صدمة شفيق!

محمد سيف الدولة

رغم فرحة المصريين الكبيرة بأول انتخابات رئاسية نزيهة (فيما نعلم) وفرحتهم بقرب نهاية المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة لرئيس منتخب،.. نقول رغم كل ذلك الا ان صدمة كبيرة اصابتنا جميعا بعد اعلان النتائج وظهور حصول الفريق احمد شفيق، آخر رئيس وزراء لمبارك، على المركز الثاني بعد الدكتور محمد مرسي بـ 5.5 مليون صوت.

لم تكن هذه هي المفاجأة الوحيدة، فلقد كانت هناك مفاجأة حصول حمدين صباحي على المركز الثالث بـ 4.6 مليون صوت، ولكنها كانت مفاجأة سعيدة استقبلها الجميع بالترحاب والاستبشار بقدرة المصريين بعد الثورة على البناء والاضافة والتعدد والتنوع.

ولكن حكاية شفيق هي التي اصابت الغالبية بالصدمة، لانهم لم يفهموا ما الذي حدث وادى الى تغير التوجهات التصويتية لقطاع من الناخبين على هذا الوجه ؟

ففي يناير الماضي قبل بضعة اشهر قليلة، اجمع الشعب المصري في الانتخابات البرلمانية على مقاطعة مرشحي الفلول واسقاطهم جميعا في تأكيد واضح على تمسكه بالثورة واصراره على اسقاط النظام القديم.

ثم هو نفس الشعب الذي خرج على بكرة ابيه في ايام الثورة الاولى لإسقاط مبارك ونظامه : فوفقا لأقل التقارير تقديرا، فان ما يقرب من 15 مليون مصري قد شاركوا بأنفسهم في المظاهرات والاعتصامات الاولى على امتداد محافظات الجمهورية، وهو ما يعني ان غالبية الاسر المصرية كانت ممثلة ومشاركة في الثورة بفرد واحد على الاقل.

ولذا كان من الغريب والمدهش والصادم في نفس الوقت ان يفاجأ الناس بكل هذه الاعداد التي انتخبت شفيق، وهو ما تسبب ((للوهلة الاولى)) في اصابة الكثيرين بالإحباط والقلق الشديد على مستقبل الثورة ومصيرها.

الى هؤلاء الاخوة الكرام اوجه رسالة طمأنة، وادعوهم الى قراءة هادئة ومتأنية في النتائج لنكتشف معا ان جملة الذين صوتوا لمرشحين من قوى الثورة، من قوى ميدان التحرير في ايامه الاولى، قد بلغت 14 مليون تقريبا، وهم جملة الذين صوتوا لمرسي وحمدين وابو الفتوح، في مقابل 8 مليون تقريبا، هم جملة الذين صوتوا لشفيق وموسى، وهو ما يساوي 65% لصالح الثورة، وهي نسبة مقبولة ومرضية، مع العلم بان القوى المضادة لا تزال حاكمة وقوية وثرية ومسيطرة ولها قدرات عالية على الدعاية والاعلام و الحشد والتعبئة وشراء الاصوات.

اما بالنسبة الى الذين يخشون من سيطرة الاسلاميين على مصر، فان النتائج تخبرنا ان جملة المصريين الذين صوتوا للتيار الاسلامي هم 9.5 مليون، وهم جملة اصوات مرسي، وابو الفتوح، في مواجهة 12.5 مليون صوتوا لغيره، وهم جملة الذين صوتوا لحمدين وموسى وشفيق مع "اختلاف الدوافع والمنطلقات". و هو ما يستدعي منا طرح هذه الفزاعة جانبا والتوقف عن الاصطفاف والانقسام على اساس الهوية، واعادة تشكيل قوانا وجبهاتنا وصفوفنا على اساس المواقف والاستراتيجيات الوطنية والثورية.

وبالتالي فانه فيما عدا صدمة صعود شفيق الى الاعادة، والخروج المكروه لحمدين وابو الفتوح، فان كل القراءات الاخرى للنتائج تؤدي الى اعادة السكينة، وليس الاستكانة، الى قلوب كل القلقين والخائفين على مستقبل الثورة، على ان نسعى جميعا على الفور الى التوحد والاتفاق على كل القضايا الخلافية المعلقة التي تسببت في انقسامنا في الشهور الماضية، والاصطفاف وراء خطة عمل واحدة لاستكمال مهام الثورة بدءا من اسقاط شفيق في انتخابات الاعادة، والتوافق على اللجنة التأسيسية للدستور ثم على الدستور ذاته، ثم الشروع في تأسيس اول حكومة ثورية ائتلافية بعد استلام السلطة، تترجم وحدة كل قوى الثورة، تلك الوحدة التي لا غنى عنها للانتصار في مرحلة الاعادة، وما يليها من مراحل.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/آيار/2012 - 6/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م