اليورو في مواجهة الانهيار... مخاض أزمة مكلفة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعرضت منطقة اليورو لهزات جديدة في عام 2012 قد تبطئ من تعافيه، فمازال يواجه تحديات جديدة وأهمها أزمة اليونان المستدامة والمهددة بالخروج من اليورو، حيث  ستشكل هذه الخروج اذا ما حصل كارثة حقيقية بالنسبة لليونان، فأن اقتصادها سيمر بعدة اضطرابات مالية كما الحال في سنوات الأخيرة من العقد المنصرم متأثرة باقتصاديات العالم ونمو اقتصاد بعض البلدان النامية، ومن هذا  يرى المحللون أن الاقتصاد الأوربي يستعد لاستقبال عام آخر من التخبط.

فيما عزز الزعماء الأوروبيون في بروكسل، إلى اتفاق جديد يهدف إلى مواجهة أزمات اليورو في المستقبل، وحل أزمة الديون المتصاعدة التي دفعت عدة اقتصاديات إلى حافة الانهيار، إذ يبرز الاتفاق المالي الخطوط العريضة لتكامل أوثق بين الميزانيات الوطنية لـ17 دولة في منطقة اليورو، وسيتم فرض إطار قانوني جديد وتدقيق مالي أكبر لتجنب تكرار الممارسات المالية المريبة التي تسببت في الأزمة، والاتفاق أيضا يعزز الآليات التي تضمن الاستقرار على المدى القصير لاقتصاديات اليورو، لكن في الوقت الذي لا يمكن فيه الجزم بأن خروج اليونان حتمي، يبقى الانتظار في عامنا هذا، لمعرفة كيف ستستطيع اليونان وأوروبا تطبيق إجراءاتها المالية الجديدة للخروج من أزمتها.

تراجع اليورو  

فقد تراجع اليورو الى ما دون 1,26 دولار للمرة الاولى منذ صيف 2010 وبدا انه يعمق خسائره قبل قمة بروكسل الاوروبية في عز الازمة اليونانية وتهافت المضاربين على العملات التي يعتبرونها اكثر امانا مثل الدولار، ويعقد قادة دول الاتحاد الاوروبي السبع والعشرين قمة في بروكسل في اجواء متوترة بعد اعلان رئيس الوزراء اليوناني السابق لوكاس باباديموس ان هناك "خطرا حقيقيا بخروج اليونان من منطقة اليورو"، وقال ماركوس هوبير المحلل لدى "اي تي اكس كابيتال" ان "مواصلة اليورو تراجعه امام الدولار تعكس رفض المستثمرين المتنامي للقيام بمجازفة لا طائل منها"، وتوجه المستثمرون كذلك الى شراء الين والسندات الالمانية. بحسب فرانس برس.

في حين تراجع عائد السند الالماني على عشر سنوات (بوند) الى ما دون 1,400%، وقال هوبير ان المستثمرين يتفادون الاسهم والعملات الخطرة "لانهم يعتقدون ان قمة بروكسل لن تفضي الى شىء يذكر لطمأنة اسواق المال" التي يتوقع ان تبقى تحت ضغوط كبيرة الى حين اجراء الانتخابات اليونانية الجديدة.

كارثة حقيقية

فيما اعتبر رئيس حزب الديمقراطية الجديدة اليميني في اليونان انطونيس ساماراس ان معارضة خطة النهوض الاقتصادي التي فرضتها الترويكا (الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الاوروبي) ستؤدي الى اخراج اليونان من اليورو وستشكل "كارثة حقيقية" بالنسبة لبلاده، وقال ساماراس ان "الجميع من يمين وسط ويسار وسط والخضر، سواء وافقوا ام لا على السياسات التي انتهجت حتى الان على اساس الاتفاق (مع الترويكا للحصول) على قروض، جميعهم يحذرون من ان معارضة هذا الاتفاق ستؤدي الى اخراج اليونان من اليورو"، واضاف في هجوم مباشر على خصمه الرئيسي حزب سيريزا اليساري المتشدد ان خروجا من اليورو سيشكل "كارثة حقيقية"، وطلب زعيم حزب سيريزا انطونيس تسيبراس وقف تسديد الديون التي تسحق البلاد ويعتزم اعادة التفاوض حول بنود العقد الموقع مع الاتحاد الاوروبي مع التاكيد في الوقت نفسه على رغبته في ابقاء التداول بالعملة الموحدة. بحسب فرانس برس.

واعرب حزب الديموقراطية الجديدة على غرار كل الاحزاب، عن رغبته في اعادة التفاوض حول بنود العقد الموقع مع الجهات الدولية المانحة ومطالبها الاصلاحية، وراى ساماراس انه مع العودة الى الدراخما (العملة اليونانية السابقة) "ستتجه اليونان نحو افلاس لا يمكن التحكم به" وستشهد "عزلة دولية طيلة سنوات عدة وستجد نفسها محرومة من الغذاء والأدوية والبنزين"، وفي مهاجمته لحزب سيريزا ومشروعه لفرض رسوم اكبر على ذوي المداخيل الاكثر ارتفاعا، اكد ساماراس من جهة اخرى ان برنامجه لا يتضمن "تخفيضات اضافية على الرواتب وتعويضات التقاعد ولا رسوما جديدة"، وحزب الديمقراطية الجديدة الذي يتناوب على السلطة في اليونان مع حزب باسوك الاشتراكي منذ عودة الديموقراطية الى البلاد في 1974، يحاول اعادة تلميع صورته بعد النكسة التي مني بها في الانتخابات التشريعية حيث لامس ادنى مستوياته التاريخية بسبب التصويت الذي عكس معارضة اليونانيين لخطط التقشف، وكان الحزب استوعب حزب التحالف الديموقراطي الليبرالي الذي انشأته دورا باكويانيس في 2010 اضافة الى عدد كبير من اعضاء حزب لاوس القومي.

اليونان بين البقاء والخروج

الى ذلك اكد الاوروبيون مجددا في ختام قمتهم غير الرسمية في بروكسل عزمهم على ابقاء اليونان في منطقة اليورو غير انهم باشروا رغم ذلك التفكير في الاجراءات الواجب اتخاذها في حال بات خروج اثينا محتوما، واعلن رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي في نص تلاه باسم الدول ال27 "نريد ان تبقى اليونان في منطقة اليورو وتحترم التزاماتها"، وانسجاما مع خط الحزم الذي تبنته حتى الان حيال اثينا، اعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان احترام الالتزامات وفي طليعتها خفض العجز المالي واجراء اصلاحات بنيوية، هو "شرط مسبق" للبقاء في منطقة اليورو، قام الاوروبيون ببادرة تهدف الى اعطاء "الثقة للناخبين اليونانيين"، بحسب ما قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، واقترح الاوروبيون في هذا السياق استخدام الصناديق الهيكلية الاوروبية لمساعدة اليونان، ودعا هولاند حتى الى "تعبئة (هذه الصناديق) بشكل سريع" من اجل دعم النمو في اليونان "في مهلة قصيرة جدا"، غير ان الاوروبيين يستعدون في المقابل ولو بدون الاقرار بذلك علنا، لمواجهة الاسوأ في حال تفاقمت ازمة اليونان وادت الى افلاس البلاد وخروجها من اليورو، وقال دبلوماسي اوروبي انه تم التطرق الى ضرورة وضع خطط وطنية لمواجهة احتمال خروج اليونان من العملة الاوروبية المشتركة خلال جلسة عقدتها مجموعة عمل اليورو التي تضم موظفين كبارا من دول منطقة اليورو، واوضح الدبلوماسي "اتفقنا على ان يفكر كل منا في الامر ويجري التنسيق في مرحلة ثانية بين ما يترتب على كل واحد القيام به على الصعيد الاوروبي"، وساهمت هذه المعلومات في تدهور الاسواق المالية. بحسب فرانس برس.

ونفت وزارة المالية اليونانية الامر نفيا "قاطعا" وشدد رئيس الوزراء بانايوتيس بيكرامينوس على ان القادة الاوروبيين "لم يبحثوا" هذا الموضوع خلال قمة بروكسل، غير ان سلفه لوكاس باباديموس هو الذي اثار المسالة حين لم يستبعد في حديث الى صحيفة وول ستريت جورنال "ان تكون تحضيرات جارية لاحتواء العواقب المحتملة لخروج اليونان من منطقة اليورو"، واذ نفى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان يكون على علم بمثل هذه الخطط بالنسبة لفرنسا، اقر بشكل مبطن بوجود بعض الاستعدادات، وقال متحدثا للصحافيين "لست اقول انه ليس هناك اعمال جارية، من الواضع ان معلومات وردت تشير الى عدد من الفرضيات قد تكون جارية لمواجهة سيناريو"، وتابع "لكن اذا بدأت اتحدث علنا عن فرضية خروج اليونان، فسيعني ذلك اننا وجهنا فعلا اشارة، اشارة الى اليونانيين واشارة الى الاسواق"، واكدت عدة مصادر انه تم طرح الموضوع، ولو انها تشير جميعها الى وجوب عدم تفسير ذلك على ان منطقة اليورو باتت تفكر جديا في التخلي عن اثينا بعدما استبعدت الامر لوقت طويل، وقال الدبلوماسي الاوروبي "ان قلت لكم اننا لا نبحث ذلك، سوف تردون باننا متهورون، وان قلت لكم اننا نبحث ذلك، فستقولون ان الوضع سيء جدا"، وتابع "علينا ان نتحسب للامر، هذا طبيعي، لكنه لا يعني اننا نعتقد ان الوضع سيصل الى هذا الحد"، وحرص مسؤول من دولة اخرى من منطقة اليورو على التقليل من خطورة الوضع وقال "ليس هناك فجاة تعليمات بالاستعداد (لكن) ينبغي ان يدرك الجميع انه وضع صعب ويترتب تصور جميع انواع السيناريوات، وهذا طبيعي"، وقال مصدر دبلوماسي ثالث "مضى عام منذ ان باشر مسؤولو الماليات الوطنية درس مختلف السيناريوات الممكنة، وبصراحة ان عدم اعداد خطط احترازية سينم عن غياب اي حس بالمسؤولية" مشيرا الى ان الفكرة "لم تظهر بشكل مفاجئ.

احتجاجات صاخبة

في حين اثارت تصريحات المديرة العامة لصندوق النقد الدولي حول وجوب تسديد اليونانيين لضرائبهم، احتجاجات صاخبة في اليونان حيث تحدث الزعيم الاشتراكي ايفانغيلوس فينيزيلوس عن شعب تعرض "للاهانة" في حين غمر مستخدمو الانترنت صفحة لاغارد على موقع فيسبوك بالتعليقات الغاضبة، واثارت لاغارد الغضب عندما اعتبرت في مقابلة نشرتها صحيفة "ذي غارديان" البريطانية انه "يتعين على اليونانيين ان يبدأوا بالتعاون في ما بينهم" عبر "دفع كل ضرائبهم". وتطرقت في هذه المقابلة ايضا الى "كل الذين يحاولون التملص على الدوام من دفع الرسوم"، وانتقدت الحكومة الفرنسية الرؤية "الكاريكاتورية والمبسطة" للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد عندما طلبت من اليونانيين ان يسددوا ضرائبهم، كما اعلنت المتحدثة باسم الحكومة نجاة فالو-بلقاسم، وردا على سؤال حول وجهة النظر هذه، اجابت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية "أجدها مبسطة وكاريكاتورية بعض الشيء. اعتبر انه لا توجد اليوم دروس نلقنها" لليونان، واقامت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي مقارنة مع الوضع في افريقيا معتبرة في الوقت نفسه انها اقل قلقا على مصير اليونانين منها على مصير اطفال افريقيا، وقالت ان الاطفال في قرية صغيرة في النيجر "بحاجة ايضا للمساعدة اكثر من الناس في اثينا"، وعلقت ديسبينا بانايوتوبولو احدى مستخدمات الانترنت على صفحة لاغارد على فيسبوك بالقول "هناك ازمة انسانية في اليونان، بالغة التكاليف اذا كنت لا تدركينها. هذا فعلا مشين!"، وامام موجة الغضب التي اثارتها تصريحاتها، سعت لاغارد وراء لهجة تصالحية مبدية "تعاطفها الشديد مع اليونانيين والتحديات التي يواجهونها". واثارت تصريحات لاغارد الاحد اكثر من 8500 تعليق على صفحتها على فيسبوك، وكتبت تقول ان "قسما كبيرا من هذا الجهد هو ان كل العالم ينبغي ان يتحمل بالتساوي قسطه من العبء ولا سيما الاكثر حظوة وخصوصا عبر دفع رسومهم"، وتساءل ثاناسيس اثاناسوبولوس "لا يهم ما تقولونه الان بعد كل هذه الانتقادات. هل تعرفون الاضرار التي تسببونها للشعب اليوناني؟". واضاف "نحن لسنا كسالى ولسنا متسولين"، وقالت ايلينا بابوتسي "شكرا لمحبتكم ودعمكم واعرفوا ان اليونانيين ليسوا اغبياء. نعرف لعبتكم ولن نسمح بها بعد الان!!!". بحسب فرانس برس.

وبعد الانتخابات المناهضة لبرنامج التقشف، فان العالم اجمع يترقب بقلق الانتخابات المقبلة في 17 حزيران/يونيو في اليونان. ويدعو حزب سيريزا المرجح فوزه بالمرتبة الثانية وراء المحافظين في حزب الديموقراطية الجديدة بحسب استطلاعات الراي، الى الغاء اجراءات التقشف الواردة في خطة النهوض الاقتصادي التي فرضها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل قروض منحت لاثينا حتى 2014، وامام خطر رفض خطة التقشف والذي سيؤدي في النهاية الى احتمال خروج اليونان من اليورو، يبقى المانحون الدوليون حازمين على خطى وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله الذي قال على العكس ان اثينا يجب ان "تلتزم بتعهداتها" للبقاء في اليورو، وكتبت صحيفة لوموند الفرنسية في افتتاحية بقلم رئيس تحريرها "من غير المقبول ان تواصل دولة صغيرة برفضها قواعد اللعبة، تعريض كل القارة للخطر (...) على امل ان يعتمدوا الخيار الصحيح. والا، فان على اوروبا استخلاص العبر"، وفي اليونان، استخدمت البراهين نفسها للتقليل من مصداقية سيريزا في حين قد تواجه البلاد خطر فقدان السيولة الضرورية من الان وحتى نهاية حزيران/يونيو اذا ما توقفت المساعدات المالية في حال رفض الناخبون في 17 حزيران/يونيو خطة المساعدة الدولية، كما حذر رئيس الوزراء اليوناني السابق بحسب مذكرة نشرتها الصحافة، وقال فينيزيلوس زعيم الحزب الاشتراكي ان "البلد بحاجة الى بلد يوحد الناس ويعيد النظر في خطة التقشف وانما عبر طمأنة الناس اننا سنبقى في اليورو".

عملية انقاذ

على صعيد أخر، حاول مصرف بانكيا الاسباني ان يبث الاطمئنان حيال "متانته" بعد مساعدة قياسية طلبها من الدولة بقيمة 23,5 مليار يورو، اذا اضيفت الى ما يمكن ان تطلبه المناطق الرازحة تحت اعباء ديون ضخمة، المخاوف ازاء قدرة اسبانيا على الافلات من ازمة الديون، وبعد تنقية ماليته، سيكون مصرف بانكيا "متينا وفعالا وذات مردودية"، كما اكد رئيسه خوسي ايغناثيو غويريغلثري في مؤتمر صحافي، موضحا ان هذه الارقام الاستثنائية ناجمة عن الازمة الاقتصادية التي تضرب اسبانيا خصوصا منذ اندلاع ازمة الرهون العقارية في العام 2008، واضاف "انا غير قلق حيال اختبارات المناعة التي ستحصل"، وابدى ايضا ثقته في تسديد المساعدة عبر صندوق المساعدة الحكومي للقطاع الذي سيوافق على الدفع خلال شهر تموز/يوليو، واعلن مصرف بانكيا حاجته الى 19 مليار يورو اضافية، اي ما مجموعه 23,5 مليار يورو مع اضافة المساعدة العامة التي اعلن عنها على شكل قرض يتم تحويله الى مشاركة، في عملية انقاذ تاريخية في القطاع المصرفي الاسباني. بحسب فرانس برس.

واعلن البنك ايضا خسارة 2,979 مليار يورو في 2011 مقابل ربح من 309 ملايين يورو اعلن عنه سابقا، وهل كان الرئيس السابق رودريغو راتو الذي دفع الى الاستقالة مع فريقه، عجز عن الوفاء بالتزاماته؟ ماذا نجيب صغار المساهمين الذين يطالبون باسقاط رؤوس بعد ان شهدوا سعر سهم بانكيا في البورصة يخسر اكثر من نصف قيمته منذ البدء بتداول اسهم المجموعة في البورصة في تموز/يوليو 2011؟، وقال خوسي ايغناثيو غويريغلثري ردا على سؤال حول احتمال فتح تحقيق داخلي "لم آت الى هنا لانظف"، مشيرا الى ان سلفه رودريغو راتو المعروف جيدا لانه شغل منصب وزير الاقتصاد وكان مديرا عاما لصندوق النقد الدولي، اضطر الى مواجهة وضع "معقد جدا"، وعرض مصرف بانكيا نفسه كثيرا للمخاطر في القطاع العقاري، احد اركان الاقتصاد الاسباني. ولديه محفظة عقارية بقيمة 37,5 مليار يورو، تحوم اشكاليات حول القسم الاكبر منها (31,8 مليار يورو) (تسليفات مشكوك في تحصيلها ومساكن مصادرة...)، وتعهدت الدولة بتقديم الاموال الضرورية لبانكيا الذي يمثل 10 في المئة من النظام المالي الاسباني والذي يخشى تعرضه للافلاس تحت طائلة نقل العدوى الى القطاع برمته، لكن اذا كانت عملية الانقاذ هي الاكبر، فانها ليست الوحيدة في قطاع مصرفي راكم في نهاية 2011 ما مجموعه 184 مليار يورو من الاصول العقارية التي تحوم حولها اشكاليات، اي 60 في المئة من محفظته، وفي الاجمال، تلقت ثماني مؤسسات مصرفية مبالغ عامة بقيمة 32,869 مليار يورو، ودفع الصندوق الخاص لضمان الودائع 6,2 مليارات يورو، بحسب صحيفة اكسبانسيون، واذا كانت قدرة صندوق المساعدة الحكومي للقطاع المصرفي زادت 15 مليار يورو، فيتيعن على الدولة ان تشاركه للتمكن من تعويم المصارف التي تواجه صعوبات مالية. وهو ما يثقل ايضا كاهل حسابات الدولة التي ستهب لانقاذ مناطق اخرى تواجه مديونية كبيرة، فمنطقة كاتالونيا الذي بلغ عجزها العام 3,29 في المئة من اجمالي ناتجها الداخلي في 2011 والتي تواجه تكاليف باهظة جدا لاعادة التمويل، حضت مدريد على السماح للمناطق الواقعة تحت عبء الديون باللجوء الى سندات اقليمية تصدرها معا، واعلنت الحكومة في وقت سابق انها اكتتبت بقرض قيمته 30 مليار يورو قد يصل الى 35 مليارا اذا دعت الحاجة لمساعدة المناطق في تسديد فواتيرها غير المسددة البالغة قيمتها 19,4 مليار يورو، في المقابل، فرضت الحكومة خطة تقشف تاريخية على المناطق. ويبقى الهدف جعل العجز العام في البلاد 5,3 في المئة هذه السنة مقابل 8,9 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي. وهو هدف يصعب تحقيقه بحسب عدد كبير من الخبراء.

البنك الدولي

من جهة أخرى قال البنك الدولي ان الفرص ضئيلة لان تحقق اوروبا انتعاشا اقتصاديا قويا حتى اذا جاء الركود المنتظر خفيفا وان اوروبا تواجه نموا ضعيفا في المستقبل المنظور تحت عبء ديون قد لا تصل الى مستويات يمكن السيطرة عليها قبل عام 2030، وأضاف البنك أن اصلاحات رئيسية في الحكومات وعادات العمل هي وحدها التي ستنقذ أوروبا من تداعيات انكماش القوى العاملة وشيخوختها وارتفاع الديون والانفاق العام، وقال البنك في تقرير "النمو القوي قد يجعل مشكلات الدين تتلاشى لكن احتمالات التعافي القوي ضئيلة." وتوقع البنك استمرار ضعف الناتج الاقتصادي حتى 2016 مع خفض الاسر والحكومات للديون واستمرار الحذر بين المستثمرين، وتسببت أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو في أزمة ثقة في أوروبا من المرجح فيما يبدو أن تدفع القارة الى الركود في أوائل 2012 بينما كانت تتعافى لتوها من الازمة المالية التي عصفت بها في 2008-2009، ويركز الاتحاد الاوروبي على خفض عجز الميزانية لاستعادة ثقة المستثمرين وتفادي أزمة أخرى لكن البنك الدولي قال ان هذه المهمة ما زالت ضخمة متوقعا ألا تعود منطقة غرب أوروبا الى مستويات الدين العام قبل الازمة والبالغة 60 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي قبل عام 2030، وبحسب بيانات الاتحاد الاوروبي ستكون استونيا وفنلندا ولوكسمبورج وسلوفاكيا وسلوفينيا فقط من دول منطقة اليورو السبعة عشر تحت هذا المستوى في 2012، ومع سقوط الاقتصاد الاوروبي في الركود مجددا يواجه الاتحاد الاوروبي معضلة صعبة في تعزيز النمو وخفض الديون كما يواجه تفاوتا متزايدا في الانتاجية بين الشمال الغني والجنوب والشرق الفقيرين. بحسب رويترز.

وقال فيليب لو أورو نائب رئيس البنك الدولي لشؤون أوروبا وآسيا الوسطى أثناء عرض التقرير في بروكسل "لن تحل الازمة بدون نمو، وقال التقرير انه سيتعين على الحكومات في أوروبا أن تخفض حجمها أو تزيد كفاءتها مشيرا الى أن نمو حجم الحكومة بعشر نقاط مئوية يخفض معدل نمو الاقتصادات الاوروبية المتقدمة في الاجل الطويل بمقدار الثلث، وقبل قمة زعماء الاتحاد الاوروبي بشأن النمو التي تعقد في بروكسل قال البنك الدولي ان هذه المنطقة التي يحسدها العالم منذ زمن على ارتفاع مستويات المعيشة تحتاج "توافقا اجتماعيا" جديدا لمعالجة قضايا أكبر، فعلى مدى السنوات الخمسين القادمة من المتوقع أن تنكمش القوى العاملة في أوروبا بواقع 50 مليون شخص وهو ما قد يهدد قدرتها على تنمية الاقتصاد بمعدلات مطردة وستكون هناك حاجة للهجرة -التي تمثل مسألة صعبة للاوروبيين في ظل ارتفاع البطالة- لزيادة حجم قوة العمل، وقال التقرير "الشيخوخة لا تقوض النمو فحسب بل تجعل تحسين الماليات العامة صعبا، وأضاف قائلا "الشيخوخة تكلفة مباشرة ... خصوصا لمعاشات التقاعد والصحة."

القواعد الذهبية

كما يتوقع ان يوافق القادة الاوروبيون على معاهدة مالية جديدة ترمي الى تعزيز الانضباط المالي المشترك في اعقاب ازمة الديون، والمعاهدة التي تطالب بها المانيا مقابل تضامنها المالي مع الشركاء الاوروبين، تنص على ادراج "قواعد ذهبية" على توازن الحسابات. بحسب فرانس برس.

-- "قاعدة ذهبية" مالية

تتعهد الدول الموقعة بوضع "موازنات متوازنة" او "بفائض" في دورة اقتصادية. وهذا التوازن يحدد على انه عجز بنيوي (خارج العناصر الاستثنائية وخدمة الديون) حده الاقصى من 0,5% من اجمالي الناتج الداخلي. والدول التي تكشف من جهة اخرى عن ديون شاملة معتدلة، اي "ما دون 60% من اجمالي الناتج الداخلي"، ستتمتع بهامش اكبر مع عجز بنيوي مقبول بنسبة 1%.

-- تصحيح تلقائي

سيتعين على كل دولة ان تتوقع بنفسها ان "آلية تصحيح ينبغي ان تنطلق تلقائيا" في حال تجاوز كبير لهذا الهدف، مع وجوب اتخاذ اجراءات في فترة زمنية محددة.

-- ادراج ذلك في الدستور اذا امكن

سيكون "من الافضل" ادراج القاعدة الذهبية في الدستور، لكن الامر ليس الزاميا. وفي حال لم تدرج، فان قانونا سيكون كافيا اذا ما ضمنت قوته القانونية انه لن يكون موضع تشكيك دائم، واضطرت المانيا الى قبول هذا التنازل لان عددا من الدول ترفض تعديل دساتيرها او تخشى عدم تمرير ذلك في استفتاء كثير المخاطر.

-- عقوبات محكمة العدل الاوروبية

ستتحقق محكمة العدل الاوروبية في كل مكان من تطبيق القواعد الذهبية وفقا للمعايير المطلوبة. وسيكون بامكان كل دولة او مجموعة دول ان تتقدم بشكوى اليها، وفي نهاية المطاف يمكنها ان تفرض على الدولة المذنبة غرامة تصل الى 0,1% من اجمالي ناتجها الداخلي، وكانت المانيا تريد الذهاب ابعد من ذلك عبر منح المحكمة سلطة معاقبة تجاوز عتبات العجز وديون الدول، وقد اضطرت الى التراجع امام معارضة فرنسا. لكنها لم تعدل عن رايها بالنسبة للفترة اللاحقة: فتكامل معزز (لمنطقة اليورو) يفترض ايضا على سبيل المثال ان تتمكن محكمة العدل الاوروبية من مراقبة الموازنات الوطنية واكثر من ذلك ايضا"، كما قالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل للتو في مقابلة.

-- عقوبات شبه تلقائية على العجز المفرط

الحد المقبول من العجز العام السنوي سيبقى محددا بنسبة 3% من اجمالي الناتج الداخلي. وهذا التجاوز يجب ان يكون موقتا. وستتعرض منذ الان كل دولة تنتهك هذه القاعدة لعقوبات شبه تلقائية. وسيكون من الصعب الان الافلات منها كما في الماضي، وهنا ايضا، كانت بعض الدول -- هولندا والمانيا وكذلك المفوضية الاوروبية - تريد الذهاب الى ابعد من ذلك عبر تطبيق هذه القاعدة ايضا على مراقبة المستوى الشامل للديون، ورفضت ايطاليا التي كشفت عن عجز مرتفع جدا.

-- قمة منطقة اليورو

يتوقع عقد قمتين على الاقل لمنطقة اليورو حصريا كل سنة وان تدعى اليهما الدول الموقعة على المعاهدة مرة في السنة "الى الاقل"، لكن بولندا التي لا تنتمي الى الاتحاد النقدي، تعتبر ان ذلك غير كاف. وترفض فرنسا فتح ابواب كل قمم منطقة اليورو امام الدول الاخرى.

-- تطبيق المعاهدة

يفترض ان توقع 26 من اصل 27 دولة في الاتحاد الاوروبي على المعاهدة. وحدها بريطانيا ترفض. وسيبدأ تطبيقها فور مصادقة 12 دولة عليها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/آيار/2012 - 8/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م