التنمية في القارة السمراء مهام صعبة ولكن مثمرة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: مازالت القارة السمراء تواجه تحديات كبيرة على الصعيد التنموي، على الرغم من أنها حققت تقدما اقتصاديا على مدى العقد الماضي، والذي يعد أفضل عقد لها خلال السنوات الخمسين الماضية، إذ إن التفاوت الاقتصادي في معظم بلدان القارة الإفريقية يهدد النمو الاقتصادي المتسارع في الآونة الأخيرة، وينذر بمخاطر عدم الاستقرار ما لم تعالج مشاكل البطالة والجوع، خصوصا وان التوقعات تشير بتفاقم انعدام الأمن الغذائي في شرق منطقة القرن الأفريقي الذي يعد إنذارا مبكرا لتفاقم أزمة المجاعة، وكذلك اتساع الهوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء، ناهيك عن المستوى التعليم المتردي وارتفاع معدلات النمو السكان وغيرها الكثير من المخاطر والتحديات.

في المقابل هناك مؤشرات ايجابية قد تحد من تلك التحديات كالإمكانيات الزراعية الكبيرة المتوفرة في أفريقيا التي يمكنها النهوض بالقارة اقتصاديا واجتماعيا، الى جانب الاستثمار بالموارد الطبيعية كما الحال مع مستثمرو الشرق الأوسط الذين بدوا التوجه الى إفريقيا والاستثمار فيها، وكذلك المنح الدولية العالمية وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

في حين يرى الخبراء في هذا الشأن بأن النمو الاقتصادي ليس نهاية المطاف في حد ذاته في القارة، بل وسيلة لتحقيق كل أهداف التنمية المرغوبة في إفريقيا، وأنه حان الوقت للدول الأفريقية للاضطلاع بدور محوري في الاقتصاد العالمي، و تولى الحكومات دور القيادة في عملية التنمية بدولها، فهناك حاجة ماسة لتعزيز الإنتاج الزراعي بشكل خاص لحل مشاكل كثيرة في القارة السمراء تتعلق بنقص الغذاء، إذ يتطلب تحقيق هذا الهدف قيادة قوية وحاسمة، حتى يتسنى للقارة مواصلة مسارها في التنمية.

التفاوت الاقتصادي

فقد قال مركز دراسات رائد إن تنامي التفاوت الاقتصادي في أنحاء افريقيا قد يعرقل المكاسب الاقتصادية للقارة محذرا الحكومات من مخاطر عدم الاستقرار ما لم تعالج مشاكل البطالة والجوع، وأشاد فريق التقدم الافريقي في تقريره السنوي بالنمو الذي حققته القارة قائلا إن 70 بالمئة من إجمالي سكان افريقيا يعيشون حاليا في دول حققت معدلات نمو بأكثر من أربعة بالمئة على مدى العقد المنصرم، لكنه أشار أيضا إلى أن معظم الدول ليست بصدد تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015 في حين كان التقدم محدودا على صعيد التعليم وتغذية الطفل وصحة الأم، ورغم تنامي الطبقة الوسطى بفضل النمو الاقتصادي السريع قال التقرير الذي أطلق على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي لافريقيا إن نسبة من يزيد دخلهم على عشرة دولارات في اليوم لا تتجاوز الأربعة بالمئة وإن نصف السكان يعيشون بأقل من 1.25 دولار، وقال كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة ورئيس الفريق "الفوارق في فرص الحياة الأساسية - بالنسبة للصحة والتعليم والمشاركة المجتمعية - تمنع ملايين الافارقة من تفجير طاقاتهم وتعوق التقدم الاجتماعي والاقتصادي، ومن المنتظر أن يرتفع عدد الشبان في القارة لنحو مثليه مقارنة مع مطلع القرن ليصل إلى 246 مليونا بحلول عام 2020 مما سيتطلب توفير 74 مليون فرصة عمل في غضون عشر سنوات للحيلولة دون ارتفاع البطالة، وقال التقرير "عدم توفير الوظائف والفرص لشبان متعلمين تتزايد أعدادهم سريعا ويزدادون تمدنا قد تكون له تداعيات وخيمة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا. بحسب رويترز.

وبحسب صندوق النقد الدولي من المتوقع أن تنمو اقتصادات دول افريقيا جنوبي الصحراء أكثر من خمسة بالمئة هذا العام مدعومة بارتفاع الإنتاج الزراعي، ونمت اقتصادات شرق افريقيا التي ضربها الجفاف 5.8 بالمئة في 2011 حيث تعزز النمو في اثيوبيا إلى حوالي سبعة بالمئة بفضل زيادة الاستثمار في الزراعة، ورغم التحسن الكبير للأمن الغذائي فإن أكثر من 200 مليون شخص مازالوا بحاجة إلى مساعدة إنسانية حسبما ذكر التقرير، وقال عنان "افريقيا بسبيلها لأن تصبح وجهة استثمارية مفضلة وقطبا محتملا للنمو العالمي وموقعا للابتكار والإبداع على نطاق واسع، "لكن الطريق مازال طويلا ويجب على حكومات افريقيا أن تلتفت على نحو عاجل إلى أولئك المتخلفين عن الركب.

مستثمرو الشرق الأوسط

ففي ظل وفرة السيولة لدى مستثمري الشرق الأوسط بفضل النفط والغاز وقلة فرص النمو في الأسواق المتقدمة زاد تطلع هؤلاء المستثمرين إلى افريقيا، وبالرغم من أن القارة السريعة النمو تزخر بالفرص إلا أن مصرفيين يقولون إن هناك مجموعة من التحديات تواجه مستثمري الشرق الأوسط لاسيما بسبب صغر حجم الصفقات المحتملة، وقالت ديانا لايفيلد الرئيسة التنفيذية لمنطقة افريقيا في بنك ستاندرد تشارترد البريطاني "نلحظ مزيدا من الاهتمام. لكن لم نر الكثير من هذا الاهتمام يتبلور إلى صفقات حتى الآن، وأبلغت في مقابلة على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي لافريقيا "صناديق الثروة السيادية الشرق أوسطية مهتمة جدا بافريقيا.. التحدي الذي يواجهونه هو أن الحجم الذي يريدون الاستثمار به أكبر كثيرا مما تستطيعه القارة في الوقت الراهن، ويعقد المنتدى الاقتصادي العالمي لافريقيا في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا ويسلط الضوء على عوامل الجذب في افريقيا فهي القارة التي تضم عددا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم وتتزايد فيها الدخول بوتيرة متسارعة، وازدادت جاذبية الاستثمار في افريقيا أيضا بفضل استقرار سياسي نسبي مستمر منذ عشرة أعوام. بحسب رويترز.

وقال وزير الزراعة السعودي فهد بالغنيم بالتأكيد سيأتي مزيد من الاستثمار إلى افريقيا، وأضاف في اديس ابابا "في ظل الرؤية الواضحة التي تتبلور لدى القيادة الافريقية الآن سيكون هناك المزيد والمزيد من المستثمرين السعوديين، لكن الاستفادة من هذا النمو ليست بهذه السهولة نظرا لقلة السيولة في أسواق رأس المال. وبالنسبة للعاملين في مجال الاستثمار المباشر قلما توجد صفقة يكون حجمها مناسبا لحجم أعمالهم، فعلى سبيل المثال أبلغت شركة أكتيس للاستثمار المباشر في الأسواق الناشئة أنها تستهدف في افريقيا صفقات يكون حجم الواحدة منها 50 مليون دولار أو أكثر وهو ما يعني أن عليها التركيز على أكبر الاقتصادات في القارة -جنوب افريقيا ومصر ونيجيريا- لتجد الصفقات، ولذلك يركز بعض مستثمري الشرق الأوسط على صفقات أصغر ليستفيدوا من افريقيا.

انعدام الأمن الغذائي

في سياق متصل فمن المتوقع أن تتفاقم مشكلة الأمن الغذائي في شرق منطقة القرن الأفريقي نتيجة لسقوط أمطار أقل مما كان متوقعاً خلال الموسم الرئيسي، وقد حذر نظام الإنذار المبكر بالمجاعة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من أن معدل سقوط الأمطار في هذه الفترة سيتراوح ما بين 60 و80 بالمائة من المتوسط طويل المدى، وأن احتمال تحقق الحد الأدنى يبلغ 30 بالمائة، وذكر نظام الإنذار المبكر بالمجاعة في تقريره أنه "من المرجح أن تحدث زيادة في حجم السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وكذلك زيادة في حدة انعدام الأمن الغذائي"، وحذر التقرير من "آثار جسيمة على إنتاج المحاصيل وتجدد المراعي وتجدد الموارد المائية" في المنطقة التي عانت في عام 2011 من واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية الناتجة عن الجفاف على مدار عقود، وتعتبر الفترة الممتدة من مارس إلى مايو هي الموسم الرئيسي لهطول الأمطار في المناطق الرعوية والزراعية في شمال كينيا وإثيوبيا وأجزاء من الصومال، ويسقط خلال هذا الموسم ما بين 50 و60 بالمائة من الأمطار السنوية في المنطقة، وفي محاولة لمنع تحول الصدمات المناخية في المستقبل إلى أزمات إنسانية جديدة، أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وهي هيئة إقليمية، وشركاء التنمية الدولية مبادرة لتعزيز المرونة والقدرة على الصمود في المنطقة، وقالت كريستالينا جورجيفا المفوضة الأوروبية لشؤون التعاون الدولي والمساعدات الإنسانية والاستجابة للأزمات: "لقد خصصنا مبلغاً ]340 مليون دولار[ لدعم برامج التكيف، وبالرغم من استحالة حل المشكلات بين عشية وضحاها، إلا أنه من المهم تقدير الحاجة إلى استثمارات طويلة الأجل في مجالات مثل التعليم والمياه والحاجة إلى تحديد المشكلات في وقت مبكر والتعامل معها في الوقت المناسب. فالناس يحتاجون إلى المساعدة لتحقيق التعافي السريع من الكوارث". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

وحسبما أفاد سيلشي غيتاهون وزير الزراعة الأثيوبي، الذي يوجد في بلاده حوالي 3.2 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، فإن الالتزام السياسي من قبل الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية - بغض النظر عن دعم شركاء التنمية - سوف يلعب دوراً حاسماً في إيجاد حلول مستدامة لمساعدة الناس على مواجهة آثار موجات الجفاف المتكررة في المنطقة، وأضاف سيليشي قائلاً "لا يمكننا نحن الحكومات الإقليمية التحدث عن الشيء نفسه ]الجفاف[ مراراً وتكراراً دون أن نفعل شيئاً لمساعدة الناس. لقد حان الوقت للحكومات الإقليمية أن تحدث تغييراً"، وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية، أفاد ستيفن اوبرين وزير التنمية البريطاني أن "دعم برنامج التكيف والمرونة هو جزء مهم من الدعم والاستجابة الإنسانية، ويوفر طريقة أكثر استدامة للتعامل مع الكوارث"، وسيكون توفير البذور المقاومة للجفاف والمياه والتعليم وكذلك الاستثمار في تقنية التنبؤ بالأحوال الجوية والتوسع في برامج التغذية من بين الأمور التي سيتم إعطاؤها الأولوية، وفي تصريح له قال محبوب معلم السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية أن حل النزاعات المختلفة في منطقة القرن الأفريقي، التي شهدت نزوح الآلاف ومقتل أعداد أكبر، سيكون خطوة حاسمة في تحسين قدرة الناس على الصمود في مواجهة الكوارث، وأضاف قائلاً أنه "في مواجهة كوارث مثل الجفاف والمجاعة، تتعطل سبل العيش، ولا يمكن تجاهل الجهود الرامية لوقف الصراعات المختلفة التي نراها ]في القرن الأفريقي[ لأن الناس لا يستطيعون الصمود في حالة استمرار الصراعات".

مكافحة المجاعة

في حين وعد مسؤولون اميركيون امام الكونغرس بان تعمل الولايات المتحدة على ايجاد حلول دائمة لآفة المجاعة في القرن الافريقي ولا سيما في الصومال حيث لا تزال هذه الازمة شائكة رغم ان المجاعة انتهت رسميا في هذا البلد، وخلال جلسة استماع امام لجنة خاصة في الكونغرس الخميس لفت عدد من المسؤولين الى ان هطول كميات اكبر من الامطار سيحسن الوضع الغذائي في الصومال، ولكنهم اكدوا ايضا على اهمية ارساء استقرار سياسي في بلد محروم من حكومة مركزية حقيقية منذ اكثر من عقدين ويعاني من منع حركة الشباب الاسلامية المتطرفة لوصول المساعدات الدولية الى المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتقول الامم المتحدة ان عشرات الاف الاشخاص قضوا منذ تفشي المجاعة في الصومال في تموز/يوليو 2011. واذا كانت الامم المتحدة اعلنت في 3 شباط/فبراير ان هذا البلد خرج رسميا من حال المجاعة الا انها اشارت الى ان حوالى 2,3 ملايين نسمة اي تقريبا ثلث السكان ما زالوا بحاجة للمساعدة، وخلال جلسة الاستماع قالت نانسي ليندبورغ المسؤولة في الوكالة الاميركية للتنمية الدولية ان "هطول الامطار (في الصومال) يبقى غير مؤكد وحتى اذا خفت المجاعة فان الوضع في هذا البلد يبقى من بين الاخطر على وجه الكرة الارضية". بحسب فرانس برس.

واضافت المسؤولة الاميركية ان الولايات المتحدة وعددا من كبار المانحين الآخرين سيجتمعون في كينيا للبحث في برامج مساعدات بعيدة الامد لمنطقة القرن الافريقي، بما في ذلك برامج لتلقيح المواشي واخرى لتطوير الوسائل البديلة للسكان، واوضحت المسؤولة ان مثل هذه الجهود اعطت ثمارها في اثيوبيا حيث وبفضلها لم يعد 7,6 ملايين نسمة بحاجة الى مساعدة غذائية طوال موسم الجفاف، اما النائب الديموقراطي جيم ماكغافرن الذي يشارك في ترؤس اللجنة التي نظمت جلسة الاستماع، فحض ادارة الرئيس باراك اوباما على جعل مكافحة المجاعة اولوية على الصعيدين الوطني والدولي، وكان اوباما اطلق في 2009 بعيد تسلمه مهام منصبه برنامج "تغذية المستقبل" لمكافحة المجاعة في العالم.

الفقراء يرفعون الصوت ضد غلاء المعيشة

على صعيد أخر ليس يوم استحقاق الايجار البالغ 20 دولارا هو ما يؤرق روز أوينو وغيرها من أمهات هذا الحي الفقير في كمبالا فحسب، بل باتت روز تخشى أيضا ارتياد السوق مرتين في الأسبوع في ظل الارتفاع الشديد للأسعار في أوغندا، وتقول هذه الشابة البالغة من العمر 23 عاما والتي تخشى دوما ألا تتمكن من تأمين لقمة العيش لاولادها الثلاثة "باتت الحياة أصعب بكثير في ظل غلاء المعيشة"، ففي تشرين الأول/أكتوبر، بلغت نسبة التضخم 30 % على سنة مسجلة رقما قياسيا في غضون 20 عاما تقريبا وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 45 %، ويشرح فردريك غولوبا موتيبي المحلل السياسي في جامعة ماكيريري في كمبالا "تدنى مستوى معيشة أوغنديين كثيرين لا سيما منهم أفقر الفقراء"، فكانت روز أوينو تمتلك في ما مضى كشكا تبيع فيه الطماطم والبصل لربات المنزل في حيها الواقع في مقاطعة كونجي المترامية الاطراف عند تخوم العاصمة، لكن ارتفاع الأسعار أدى إلى تراجع كبير في عدد الزبائن وبات عملها بدوام جزئي كعاملة تنظيف في مقابل 40 دولارا في الشهر هو مورد رزقها الوحيد، وبلغ التضخم مبلغا هذه السنة بحيث اندلعت احتجاجات في الشارع، وفي نيسان/أبريل، قاد زعيم المعارضة كيزا بسيجي سلسلة من الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة قمعتها السلطات قمعا شديدا احيانا مما أدى إلى مقتل عشرة أشخاص على الأقل. بحسب فرانس برس.

واتت حركة الاحتجاج جزئيا من ان الشعور بان النخبة الحاكمة بذرت موارد كثيرة لضمان إعادة انتخابها في شباط/فبراير وأهملت مشكلة التضخم، أما اليوم فقد تراجع زخم هذه الاحتجاجات بسبب القمع الشديد الذي لا تزال السلطات تمارسه مثل اتهام كل من ينتقد الحكومة بالخيانة العظمى ووضع كيزا بسيجي تحت الإقامة الجبرية، على ما يفيد المدافعون عن حقوف الإنسان، كما أن الحكومة قصرت في واجباتها لمكافحة التضخم بالنسبة لفريديريك غولوبا موتيبي الذي يوضح "رفضت الحكومة تخفيض الضرائب على الوقود والديزل وسلع أساسية أخرى مما أثار حفيظة الشعب"، لكن الحكومة تؤكد أن أياديها مكبلة وهي تلقي اللوم على عوامل خارجية من قبيل الارتفاع العالمي لأسعار النفط والطلب المتزايد على السلع الغذائية في البلدان المجاورة بسبب موجة الجفاف التي اجتاحتها مؤخرا، ويقول ستيفن بيراهوا رئيس لحنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان والعضو في الحزب الحاكم "الحكومة على حق فخلال السنوات الأخيرة تزعزعت الاقتصادات العالمية مما ألقى بظلاله على أوغندا. لكن ينبغي أن نبذل المزيد من الجهود ونعتمد سياسات وطنية فريدة من نوعها في ما يخص الاستهلاك وندفع عجلة الإنتاج"، وقد رفع المصرف المركزي في أوغندا أسعار الفائدة منذ فترة وجيزة لدعم العملة الوطنية بعدما وصل الشلن الأوغندي إلى أدنى مستوياته في مقابل الدولار في أيلول/سبتمبر، ومع ان خبراء الاقتصاد أشادوا بهذه الخطوة إلا أنهم يشككون في ان يكون لها تأثير سريع على الأسعار، وتنذر غريس مكاكو المسؤولة عن الأسواق المالية في مصرف "ستاندرد شارترد" في أوغندا من أوقات عصيبة في العام 2012 قائلة "السياسات النقدية لا تعطي مفولها الا لاحقا"، لكن بنظر روز أوينو تزداد المشكلة تعقيدا يوما بعد يوم وهي تقول "ماذا عساي أفعل؟ لا أدري إذا بإمكاني دفع الأقساط المدرسية". ثم تقص بعض الطماطم لوجبتها الخفيفة.

تعزيز التجارة البينية

من جهة أخرى  قالت أوبياجيلي ازيكويسيلي نائبة رئيس البنك الدولي لافريقيا ان الدول الافريقية تستطيع تفادي تأثير أزمة منطقة اليورو التي تهدد بتقليص النمو الاقتصادي للقارة عبر تحسين التجارة البينية ومكافحة التضخم، وقالت ازيكويسيلي ان شركاء أفريقيا التقليديين في أوروبا سيتأثرون على الارجح بتداعيات أزمة الديون الاوروبية التي ستقلص التحويلات النقدية والتجارة والسياحة، وأضافت أن النمو الاقتصادي المتوقع لافريقيا يبلغ 5.3 في المئة هذا العام و5.6 في المئة لعام 2013 لكن من المرجح أن يؤدي الركود الى انكماش بنسبة 1.7 في المئة في 2012، وقالت ازيكويسيلي لرويترز على هامش قمة الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا "عندما نتحدث عن اليونان والبرتغال وأيرلندا والدول الاخرى فاننا ننظر الى دول أفريقية مرتبطة بشكل خاص بها. نتابع دولا مثل الرأس الاخضر وغينيا ونيجيريا وسيراليون، وأضافت أن قمة أثيوبيا ستناقش تعزيز التجارة الاقليمية البينية في أفريقيا لتخفيف تأثير الركود، وتابعت "في الرأس الاخصر تشكل التحويلات النقدية جزءا هاما جدا في ميزان المدفوعات وميزان المعاملات الجارية. ارتباطها بالبرتغال له تأثير كبير على التحويلات، واضافت "يمكن أن تتأثر عائدات السياحة (من أوروبا) بشكل خطير وأيضا الاستثمار الاجنبي المباشر. ستتأثر صادرات السلع الى أوروبا. بحسب رويترز.

وتعد التحويلات النقدية التي يرسلها العاملون في الخارج مصدرا أساسيا للنقد الاجنبي في أفريقيا بعد الايرادات من المصادر التقليدية مثل السياحة والمنتجات الزراعية والمعادن، وتتوقع ازيكويسيلي تباطؤا نسبته حوالي 30 في المئة على الاقل في بعض الدول الافريقية التي لم تحددها وذلك نتيجة لروابطها التجارية مع شركاء أوروبيين، وقالت ان بعض الدول الافريقية ترسل 60 في المئة من صادراتها الى دولة واحدة في أوروبا ومن المرجح أن تواجه تباطؤا في العائدات نظرا للازمة.

تقليص الهوة بين الاغنياء والفقراء

الى ذلك حث بان جي مون الامين العام للامم المتحدة حكومة انجولا على بذل المزيد لتقليص الهوة بين الاغنياء والفقراء لديها في خطوة قال انها ستزيد استقرار ووحدة تلك الدول الافريقية المنتجة للنفط، وانجولا هي ثاني اكبر دولة منتجة للنفط في افريقيا بعد نيجيريا ولكن ما يقدر بثلثي سكانها البالغ عددهم 18 مليون نسمة يعيشون على اقل من دولارين في اليوم، وقال بان في تصريحات نشرت على موقع الامم المتحدة على الانترنت في ساعة متأخرة ليل الاثنين ان "انجولا تملك ثروة كبيرة ولكن لديها ايضا فروقا كبيرة بين الاغنياء والفقراء، وكان بان يتحدث في ختام زيارة استغرقت 48 ساعة للعاصمة الانجولية لواندا التقى خلالها مع الرئيس خوسيه ادواردو دوس سانتوس ومسؤولين اخرين، واضاف "يجب على الحكومة ان تفعل المزيد لتعزيز النسيج الاجتماعي من خلال تشجيع المساواة الاجتماعية وضمان تحسين توزيع الدخل، "هذا امر يتعلق بالاستقرار والازدهار والعدالة، ويتهم مراقبون حقوقيون منذ فترة طويلة حكومة دوس سانتوس بسوء ادارة عائدات النفط وعدم القيام بشيء يذكر لمكافحة الكسب غير المشروع والفساد المتفشيين. بحسب رويترز.

قمة الاتحاد الإفريقي

على صعيد مختلف انتخب زعماء الاتحاد الافريقي رئيس بنين توما بوني يايي لرئاسة الاتحاد الافريقي في اول قمة تجمعهم منذ مقتل مؤسس التكتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وهنأ رئيس الاتحاد الافريقي المنتهية ولايته رئيس غينيا الاستوائية تيودورو اوبيانغ نغيما، الرئيس الجديد يايي بالمنصب، وقال اوبيانغ "لاشك لدي في انه بقيادتكم العظيمة.. ستوجهون عمل اتحادنا نحو اجندة من السلام والرخاء. اتمنى لكم التوفيق في مسعاكم"، ويايي خبير اقتصادي تولى رئاسة بنين البلد الصغير بغرب افريقيا قبل ست سنوات، وقد اعرب عن قبوله للمنصب باتضاع شاعرا "بجلل المسؤولية"، وقد افتتحت القمة الافريقية قبيل ظهر الاحد وستستمر يومين، ولم يثر اختيار زعماء القارة لمن يتولى رئاسة الاتحاد الافريقي خلفا لاوبيانغ اي خلاقات بينهم، ويتداول الزعماء الافارقة رئاسة الاتحاد بالتناوب سنويا، وجاء انتخاب رئيس بنين لرئاسة الاتحاد بعد ترجيح المصادر الدبلوماسية فوزه بالمنصب بين اسماء اخرى رشحت له كان منها الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان والغامبي يحي جامع، وقال اوبيانغ ختاما للعام الذي امضاه في رئاسة الاتحاد قبيل القمة انه يأسف لكون افريقيا اليوم "اشبه برقعة شطرنج فيها الامم والزعماء كبيادق.. تحركها قوى خارجية"، وبعد عام شهد مواجهة الاتحاد الافريقي ازمة اعقبت الانتخابات في ساحل العاج فضلا عن احتجاجات ما عرف بالربيع العربي، قال الرئيس المنتهي رئاسته للاتحاد ان الزعماء الافارقة يلزمهم اقامة جبهة مشتركة، وقال اوبيانغ للصحافيين في كمبالا "نحتاج اتحادا اكثر بين الزعماء الافارقة وتضامنا للتعامل مع التدخل من جانب قوى خارجية، والتعامل مع المشكلات التي تواجه القارة"، كما تختار القمة الاعتيادية الثامنة عشرة للاتحاد الرئيس المقبل لمفوضية الاتحاد الافريقي وهي الهيئة التنفيذية للكتلة الافريقية التي تضم 54 بلدا، حيث تنافس وزيرة الداخلية الجنوب افريقية نكوسازانا دلاميني زوما الرئيس الحالي للمفوضية جان بينغ، واعربت جنوب افريقيا السبت عن تفاؤلها في فرص فوز دلاميني زوما الزوجة السابقة للرئيس جاكوب زوما في الفوز على الغابوني بينغ الذي انتخب اولا في 2008، وقالت وزارة الخارجية الجنوب الافريقية في بيان لها "الحكومة متفائلة بحصول الوزيرة دلاميني زوما على الاصوات اللازمة"، ولم يسبق ان تولت امرأة رئاسة مفوضية الاتحاد الافريقي. ومن المقرر ان يجري الانتخاب بالاقتراع السري، وتقول مصادر مقربة من بينغ انه واثق من اعادة انتخابه معولا على دعم بلدان غرب ووسط افريقيا الناطقة بالفرنسية. بحسب فرانس برس.

وقد اطلقت دلاميني زوما (62 عاما) حملة قوية تحظى بدعم تجمع تنمية بلدان الجنوب الافريقي الذي يضم 15 عضوا، وتجري القمة في المقر الجديد الانيق للاتحاد الذي بناه الصينيون والذي دشن السبت، ويحضرها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، ودعا بان في كلمة القاها بلدان افريقيا الى احترام "حقوق مثليي الجنس". وقال بان "ثمة شكل من اشكال التمييز تتجاهله او تقره العديد من البلدان منذ امد طويل على اساس التوجه او الهوية الجنسية"، واضاف ان ذلك يجعل الحكومات تعامل المثليين كمواطنين من الدرجة الثانية او كمجرمين، معربا عن ادانته لذلك، وتركز القمة ايضا على تعزيز التجارة بين بلدان القارة، وقال بينغ في افتتاح القمة ان "النمو في القارة ظل قويا، ويعتقد كثير من المراقبين ان افريقيا على وشك انطلاقة اقتصادية، غير اننا مازلنا في البداية"، مؤكدا ان على الاتحاد الافريقي "التعجيل بالتكامل الاقتصادي للقارة اذ ان التجارة البينية بين البلدان الافريقية ليست كافية"، وتمثل التجارة بين البلدان الافريقية حاليا 10 بالمائة مقارنة بنسبة 40 بالمائة من التجارة البينية في اميركا الشمالية مع شركاء اقليميين لذاك التجمع ونسبة 63% من التجارة البينية بين بلدان غرب اوروبا، وتعاني القارة الافريقية من بنى تحتية ضعيفة خاصة الطرق والسكك الحديدية فضلا عن عوائق تتعلق بالرسوم الجمركية والاعتماد على تصدير السلع الخام والافتقار الى تنويع الناتج وهي بين العقبات التي تحول دون زيادة الاتجار بين بلدان القارة.

كما سيبحث قادة افريقيا الصراع المستمر في الصومال حيث ينشر الاتحاد عشرة الاف من قواته لحماية الحكومة الصومالية الهشة المدعومة من الغرب بمواجهة المتمردين الاسلاميين من الشباب، وما زالت مناطق في الصومال تعاني المجاعة. غير ان بينغ قال انه متفائل بالمستقبل، مضيفا خلال الافتتاح "تبدو افاق السلام في الصومال حقيقية بشكل لم يطرأ من قبل"، كما ستركز القمة الافريقية على المخاوف الامنية في منطقة الساحل بغرب افريقيا حيث ينشط مقاتلون اسلاميون على صلة بالقاعدة في بلدان عدة بالمنطقة، كذلك تأمل القارة في التطرق الى النزاع المرير بين السودان وجنوب السودان حول رسوم نقل النفط على هامش محادثات القمة، اذ يبرز النزاع التوترات بين غريمي الحرب الاهلية السابقة، وخلال الكلمة الافتتاحية حث الرئيس المنتهية ولايته الطرفين على التوصل الى اتفاق اذ قال ان "السودان وجنوب السودان (...) عليهما دعم صالح شعبيهما باختتام عاجل للمفاوضات حول ترتيبات ما بعد الانفصال".

غرب افريقيا

من جانب أخر استهلت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون جولتها الأخيرة في غرب افريقيا بالاحتفال بالمسار الديمقراطي من خلال تنصيب رئيسة ليبيريا المنتخبة لولاية جديدة ووعدت بمساعدة ساحل العاج على التعافي من حرب أهلية دامية اندلعت بعد الانتخابات، وأنهت كلينتون جولتها التي استغرقت يومين بلقاء في القصر الرئاسي الفخم لدولة توجو الفقيرة تحدثت فيه عن سياسات مجلس الامن التابع للامم المتحدة مع زعيم شاب يتخذ خطوات ديمقراطية محسوبة بعد ان تسلم السلطة من والده الذي كان من أقوى وأقدم حكام أفريقيا، وصرح مسؤولون امريكيون بأن زيارة كلينتون لتوجو ترجع جزئيا الى انتخاب توجو لشغل مقعد في مجلس الامن حيث تحشد واشنطن الاصوات لتحرك صارم ضد سوريا التي تشن حكومتها حملة قمع على المحتجين واتخاذ خطوات جديدة ضد ايران بسبب برنامجها النووي. بحسب رويترز.

وتبرز جولة كلينتون ما يصفه المسؤولون الامريكيون بصعود الديمقراطية في غرب أفريقيا الذي تخلف طويلا عن باقي انحاء القارة السوداء ويكافح من أجل التخلص من الانقلابات العسكرية وأعمال العنف العرقية، كما تبرز الجولة تصميم الولايات المتحدة على زيادة انخراطها مع المنطقة على أمل التصدي لنفوذ الصين المتصاعد في أفريقيا وتعزيز العلاقات مع دول منتجة للنفط والعلاقات الامنية مع دول مستهدفة من جماعات اسلامية متشددة وأيضا من عصابات تهريب المخدرات، وسمح توقف كلينتون في ليبيريا وساحل العاج لها بتهنئتهما وحثهما على استمرار الجهود لتعزيز مكاسب الديمقراطية في غرب افريقيا حيث أجرت كل من نيجيريا والنيجر وغينيا انتخابات عام 2010، وقالت كلينتون في مؤتمر صحفي مع رئيس ساحل العاج الحسن واتارا "من المهم ان تستمر العملية الديمقراطية التي بدأتموها وان تضم في حوار كل الاصوات حتى الاصوات المعارضة، وفاز واتارا في انتخابات جرت في نوفمبر تشرين الثاني عام 2010 وقوبل فوزه بمقاومة عنيفة من رئيس ساحل العاج السابق لوران جباجبو. كما فازت ايلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا بفترة رئاسية ثانية في نوفمبر رغم التوترات السياسية، وافتتحت كلينتون خلال زيارتها لليبيريا السفارة الامريكية الجديدة ومرت خلال توجها الى المطار امام السفارة الصينية الجديدة وهما رمزان واضحان للتنافس على النفوذ بين البلدين، وكان نفوذ الصين واضحا أيضا في توجو حيث اجتمعت كلينتون مع الرئيس فوريه جناسينجبي اياديما في قصر رئاسي فخم بنته بكين، وناقشت كلينتون وهي أول وزيرة للخارجية الامريكية تزور توجو مع الرئيس جناسينجبي اياديما القضية السورية وقضايا دولية اخرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/آيار/2012 - 22/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م