة الطرق متحججين بحجج على الحكومة إبطالها وتسهيل الطرق الاستيرادية ودعم البطاقة التموينية وإعادة العمل بالجمعيات التعاونية وتنشيط الأسواق المركزية..

على الحكومة تعمل على تشغيل المعامل والمصانع لتقلل من المبالغ المهدورة على الاستيراد.. نحن بحاجة الى سياسة إقتصادية جديدة ترسم لنا معالم المستقبل الحقيقي لا أن نترك شعباً بأكمله مرهوناً بأمزجة تجار القطاع الخاص الذين يصولون ويجولون في السوق بلا رقيب على تصرفاتهم التي الهبت السوق واصبحوا يتحكمون بأرزاقنا فالجميع يعرف في العراق أن كل زيادة تحصل في الرواتب.. يضع لها التجار الطرق الكفيلة بامتصاصها بذكاء وفطنة تغلب بذلك على تقاريرنا الاقتصادية وكل رسوماتنا البيانية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/حزيران/2012 - 28/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م