قيود الهجرة... تفند احلام الطامحين

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: لم تعد الهجرة الى الغرب سهلة وطامحة ومليئة بالأمل والحياة الجديدة كالسابق مطلق، فالموازين القائمة قبل عقود قليلة من الزمن اختلفت كثيراً في الوقت الحاضر والدول التي كانت تشجع المهاجرين للقدوم اليها والاستقرار والعمل على اراضيها باتت تعيد الحسابات وتحصر الامر على قبول طلبات الهجرة واللجوء ضمن مواصفات وكفاءات خاصة فيما سنت دول اخرى قوانين وتشريعات جديدة امتاز البعض منها بالتطرف والتشدد، وتأتي هذه التقلبات في المواقف نتيجة لازمات عالمية عصفت بالأوضاع المستقرة كأزمة محاربة الارهاب واتساع هوة التطرف الديني والازمة الاقتصادية وغيره، ومع معاناة الهجرة وشغف العيش الذي يمر به المهاجرون وقسوة الظروف خلال "رحلة الموت" التي يعيشها طالب اللجوء منذ لحظة خروجه من الوطن وحتى وقت تمكنه من الحصول على الاقامة والعمل، لكن ما زالت اعداد المهاجرين في ارتفاع وطلبات اللجوء تستمر بلا توقف، وفي منطقة الشرق الاوسط ساعد الربيع العربي على ارتفاع معدلات الهجرة وطلبات اللجوء بحسب الامم المتحدة.       

ارتفاع عدد طالبي اللجوء

فقد كشفت الاحصاءات السنوية للمفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة ان عدد طلبات اللجوء الى الدول الصناعية في 2011 سجل ارتفاعا نسبته 20 بالمئة خصوصا بسبب "الربيع العربي"، وافادت هذه الارقام التي مؤخراً ان حوالى 441 الفا و300 طلب لجوء سجلت العام الماضي في 44 بلدا مقابل 368 الفا في 2010، وتحت تأثير التغييرات في غرب افريقيا والعالم العربي، بلغ عدد طالبي اللجوء القادمين من ساحل العاج وليبيا وسوريا وتونس مستوى قياسيا، وزبيادة قدرها 16 الفا و700 طلب عن العام 2010، وحول طلبات اللجوء التي تقدم بها تونسيون، كشفت الاحصاءات انها ارتفعت بمقدار تسع مرات، اي من 900 في 2010 الى 7900 في 2011، واوضح التقرير ان ثلاثة ارباع هذه لطلبات قدمت في ايطاليا وسويسر، وتابعت المفوضية في تقريرها ان اكبر عدد من طلبات اللجوء سجل في جنوب اوروبا وهو 66 الفا و800 طلب، بزيادة نسبتها 87 بالمئة، واوضحت ان "معظم طلبات اللجوء قدمها اشخاص وصلوا بسفن الى ايطاليا ومالطا". بحسب فرانس برس.

وسجلت زيادة كبيرة في تركيا ايض، وقال المفوض الاعلى للاجئين انطونيو غوتيريس ان "العدد الكبير لطلبات اللجوء يكشف بوضوح ان 2011 كانت سنة صعبة جدا على كثيرين"، واضاف "مع ذلك، يجب وضع هذه الارقام في اطار صحيح. فعدد الطلبات التي قدمت في كل الدول الصناعية يبقى اقل من سكان مخيم داداب للاجئين وحده في شمال شرق كينيا"، وجاءت اكبر نسبة من مقدمي طلبات اللجوء من افغانستان وبزيادة 34 بالمئة عن الطلبات التي بلغ عددها 35 الفا و700 التي سجلت في 2010، وتأتي الصين في المرتبة الثانية (24 الفا و400) يليها العراق (23 الفا و500)، وتحتل الولايات المتحدة التي تلقت حوالى 74 الف طلب المرتبة الاولى بين الدول التي سجلت فيها طلبات لجوء في 2011 وزادت طلبات اللجوء للولايات المتحدة بنسبة 33 بالمئة نصفهم من الصين والمكسيك والسلفادور، تليها فرنسا ثم المانيا فايطالي، لكن تبقى جنوب افريقيا التي لا يشملها التقرير الدولة التي سجل فيها اكبر عدد من طلبات اللجوء (107 آلاف) التي قدمت بين كانون الثاني/يناير وكانون الاول/ديسمبر 2011، وفيما يتعلق بامريكا الشمالية قالت المفوضية "رغم ان عام 2011 شهد أعلى مستوى لهذه المنطقة خلال نحو عشر سنوات فانه (عدد طلبات اللجوء) يمثل ثلثي مستواه في عام 2001 عندما تلقت كندا والولايات المتحدة 150 الف طلب لجوء."

640 مليون يحلمون بالهجرة

الى ذلك وجد استطلاع جديد أن قرابة الـ640 مليون شخص في أنحاء العالم، يريدون الهجرة من بلدانهم، وقرابة ربعهم يفضلون التوجّه إلى الولايات المتحدة، وأظهر الاستطلاع الذي أجراه معهد «غالوب» الأميركي للاستطلاعات، والذي شمل 151 بلداً حول العالم، أن قرابة الـ13٪ من الراشدين فيها يرغبون في الهجرة للعيش في بلد آخر، وعبّر 150 مليون شخص ممن شملهم الاستطلاع، عن الرغبة في الهجرة إلى الولايات المتحدة، فيما عبّر 45 مليون شخص عن الرغبة في التوجه إلى بريطانيا، و42 مليونا إلى كندا، و32 مليونا إلى فرنسا، و31 مليونا إلى السعودية، وفي ليبيريا قال 37٪ ممن يرغبون في الهجرة، إنهم يفضلون التوجه إلى الولايات المتحدة، و30٪ إلى سيراليون، و26٪ إلى جمهورية الدومينيكان، و24٪ إلى هايتي، و22٪ إلى كمبودي، ومن الأسباب التي تدفع هؤلاء للهجرة، الالتحاق بأفراد عائلاتهم، أو الحصول على فرصة عمل، أو القدرة على التعبير بحريّة عن الرأي، وشمل الاستطلاع الذي أجري عبر الهاتف 452 ألفا و199 شخصاً في عمر يزيد على 15 عاماً بين عامي 2009 و،2011 في 151 بلداً، وبلغ هامش الخطأ فيه قرابة الـ1٪. بحسب يونايتد برس.

فرنسا وتشديد سياسة الهجرة

على صعيد مختلف يعتزم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يخوض حملة لاستعادة اصوات اقصى اليمن في الانتخابات الرئاسية، وحث شركائه في الاتحاد الاوروبي مؤخراً على القبول باغلاق الحدود الوطنية في حال اشتد تدفق المهاجرين، لكن طلبه يثير الكثير من التحفظات، وقال ساركوزي غداة الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي سجلت خلالها مرشحة اقصى اليمين مارين لوبن نتيجة تاريخية، ان "الفرنسيين لا يريدون اوروبا غير مضبوطة الحدود، هذه هي الرسالة التي سمعتها"، واضاف في مهرجان انتخابي "اذا كانت اوروبا عاجزة عن الدفاع عن حدودها فان فرنسا ستدافع عن حدودها" مؤكدا "لقد انتهى زمن اوروبا العاجزة عن التحكم في تدفق المهاجرين"، وسيدافع وزير الداخلية كلود غيان عن هذا الموقف خلال اجتماع مع نظرائه الاوروبيين في لوكسمبورغ، وسيطالب بامكانية اعادة فرض المراقبة على الحدود الوطنية لمدة شهر في حال حصل تهاون في اي من الحدود الخارجية لفضاء شنغن، مع امكانية تمديد هذه الفترة اذا اقتضى الامر، ودعمت المانيا هذا الطلب في رسالة مشتركة وقع عليها ايضا وزير الداخلية الالماني هانس بيتر فريدريش. بحسب فرانس برس.

ويقر الفرنسيون بانهم لن يحصلوا على اي نتيجة ملموسة لا سيما وان هذا الموضوع ليس مدرجا على جدول اعمال الاجتماع وليس مقررا اجراء اي نقاش حول فضاء شنغن قبل اجتماع وزراء الداخلية المقبل في 26 ايار/مايو اي بعد عشرين يوما على الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، كما ابرزت كل من الدنمارك التي تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي والمفوضية الاوروبية، ولا يرغب اي مسؤول اوروبي في اتخاذ موقف من هذه المسالة التي تثير حساسيات سياسية كبيرة في فرنسا قبل الانتخابات، كما قال احدهم طالبا عدم كشف هويته، فقد ادرك الاوروبيون ان النتيجة التي حققتها الجبهة الوطنية (اقصى اليمين) (قرابة 18% من الاصوات) في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية ستضع المواضيع المرتبطة بالهجرة في صلب حملة الدورة الثانية في فرنس، غير ان عزم نيكولا ساركوزي المعلن على ارغام شركائه على قبول مطالبه اثار استياء بعضهم وقد تكون اول ردود الفعل سلبية في لوكسمبورغ، واعتبر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن في حديث مع اسبوعية در شبيغل الالمانية ان "رائحة كريهة" تفوح من الاقتراح الفرنسي الالماني حول شنغن.

من جانبها قالت المفوضة المكلفة الشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم "على القادة الاوروبيين ان يثبتوا جدارتهم بالقيادة بدلا من السعي الى تملق قوى اليمين المتطرف"، والطلب الفرنسي الالماني ليس بجديد بل ان النقاش حول اصلاح شنغن بدا في اذار/مارس 2011 بمبادرة من فرنسا واكدت المفوضية الاوروبية انها "عرضت اقتراحات كانت حتى الان مرفوضة من الحكومة الفرنسية"، من جهتهم يؤكد المفاوضون الفرنسيون ان المبادرة الفرنسية الالمانية تهدف الى "تسريع الوتيرة"، لكنها تذهب ابعد من ذلك حيث تهدف الى "استبعاد موقت" للدول الاعضاء في فضاء شنغن التي تشكل حدودها الحدود الخارجية لهذا الفضاء، عندما لا تكون قادرة على مراقبة تلك الحدود، وكان نيكولا ساركوزي واضحا جدا عندما قال ان "الحدود بين اليونان وتركيا غير مدافع عنه، وغير مضبوطة ولا تتم السيطرة عليها"، وتقول اثينا انها قادرة على القيام بواجباتها اذا عمدت تركيا الى وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من اراضيها لكن انقرة تريد في المقابل تسهيلات لمنح تاشيرات دخول لمواطنيها الى الاتحاد الاوروبي وهو ما تعارضه الماني، ولم تتطرق الرسالة الفرنسية الالمانية لهذه النقطة.

قيود الهجرة الى بريطانيا

في سياق متصل تنشر الصنداي تلغراف على صفحتها الاولى تقريرا تفرد له في الداخل مساحة اوسع عن حملة على المهاجرين الى بريطاني، وتقول الصحيفة ان رسالة داخلية في مجلس الوزراء تشير الى الاعداد لحملة للحد من استقدام حاملي الجنسية البريطانية لأهلهم للإقامة في بريطاني، وتشير الوثيقة المسربة التي تقول الصحيفة انها اطلعت عليها الى اقتراح من وزيرة الداخلية تريزا ماي بزيادة الحد الادنى للدخل المطلوب كي يستقدم الزوج زوجته او الزوجة زوجها الى بريطاني، وحد الدخل السنوي المطلوب حاليا لاستخراج تاشيرة دخول للشريك هو 25 الفا و700 جنيه استرليني، وتريد الوزيرة رفعه الى 27 الفا و500 جنيه استرليني، واذا كان هناك طفل يرتفع الحد الادني للدخل المطلوب لاستخراج التاشيرة الى 37 الف جنيه استرليني واذا كان هناك طفلان يرتفع الى 49 الف جنيه واذا كانوا ثلاثة اطفال يرتفع الى اكثر من 62 الف جنيه استرليني، والوثيقة المسربة هي خطاب مؤرخ بيوم 14 من الشهر الماضي موجه من الوزيرة الى نائب رئيس الوزراء نك كليغ تقول فيه انها تنوي ادخال تغييرات في شروط استخراج التاشيرات بدءا من يونيو/حزيران.

وحسب خطاب ماي فان التغييرات تستهدف "تخفيف العبء عن دافعي الضرائب وتعزيز الاندماج ومكافحة انتهاك القواعد"، وتشمل التغييرات ايضا "فترة اختبار" لمدة خمس سنوات واجادة اللغة الانجليزية للمستقدمين الى بريطانيا للاقامة فيه، ويمكن ان تؤدي تلك التغييرات الى خفض عدد الازواج والزوجات الذين ياتون الى بريطانيا للاقامة بحوالى 15 الف سنوي، وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون تعهد بخفض اعداد المهاجرين الى بريطانيا الى "عشرات الالاف" من ربع مليون شخص سنويا حاليا وذلك بحلول موعد الانتخابات القادمة في 2015، وتشير الصنداي تلغراف الى ان تلك التغييرات ستزيد من سوء العلاقة بين حزب المحافظين وحزب الليبراليين الديمقراطيين شريكه في الائتلاف الحاكم.

الاقتصاد الالماني بحاجة للمهاجرين

فيما اعتبر البنك المركزي الالماني (البندسبنك) في تقريره الشهري الذي نشر حديثاً ان المانيا بحاجة الى حوالى 200 الف مهاجر اضافي في السنة لتعويض تراجعها الديموغرافي ودعم نموه، وهذا التقرير المنتظم لليد العاملة الاجنبية ينبغي ان يدخل في اطار اصلاحات ترمي الى تمديد مدة العمل الفعلية وتسهيل الحياة المهنية للاشخاص الذين لديهم اطفال على عاتقهم، كما اضاف البنك المركزي، وكانت المانيا توقعت تاخير سن التقاعد الى السابعة والستين، وهي تبذل جهودا لجذب مزيد من المهاجرين وخصوصا العمال المؤهلين مثل مهندسين وخبراء معلوماتية او ممرضين، واستضاف البلد العام الماضي 177300 مهاجر غالبيتهم من اوروبا الوسطى والشرقية، في زيادة بنسبة 2،6% مقارنة مع العام 2010، وهي الاهم منذ 15 عام، وبات البلد يعد اكثر من 10،6 ملايين مهاجر من اصل عدد سكان اجمالي من 81،7 مليون نسمة في 2010، وفقا للمعهد الفدرالي للاحصاءات، ومع معدل خصوبة بين الادنى في العالم ومعدل عمر بين الاكثر ارتفاعا، يبدو ان الديموغرافيا في المانيا تشكل قنبلة موقوتة بحيث تلقي بثقلها على القدرة على النمو وعلى المالية العامة، وتدل التوقعات الديموغرافية على ان نسبة الاشخاص في الخامسة والستين وما فوق ستقفز من 20% حاليا الى 34% في 2060. بحسب فرانس برس.

أستراليا توحد إجراءات اللجوء

من جهتها رحبت جماعات حقوقية بقرار الحكومة الأسترالية معاملة جميع طالبي اللجوء بطريقة واحدة بغض النظر عن الوسيلة التي وصلوا بها إلى البلاد، ووصف جراهام ثوم، المنسق الوطني للاجئين في منظمة العفو الدولية بأستراليا، هذا القرار بكونه "قراراً هاماً جداً بالنسبة لأستراليا"، وفي السياق نفسه، يرى بول باور، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين الأسترالي، أن "هذا الإعلان يضع نهاية للإجراءات التي كانت تتسم بالتمييز ضد طالبي اللجوء، بناءً على مكان وكيفية وصولهم إلى أستراليا"، واعتباراً من الرابع والعشرين من مارس، سيتم تقييم طالبي اللجوء ممن لا يحملون وثائق سفر والذين وصلوا إلى أستراليا عن طريق القوارب وفقاً لنفس النظام المطبق على الوافدين عن طريق الجو بهدف تحديد أحقيتهم في الحصول على وضع اللجوء، وتضع هذه الخطوة نهاية للنظام غير القانوني الذي بدأ العمل به عام 2001 عندما قامت حكومة رئيس الوزراء السابق جون هاورد بفرض استثناءات قانونية، أو استئصال عدد كبير من الأراضي، من بينها جزيرة كريسماس، في محاولة لجعل طلب اللجوء أكثر صعوبة بالنسبة لفئات معينة من الناس، ولكن في 11 نوفمبر 2010، قضت المحكمة العليا بافتقار قرارات تحديد صفة اللاجئين التي تم اتخاذها بموجب هذه السياسة للعدالة الإجرائية وتعارضها مع القانون الأسترالي. بحسب ايرين.

وقد علق كريس بوين، وزير الهجرة والجنسية، على الموضوع بقوله أنه "تمشياً مع إطار العمل الجديد، سيتم النظر في طلبات الأشخاص الذين يصلون بالقوارب اعتباراً من تاريخ (24 مارس) بموجب عملية قانونية تتمتع بمزايا المراجعة من قبل محكمة مراجعة طلبات اللاجئين في حالات الاستئناف، بدلاً من نظام المراجعة المستقلة للاستحقاق السابق"، وأضاف الوزير أن "هذا يعني أن عملية تقييم التزامات الحماية للوافدين بصورة غير نظامية عن طريق البحر ستكون متوافقة مع عملية التقييم الخاصة بحماية طالبي تأشيرة الدخول عن طريق الجو"، وعلى الرغم من الإعلان الصادر مؤخراً، يقول النشطاء أن السياسات الحكومية مستمرة في معاقبة الوافدين عن طريق القوارب، الذين يتضح في نهاية الأمر أن اللاجئين الحقيقيين يمثلون الغالبية العظمى منهم، وهو ما علق عليه إيان رينتول، المتحدث الرسمي باسم تحالف العمل من أجل اللاجئين، بقوله أن "الاحتجاز القسري لطالبي اللجوء الذين لا يحملون وثائق يشكل قضية جوهرية مازالت غير محسومة، ينبغي إلغاء هذا النوع من الاحتجاز فوراً".

وقال ثورن، ممثل منظمة العفو الدولية، أنه "من المهم بالنسبة لأستراليا أن تقوم الآن بإعادة النظر في سياسات مثل الاحتجاز القسري وضمان معاملة جميع طالبي اللجوء على قدم المساواة بغض النظر عن كيفية دخولهم إلى البلاد"، وأضاف أن معاملة طالبي اللجوء بطرق مختلفة على أساس كيفية وصولهم إلى البلاد أمر يتعارض مع التزامات أستراليا الدولية بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وطبقاً لما ذكرته وزارة الهجرة والجنسية الأسترالية، يوجد أكثر من 4،500 شخص محتجزين الآن، من بينهم 3،000 شخص في ثمانية مراكز احتجاز لاجئين تخضع لإجراءات أمنية مشددة، ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الأسترالية اعتمدت منذ تسعينيات القرن الماضي سياسة الاحتجاز القسري لأجل غير مسمى ضد طالبي اللجوء الوافدين عن طريق القوارب والذي يأتي العديد منهم من أفغانستان وإيران وسريلانك، كما تشير الإحصاءات الحكومية إلى أن أكثر من 36 بالمائة من المحتجزين ظلوا قيد الاحتجاز لأكثر من عام، وقال رينتول أن أستراليا "احتجزت 2،000 شخص لأكثر من عام و1،000 شخص لأكثر من 18 شهراً، وهذه فترات طويلة جداً، بل أطول مما ينبغي".

المهاجرون الأفارقة يدفعون الثمن

بدورهم دفع المهاجرون الأفارقة غالياً ثمن الثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد الراحل، معمر القذافي، بفقدانهم مصدر الرزق بعد فرارهم من هناك هرباً من جحيم المعارك، كما فقدت دولهم دعامة اقتصادية رئيسية، وأجبر مئات الآلاف من الأفارقة على الهروب من ليبيا بعد اتهامات وجهت لبعضهم بالانضمام للقتال إلى جانب صفوف أنصار القذافي، ومن بين آلاف النازحين نحو 300 ألف تشادي، كانوا يعملون في قطاعي النفط والبناء، وساهمت تحويلات المهاجرين التشاديين بليبيا في دعم اقتصاد الدولة الإفريقية، التي يعيش غالبية سكانها تحت خط الفقر بأقل من دولارين في اليوم، وقال محمد، وهو تشادي عمل في مشاريع البناء بليبيا: "لا أملك أي مؤهلات أو مهارات، وبلدنا قاحل تندر فيه الأمطار ما يجعل خيار الزراعة أمراً غير ممكناً"، وزعم أن ثواراً ليبيين اقتحموا مقر سكن العمال في بنغازي، واتهموا نحو 300 تشادي بدعم القذافي، ومضى قائلاً: "لم أستوعب أسباب مهاجمتهم لي، فأنا مجرد عامل لا أكترث بالسياسة أو الحكومات"، وبدوره قال تشادي آخر يدعي تيجاني علي محمد، إنه قضى عدة أشهر في سجن بالعاصمة طرابلس، حيث احتجز العديد من الأفارقة من دول أخرى. بحسب سي ان ان.

وأوضح: "أجبروني على الاعتراف بأنني عملت بجانب القذافي، واستمروا في ضربي كلما نفيت ذلك، كانت معاناة متواصلة، تعرضت فيها للضرب طيلة الوقت"، ولعب بعض المهاجرين الأفارقة دوراً إبان ذروة الأزمة الليبية إذ قاتلوا كمرتزقة إلى جانب أنصار القذافي، ما أثار حفيظة العناصر المناهضة له، وكانت منظمة الهجرة الدولية قد أجرت مفاوضات مع المجلس الانتقالي الليبي لإجلاء العمال التشاديين والأفارقة الذين حوصروا في ليبي، وقال وزير المالية التشادي السابق، علي عبد الرحمن، إن توقف تحويلات المهاجرين كان له تأثير بالغ على الاقتصاد الوطني: "استقبلنا 100 ألف مهاجر ساهموا في تنمية ليبيا وعادوا خاليي الوفاض"، وأضاف: "من الصعوبة بمكان إطعام شخص واحد في تشاد، فكيف الحال بـ100 ألف شخص إضافي قدموا دون ترتيب أو تخطيط مسبق، لم نتلق مساعدات كافية من الدول الدولية، أصبحنا على نحو ما ضحايا الحرب في ليبيا"، ورغم امتلاك تشاد لاحتياطات كبيرة من النفط إلا أن تلك الثروة لم تنعكس على حال المواطن هناك، وقال أحدهم: "الناس مازالوا فقراء وبحاجة للكثير، والنفط لم يقدم شيئاً للشعب"، وتصنف وكالة "الشفافية الدولية" تشاد، التي يحكمها الرئيس إدريس ديبي، منذ عام 1990، كواحدة من أسوأ دول العالم على صعيد الفساد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/آيار/2012 - 27/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م