مقدمة في علم نفس العرب

د. أسعد الامارة

رأيت ان اعرض كتاب (مقدمة في علم نفس العرب) لمؤلفه الدكتور ريكان ابراهيم مستشار الطب النفسي والطبيب الاديب والشاعر الموسوعي عرضا ابرز فيه جانباً من شخصية المؤلف قد تخفى على من لم يعرفه معرفة عن قرب فضلا عن ان هذا الكتاب يستحق القراءة لانه تشخيص موضوعي لظاهرة وجودية فرضت على الانسانية حضورها لقرون عدة وفي ازمان كثرت الابنية الحضارية وتنوعت مصادرها وكان الاساس في القياس هو اللغة - لغة العرب- منها انطلقت هذه الامة في الاتساع والامتداد الجغرافي والحضاري والديني حيث بنيت المدارس الفقهية والحواضر في مختلف اصقاع العالم.

 انطلق الطبيب النفسي الموسوعي والشاعر "ريكان ابراهيم" في نبش الذات العربية من مختلف الاتجاهات النفسية ومدارسها الحديثة ولسنا مغالين اذا قلنا ان هناك قلة محظوظة ان تجمع الطب في اعقد تخصصاته وهو الطب النفسي مع التحليل النفسي الذي تعلمه في اشهر مدارس التحليل النفسي في (فينا- النمسا) منذ عقد السبعينات في القرن الماضي فضلا عن قدرته الفائقة باللغة العربية التي احترفها احترافا قل مثيله..

 ونحن نتعرض لهذا العمل العلمي- الادبي معا ان صاحبه عاش نرجسيتين تتركز نرجسيته الاولى في قدرته على كشف هذا التضليل بصورة مستمرة ولقدرته على ان يكون جزءا من التجربة دون ان يفسد مشاركته فيها ما يجب ان يخرج به منها وهي تجربة الكتابة عن ذاته لكونه عربيا.

 استطاع الدكتور ريكان ابراهيم ان يخفف نرجسية المجرب في انعزاله عن ذاتيته كمحلل نفسي يؤمن بأن حسه وقياسه ليسا بمبعدة عن عوامل مضللة عدة بعضها فيما يحسه ويرغب بقياسه والبعض الاخر منه في ذاته هو كحاس وقياس فاستطاع ان يبتعد ولو جزءا من نرجسيته بتشخيصه لظاهرة العرب في علم نفس العرب بموضوعية وحياد ابتعد فيها عن الرياء والتكلف.

 ان ( د. ريكان ابراهيم) صاحب انفعال شاعر وأديب والمعروف ان انفعالات الشاعر والاديب لا يمكن وصفها لانه صاحب هموم دائمة فحينما كتب هذا الكتاب هو جزء من هموم جمعي لامة بإسرها.

عرض الدكتور ريكان ابراهيم في كتابه النفسي القيم "مقدمة في علم نفس العرب"باقسامه الاربعة: القسم الاول: ما علم النفس و القسم الثاني: مرافق حياة العرب والقسم الثالث العرب والامراض النفسية والقسم الرابع: العربي والآخر.

عرضت في الكتاب فصولا تمس الانسان العربي بتشخيصه في كل مجالات حياته منها المكونات الاساسية لشخصيته ومصادر دراسة العرب، والعربي وتعامله السياسي والوطنية عند العرب وفصول اخرى، اما في القسم الثالث الذي يعد بعداً تخصصيا للمؤلف وهو الامراض النفسية ففي بعض الفصول اشاح المؤلف اللثام عن العربي والمرض النفسي وفي فصل آخر عرض المؤلف عن الطفل العربي والمرض النفسي، أما القسم الاخير – الرابع فكان العربي والآخر بفصوله الثلاثة مبحثا غنيا في المداخلات النفسية.

يعرض د. ريكان ابراهيم في فصل العربي والامراض النفسية إن العرب يكرهون الطب النفسي وعلم النفس في الاعم الاغلب منهم كنوع من التخلص من اية إدانة سلوكية فيحاول كثيرون منهم رجْم الطبيب النفسي بالغرابة السلوكية والعزلة في محاولةٍ لايهام الآخر او الايحاء او الاقناع بأنهم سليمون ولاعلاقة لهم بزيارة هذا الطبيب او اقامة علاقة معه، فالعربي يُسمي الطبيب النفسي بـ ( طبيب المجانين) او يلصق به أقوالا كثيرة.

يعاني الاخصائي النفسي والتربوي والاجتماعي او الطبيب النفسي العربي من كثير من المزعجات او الصعوبات في فحص العربي المريض نتيجة للآتي من الامور:

1. العربي مثقل بالتقاليد التي تجعله يستحي من حقوقه في الصحة والسلامة فلا ينفتح على طبيبه او الاخصائي النفسي او الاجتماعي بسهولة.

2. المرافقون للمريض هم ابناء او افراد من اسرته لايملكون شيئا يقولونه عما يعانيه مريضهم لانهم هم أنفسهم كانوا سبباً في مرضه إن لم يكونوا مرضى ايضا.

3. العربي المريض يخاف من الطبيب فلا يكشف له اسراره وخصوصا ما كان متعلقاً بافكار الشك.

ينهي مؤلف الكتاب الدكتور ريكان ابراهيم بقوله ان هذا الكتاب ليس للمختصين في علم النفس وإن افادوا منه لكنه للجماهير العربية وللباحثين من غير العرب الذين يهمهم ان يعرفوا علم نفس هذه الامة.

* متخصص في علم النفس

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 16/آيار/2012 - 24/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م