امراض وفايروسات تستهدف العالم المتمدن

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: سلالات جديدة من الفايروسات القاتلة وانواع مختلفة من الاوبئة اضافة الى الامراض المزمنة وامراض القلب والسرطان وغيرها مازالت مصدر قلق ومعاناة تعيق تقدم الحضارة الانسانية كونها تهدد اجيال كاملة من البشر بإصابات مرضية قد تفتك بالجنس البشري وتبيد قرى ومدن كاملة بأسرع مما يتصور وكما داب في العصور السالفة حينما كان ينتشر الوباء او الطاعون في منطقة او بلد م، خصوصاً وان التقدم العلمي الذي قلل كثيراً من تحكم تلك الاوبئة بمصائر الناس لم يستطع القضاء عليها بصورة تامة اضافة الى تحول بعض تلك الفايروسات الى سلالات جديدة اشد واقوى من سابقاتها بفعل عوامل مختلفة لعل تدخل الانسان المباشر وغير المباشر من اهمها.

وقد تضافرت الجهود الصحية ذات النطاق الاممي وعلى مستوى المنظمات الدولية والدول المتقدمة من اجل الحد من تفاقم الوضع الصحي والذي يعد مأساوياً في كثير من الدول الفقيرة –على الرغم من عدم اقتصارها على تلك الدول الفقيرة- والتي تحولت الى بيئة مثالية لانتشار وتحول تلك الامراض والفايروسات الخطيرة سيما وان الحدود المفتوحة وتداخل الخطوط التجارية والاقتصادية والسياحة ووسائل النقل السريع وغيرها كلها عوامل سهلت انتقال الامراض بسرعة كبيرة بين الدول وبالتالي عدم السيطرة عليها.

منظمة الصحة العالمية تحذر

فقد قدمت بيانات صحية صدرت مؤخراً أوضح دليل حتى الآن على انتشار الأمراض المزمنة مثل البول السكري وأمراض القلب من الدول المتقدمة إلى المناطق الفقيرة مثل افريقيا حيث تتغير أنماط الحياة والنظم الغذائية، وأظهرت بيانات الأمم المتحدة إن واحدا من كل ثلاثة بالغين في جميع أنحاء العالم عانى ارتفاعا في ضغط الدم -سبب حوالي نصف الوفيات الناجمة عن الجلطة وأمراض القلب- وتؤثر هذه الحالة على حوالي نصف السكان البالغين في بعض البلدان في أفريقي، وفي تقريرها السنوي عن الصحة في العالم قالت أيضا منظمة الصحة العالمية ومقرها جنيف إن واحدا بين كل 10 أشخاص بالغين في جميع أنحاء العالم يعاني مرض البول السكري وهو المرض الذي يتكلف علاجه مليارات الدولارات ويجعل المصابين عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والفشل الكلوي والعمى، وذكر التقرير أن المعدل العالمي لانتشار مرض السكري حوالي 10 بالمئة لكن ما يصل إلى ثلث عدد السكان في بعض بلدان جزر المحيط الهادي يعانون هذا المرض. بحسب رويترز.

ويعتقد في كثير من الأحيان أن الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والسرطان من الأمراض التي تؤثر على الناس في المقام الأول في الدول الغنية حيث الوجبات الغذائية عالية الدهون واستهلاك الكحول والتدخين هي المخاطر الصحية الرئيسية، لكن منظمة الصحة العالمية تقول إن حوالي 80 بالمئة من الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض تحدث الآن في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وفي افريقيا يؤدي ارتفاع معدلات التدخين والتحول إلى الوجبات الغذائية على النمط الغربي وانحسار ممارسة الرياضة إلى زيادة سريعة في الاصابة بما يسمى الأمراض غير المعدية، ومن المتوقع أن تفوق غيرها من الأمراض القاتلة الأكثر شيوعا بحلول عام 2020، وقالت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارجريت تشان في بيان مع التقرير "هذا التقرير دليل آخر على زيادة كبيرة في الظروف التي تؤدي إلى أمراض القلب والأمراض المزمنة الأخرى لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل"، وأضافت "في بعض البلدان الأفريقية يعاني نصف السكان البالغين ارتفاعا في ضغط الدم".

والتقرير الإحصائي لمنظمة الصحة العالمية هذا العام هو الأول الذي يشمل بيانات من جميع البلدان الأعضاء البالغ عددهم 194 دولة عن النسبة المئوية للرجال والنساء ممن يعانون ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع مستويات السكر في الدم وهو عرض من أعراض البول السكري، ولم يدرس هذا التقرير الأسباب وراء صعود أو هبوط الأرقام لكن سعى لاعطاء لمحة سريعة عن أهم الأمراض والمخاطر الصحية التي تؤثر على سكان العالم، وقالت منظمة الصحة العالمية انه في الدول الغنية حد انتشار التشخيص والعلاج منخفض التكلفة بشكل كبير من متوسط ​​قراءات ضغط الدم وساهم هذا في الحد من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب، لكن في افريقيا يعاني أكثر من 40 بالمئة والبعض يقول 50 بالمئة من البالغين في العديد من البلدان ارتفاعا في ضغط الدم، وذكر التقرير أن معظم هؤلاء الناس لا يتم تشخيص حالتهم ومن ثم يمكن علاج كثير منهم بأدوية رخيصة وهو تدخل من شأنه أن يقلل خطر الوفاة والعجز الناجم عن أمراض القلب والسكتة الدماغية، وقالت منظمة الصحة العالمية إن السمنة قضية رئيسية أخرى وتظهر البيانات أن معدلات البدانة تضاعفت في كل مناطق العالم بين عامي 1980 و 2008.

عودة الملاريا إلى جنوب افريقيا

الى ذلك قد يؤدي الاحترار المناخي إلى ارتفاع عدد حالات الملاريا التي كان قد تم القضاء عليها بشكل شبه نهائي في جنوب إفريقيا، بحسب ما أظهرت دراسة لليونيسف، واستندت الدراسة إلى أن معدل الحرارة قد يرتفع في البلاد من 1،1 إلى 2،4 درجات مئوية بحلول العام 2060 على أن يختلف تأثيره مع اختلاف المناطق، وذكرت الدراسة أنه في ليمبوبو ومبومالانغا وغوتنغ التي تقع كلها في شمال البلاد "قد ينجم ارتفاع حالات المالاريا عن ارتفاع طفيف في درجات الحرارة وفي عدد الأيام الحارة في السنة بالاضافة إلى كثافة الأمطار وتدهور البنى التحتية الصحية بشكل يعزز ركود المياه"، وقد يؤدي الاحترار المناخي إلى تعريض الأطفال بشكل أكبر لأمراض مثل الكوليرا والزحار وإلى تفاقم المشاكل التنفسية وزيادة خطر الفيضانات والأضرار اللاحقة بالمدارس والطرقات نتيجة الأمطار الغزيرة، بحسب الدراسة الني تعتبر من الدراسات النادرة التي تحاول تحديد تأثير المناخ على الأطفال، إلى ذلك، فإن محاولة العائلات ولا سيما الأمهات للتأقلم مع التغيرات الاقتصادية الناجمة عن الاحترار المناخي قد تؤدي إلى تغيب الأهل عن المنزل وبالتالي إلى توجه الفتيات إلى الأعمال المنزلية بدلا من اللعب والدراسة، وتشير اليونيسف إلى أن "الأطفال يغيبون بشكل عام عن معظم برامج حكومة جنوب إفريقيا الهادفة إلى مكافحة التغير المناخي"، إلا أن وزير الصحة اتخذ تدابير استعدادا لعودة الملاري، وبحسب منظمة الصحة العالمية، تنتشر الملاريا في جنوب إفريقيا من تشرين الأول/أكتوبر إلى نيسان/أبريل في الأقاليم الحدودية الثلاثة التابعة لموزمبيق وسوازيلاند، ولكن عدد الوفيات انخفض بشكل ملحوظ (45 حالة وفاة سنة 2009)، ويعتبر 4% فقط من السكان معرضين لخطر الإصابة بالملاريا بشكل كبير و6% منهم معرضين بشكل طفيف فيما يعيش 90% من

السكان في مناطق خالية من الملاريا. بحسب فرانس برس.

وتقضي الملاريا على أكثر من 1،2 مليون شخص سنويا حول العالم، أي أكثر من المقدر سابق، وبخلاف الأفكار السائدة تسجل وفيات أكبر بين البالغين، على ما بينت دراسة نشرت في المجلة الطبية "ذي لانست"، لكن الدراسة تحمل أيضا أخبارا سارة، فمعطياتها تشير بوضوح إلى انخفاض في عدد الوفيات، ويعود ذلك إلى الجهود المبذولة خلال السنوات العشر الماضية (الناموسيات المشبعة بالمبيدات الحشرية وتحسين العلاجات...)، على ما يوضح فريق البروفسور كريستوفر موراي من جامعة واشنطن في سياتل، وكان معدو الدراسة قد جمعوا بصورة منهجية البيانات المتوافرة حول الوفيات الناجمة عن الملاريا من العام 1980 إلى العام 2010، كما أحصوا 1،2 مليون وفاة في العام 2010 أي ضعفي العدد الذي كانت قد سجلته منظمة الصحة العالمية في العام نفسه وهو 655 ألف وفاة، ويعيد الباحثون الأرقام المرتفعة إلى استخدامهم عددا أكبر من البيانات التي تتضمن تقنية يطلق عليها تسمية "تشريح شفهي" تقوم على استجواب مقربين من شخص توفي مؤخرا بهدف المساعدة في تحديد سبب وفاته، ففي بلدان عدة تعاني من نقص في البنى التحتية الطبية وفي سجلات الأحوال الشخصية، غالبا ما تحدد أسباب الوفيات بشكل غير دقيق، ويوضح الباحثون أن وفيات الأطفال الصغار تشكل نسبة الوفيات الأكبر الناجمة عن الملاريا، لكن عدد الوفيات المسجلة بين البالغين (15 عاما وما فوق) يأتي مرتفعا مع نسبة 42 % من مجموع الوفيات، وكانت نسبة الوفيات الناجمة عن الملاريا قد سجلت ارتفاعا سنويا ابتداء من العام 1985، لتبلغ ذروتها في العام 2004 مع 1،8 مليون وفاة، لكنها راحت تنخفض سنويا ابتداء من العام 2004، وهذا الانخفاض في نسبة الوفيات الذي سجل خصوصا في إفريقيا، أتى بارزا بين العامين 2007 و2010.وأتى الانخفاض بين العام 2004 والعام 2010 بنسبة 32%، وفي العام 2010، سجلت 700 ألف حالة وفاة ناجمة عن الملاريا، بين الأطفال الأفارقة ما دون الخامسة (56 % من مجموع الوفيات)، أي مع انخفاض في عدد الوفيات بلغ حوالى 350 ألف وفاة منذ الذروة التي سجلت في العام 2004، ويشدد معدو الدراسة على أن الجهود الهادفة إلى القضاء على الملاريا يجب أن تتابع بدعم من المانحين.

مكافحة الإيدز والسل والملاريا

من جهة اخرى أكدت منظمة الصحة العالمية إحراز تقدم ملحوظ في عام 2011 في عدد من المجالات، خاصة تلك المتعلقة بمكافحة أمراض الإيدز والسل والملاريا، ولكنها أبدت قلقها حيال تجارب أخيرة أجرتها بعض مراكز الأبحاث على فيروس أنفلونزا الطيور، محذرة من عواقبها السلبية المحتملة، وقالت المنظمة إنها تمكنت من تسجيل تراجع كبير في عدد الوفيات وعدد حالات العدوى الجديدة من أمراض الإيدز والسل والملاريا خلال 2011، ولفتت، في إطار تقييمها لمحصلة العام، إلى أن السنة الجارية "اتسمت بالزلازل وبالموجات المدية العملاقة (تسونامي) وبالدمار الذي لحق بمنشآت الطاقة النووية في اليابان،" كما أدت الصراعات إلى تدمير الخدمات الصحية، ما رفع من الاحتياجات والمتطلبات الصحية في بعض البلدان، ولاسيما في ليبي، وأعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من دراسات وتجارب قامت بها مؤسسات بحثية لمعرفة ما إذا كانت التغيرات التي تطرأ علي فيروس H5N1 المعروف بأنفلونزا الطيور يمكن أن تجعله أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، لما تمثله هذه التجارب من أخطار محتملة على الصحة العامة، وأشارت إلى أن الأبحاث التي يمكن أن تقدم فهما أفضل وأكبر لهذا الفيروس يمكنها أن تستمر ولكن التجارب التي تمثل زيادة في خطورة الفيروس يجب أن تتوقف على الفور وأن يتم تقدير وتحديد فوائد وأضرار التجارب قبل البدء بها. بحسب سي ان ان.

وكانت هيئة أمريكية معنية بالأمن الصحي قد طلبت مؤخراً من مراكز علمية، كانت تعتزم نشر تقرير حول سلالة جديدة وقاتلة من أنفلونزا الطيور جرى تصنيعها في المختبرات، وقف عرض ما لديها من معلومات، وذلك خشية تسرب بعض التفاصيل التي قد تعتبر خطيرة، فقد قام مختبر هولندي وآخر أمريكي بتصنيع سلالة جديدة من فيروس H5N1 لديها قدرة فائقة على الانتشار السريع والتسبب بالوفاة، وذلك بموجب أبحاث على حيوانات من فصيلة النمس التي تتشابه استجابة أجسامها للأنفلونزا مع استجابة البشر، وكان من المقرر أن يقوم المختبر الهولندي بنشر تقرير عن التجربة في دورية "العلوم" على أن ينشر نظيره الأمريكي تقريره في دورية "الطبيعة،" ولكن المجلس الاستشاري الطبي لشؤون الأمن الصحي، وهو هيئة مستقلة تقدم المشورة لوزارة الصحة الأمريكية، عبرت عن مخاوفها حيال كشف السرية عن بعض المعلومات في التقريرين، وقال بول كيام، أحد أعضاء المجلس الذي اطلع على التقارير: "لا نعتقد بأن تلك التقارير يجب أن تنشر بالشكل الذي رأيناها عليه، كما يجب حذف ما يتعلق بالأساليب المستخدمة والنتائج كي نمنع أي شخص من محاولة تكرار التجارب"، وقال كيام إن نشر التقارير لا يرتب تبعات قانونية، ولكنه أضاف أن معدل الوفاة نتيجة الفيروس الذي توصل العلماء إلى تصنيعه يبلغ 60 في المائة، وهي نسبة مرتفعة جداً ولا يمكن تفسيرها حالياً، ما يبرر القلق حيال نشر معلومات عنه.

مبادرة دولية

فيما أعلن مؤخراً عن مبادرة دولية واسعة النطاق تضم شركاء من القطاعين الخاص والعام من بينهم مؤسسة بيل وميليندا غيتس، تهدف إلى القضاء على عشرة أمراض مدارية نادرة، وفي إطار المبادرة، وعد قطاع الصيدلة بتقديم 14 مليار علاج للمساعدة على القضاء على الأمراض المدارية المهملة، وبغية تحقيق النتائج الفضلى، ستتركز هذه الهبة على الأمراض المدارية المهملة التسعة التي تمثل أكثر من 90% من هذه الأمراض في العالم، وتطال الأمراض المدارية مليار شخص على الأقل في العالم، أي شخصا واحدا من سبعة. وتودي كل سنة بحياة مليون فقير يعيش معظمهم في مناطق مدارية وشبه مدارية أو تسبب لهم إعاقات، ومن بين الأمراض المدارية المهملة داء الخيطيات اللمفاوية الذي يهدد أكثر من 1،3 مليارات شخص ويتسبب بتشوهات كبيرة للمصابين به، ومرض النوم (داء المثقبيات الإفريقي البشري) الذي تنقله ذبابة التسي تسي والذي يؤدي إلى الوفاة بسبب غياب العلاج المناسب، وقد وعدت 13 مختبرات صيدلانية بتقديم هبات دعما للمبادرة، وبالتالي، التزمت مختبرات "سانوفي" بالشراكة مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس بتوزيع علاجات لثلاثين مليون شخص في العامين 2012 و2013.أما مختبرات "نوفارتيس" السويسرية فوعدت بتجديد التزامها بالقضاء على الجذام، وذلك عبر تقديم هبة من العقاقير تقدر قيمتها بـ22،4 مليون دولار وتسمح بمعالجة 850 ألف شخص، ووعدت مؤسسة بيل وميليندا غيتس بتقديم 363 مليون دولار على مدى خمس سنوات بغية المساهمة في شراء العقاقير وتمويل الأبحاث حول هذه الأمراض. بحسب فرانس برس.

القضاء على الأمراض "المهملة"

في سياق متصل ستتصدر عشرة أمراض -غير معروفة جيدا ولكنها تتسبب في الكثير من المشاكل الصحية- أولويات جدول أعمال شركات الأدوية الرائدة في العالم، ووزراء الصحة، والحكومات المانحة بعد أن تعهدوا بتقديم الدعم لمبادرة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الأمراض "المهملة" ومن بينها داء التنينات (الدودة الغينية)، وداء كلابية الذنب (العمى النهري)، والتراخوما المسبّبة للعمى، والجذام، والبلهارسيا والديدان المعوية، وفي هذا السياق، قالت كارولين أنستي، العضو المنتدب للبنك الدولي، للوفود المشاركة في الاجتماع الذي عقد في لندن "نحن لا نتحدث حقيقة عن الأمراض المهملة وإنما نتحدث عن أناس مهملين، وأعتقد أن هذا أمر أساسي يتعلق بمسألة ما إذا كنا نقدره هؤلاء الناس أم لا وإلى أي مدى"، وقد تعهد المشاركون في 30 يناير بدعم برنامج منظمة الصحة العالمية لمكافحة واستئصال تلك الأمراض بحلول عام 2020 حيث قدموا وعوداً بإجراء المزيد من الأبحاث وتقديم المزيد من العقاقير المجانية، وبدورها تعهدت الحكومات المانحة وعدد من الفاعلين في المجال الخيري، ومن بينهم بيل غيتس، بدعم عمليات توزيع العقاقير وتعزيز النظم الصحية للبلدان المتضررة لتشغيل برامج مكافحة واستئصال هذه الأمراض، وحضر الاجتماع وزراء الصحة لكل من موزنبيق، وبنجلاديش، والبرازيل.

ويعتبر العمل على مكافحة تلك الأمراض أمراً محبطاً لأنها ليست أمراض غير قابلة للشفاء، فالعقاقير اللازمة لعلاجها موجودة ولكنها إما باهظة الثمن أو محدودة الكمية أو متوفرة في شكل يصعب استخدامه، لذا كان المفتاح الرئيسي لهذه المبادرة هو قيام المنظمين، وخاصة بيل غيتس، بإشراك شركات الأدوية فيه، وفي هذا السياق، قال غيتس أن "موردي الأدوية على استعداد للمشاركة بسخاء، لكنهم بحاجة لمعرفة أن هناك خارطة طريق مصممة من طرف منظمة الصحة العالمية، إنهم بحاجة إلى معرفة أن هناك تمويلاً لتقديم الدواء يأتي من قبل بعض الجهات مثل وزارة التنمية الدولية البريطانية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، كما أنهم بحاجة للتأكد من أن الدول المعنية ستقوم بتنسيق نظمها الصحية للتأكد من أن جميع الأدوية تصل بالفعل إلى المحتاجين إليها"، وقد تعهدت مؤسسة بيل وميليندا غيتس بتقديم 340 مليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة بحيث يتم تخصيص جزء من هذا المبلغ لتمويل الأبحاث في مجال التوصل إلى علاج أفضل والجزء الآخر لتمويل برامج توزيع العقاقير، ولقد نجح غيتس في إقناع الشركات بالقيام بما لم يكن ليخطر على بالهم أبداً في الأحوال العادية مثل منح منتجاتهم بدون مقابل، وقد قام هارو نايتو، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة إساي اليابانية، التي تقوم بإنتاج العقاقير المستخدمة في علاج مرض الفيلاريا الليمفاوية المعروف باسم داء الفيل، بالتعليق على الموضوع بقوله: "إن شركتنا ستقوم بإنفاق نحو 35 مليون دولار لتمويل هذا المشروع، فكيف يمكن لنا إقناع مساهمينا؟، حسناً، نقول لهم أن ذلك سيكون استثماراً طويل الأجل للناس، والمجتمعات، واقتصاديات الدول النامية من أجل النهوض بها حتى تصبح من البلدان متوسطة الدخل في المستقبل". بحسب ايرين.

وشكلت البحوث المشتركة القضية الأكثر تحدي، حيث قال كريستفور فيباكير، مدير شركة سانوفي، التي تجري أبحاث حول إيجاد عقاقير أكثر تطوراً لعلاج مرض النوم: "نحن شركات متنافسة، وليس من السهل علينا أن نعمل معاً تجاري، وأنتم الآن تتحدثون حول البحوث والتنمية حيث تكمن فيهما حقيقة الأسرار الأساسية للشركات، إن تبادل معلومات مركباتنا الكيميائية أمر في غاية الصعوبة، ولكننا استطعنا بسبب الحاجة الملحة فقط أن نعمل سويا، وتلك هي النقطة التي لعب بيل غيتس دوراً حاسماً في تحفيزه، وفي المقابل، كانت هناك تحذيرات من أن توفير العقاقير المجانية والمناسبة بكميات غير محدودة لن يكون كافيا في حد ذاته، حيث قال دانيال بيرمان، من منظمة أطباء بلا حدود أنه بينما كانت منظمته مسرورة من حصول هذه الأمراض المهملة أخيرا على مزيد من الاهتمام إلا "إننا قلقون من احتمال التغاضي عن التحديات التي تطرحها بعض هذه الأمراض"، واستشهدت منظمة أطباء بلا حدود بمثال مرض النوم الذي تم القضاء عليه بالفعل في بداية الستينات ولكنه عاد بشدة في التسعينات حيث لم تكن جهود القضاء عليه مستدامة، وكان القضاء على المرض يحتاج إلى مزيد من التركيز على دعم برامج الوقاية والعلاج والقدرة على مراقبته في البلدان المتضررة.

وفي خطاب إلى مجلة اللانسيت الطبية في لندن، أثار اثنان من الأكاديميين، وهما تيم ألين من كلية لندن للاقتصاد وميلسا باركر من جامعة برونيل، قضية أخرى تتمثل في المشكلات العملية المرتبطة بالعلاج الجماعي، إذ أن مكافحة العديد من تلك الأمراض أو القضاء عليها يتطلب معالجة قرى بأكملها وتقديم العلاج - حتى لغير المصابين- مرات عديدة في بعض الأحيان من أجل استئصال بؤر العدوى، وقد وجدا أن الناس في تنزانيا حيث تم تقديم هذا النوع من البرامج كانوا غالبا من متشككين وعدائيين"، وبعد تنظيم عدة جولات لتقديم العلاج الجماعي لمرض الفيلاريا اللمفاوية (الفيل)، لم تكن الغالبية العظمي من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم على دراية بالعلاقة بين المرض والبعوض، وفي أحسن الأحوال كان هناك فهم محدود للغاية لأسباب العلاج الجماعي، فقد استفسر المستهدفون عن أسباب اضطرار الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أية أعراض واضحة للمرض لتناول أقراص العلاج، ولم يكن من الغريب أن تنتشر الشائعات حول الغرض الحقيقي من تناول هذا الدواء"، وقد تعرض بعض المشاركين في إدارة البرنامج للمطاردة والضرب واستلزم الأمر إنقاذهم بواسطة الشرطة، وتوصل الباحثون في النهاية إلى أن "تقديم العقاقير المجانية والمدعومة يخلق فرصة سانحة لإحداث فرق هائل، ولكن توفير العلاج ذاته ليس كافيا في حد ذاته".

خارطة أرصاد جوية

على صعيد مختلف، أين ومتى سيستشري وباء حمى الضنك في العالم؟ قد تأتي الإجابة عن هذا السؤال من السماء أو بالتحديد من الأقمار الاصطناعية التي ستسعى إلى ضع "خارطة ارصاد جوية" خاصة بالبعوض التي تنقل هذا الفيروس الفتاك إلى الإنسان، وفي هذا السياق، تتعاون وكالة الفضاء الفرنسية مع مختبرات "سانوفي باستور" المتخصصة في اللقاحات التابعة للشركة الصيدلانية "سانوفي أفينتيس" والتي تعمل على استحداث لقاح ضد هذا المرض المستشري في العالم، في إطار مشروع تجريبي يرمي إلى رسم خريطة بالمناطق المهددة بحمى الضنك، وأوضح أوليفيير شارميل المدير التنفيذي في مختبرات "سانوفي باستور" قائلا "من شأن استخدام الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية لفهم عوامل الخطر أن يسمح باستباق الاوبئة والتحضير لمواجهتها بصورة أفضل"، وصحيح ان قدرات الأقمار الاصطناعية تصقل باستمرار، غير أنها لا تزال عاجزة من الفضاء عن تحديد أسراب البعوض التي تنقل الفيروس الذي يسبب حمى الضنك. بحسب فرانس برس.

لكن عند تدعيم هذه الصور بمعطيات بيئية ومناخية وصحية جمعت على الارض خلال السنوات الأخيرة، يظن العلماء انه في مقدورهم تحليل طريقة انتشار أوبئة حمى الضنك، على حد قول مورييل لافاي المسؤولة عن البرنامج الخاص بحمى الضنك في وكالة الفضاء الفرنسية، وفي غياب اللقاح، يبقى السبيل الوحيد لمكافحة هذا المعرض هو القضاء على البعوض، وحتى بعد التوصل الى لقاح ستبقى هذه الخرائط مفيدة جدا لمكافحة هذا الوباء، وصحيح أن حملات التلقيح الواسعة النطاق هي من دون شك أسهل وسيلة للقضاء على المرض بيد انها تستغرق سنوات طويلة لتنجز وفق الأصول، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن 2،5 مليار شخص أي 40% من سكان العالم معرضون لخطر الإصابة بحمى الضنك، ويصيب هذه المرض الذي تسببه أربعة انواع مختلفة من الفيروسات، 50 و 100 مليون شخص في العالم عموما وفي المناطق المدارية وشبه المدارية خصوصا بالإضافة إلى أوروبا حيث شخصت أولى الحالات في العام 2010 في جنوب شرق فرنسا وكرواتيا.

البول السكري في الصين

فيما أظهرت دراسة شملت الالاف من سكان شنغهاي أن الاصابة بمرض البول السكري من النوع الثاني الاكثر شيوعا تتزايد بشكل حاد في الصين اذ ارتفعت بنسبة 30 بالمئة في سبع سنوات فقط، وقال الباحثون إن الدراسة التي نشرت في دورية العناية بالسكري (Diabetes Care) تظهر أن لعنة الثراء يبدو أنها تؤثر على الصين كما فعلت بالعديد من البلدان النامية الاخرى ويزداد هذا التأثير بسرعة كبيرة للغاية، وكتب الباحث روي لي الذي اشرف على البحث من مركز بلدية شنغهاي لمكافحة الامراض والوقاية منها "خلافا للانتقال التدريجي في معظم البلدان الغربية فقد حدثت هذه التغيرات في الصين على مدى فترة زمنية قصيرة جدا"، ومرضى البول السكري من النوع الثاني يعانون صعوبة في معالجة السكر في الدم لكن ذلك لا يتطلب عادة الانسولين للسيطرة على هذه الحالة، وعندما تصبح البلدان أكثر ثراء تصبح عوامل نمط الحياة المرتبطة بمرض السكري من النوع الثاني - مثل زيادة الوزن والنظم الغذائية غير الصحية وقلة النشاط البدني - أكثر شيوع، واجرى فريق البحث مقابلات مع أكثر من 12 الف شخص في عامي 2002 و 2003 وسأل اذا ما كان قد تم تشخيص اصابتهم بمرض السكري من النوع الثاني. وفحصوا أيضا اشخاصا لم يتم تشخيص اصابتهم بمرض السكري من قبل. بحسب رويترز.

وفي ذلك الوقت وجدوا أن 9.7 بالمئة من الناس يعانون مرض البول السكري، وفي عام 2009 فحصوا حوالي 7400 شخص مرة أخرى ووجدوا أن 12.6 في المئة يعانون المرض، وكان الارتفاع أكبر بين سكان المناطق الريفية الذين شملتهم الدراسة اذ زادت من 6.1 بالمئة الى 9.8 بالمئة أي بزيادة قدرها 60 بالمئة، وقال جيفري كوبلان نائب رئيس جامعة ايموري للصحة العالمية وهو لم يشارك في الدراسة "هذه زيادة ملحوظة في سبع سنوات"، وكتب الباحثون أن معدل انتشار مرض السكري أعلى بين الرجال وسكان المناطق الحضرية في الدراستين لكن الزيادة بين سكان المناطق الريفية كانت أكثر وبدت اسرع في "الشباب الاصغر سنا"، ولم تتطرق الدراسة لتحديد الاسباب التي أدت الى زيادة الاصابة بمرض السكري وقال كوبلان انه قد يتكهن فقط بالسبب رغم التوثيق الجيد لمسألة أن الناس يزدادون ثراء ووزنا في الصين، فضلا عن ذلك تحتوي الوجبات الغذائية على المزيد من الدهون غير المشبعة، وأضاف أن الناس أصبحوا أيضا أكثر اعتمادا على السيارات وأقل ميلا الى المشي أو ركوب الدراجة، وقال كوبلان "كل هذه العوامل ساهمت في زيادة انتشار مرض السكري من النوع الثاني".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/حزيران/2012 - 25/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م