قالوا عنه:
إنه عرَّاب الثورات العربية، وقالوا عنه:
إنه مَلاك في ثوب شيطان، وقالوا عنه: إنه فيلسوف تحت جُبة صحفي،
وقالوا عنه: إنه يطمح أن يكون رئيسا لفرنسا، ثم قالوا عنه أيضا:
إنه جاسوسٌ صهيوني ماكر!
كل هذه النعوت قرأتها عن برنارد هنري لويس، المفكر الجزائري المولد،
الفرنسي النشأة، فهو من سلالة يهودية ثرية استوطنت مدينة بني صاف في
غرب الجزائر، ثم هاجرت إلى فرنسا، إنه الصحفي الذي كان مراسلا حربيا
لعدد من الصحف في عدة حروب ، بين بنغلادش والباكستان، وفي الكوسوفو،
وفي السودان.
وهو من أخلص أصدقاء الرئيس الفرنسي الراحل ساركوزي، وهو الذي أسهم
في تأسيس المجلس الوطني الليبي، وأقنع ساركوزي بالتدخل العسكري، وهو
اليوم يحمل راية التدخل العسكري في سوريا!
بالأمس القريب أنتج فيلما جديدا مزج فيه بين الحرب والفلسفة،
وأسماه (عهد طبرق) وهو يشير فيه إلى انتصار الحريات والديمقراطيات على
الديكتاتوريات، فكما انتصر الحلفاء على هتلر في طبرق في الحرب العالمية
الثانية 1944، فقد انتصر الليبيون على القذافي (هتلر ليبيا) في حروب
الربيع العربية الراهنة!!
ولم يكتفِ الفيلسوف بهذا الربط، بل ربط بين انتصار الشعب الليبي،
ونيله الحرية، وبين انتصار الشعب اليهودي على الظلم والقهر، والتشابه
بين الحالة الليبية والحالة اليهودية، يتمثل عنده في كيفية تحويل
الفلسفات والأفكار إلى خطوات عملية، فكما نجح هرتسل في تحويل الأفكار
إلى أعمال!! نجح برنارد هنري لويس في تحقيق الأفكار وقضى على طاغية
ليبيا، إذن فبرنارد هنري، هو هرتسل الثورات العربية!!
ولا أدري كيف لم ينتبه الفيلسوف الكبير والمفكر المغوار إلى أن وجه
الشبه بين الحالتين هو محض هراء، فهرتسل لم يحرر، بل اغتصب أرضنا
وبيوتنا وحريتنا ومستقبلنا، نحن الذين ما نزال على قيد الحياة!!
غير أنني كففتُ عن مناقشة الفيلسوف الفذ في أبسط الأمور التي يمكن
حتى لمن لا يعرفون الفلسفة، أن يهزموا فيها هذا الفيلسوف العظيم!! الذي
غلَّبَ انتماءه العرقي، على فلسفته وفكره، فعاد مرة أخرى مستعمرا، وليس
مفكرا متحررا!!
وشعرتُ بالارتياح عندما عدتُ إلى ملفه الشخصي، عندما زار إسرائيل
قبل عامين، فلم يمتدح تقدمها التكنلوجي، أو نظامها، ولا حتى تقدمها في
المجال الزراعي، بل أشاد بجيشها قائلا:
" لم أرَ في حياتي جيشا أخلاقيا كالجيش الإسرائيلي!!"
وجاء إعجابه بالجيش الإسرائيلي في وسط الحملات العالمية ضد جرائم
هذا الجيش بعد عملية الرصاص المصبوب على غزة عام 2008-2009!!
وشعرت بالارتياح أيضا عندما علمتُ بأنه مؤسسُ مركزٍ للدراسات
والأبحاث في القدس، وهو أيضا مستشار دائم لرئيس الحكومة نتنياهو، ورئيس
الدولة شمعون بيرس، وهو أيضا يدعم من أرباح شركته الكبيرة( بكو)
الاستيطان، وكل ذلك من منطلق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والفكر
والفلسفة والتنوير، وحقوق الشعوب والأقليات وما في حكمها!!
وأخيرا .... إن الأفكار الحرة والفلسفات الليبرالية، والديمقراطيات
التي ينادي بها كثير من المفكرين والفلاسفة، تنتهي دائما وتتلاشى-
للأسف- عندما يتعلق الأمر بدولة إسرائيل وبحقوق اليهود المساكين!! |