الطغاة بعيون الأطباء

عبدالعزيز حسن آل زايد

هل يلزم الأطباء إن ينزعون السماعة ليحدثونا عن صحة الطغاة؟! لا أظن أننا نحتاج أن نستنزف أوقاتهم الثمينة، فالظواهر البراقة والملابس المموهة بالذهب فتانة وأنيقة وهي كفيلة لتغطي كل البواطن والعيوب المتخمة في الداخل، رجالات العالم تشدنا إليهم الأنظار، هالة سحرية تحوط بهم هذا ما حفره الاعلام المأجور في عقلنا اللاواعي، ولكن الحقيقة المسكوت عنها طويلاً هي أن أغلب الرؤساء مرضى ويعانون من متاهات صحية كثيرة، حتى أن حياة الفلاح البسيط يتمنونها دون أن يجدونها، هم يحاولون النقاهة بين حين وآخر، يخرجون في رحلات ترفيه ولكن الأمنيات لا تنال بالمال فإرادة الله فوق كل شيء.

أمراض مزمنة يعاني منها الحكام، نقل الموت بعضهم تحت التراب الذي تطأه الأقدام بعد أن كانوا يطؤون الرقاب، ومنهم من ينتظر حتفه أو يتقلب بين الأوجاع رغم الثراء الخيالي، من تلك الأمراض أمراض نفسية تنخر أصحابها فالحقد – مثلاً - داء يكتوي بناره حامله قبل غيره، فتعويض النقائص في حياتهم تكشف عن العقد التي يحملونها، وإن كان التبجح أحياناً يصرف بطرق مغلفة كالمكرمة السامية أو الطلة البهية في الأمصار، أطنان قصائد المديح والتمجيد في الأغاني الوطنية والصور - وتطول القائمة - تتخم نعرة الغرور التي منشأها نقص في صاحب الجلالة والسمو مع شديد الأسف!!

آلام جسدية يعاني منها الساسة والأمراء مخفية عن عيون الإعلام وإن بدأ اللثام يضيق، عيادات نفسية متخصصة لشخصياتهم المبجلة وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟! إننا نبتهل إلى الله من أجلهم أوليس كل مريض يحتاج إلى دعوة في ظهر الغيب؟! إننا نشفق عليهم وندعو لهم بالخلاص حتى يرحلوا بسلام، ما أجمل الموت لهم حتى لا يزدادوا إثماً، ولكن الدنيا حالية في عيونهم أو ليست الدنيا جنتهم؟! ولكن لم يتبقى لهم فيها إلا القليل فبئس البيع الذي باعوا.

الحنق الذي يملأ صدور الكثير ممن يعاني الأمرين سيتبخر إذا نظروا لهم نظرة الطبيب المشفق، هم يحتاجون إلى الرعاية والراحة، فلماذا يحملون أنفسهم ما لا طاقة لهم به؟!، الفراش الأبيض مكانهم، وحتى لا تتأخر المسيرة لمرض القائد العجوز!

أما آن لصاحب الداء أن يلقي عصا آلامه ويستلقي في أحضان الرعاية والاستجمام، أما يكفي كل هذا اللهث وراء حطام زائل، الدين النصيحة ونصيحتنا لهم: أرحلوا ثم أرحلوا، أما آن لهم أن يأخذون راتب التقاعد لتحل الدماء الشابة في عروق الأمة فلقد شاخت معهم البلاد رغم فتوتها ونظارتها، الرحيل سنة إلهية مكتوبة على جبين البشر وقلادة محتومة " لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"، لقد هرمت السلطة والتساؤل أبوابه تقول: متى ستولد القيادة الشابة؟! العجائز لا يتمكنون من مسك أسنانهم الساقطة فكيف بأزمة الأمور؟!

وحتى لا يحمل الغير فوق الطاقة علينا بطرق البديل، وليكن قمة الهرم مشوار البداية حتى تأخذ الطبيعة دورتها في الحياة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/آيار/2012 - 16/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م