ساسة العراق والحسابات الإقليمية... الوطن في ادنى الاوليات

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يشهد العراق في الآونة الأخيرة تصعيدا شديدا نتج عنه أزمة سياسية حادة تفجرت بين جميع القادة السياسيين، ويعيش العراق منذ أشهر على وقع أزمة سياسية على خلفية اتهام طارق الهاشمي، بالتورط في عمليات إرهابية، ما دفعه للسفر إلى إقليم كردستان ثم الى تركيا، لتندلع بعد ذلك أزمة بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، على خلفية ملف النفط، وهوية مدينة كركوك، والكثير من الإشكاليات السياسية الأخرى التي اندلعت في الفترة الأخيرة وتأججت بفعل تمسك الكتل السياسية وقادتها كلٌ برأيه وموقفه الذي يستند الى مصالح الكتلة او الحزب، مما أدى الى تضارب في المواقف وتحالفات ذات طابع شللي، يشي بأزمة حادة قد تقود البلاد الى أزمات أكثر خطورة، لاسيما أن الحسابات الإقليمية والدولية لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير.

وتبقى تصريحات السياسيين والقادة لها معاني غير معروفة المقاصد ولكنها تكشف عن الخوف مما يجيء في المستقبل لاسيما مع تأجج الحروب الكلامية بين المختلفين، او ربما الضياع في اروقة المفاوضات، بحثا عن أرضية تساعد على تحقيق التوافق بين جميع الإطراف، لكن الواقع يدل على ان التصريحات مجرد تبرير او هروب من المسؤولية قد لا تتم المحاسبة عليها الآن لكن التأريخ – كما اثبتت التجارب- لا يتساهل مع المخطئين بحق شعوبهم.

المالكي يدعو علماء لزيارة بغداد

فقد دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يشعر بقلق من تصويره في وسائل الاعلام الامريكية كزعيم مستبد يهدف الى تعزيز سلطته العديد من علماء واشنطن المؤثرين لزيارة بغداد للقاء فريقه، وان هذه الدعوة النادرة قدمت لكينيث بولاك من معهد بروكنجز ودانييل بليتكا من مؤسسة امريكان انتربرايز وجوست هيلترمان من مجموعة الازمات الدولية، وقال بولاك "اعتقد انها خطوة ذكية جدا وبناءة من جانبه. وبولاك محلل عسكري سابق في وكالة المخابرات المركزية الامريكية وعمل في البيت الابيض في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون كما ألف ايضا كتابا مؤثرا دعم الغزو الذي قادته امريكا للعراق عام 2003، واتهم خصوم المالكي الزعيم بتجميع القوة ويخشون اللجوء الى الدكتاتورية التي اسقطتها الولايات المتحدة عندما اسقطت صدام حسين، وقال مسؤولون عراقيون ان الفكرة وراء دعوة العلماء هي عرض رؤية بغداد والرد على "التشويه المتعمد للحقيقة" الذي يروجه معارضو المالكين وقال علي الموسوي كبير المستشارين الاعلاميين لرئيس الوزراء في رد على استفسار للسفارة العراقية في واشنطن ان المالكي يشعر بان هناك نشاطا معاديا على نحو متزايد ضد العراق والحكومة العراقية يحاول اعطاء صورة غير مشجعة وسلبية عن الوضع في العراق، وينحي منتقدون باللائمة على قرار الرئيس الامريكي باراك اوباما بسحب كل القوات الامريكية من العراق بحلول نهاية العام الماضي في ازمة سياسية تفجرت بمجرد مغادرة القوات واثارت مخاوف من انزلاق البلاد مرة اخرى الى الحرب الاهلية. بحسب رويترز.

وجاءت دعوة بغداد على خلفية حملة اعلامية فعلية تشن ضد حكومة المالكي في واشنطن ولاسيما من جانب الاكراد الذين يحتفظون بمكتب تمثيلي منفصل في العاصمة الامريكية ولهم علاقات منذ فترة طويلة مع المسؤولين في واشنطن، وقال الموسوي ان من المهم لهؤلاء المهتمين بالشؤون العراقية ان يروا الوضع على الارض وان يستمعوا الى صوت الحكومة العراقية والمواطنيين العراقيين العاديين بدلا من التعرض فقط لتفسيرات واصوات هؤلاء الذين لديهم اجندات سياسية، ولم يوضح الموسوي من المقصود بكلامه ولكنه اشار الى قوى اقليمية لم يحددها بالاسم تحرص على رؤية العراق ضعيفا، وتخوض بغداد حربا كلامية مريرة مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي اتهم المالكي بتهميش معارضيه السنة في الوقت الذي يحذر فيه من تصاعد التوتر بين السنة والشيعة، واستضاف اردوغان في الاونة الاخيرة مسعود البرزاني رئيس الحكومة الاقليمية الكردية بالاضافة الى اياد علوي منافس المالكي وزعيم تكتل العراقية السني.

تقارب بين المالكي والمطلك

فيما اثارت تصريحات صدرت في الاونة الاخيرة عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (شيعي) ونائبه صالح المطلك (سني) تفاؤلا باحتمال قرب انفراج الازمة السياسية التي تعصف بالعراق منذ اشهر، وكان المالكي قد طالب بحجب الثقة عن المطلك، اثر وصف الاخير له بانه "دكتاتور اسوأ من صدام" حسين، ما ادخل البلاد في ازمة سياسية، واثار توترا في البرلمان بين الكتلة العراقية بزعامة اياد علاوي والتي ينتمي اليها المطلك، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، وتسبب هذا الامر، الى جانب قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، بدخول البلاد في ازمة سياسية حادة، وجاء التفاؤل بالانفراج اثر تصريحات للمالكي بان "قضية المطلك سياسية قابلة للحوار" ومن جانبه خفف المطلك الذي لم يحضر جلسات مجلس الوزراء منذ اندلاع الازمة قبل خمسة اشهر، من لهجته ووصف في لقاء تلفزيوني المالكي ب"الشخصية الوطنية"، وقال المطلك في مقابلة مع قناة "العراقية" الرسمية، بانه "بالتاكيد كان هناك فتور ومشكلة مع الاخ دولة رئيس الوزراء (...) لكن رغم ما حصل لا توجد عندي ضغينة على الرجل" مضيفا "كان هناك اختلاف في وجهات النظر على طريقة ادارة البلد، والاخ المالكي يعرف جيدا ان الامور التي تسير فيها البلاد تحتاج الى تصحيح، وعلينا جميعا ان نتعاون للقيام بذلك"، واضاف "اعرف ان المالكي لديه مواقف وطنية مشهودة، وينادي بوحدة العراق وانا انادي بوحدة العراق، ويطرح هيبة القانون وتحقيق القانون على الجميع، وهذه الامور نحن نتفق عليها"، واتفق المطلك مع المالكي على ان "كركوك عراقية وهي لكل العراقيين" الامر الذي عارضه الاكراد الذين يشددون على "كردستانية كركوك"، ويريدون الحاقها بكردستان، بعد اجراء استفتاء سكاني في هذه المدينة الغنية بالنفط. بحسب فرانس برس.

كما اتفق المطلك مع المالكي في رفضه الدعوة الى الفدرالية التي تبنتها بعض المحافظات ذات الغالبية السنية. وقال بهذا الخصوص "نريد عراقا موحدا، لكن اذا ما كان هناك اصرار فعلينا التوجه الى الفدرالية الادارية لا السياسية"، ولم يتطرق المطلك الى قضية الهاشمي التي يطالب بعض اعضاء القائمة العراقية بمعالجتها عبر صفقة سياسية في وقت يؤكد المالكي على انها مسألة قضائية، وكانت بدات جلسات محاكمة غيابيا بحق الهاشمي وعدد من حراسه المقربين بتهم بينها مقتل ستة قضاة والعديد من كبار المسؤولين، ويقيم الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف عن الشرطة الدولية الانتربول في تركيا، وتوجه الهاشمي قبيل صدور مذكرة اعتقال بحقه الى اقليم كردستان الشمالي حيث اقام بضيافة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني (سني) الذي وفر له الحماية ورفض تسليمه الى السلطات العراقية، وتوالت الازمات في العراق مع انسحاب اخر الجنود الاميركيين منه منتصف كانون الاول/ديسمبر 2011، وذلك بعد نحو تسع سنوات من اجتياح العراق واسقاط نظام صدام حسين في 2003.

وثائق سرية

على الصعيد نفسه هددت رئاسة إقليم كردستان العراق بنشر وثائق وإثباتات قالت إنها "تفضح الكثير من السياسات المتبعة من قبل مكتب رئيس الوزراء" نوري المالكي، مشيرة إلى أن الوثائق تتعلق باتفاقيات بين المالكي وحزبه وقائمته مع الإقليم، وأخرى "تهم الوضع السياسي العام في العراق،" في إشارة إلى المأزق المتصاعد بين الجانبين، وقال بيان صادر عن المتحدث باسم رئاسة إقليم كردستان إن المالكي وخلال مقابلة له مع فضائية (ان. آر. تي) الكردية "كرر ما اعتاد عليه من تطاول واتهامات ضد الإقليم وحاول إلقاء اللوم على الآخرين في كل المشاكل التي يعاني منها العراق وقدم نفسه بأنه الحامي للدستور ولوحدة العراق، وأضاف البيان أن المالكي: "ذهب أبعد من ذلك، حيث أعلن نفسه حامياً للكرد بدلاَ من القادة الكرد الممثلين الشرعيين لشعب كردستان،" لافتاً لذا إننا سوف نعلن للرأي العام وثائق وإثباتات لدحض هذه التهم والأباطيل الملفقة، وتابع البيان بالقول إن المالكي كرر خلال المقابلة اتهامات سبق وأن رد عليها الأكراد في مناسبات عديدة، ولكن "تماديه هذا قد أوصل الحالة هذه المرة إلى حدٍّ لا يمكن السكوت فيها، لذا نضطر لإعطاء توضيحات إزاء ما تفوه به بلغة ملؤها التهجم والكرب الدفين، ولفتت رئاسة إقليم كردستان، إلى أن الوثائق "تتعلق بالاتفاقات بين السيد المالكي وحزبه وقائمته مع الإقليم، أو بعض الوثائق السرية المتعلقة بأمور تهم الوضع السياسي العام في العراق.

وختم البيان بالقول إن المالكي: "أخرج وأظهر كل ما في دواخله من نوايا خبيئة خائبة،" وأن "انغماسه في تفرده في هذه الجولة قد أفقده حتى رؤية الآخرين والتعايش معهم، وهذا ما يجبرنا على كشف بعض الحقائق، وإلاّ فليس من عادتنا كشف الإسرار أو الإساءة إلى حرمة المجالس، كما قام الزعيم الشيعي العراقي، مقتدى الصدر، بزيارة إلى إقليم كردستان، حيث عقد لقاء قمة مع الرئيس جلال طالباني، ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي، المنافس الأكبر للمالكي، الذي ما زال يرتبط بعلاقات تحالف مع كتلة الصدر البرلمانية، وشن الصدر لاحقاً هجوماً على المالكي، منتقداً السياسة "الديكتاتورية"، التي تتبعها الحكومة، والتي باتت تهدد الشيعة بـ"عزلة سياسية" على حد تعبيره.

حجب الثقة عن المالكي

في حين هدد أربعة من اكبر الزعماء السياسيين في الائتلاف الحاكم بالعراق -في رسالة نشرتها صحيفة حكومية بالتصويت بحجب الثقة عن الحكومة ما لم تتوقف سياسة التسلط في اتخاذ القرار، وبدأ الائتلاف الحاكم الهش الذي يضم الشيعة والسنة والاكراد في التصدع في ديسمبر كانون الاول بعد رحيل القوات الامريكية وذلك عندما حاولت الحكومة اقالة صالح المطلك النائب السني لرئيس الوزراء واصدرت مذكرة اعتقال بحق طارق الهامشي النائب السني للرئيس العراقي، وزادت القضيتان من حدة التوتر القائم منذ فترة طويلة بين السنة والشيعة الذي أعاق الحكومة عن اقرار تشريع رئيسي، وهناك خلاف محتدم ايضا بين الحكومة العراقية والمنطقة الكردية شبه المستقلة في شمال العراق بسبب صادرات النفط. بحسب رويترز.

وقالت مصادر سياسية ان المشرعين الاربعة الكبار اسامة النجيفي ومسعود البرزاني واياد علاوي ومقتدى الصدر بعثوا بالرسالة الى كتلة رئيس الوزراء نوري المالكي، وانتقد بعض خصوم المالكي ومنهم البرزاني والصدر رئيس الوزراء العراقي بانه اصبح دكتاتورا ويقول العديد من منتقديه انه يتعمد تهميش السنة والاكراد، وتحدد الرسالة ثمانية مطالب يتعين تنفيذها بحلول 13 مايو ايار لضمان تأييد الزعماء الاربعة لحكومة المالكي، وتقول الرسالة انه في حالة رفض الالتزام بمباديء واطارات هذا الاتفاق فسوف تتخذ خطوات عملية خلال فترة لا تتجاوز 15 يوما لاجراء اقتراع على الثقة في الحكومة، والرسالة مؤرخة بتاريخ 28 ابريل نيسان وهو اليوم الاخير من قمة مصغرة عقدها الزعماء الاربعة لمدة ثلاثة ايام قالوا خلالها انهم حاولوا التوصل الى حل للمأزق السياسي بالبلاد، ولم يحضر المالكي الاجتماع الذي عقد في مدينة اربيل، ودعت الرسالة الحكومة الى الكف عن التدخل في عمل قوات الامن وعمل البرلمان وتضمنت فقرة تنتقد الاستبداد في اتخاذ القرار، وطالبت الرسالة ايضا بتطبيق عدم تولي رئيس الوزراء منصبه لاكثر من فترتين بأثر رجعي. ويقضي المالكي فترة ولايته الثانية رئيسا للوزراء، وقالت الرسالة ان هذا امر ضروري لضمان انتقال سلمي للسلطة وارساء اسس ومباديء الديمقراطية لعدم السماح بتهيئة الاجواء للدكتاتورية، وللصدر تاريخ من العلاقات المتوترة مع المالكي، وقال ابراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني العراقي في بيان على موقعه ان كتلة المالكي عقدت اجتماعا ووعدت بعقد اجتماع لكل الكتل السياسية بالائتلاف الحاكم للتوصل الى حل للازمة.

عزلة سياسية

من جانبه دافع الزعيم الشيعي العراقي، السيد مقتدى الصدر، عن خياره بالتوجه إلى إقليم كردستان، والعمل على نقاط مشتركة مع قوى سياسية يغلب عليها الطابع السني والكردي، ورفض الانتقادات التي اعتبرت أن من شأن خطوته إضعاف الطائفة الشيعية وتحالفها المتمثل في حكومة نوري المالكي، منتقداً سياسية "الديكتاتورية"، التي تتبعها الحكومة، والتي باتت تهدد الشيعة بـ"عزلة سياسية، فقد ورد على موقع الصدر الرسمي سؤال، أثار صاحبه فيه إمكانية أن يكون للتصرف الأخير للزعيم الشيعي، لجهة الاجتماعات التي عقدها في إقليم كردستان، تأثيرات سلبية "فيها إضعاف للتشييع"، باعتبار أن الصدر جلس مع "بعض القادة المعادين للحكومة"، على حد وصف السائل، ورد الصدر بالقول إنه ليس للشيعة فحسب، بل لكل العراقيين من شيعة وسنة وعرب وأكراد، معتبراً أن العراق "وبسبب التصرفات الحكومية الشخصية والتفردية والديكتاتورية، صار في أزمة سياسية خانقة أدت بجميع الأطراف إلى الصراعات السياسية. بحسب السي ان ان.

ورأى الصدر أن تلك الصراعات "لا حصيلة منها إلا تضرر الشعب العراقي وإضعاف التشييع، الذي صار لا يحظى بصداقة سنة العراق ولا أكرادهم،" منتقداً ما قال إنها تعابير مستخدمة من قبل أطراف السلطة ضد الشرائح الأخرى في المجتمع، وبينها وصفهم بـ"الإرهابيين" ولصوص النفط، وحذر الصدر من خطر تعرض الشيعة في العراق إلى ما وصفه بـ"العزلة السياسية" أو مواجهتهم لخطر "التفرد الديكتاتوري"، مضيفاً: "كي لا تتشوه سمعة التشيع أو ينفرد بالسلطة، وأن لا يبقى في الساحة عرضة للأخطار الداخلية الخارجية، سعيت إلى تقوية العلاقات الشيعية السنية، والشيعية الكردية، إن جاز التعبير، واعتبر الصدر أن توقيعه على اتفاقية النقاط التسع "منطقية"، ولا تتعارض مع الشريعة الإسلامية أو العقيدة الشيعية، وأضاف: "أوجه خطابي إلى الأخ المالكي الذي جعل من حفظ التشييع هدفاً له ؟؟!!.. إن حفظ التشييع لا يكون إلا بحفظ العراق، وحفظ العراق لا يكون إلا بحفظ أطيافه.. فالحكومات تزول والشعوب تبقى، والأديان والطوائف تعلو وتتحد.

كركوك هويتها عراقية

من جهته اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، خلال اجتماع لمجلس الوزراء قاطعه الوزراء الاكراد في كركوك، ان هوية محافظة كركوك ستبقى عراقية، في اشارة الى تصعيد في لهجة المواجهة مع الكتلة الكردية الساعية التي ضم كركوك الى اقليم كردستان، وتأتي تصريحات المالكي، التي ادلى بها في الاجتماع الوزاري الذي عقد للمرة الاولى في المحافظة المتنازع عليها (بين العرب والاكراد)، والمكونة طائفيا من اكراد وتركمان وعرب واقليات اخرى، في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الحكومة المركزية واربيل، مقر حكومة كردستان، بسبب عدة ملفات شائكة غير محلولة من ابرزها هوية كركوك، وقضايا النفط وغيرها، وقال المالكي، في الكلمة التي نقل التلفزيون العراقي الرسمي مقتطفات منها ان "هوية كركوك عراقية، ويجب أن لا تطغي هوية على أخرى، وهي (كركوك) تمثل عراقا مصغرا ومثالاً للتآخي والتعايش السلمي بين جميع العراقيين"، واوضح المالكي ان "حل مشكلة كركوك لا يتحقق بالقوة والإملاءات وإنما بارادة أهلها وجماهيرها"، داعيا الى "استثمار ثروات المحافظة بما يحقق الرفاه والتطور والاستقرار لمواطنيها"، واعتبر المالكي عقد اجتماع مجلس الوزراء في محافظة كركوك، التي شهدت اجراءات امنية مشددة سبقت الاجتماع، يأتي "في إطار سعي الحكومة لمتابعة مشاكل المحافظات والتوصل إلى حلول مناسبة لها، وتعزيز الخدمات، وحل المشاكل بما يتلاءم مع القانون، كما حصل في اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد بمحافظة البصرة". بحسب البي بي سي.

ويرى مراقبون ان تعليقات المالكي تمثل تكريسا للمعارضة القوية من الحكومة المركزية لمحاولات الاكراد ضم كركوك الى المحافظات الكردية الثلاث، اربيل والسليمانية ودهوك، وهي مشكلة يرون انها تشكل احد العراقيل الرئيسية في استقرار العراق على المدى البعيد، وتختلف بغداد مع اربيل على عدة ملفات معقدة، منها كركوك، وعادئات النفط في المناطق الكردية، والخلاف الذي نشأ اخيرا بلجوء نائب رئيس الجمهورية العراقي (السني) طارق الهاشمي الى اقليم كردستان بعد ان اتهمته حكومة المالكي بادارة فرق اغتيالات، والتي يرد عليها الهاشمي بأن مدفوعة سياسيا، فقد شن بارزاني في منتصف مارس/آذار هجوما ضد حكومة بغداد، واتهمها بالتنصل من الوعود والالتزامات، واتهم المالكي بـ "الدكتاتورية، والاستحواذ على المناصب الأمنية والسيادية في الدولة"، الا ان ياسين مجيد، نائب البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، واحد ابرز المقربين من المالكي، اتهم بارزاني بأنه "دكتاتور، وتعاون مع دكتاتور" في إشارة إلى الرئيس العراقي السابق صدام حسين، واتهمه ايضا "بابتلاع أموال النفط الذي ينتجه الإقليم".

رد كردستان

في المقابل اعتبر متحدث باسم رئاسة اقليم كردستان العراق، ردا على وصف رئيس الوزراء نوري المالكي لمدينة كركوك المتنازع عليها بانها ذات هوية عراقية، بان المالكي يريد من ذلك استمالة "شوفينيي" المدينة، مؤكدا انها مدينة "عراقية بهوية كردستانية"، وقال المتحدث باسم رئاسة الاقليم اوميد صباح عثمان ان "تحديد المالكي لهوية كركوك العربية هي مناورة من اجل استمالة بعض شوفييني المدينة"، ويطلق الاكراد تسمية الشوفينيين على العرب الذين يعارضون الحاق كركوك الغنية بالنفط الى اقليم كردستان، وشدد على ان "كركوك مدينة عراقية وهويتها كردستانية"، وكان المالكي مجلس الوزراء في مدينة كركوك، وقال خلال جلسة الافتتاحية ان "كركوك لها خصوصية، لانها عراق مصغر تتعايش فيها المكونات والقوميات ولا يصدق عليها الا ان تكون محافظة عراقية بكل معنى كلمة عراقية"، وتحولت زيارة المالكي الذي بدأ برنامجا ميدانيا لمعالجة مشاكل المحافظات، وعقد جلسات المجلس فيها، لسرعة اتخاذ القرار، الى قضية سياسية حيث قاطع جميع الوزراء الاكراد الجلسة، بطلب من رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، بحسب مصادر مطلعة. بحسب فرانس برس.

وقال المتحدث الكردي ان "السيد نوري المالكي كشف عن نواياه الحقيقة ازاء المادة 140 من الدستور العراقي خلال زيارته، وانه تجاهل ذكر او حتى الاشارة اليها"، والمادة 140 تنص على تطبيع الاوضاع في كركوك، واجراء احصاء سكاني يتبعها استفتاء لتقرير مصير المحافظة ، لكن السلطات الاتحادية تؤكد ان المادة اصبحت منتهية الصلاحية، واضاف "اذا اراد المالكي حل مشكلة المناطق المتنازع عليها، فيجب عليه تنفيذ المادة 140 والسماح لسكان كركوك بتقرير مصيرهم"، وتابع ان"هوية كركوك لا تحدد باستقدام الوية قوات خاصة من بغداد، وتحليق المروحيات"، ويطالب الاكراد بشكل متواصل بالحاق المناطق المتنازع عليها وابرزها كركوك الى اقليم كردستان الامر الذي يواجه معارضه الحكومة المركزية والسكان العرب على حد سواء.

الرئاسة العراقية تزيل الهاشمي

الى ذلك ازالت رئاسة الجمهورية العراقية حقل النائب طارق الهاشمي عن موقعها الالكتروني بعد بدء محاكمته غيابيا بتهم ارهابية، وحدث المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية الموقع الذي يتضمن حقولا خاصة برئيس الجمهورية ونائبه خضير الخزاعي ومدير الديوان نصير العاني، فيما حذف حقل نائب الرئيس طارق الهاشمي، ويقيم الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف عن الشرطة الدولية الانتربول في تركيا، وتوجه الهاشمي قبيل صدور مذكرة اعتقال بحقه الى اقليم كردستان الشمالي حيث اقام بضيافة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي وفر له الحماية ورفض تسليمه الى السلطات العراقية، وتعليقا على ازالة اسم الهاشمي من موقع الرئاسة قال مصدر في الرئاسة رفض الكشف عن هويته ان "العمل جاري على تحديث الموقع، وما زال الفنيون يعملون على اكماله"، كما حذفت من الموقع اي انشطة او اخبار عن الهاشمي، وبدأت جلسات المحاكمة غيابيا، بحق الهاشمي وعدد من حراسه المقربين بتهم بينها مقتل ستة قضاة والعديد من كبار المسؤولين بينهم المدير العام لوزارة الامن القومي واحد المحامين. بحسب فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/آيار/2012 - 30/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م