فعل الرصاص ليس كفعل الحجارة. لكن ما يعجز عنه الرصاص مع الرجل،
تفعله الحجارة مع المرأة. ويمكن لي أن أعترف بآلاف الحقوق للمرأة، لكني
لا أستطيع أن أحولها الى رجل، وآلاف الفوارق بين الإثنين ما داما ذكراً
وإنثى، ولكل منهما خصيصة لا ينعم بها الآخر تترتب عليها وظائف لا يقوم
بها إلا من تترتب عليه.
الرجل مثل كوم التراب، أطلق عليه ما شئت من رصاص فلن يتأثر، والمراة
لوح زجاج ، وحجارة واحدة تكفيه ليتهشم. وليس في الشرق وحده نفكر هكذا،
فالغرب أيضاً تحكمه قوانين تؤكد أن وظائف الرجل، ومسؤولياته أعقد منها
لدى المرأة.
أسرة بريطانية كانت تعترض لدى أسرة أخرى على سلوك إبنها، فالفتى
المراهق وصديقته التي لم تصل بعد الى الخمس عشرة سنة من العمر إنتهزا
فرصة غياب الأسرتين للإحتفال، ومارسا الجنس، لم يكن الإعتراض على مبدأ
ممارسة الجنس، إعتراضهم الوحيد إنها لم تبلغ السن الذي يتيح لها التسلط
على ذاتها وإتخاذ قراراتها الخاصة دون إذن من الأسرة. إعترضوا للبنت،
لكن عائلة الولد لم تعترض فهو شاب، وكل ما فعله إنه مارس الجنس، وقذف
شهوته في صديقته، لكنها (الصديقة) تعرضت الى مشاكل عدة (فض البكارة) ،
وقد لا ترقى الى أن تكون مشكلة في الغرب، وإمكانية أن تتحول الى مرأة
حامل، وقد تنجب من السفاح ، عدا عن أعراض وأمراض، وموانع قانونية
ستترتب على علاقة من هذا النوع.
فوجئت –بداية- وفي بلد غربي بقانون يصنف رعايا الدولة الى أصناف
يحسبها الجاهل ترقيات ومراتب عليا لكنها في الحقيقة مسؤوليات، وواجبات.
فالتصنيف يضع الطفل في المقدمة، ثم المرأة، يليها الكلب، وبعد ذلك
الرجل، وقد يحتج أبطال الثورات العربية على هذا التصنيف، ويعدونه حطاً
لمكانة الرجل، والحق إنه يمثل القمة في بناء الأوطان، والمواطنين ،
وتمكينهم من مسؤولياتهم الأخلاقية والوظيفية ، وتكوينهم الفسيولوجي.
فالطفل في المقدمة من الرعاية لأنه غير قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ثم
المرأة لأنها ترعى الطفل، وهي بحاجة الى من يرعاها، ثم الكلب وهو يحتفظ
بوجود محبب في المجتمعات الغربية.
ووضع الرجل في المؤخرة ضمن هذا التصنيف يعني إنه في المقدمة، فهو
يرعى الجميع، ويقوم بشؤونهم، وفي صورة هادئة. (الطفل ينام هانئاً،
والكلب مستلق في جانب من المنزل، والمرأة في المطبخ، أو تشذب أظفارها
أو تقرأ، وقد تكون في وظيفتها) بينما يكدح الرجل ويعاني من البرد
والمخاطر والمسؤوليات ليرعى الأسرة دون أن يلقى تفهماً في حال عجزه عن
أداء المهمة.
على طاولة الطعام، في إستراحة وسط لندن، كان البرد يطبع الاجواء
بقسوته . كانت الشابة الجميلة تجلس مقابل صديق وسيم في مشهد من فلم
معبر تروي له حكايتها مع عشاق ومحبين مراهقين، وكبار، وعواجيز، وفي مرة
مع أب وإبنه.. كانت تقول له: في المرة الأولى أحببت مزارعاً في حقل
والدي في الريف، وكان القش أفضل الأماكن لممارسة الحب، وفي الثانية،
وفي الثالثة، وفي الرابعة.. وتصف له أشكال وسلوكيات ومشاعر عشاقها، كان
ذلك في اليوم التالي ليوم حميم معه، وحين وصلت الى الرقم 33، بإعتبار
أنه يعود لخطيبها العائد للتو من سفر ، سألها المسكين: ما رقمي في
القائمة؟ كان جوابها: إنك الثاني والثلاثون.
جرب أن تطلق ثلاث وثلاثين رصاصة الى كوم تراب، وبذات العدد الى لوح
زجاج. بعد برهة ستجد إن التراب بقي على حاله، وإنك تبحث عن الرصاصات،
بينما سيضيع لوح الزجاج ، وتتناثر الحجارة هنا وهناك.
حتى الأنبياء وصفوا المرأة بالزجاجة الرقيقة، وطلبوا الى الرجل
حمايتها.. |