خطر التجسس المعلوماتي

زاهر الزبيدي

بين الحين والأخر تكتشف الشركات العالمية المختصة في مجال إنتاج البرمجيات المضادة للفيروسات المعلوماتية.. أنواعاً وأجيالاً جديدة من الفايروسات التي تتميز بقدرتها التدميرية العالية للبرمجيات المشغلة للكثير من مجالات الحياة الممكننة كالمصارف، الطيران، النفط والمفاعلات النووية، وحيثما امتدت شبكة الأنترنت وانتشر الاستخدام الحكومي غير الخاضع للرقابة المعلوماتية الدقيقة لشبكات الحاسوب.

وفي العراق لم يدخل إستخدام الانترنت حيز الانتشار العملي إلا بعد عام 2003 حيث يحتل العراق الآن المركز الأخير بين الدول العربية إستخداماً للأنترنت بفعل الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها شعبه حيث أن نسبة قليلة جداً من الشعب العراقي هم من مستخدمي الأنترنت في حين ترتفع تلك النسبة لتصل الى مستويات كبيرة جداً في بعض البلدان العربية الأخرى وهذا الفارق يوضح المدى الشاسع في تأخرنا في هذا المجال.

إن قلة عدد مستخدمي الأنترنت وإقتصاره على المؤسسات الحكومية مع بدء ولوجنا في عصر الحوكمة الإلكترونية يحتم علينا إيجاد هيئة مختصة ومتطورة في مجال إكتشاف ومكافحة الفايروسات التي تنتقل عبر الشبكة العنكوتية والبريد الإلكتروني يجابهه ضعف واضح لقدرات موظفينا الحكوميين في مواجهة تلك الهجمة التي لا يحمد عقباها والتي تتمثل في الحرب الإلكترونية التي تظهر بوادرها في إكتشاف فايروسي "فيلم" الشعلة وقبله كان ستكسنت في 2010 حيث أستخدم كلاهما لضرب النشاط البرمجي للمفعلات النووية الإيرانية والقطاعات النفطية المهمة لديها.

من جانب آخر فقد تكون الفايروسات عبارة عن قنابل موقوته مركونة الآن في حواسيبنا والحواسيب المهمة في المؤسسات الحكومية ذات التأثير المباشر على الاقتصاد العراقي تنتظر أمرا لمن يشعل فتيلها لتنفجر معلنة عن تقهقر كبير في الكثير من الخدمات التي نحاول جاهدين في الوقت الحاضر أن نوفرها لمواطنينا.. وقد يتأخر موعد تفجيرها لكوننا لغاية اليوم لسنا طرفاً لنا تأثيرنا الكبير على إقتصاد المنطقة ولسنا بمحل جذب للاستثمارات الكبيرة التي تسحب البساط من بعض الدول الإقليمية التي تعتبر في الوقت الحاضر أهم مرابض الاستثمار العالمي.. ولكن عندما تحين الفرصة وتبدأ نهضتنا الحقيقية سيتم تفعيل تلك الفايروسات لتبدأ فعلها المدمر على اقتصادنا بل وحياتنا بالكامل !

علينا البدء، إذا لم نكن قد بدئنا، في إجراء مسح كامل لمنظوماتنا من الحواسيب الحكومية المهمة وتفعيل آليات قوية لمكافحة إنتشار الفايروسات وإطلاق التحذيرات منها لكافة المؤسسات وإصدار النشرات الخاصة بها كذلك التعاقد مع الشركات العالمية للأشراف الفعلي على المنظومات الكبيرة من الحواسيب الحكومية العملاقة لدينا والتي سيكون لها تأثير كبير على الحياة إذا ما أستهدفها فايروس ما.

أنها حرب طويلة وقد تكون،في البدء، عصية علينا لأن السهولة أن تدرب جندياً للقتال بالطرق التقليدية ولكن من الصعوبة بمكان أن تهيء موظفاً حكومياً قادراً على القتال باستخدام التقنية الحديثة في مكافحة الفايروسات على الرغم أنها ساحة مفتوحة اليوم للقتال وخسارتها قد تعني لنا يوما ما خسارة كل شيء فعدونا والإرهاب قد يتوجه لقتالنا على شاشات الحواسيب تاركاً إيانا في ساحة المعركة التقليدية نضن اننا قد انتصرنا عليه!

إن ما يجري الآن في العراق من صراع سياسي محتدم وبدايتنا الخجولة في بناء دولة المؤسسات القوية سيكون البيئة المناسبة جداً لعملية الاستهداف وفي وقت قد نكون غافلين فيه عن عمليات التجسس الكبيرة التي ترد اخبارها بين الحين والآخر على صفحات الصحف المحلية والنشرات الإلكترونية العالمية والتي قد تكون قد سهلت ولوج الكثير من عناصر التدمير الإلكترونية الى حواسيبنا الحكومية والله أعلم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 31/آيار/2012 - 9/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م