حرائق قطر... هل رد على الدوحة بضاعتها؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تضاربت الأنباء حول طبيعة الحرائق التي شهدتها قطر مؤخرا، خصوصا بعد ان لحظت تسريبات تفيد حول وجود جهات تقف وراء ما حدث، عللها بعض المراقبين بعمليات انتقامية لسياسة قطر في بعض دول المنطقة ودور النظام الحاكم المشبوه في اثارة العنف والصراعات.

وتسعى قطر الصغيرة الى التعتيم قدر الامكان على بعض الاضطرابات الداخلية التي تسبب بها صرعات سياسية داخل اروقة البلاط الاميري، خصوصا بعد ان كشفت بعض وسائل الاعلام الغربية عن فشل محاولة انقلاب دامية تم احباطها بمعونة القوات الامريكية الرابضة على ارض تلك الدولة.

فيما نشر بيان تبنته جماعة تطلق على نفسها معارضة تعلن مسؤوليتها عن اعمال العنف المتكررة في داخل قطر، متوعدة ما اسمته السلطة الغاشمة بتسديد ضربات موجعة للسلطة حتى تتمكن من اسقاطها، فيما التزمت الدوحة الصمت حيال ذلك البيان.

وكان الرئيس السوري بشار الاسد قد توعد أمير قطر في رسالة مسربة بإشعال الارض تحت قدميه ان لم يكف عن دعم الجهات الارهابية التي تقاتل الجيش السوري بحسب ما نقل، مؤكدا على امتلاك سوريا لمقاتلين اشداء داخل قطر.

ذهول وتساؤلات

فقد ودعت عائلات الضحايا الذين قضوا نحبهم في حريق مركز فيلاجيو التجاري في الدوحة، ابناءها في جنازتين جماعيتين للمسلمين والمسيحيين فيما يتم تسفير قسم من الضحايا الى بلدانهم، بحسبما افاد مصدر رسمي. ويسود الذهول ازاء هذه المأساة التي اودت بحياة 19 شخصا بينهم 13 طفلا دون الخامسة.

وتجمع اكثر من الفي شخص من مختلف الجنسيات تحت اشعة الشمس الحارقة للصلاة على جثامين اربعة مسلمين من ضحايا الحريق فيما ستقام صلاة للضحايا المسيحيين في وقت لاحق في مجمع الكنائس في الدوحة على ان يدفن عدد منهم على الارض القطرية ايضا.

وتقدم المشيعون وزير الدولة للداخلية وقيادات الدفاع المدني وافراد من الجاليات الجنوب افريقية والمغربية والايرانية، فالضحايا الاربع الذين صلي على جثامينهم في جامع مسيمر قبل ان يدفن ثلاثة منهم في مقبرة مجاورة، هم طفل ومدرسة من جنوب افريقيا وعنصران من الدفاع المدني، مغربي وايراني.

وقال وزير الدولة عبد الله بن ناصر ال ثاني "غدا سيتم الاعلان عن اسباب الحادث"، فيما اكد الشيخ الذي ام الصلاة ان الضحايا "شهداء وابطال". وكشف النقيب مبارك البوعينين رئيس القسم الاعلامي في وزارة الداخلية عن تفاصيل جنسيات ضحايا الحريق الذي اسفر ايضا عن مقتل اربع مدرسات حوصرن مع الاطفال في حضانة داخل المول، اضافة الى اثنين من عناصر الدفاع المدني.

وفيما تعم قطر حالة من الذهول، بدأ التحقيق في ملابسات المأساة وسط تساؤلات حول معايير السلامة والشفافية في هذا البلد الغني الذي يسعى الى مركز عالمي.

وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صور الضحايا الاطفال، لاسيما النيوزيلانديين التوائم الثلاثة الذين لم يتجاوز عمرهم الثلاث سنوات. وقالت اذاعة نيوزيلندا ان الضحايا الثلاث هم ليلي وجاكسون وويلشر ويكس.

وذكر طارق بايزلي وهو صحافي نيوزيلندي يقيم في قطر وكان في المركز التجاري عند نشوب الحريق ان الموظفين لم يكونوا مستعدين لحالة طارئة كهذه. وقال الصحافي لاذاعة نيوزيلندا "لم يكن هناك اي تخطيط او تنسيق لاجلاء الاشخاص الموجودين".

وشب الحريق عند الساعة 11,30 (08,30 ت غ) في مركز فيلاجيو الذي يعد من اشهر المولات في منطقة الخليج ويضم متاجر ومطاعم ودور سينما وفيه اقنية مائية للقيام بنزهات في وارق.

وعاشت قطر ساعات طويلة من الغموض بعد اندلاع الحريق، وسط تعتيم شبه كامل على المعلومات ما فتح الباب واسعا امام انتشار الشائعات. وكان وزير الدولة للشؤون الداخلية اعلن في مؤتمر صحافي ان "احدا لا يستطيع الجزم باسباب اندلاع الحريق، الا ان النيابة العامة والجهات المعنية المختصة ستباشر التحقيقات للتوصل إلى أسبابه، وهو ما سوف يفصل فيه القضاء، وبالطبع سيحاسب كل من قصر في هذا الحادث".

وشكل ولي العهد تميم بن حمد ال ثاني لجنة للتحقيق في المأساة فيما اغلق المول حتى اشعار آخر للتصليح والتحقيق. وافادت صحف عن توقيف شخصين من ادارة المول للتحقيق.

والغالبية العظمى من سكان قطر البالغ عددهم 1,7 مليون نسمة من الوافدين. وفتحت الكارثة الباب واسعا امام تساؤلات حول معايير السلامة في هذا البلد الذي يحقق معدلات نمو مذهلة وتعلو فيه الابراج بسرعة ويستعد لاستقبال كاس العالم لكرة القدم في 2022.

وكتب صالح بن عفصان الكواري رئيس تحرير صحيفة الراية "حقيقة فان الحادث مؤسف، وينم عن قصور فاضح في إجراءات السلامة والأمن بالمجمعات التجارية التي يتوجب عليها أن تتخذ من وسائل الحيطة والسلامة ما يجنب زوارها والمترددين عليها من المتسوقين مثل هذه الحوادث الاليمة ويجنبها هي نفسها الخسائر المادية والمساءلة القانونية والنيل من سمعتها".

واضاف "انه الاهمال الذي يشبه القتل العمد".

بدوره انتقد الكاتب صادق محمد العماري في الصحيفة نفسها التعتيم الرسمي على الحقائق.

وقال "ابسط قواعد الشفافية تقضي بعدم فرض حالة التعتيم الاعلامي على مثل هذه الحوادث المأساوية، فالمشاهد التي لم يذعها تلفزيون قطر وجدت طريقها على تلفزيونات دول أخرى". واضاف "ان المعلومات التي لم يتم نفيها بعد سبع ساعات من اطلاقها لا يمكن تغيير تأثيرها في نفوس من صدقوها".

توقيف مسؤولين

الى ذلك امرت السلطات القضائية القطرية ليل الثلاثاء الاربعاء بتوقيف صاحب مركز فيلاجو التجاري ومسؤولين فيه. وذكرت وكالة الانباء القطرية ان علي بن فطيس المري النائب العام "امر بحبس كل من مالك مجمع فيلاجو ومالكة الحضانة بالمجمع ومدير المجمع ونائبة المدير ومساعد مدير أمن فيلاجو وذلك في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن حريق مجمع فيلاجو الذي وقع". واضافت الوكالة "كما أمر النائب العام بضبط واحضار كل من مدير أمن فيلاجيو ومسؤول التراخيص بالوزارة المختصة وآخرين وردت اسماؤهم أثناء التحقيق".

حريق كلية الطيران

كما اندلع حريق في كلية للطيران ومدرسة للفتيات في قطر بعد يوم من حريق بمركز تجاري مما. وقال مسؤولون إن حريقا صغيرا اندلع في كلية قطر لعلوم الطيران وقالت رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي إن حريقا آخر أخمد في مدرسة فاطمة بنت الوليد بن المغيرة بالدوحة.

وقال ممثل لكلية الطيران "كان هناك حريق ولكنه كان محدودا.. تم إطفاؤه" مضيفا أن سبب الحريق هو تماس كهربائي فيما يبدو. وقال مدير الكلية اللواء علي المالكي إنه لم تقع إصابات في الحريق الذي اندلع في الطابق الأرضي.

وأثارت تلك الحرائق تساؤلات بشأن حقيقة اسباب تكرار الحرائق في الدوحة، وقال مقال افتتاحي في صحيفة جلف تايمز اليومية التي تصدر بالانجليزية "الحريق... واحد من أسوأ المآسي التي تشهدها قطر التي تعيها الذاكرة وتبرز ضرورة أن تكون للسلامة أولوية قبل أي شئ عندما يتعلق الأمر بطموح البلاد في المستقبل."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/حزيران/2012 - 14/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م