القنابل الصوتية... رسائل سياسية ترهق العراقيين وتثير استياءهم من الاحزاب

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تبددت ابتسامة محسن الصفار في يوم ربيعي معتدل لتتحول الى غضب متقد بعد أن حطّم دوي انفجار قريب زجاج واجهة متجره الجديد لبيع الحلويات. وبحسب تاجر الحلويات الكربلائي، فإن القنبلة الصوتية التي رماها مجهولون ليلا، لم تكن تستهدف محله بالتحديد، بل مسكن نائب برلماني يقع إلى الجوار.

وبين علب الحلوى التي بقيت متناثرة في جميع الأرجاء ريثما تنتهي التحقيقات، وصف الصفار العبوات الصوتية بأنها "آخر صرعة إرهابية حلّت في المدينة"، شاكرا الله على ان أحدا لم يصب بأذى.

وشهدت محافظة كربلاء خلال الأسابيع القليلة الماضية تفجيرات عدة بقنابل وعبوات صوتية يعد استخدامها أمرا جديدا من نوعه. واشار الصفار الى أن "مظاهر القلق عادت ترتسم في وجوه الناس، فيما شددت قوى الأمن من إجراءاتها المزعجة".

وغالبا ما يعقب أي خرق أمني في كربلاء اجراءات امنية مشددة تتمثل في غلق الطرق وحظر التجوال، وهو ما يثير الاستياء لدى الصفار وغيره من التجار الذين يعتمدون بشكل أساسي على السياحة الدينية.

وبحسب اعتقاد الأهالي، فإن تفجير هذا النوع من القنابل أقرب الى رسائل سياسية من كونه عمليات ارهابية دارجة. أحد سائقي سيارات الأجرة اعتبر الأمر "حربا نفسية" في خضم صراعات حزبية، وقال هاشم عبد الحسين، "انها معارك بين الساسة لكسب غنائم السلطة لا أكثر". وتابع، "اننا نتكبد ضريبة حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل".

واستهدفت القنابل الصوتية خلال الفترة الماضية عددا من منازل المسؤولين الحكوميين وبرلمانيين الى جانب أعضاء في احزاب سياسية وبعض مكاتب المرجعيات الدينية، فيما اكتفت السلطات المحلية باتهام من اسمتهم بـ "الفاسدين" بالوقوف وراء تلك التفجيرات.

وقال محافظ المدينة آمال الدين الهر في تصريح لمراسل وكالة أنباء المستقبل، إن "من يقف وراء التفجيرات الارهابية الاخيرة هي جهات متورطة بالفساد تسعى الى تكميم الافواه من خلال تلك الاعمال". موضحا أن "التفجيرات تهدف الى عرقلة عمل الهيئات الرقابية والقانونية".

وتعد محافظة كربلاء المقدسة لدى المسلمين الشيعة من أكثر مدن العراق أمنا، باستثناء اقليم كردستان الشمالي. وتستقطب يوميا الآلاف من الوافدين لزيارة العتبات المقدسة المتمثلة بمراقد الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام، وهي في الوقت ذاته مسقط رأس رئيس الوزراء نوري كامل المالكي.

وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على بداية الانفجارات المذكورة إلا أن الأجهزة الامنية لم تفلح حتى الآن في الكشف عمن يقف وراءها، حيث اكتفى مدير إعلام مديرية شرطة كربلاء بالكشف عن عثور مفارز الشرطة على احدى العبوات الصوتية التي لم يكتب لها ان تتفجر.

وقال المقدم علاء الغانمي، "عثرت مفارز الشرطة اثناء عمليات مسح ميداني على عبوة صوتية في منطقة حي الحسين وسط المدينة". وأشار إلى أن "القنبلة محلية الصنع تتكون من عبوة حديدية يوجد بداخلها مادة (سي فور) بوزن 400 غرام وفتيل طوله 40 سم مربوطة بداخل قداحة".

فيما ذكرت بعض المصادر التي رفضت ذكر اسمها قيام الاجهزة الامنية بحملة اعتقالات ضد بعض الجماعات الراديكالية المتشددة دون ان تسفر تلك الاعتقالات عن شيء يذكر.

وقال أحدهم، "شنت الحملة على جماعة الصرخي الدينية كونها احدى الجهات التي قد تكون متورطة في تلك التفجيرات".

والصرخي هو أحد مراجع الدين الشيعة وقد توارى عن الانظار منذ عام 2003 عقب قيام افراد من جماعته باستهداف القوات الامريكية، وقد شهدت الشهور الماضية توترا سياسيا شديدا بين اتباعه وبعض الحكومات المحلية في المحافظات، حيث ينشط افراد جماعته في مناطق الفرات الاوسط من العراق.

الى ذلك يبدي الكثير من المواطنين تزايد مخاوفهم مما يعتبره البعض انحدارا خطيرا لدى بعض الجهات السياسية الى مستوى الارهاب بهذا الشكل. ويعتبر احد ناشطي حقوق الانسان في كربلاء ان تلك الاعمال "انتهاكات صارخة، تسببت في حالة هلع ورعب لدى اغلب اهالي كربلاء".

ويضيف عدنان الصالحي عضو مركز آدم للحقوق والحريات في حديث لـوكالة أنباء المستقبل، "حتى ان لم تسفر تلك التفجيرات عن ضحايا بين صفوف المدنيين فإنها الحقت اضرارا نفسية ومعنوية كبيرة". ويحمل الصالحي الاحزاب مسؤولية وقفها بأسرع وقت، "كونها رسائل اعلامية متبادلة كما يتبين".

ولم تقتصر ظاهرة القنابل الصوتية على كربلاء فقط. وسبق لمحافظات شيعية أخرى في وسط وجنوبي البلاد  أن اختبرتها. وعلى غرار كربلاء شهدت البصرة (نحو 590 كم جنوب بغداد) في نيسان الماضي سلسلة هجمات ليلية باستخدام قنابل وعبوات صوتية فجرها مجهولون على منازل سياسيين ورجال دين منهم مدير الوقف الشيعي في المحافظة الشيخ محمد المطوري.

ولم تسفر معظم تلك الهجمات عن إصابات بشرية كما أن أضرارها المادية اقتصرت على تهشم زجاج نوافذ البيوت والسيارات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/آيار/2012 - 28/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م