لايعني إنتقادنا لأداء حكومتنا في مرفق ما إنتهاكا لحرمتها، أو
إنتقاصا منها، ولأن الأمر برمته جزء من عملية التغيير الكبرى في البلاد
فمن حقنا تماما أن نفعل مانراه مناسبا وفق العقد المبرم بيننا كمثقفين،
وكتاب، وصحفيين، وسعاة لبناء دولة حديثة، وبين الحكومة التي هي نتاج
ذلك التغيير، ومختارة من قبلنا في إنتخابات نعتقد أنها تمثل المستوى
المقبول من الممارسة الديمقراطية عراق مابعد الدكتاتورية المقيتة.
لو قلنا، إن الحكومة لم توفر القدر المطلوب من الإلتزام تجاه
الصحافة في العراق، وكان قولنا غير منفصل عن واقع يراه الجميع رأي
العين، فهل نكون قد خرجنا من دائرة الرضا الى دائرة المقت؟ وهل إن
إنتقادنا يمثل إنتهاكا للعقد المبرم بيننا؟
بالتأكيد الأمر غير ذلك لجملة من الأسباب، منها، إن الحكومة ونحن،
إنما خرجنا الى الشمس بفعل التغيير، ولولاه لما كانت الحكومة، ولما كان
الشعب قادرا على الإختيار في إنتخابات لم تكن ممكنة قبل العام 2003،
فنحن وحكومتنا في دائرة واحدة لايخرج منها طرف إلا بفسخ العقد ولايكون
ذلك إلا لمصلحة غير مرتبطة بالتغيير وعنوانه الأوسع ( حرية التعبير،
والمشاركة في صناعة القرار، وبناء الدولة الحديثة)، ولامصلحة لنا في
ذلك لأننا نستفيد كثيرا من سلوك الحكومة المتوازن، ونتضرر بشدة من أي
سلوك يستهدف دعم الحكم والسلطة على حساب الحريات العامة، ودور المواطن
الذي أقصي من مهمته في التغيير.
وحين يأتي من يأتي، ويصرح علنا، إن الصحفيين العراقيين الذين قتلوا
في العراق خلال الفترة من مايو 2011 الى مايو 2012 لم يقتلوا نتيجة عنف
إستهدف الصحافة في البلاد بل نتيجة قضايا جنائية، وهذا مابثته قناة
الحرة يوم الثاني من مايو الجاري حين إلتقت بالمسؤول الصحفي المقرب من
الحكومة!
والواضح إن هذا المسؤول إنما يستجلب رضا الحكومة التي ندعمها أكثر
منه، بل نعلم إنه يتقرب إليها من أجل المصلحة، وهي تعرف ذلك تماما،
ونحن حين ننتقد أداءها في مجال الحريات الصحفية إنما نحاول التقويم لا
التهديم، ولذلك فلا أحد يدعي بدعم الحرية في العراق، مالم يثبته
بالفعل.
كلمة لمن يهمه الأمر، من أراد الدنيا لاينصحك، ومن أراد الآخرة
لايتبعك.
|