الأخطاء القاتلة لأحزاب العراق

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يستطيع المتابع المعني أن يكتشف بسهولة، جملة من الأخطاء الجوهرية التي ارتكبتها الاحزاب السياسية في العراق، وهي تتحرك وتنشط في تأسيس وإدامة العملية السياسية منذ ما يقرب من عشر سنوات مضت، وقد أدت تلك الاخطاء - ولا تزال- الى خلق أرضية سياسية هشة، تشبة - مجازا- الرمال المتحركة التي يمكن أن تبتلع من يتحرك فوقها في أية لحظة، ولعل العقبة الكأداء التي لا تزال قائمة حتى الآن، تكمن في كون هذه الاحزاب منشغلة بمصالحها وصراعاتها، وغافلة أو متغافلة بصورة شبه كلية، عن النتائج الكارثية التي يمكن أن تحدث كنتيجة حتمية لإهمال البناء السليم للقاعدة المتينة التي تتحرك في إطارها السياسية الوطنية.

بكلمة أوضح، لقد شاركت معظم الاحزاب السياسية في العراق بارتكاب خطأ استراتيجي، يتمثل في عدم التعاون المخلص والبنّاء بين الكتل والاحزاب والشخصيات المستقلة، لإنشاء قاعدة سياسية وطنية قوية تحتضن الحراك السياسي العراقي بكل تناقضاته الناتجة عن التنوع المجتمعي الذي يتميز به شعب العراق، وبهذا أصبحت هذه الارضية أو القاعدة رهنا بالحسابات الاقليمية والدولية في كثير من الاحيان، لهذا نلاحظ ضعف أو غياب القرار السياسي الوطني المستقل في كثير من الحالات، خاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة العراقية قبل سنوات أو غيرها من المواقف الحرجة، ناهيك عن الصراعات والتوافقات التي طُبعًتْ غالبا بتدخل دول الجوار أو التدخل الامريكي، من أجل تحقيق صيغ متوازنة تحاول أن تحد من حالات الانهيار التي قد تتعرض لها العملية السياسية في أية لحظة.

لذلك كان على الاحزاب العراقية منذ البداية أن تعي أهمية الاستقلال السياسي، وأن تتعاون جميعا فيما بينها بغض النظر عن الاختلافات في الآراء أو المسارات او الرؤى، لبناء القاعدة الاساسية الوطنية المتينة التي تتحرك فيها جميع الانشطة السياسية، تلاقيا أو تباعدا، لكي يبقى القرار السياسي عراقيا خالصا، أما الصورة الآن فهي تبدو هشة تماما، ولو لا الموازنات التي تصنعها الدول الاقليمية لمعالجة الوضع السياسي في العراق، لانهارت العملية السياسية منذ وقت ليس بالقريب، لأن الصراعات التي جرت ولا تزال جارية بين السياسيين العراقيين، تؤكد أنهم لم يعطوا الاهمية اللازمة للقرار السياسي الوطني المستقل، ولم يشغلوا أنفسهم بالبناء الصحيح للتحرك السياسي، والسبب كما هو معروف، الانشغال بالمنافع الآنية كالمناصب والاموال والجاه وما الى ذلك، في حين تتخلى الاحزاب ومعظم السياسيين المشتغلين في الحقل السياسي عن المهمة الاولى التي تقع على عاتقهم، وهي صيانة القرار السياسي المستقل من خلال دعم استقلالية العراق، بغض النظر عن الاختلافات التي تحصل بين الكتل والاحزاب وسواها، وهي التي تمثل ظاهرة صحية تؤكد النهج الديمقراطي، طالما بقيت معالجات الاختلاف تتحرك في الاطار السلمي.

فهل فات الآوان الآن، أم لا تزال هناك فرص للاحزاب كي تتحرك بالاتجاه المطلوب؟ وقبل الاجابة لابد أن نؤكد على ان الوقائع السياسية الساخنة التي تحدث حاليا على الارض، تشي بدلائل ومظاهر تنطوي على خطورة واضحة، فقد تصاعدت وتيرة الصراع بين الكتل الرئيسة في العملية السياسية، وهو حراك غاية في الاهمية والصحة، لو انه يحدث على أرض سياسية عراقية قوية ومستقلة، لكننا يمكن أن نلاحظ بوضوح تشتت القوى السياسية وارتباطاتها بهذه الدولة الاقليمية او تلك، حيث تتطلع لدعمها واسنادها على حساب الطرف الآخر، وهكذا يبدو هامش الاستقلال السياسي الحزبي ضئيلا إن لم يكن منعدما تماما، ولغرض تلافي هذه الحالة السياسية المرضية الخطيرة، إذ لم يفت أوان التصحيح، يمكن للاحزاب العراقية الوطنية أن تقوم بما يلي:

- توسيع المشاركة الشعبية واعطاء الجماهير دورها وفرصتها الحقيقية في صنع الاحداث.

- تقوية البنى الاساسية للاحزاب، وترك التجمعات الصغيرة ذات الطابع المنفعي السريع.

- التشجيع على المشاركة السياسية وتوسيعها.

- الابتعاد عن التشنج والتطرف والاستخدام الخاطئ للتصريحات والاعلام معا.

- مد جسو الثقة المتبادلة بين جميع الاحزاب، والايمان القطعي بأن استقلال العراق هو الهدف الأعظم.

- أن تتنبّه جميع القوى السياسية الى أهمية صنع الارضية السياسية الوطنية المستقلة، والايمان بأنها الحل الوحيد الضامن لعدم انهيار العملية السياسية برمتها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/حزيران/2012 - 11/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م