الفقر... مزيج من أزمات الماضي وتحديات المستقبل

كمال عبيد

 

شبكة النبأ:  تواصل ظاهرة الفقر انتشارها في العالم، وتحديداً بالدول النامية وأوربا، وعلى غير المعهود فقد شهدت اغلب مناطق العالم وحتى من دول أفريقا تراجعا ملحوظا بنسبة الفقر المدقع للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، غير ان الدول النامية حققت قدرا أقل من التقدم على صعيد خفض الفقر المدقع ليصل الى النصف في أفقر دول العالم بحلول عام 2015، في حين تشهد القارة العجوز وخصوصا في اوروبا الوسطى، تهديدا متزايدا نسبة الفقر او التهميش الاجتماعي يصل الى ربع سكان هذه القارة، بينما انخفضت نسبة الفقر في الدول العربية بنسبة جيدة على الرغم من الازمات العديدة في الاونة الاخيرة على اكثر من صعيد سواء كان سياسيا او اقتصاديا وخاصة في ظل أزمتي الغذاء والوقود والأزمة المالية في الأربع سنوات الماضية، كان لها أكبر الأثر على الفئات الضعيفة اقتصاديا.

من جانب أخر اعتبر البنك وصندوق النقد الدوليان أن العالم النامي لا يزال متأخر كثيرا عن تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالغذاء والتغذية، في ظل ارتفاع معدلات وفيات الأطفال والأمهات ارتفاعا غير مقبول، متوقعين أن يظل حوالي1.2 مليار شخص يعيشون في فقر مدقع عام 2015، ودعيا إلى ضرورة حشد وجذب المساعدة بطرق جديدة لتحسين الأمن الغذائي والتغذية، خاصة بالنسبة للفقراء والضعفاء.

ولعل الفقر كما هو متعارف عليه، لم يكن وليد مرحلة بعينها، فهو مرافق لمسيرة البشرية منذ نشأتها، وطالما كان الغبن الحكومي موجودا، فإن فرص القضاء الكلي على الفقر أصبحت صعبة جدا إن لم تكن مستحيلة، حيث تتربع مشكلة الفقر على قمة هرم المشاكل التي واجهتها الإنسانية، عبر رحلتها الطويلة والشاقة.

العالم

فقد تراجعت نسبة الافارقة الذين يرزحون تحت وطأة الفقر المدقع للمرة الأولى منذ قرابة ثلاثين سنة، على ما كشف البنك الدولي في دراسة شملت الفترة الممتدة بين العامين 2005 و 2008، وذكر البنك الدولي في بيان له أنه في العام 2008 "بات أقل من نصف السكان يعيش مع أقل من 1,25 دولار في اليوم، للمرة الأولى منذ العام 1981"، وفي العام 2005، تم رفع السقف المحدد للفقر المدقع إلى 1,25 دولار في اليوم للفرد الواحد في حين أن هذا السقف كان حتى العام 1981 أي الفترة التي جمعت خلالها المعطيات محددا بدولار واحد. وفي العام 2008، بات 47% من الافارقة يعيش تحت هذا السقف مقابل 52% في العام 2005، وفي مجمل البلدان النامية في العالم (ما خلا أميركا الشمالية وأوروبا الغربية والبلدان المتقدمة في آسيا وأوقيانيا)، كان 22,4% من السكان يعيش في الفقر المدقع في العام 2008 مقابل 25,1% في العام 2005، هذا يعني أن 1,289 مليار شخص كان يعيش في الفقر المدقع في العام 2008 في مقابل 1,390 مليار في العام 2005 و1,909 مليار في العام 1990. بحسب فرانس برس.

وقد أشار البنك الدولي إلى أنها المرة الأولى التي تتراجع فيها نسبة الفقر بصورة متزامنة في مناطق العالم أجمع، وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، انخفضت هذه النسبة التي كانت قد بلغت ذروتها في العام 2005 ووصلت إلى 395 مليون شخص، إلى 386 مليون في العام 2008، وختاما لفت البنك الدولي إلى أنه "قد تم تحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية الذي يقضي بخفض نسبة الأفراد الذين يعيشون في الفقر المدقع بالنصف بحلول العام 2015 بالمقارنة مع العام 1990 قبل المهلة المحددة حتى العام 2015"

الدول النامية

فيما قال البنك الدولي إن الدول النامية حققت على يبدو هدف الامم المتحدة بخفض الفقر المدقع في أفقر دول العالم بحلول عام 2015 الى النصف، وأضاف البنك ومقره واشنطن أن بيانات أولية تظهر أن الدول النامية كمجموعة حققت الهدف عام 2010 وهو الهدف الاول من ثمانية أهداف تنموية حددتها الامم المتحدة للالفية، وأهداف الالفية مجموعة من الاهداف تبناها زعماء العالم في الامم المتحدة عام 2000 لمكافحة الفقر والجوع والمرض في الدول الفقيرة، وقال مارتن رافاليون مدير قسم الابحاث بالبنك والذي اشرف على اعداد التقرير "نحن واثقون الان أن العالم النامي في مجمله حقق أول أهداف الالفية ووصل الى هذا الهدف عام 2010 على الرغم من الازمة، غير أن تقسيما على أساس المناطق يظهر فقط أن مناطق شرق اوروبا والشرق الاوسط وشرق اسيا والمحيط الهادي التي تشمل الهند والصين حققت هدف خفض الفقر. بينما قال البنك الدولي ان افريقيا وامريكا اللاتينية لم تحققا الهدف بعد، ويقدر البنك أنه على المعدل الحالي سيظل هناك نحو مليار شخص يعيشون في فقر مدقع والذين يجري تعريفهم دوليا بأنهم من يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم. بحسب رويترز.

وتظهر بيانات البنك الدولي الجديدة التي جمعت من 850 دراسة مسحية على الاسر في 130 دولة نامية أن نسبة من يعيشون في فقر مدقع هي الادنى منذ عام 1981 حين بدأ البنك مراقبة مستويات الفقر، ويعتقد البنك أن نحو 1.29 مليار شخص كانوا يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم في ما بين 10 و20 من أفقر دول العالم عام 2008 في انخفاض عن 1.94 مليار عام 1981، وقال رافاليون "هذه هي المرة الاولى التي نشهد فيها انخفاضا في أعداد الفقراء في المناطق الست كلها بما في ذلك افريقيا جنوب الصحراء.

الأوروبيون

كما اعلنت وكالة اوروستات للاحصاءات ان حوالى ربع سكان الاتحاد الاوروبي مهددون بالفقر او التهميش الاجتماعي، وخصوصا في اوروبا الوسطى، لان هذا الخطر يتهدد مزيدا من الاطفال والراشدين، وقد واجه هذا الخطر في 2010، 115 مليون شخص، اي 23,4% من سكان بلدان الاتحاد الاوروبي السبعة والعشرين، واعلى نسب المهددين بالفقر او التهميش الاجتماعي، موجودة في بلغاريا (42%) ورومانيا (41%) وليتوانيا (38%)، اما ادنى النسب فموجودة في الجمهورية التشيكية (14%) والسويد وهولندا (15%)، وكذلك في النمسا وفنلندا واللموكسبورغ (17%)، وتبلغ هذه النسبة 19,7% في المانيا و19,3% في فرنسا، كما اوضحت الوكالة، ويواجه هؤلاء الاشخاص واحدا على الاقل من الاشكال الثلاثة للتهميش الاجتماعي: خطر الفقر بعد اخذ المصاريف الاجتماعية في الاعتبار، والحرمان المادي الحاد (عدم القدرة على دفع الفواتير، وتأمين التدفئة الصحيحة واستهلاك البروتينات ...)، والكثافة الضعيفة جدا للعمل (العيش في عائلة استغل فيها الراشدون اقل من 20% من قدرتهم الشاملة على العمل في العام الفائت)، وفي الاتحاد الاوروبي، واجه 27% من الاطفال الذين تقل اعمارهم عن 18 عاما في 2010 خطر الفقر او التهميش الاجتماعي، في مقابل 23% ممن هم في سن العمل (18-64 عاما) و20% من السكان المسنين (65 عاما وما فوق)، وبلغ هذا العدد 48,7% في رومانيا و44% في بلغاريا، فيما لم يبلغوا الا 14% في فنلندا والسويد. وبلغ العدد 23% في فرنسا و21,7% في المانيا، كما ذكرت وكالة اوروستات. بحسب فرانس برس.

العرب

الى ذلك كشف تقرير صادر عن البنك الدولي، أن معدلات الفقر "المدقع" -الأفراد الذين يعيشون على 1.25 دولار في اليوم- انخفض في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجاء في التقرير الذي نشر على الموقع الرسمي للبنك، أن معدلات الفقر المدقع، انخفضت في الدول العربية، لتصل إلى 8.6 مليون شخص أو ما نسبته 2.7 في المائة من عدد السكان، وذلك حسب آخر التقديرات مقارنة مع 10.5 مليون شخص في العام 2005 و16.5 مليون شخص في العام 1981، ونقل التقرير على لسان مدير فريق البنك المعني بتقليص الفقر وتحقيق الإنصاف خاييمي سافيدرا، قوله: "معدلات الفقر البالغة 22 في المائة في البلدان النامية لمن يعيشون على أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم، و 43 في المائة لمن يعيشون على أقل من دولارين للفرد في اليوم تعد أرقاما غير مقبولة، ونحتاج إلى زيادة جهودنا، وأضاف سافيدرا "نحن بحاجة إلى مهاجمة الفقر على جميع الجبهات، من خلق وظائف أكثر وأفضل إلى توفير خدمات تعليمية وصحية وبنى تحتية أفضل، من أجل حماية الفئات الضعيفة والمتأثرة، أما على جانب عملية القياس، فإن البلدان بحاجة إلى توسيع عملية جمع البيانات وتعزيز القدرات الإحصائية، خاصة في البلدان منخفضة الدخل. بحسب السي ان ان.

ويمثل خط الفقر عند مستوى 1.25 دولار، المتوسط المستخدم في أفقر 10 إلى 20 دولة في العالم، ويكشف الخط الأعلى للفقر عند مستوى دولارين للفرد في اليوم وهو المتوسط بالنسبة للبلدان النامية، ونوه التقرير إلى أن الدراسات الحديثة بينت أن أزمتي الغذاء والوقود والأزمة المالية في الأربع سنوات الماضية، كان لها أكبر الأثر على الفئات الضعيفة اقتصاديا، وقدرتهم الشرائية، فإن معدل الفقر في العالم قد واصل تراجعه بصفة عامة.

الهنود

من جهة أخر تدنى مستوى الفقر في الهند اكثر من 7 نقاط مئوية خلال خمسة اعوام وبات يشمل اقل من 30% من السكان البالغ عددهم 1,2 مليار نسمة عام 2009-2010، بحسب الارقام الرسمية التي نشرتها الحكومة، الا ان البيانات الحكومية اظهرت ارتفاعا في معدلات الفقر في ولايات شمال شرق الهند، وبحسب لجنة التخطيط التي احتسبت مستوى الفقر من خلال استخدام طريقة جديدة تستند الى نفقات العائلات، فإن 29,8% من السكان كانوا يعتبرون فقراء في 2009-2010، مقابل 37,2% عام 2004-2005، وعلى الرغم من ان التراجع كان اكثر وضوحا في المناطق الريفية اذ تراجع مستوى الفقر من 42% الى 34%. بحسب فرانس برس.

فقد شهدت ولايات نائية عدة تفاقما في ظروف حياتها مثل اسام وميغالايا وميزورام وناغالاند، بحسب بيان صادر عن الهيئة الحكومية، وتتم الاستعانة بالارقام بشأن معدلات الفقر لتقييم مستوى المساعدات الحكومية، اذ ان اي شخص يعيش تحت هذا الخط يتلقى مساعدات غذائية وغازا للطهي بواسطة محال تابعة للدولة، وقد اثارت لجنة التخطيط جدلا كبيرا عبر اعلانها ان الاشخاص الذين يقبضون راتبا يوميا ب25 روبية (نصف دولار) في الارياف و32 روبية (0,63 دولارا) في المدينة ليسوا فقراء ولا يمكنهم الافادة من مساعدات اجتماعية، واثار هذا الاقتراح الذي وافقت عليه حكومة رئيس الوزراء مانموهان سينغ استياء الاقتصاديين والعمال الاجتماعيين لكن ايضا اعضاء في الحزب الحاكم، حزب المؤتمر (يسار الوسط) بزعامة سونيا غاندي.

من هم الفقراء في الهند؟

على صعيد مختلف ففي حقيقة الامر، لا احد يعلم. فهناك تقديرات متعددة للعدد الاجمالي للفقراء في الهند، ولكن الاحصاءات التي تستخدم للوصول الى هذه التقديرات تشوبها الشكوك، ففي وقت سابق، قالت مفوضية التخطيط الهندية إن 29,8 في المئة من سكان الهند البالغ عددهم 1,21 مليار نسمة يعيشون تحت خط الفقر، وهو رقم يمثل انخفاضا كبيرا عما كان عليه الحال في عام 2004 عندما كان 37,2 في المئة من الهنود يعيشون تحت خط الفقر. ويعني الرقم الجديد ان 360 مليون هندي يعيشون في فقر مدقع، ولو ان احد التقديرات يشير الى ان نسبة الفقر قد تزيد عن 77 في المئة من مجموع السكان، ويعتقد كثيرون إن النسبة الجديدة ليست دقيقة لأنها تعتمد على اعتبار خط الفقر بالنسبة لسكان المدن يبدأ عند 56 سنتا في اليوم الواحد بينما يبدأ بالنسبة لسكان الارياف عند 44 سنتا في اليوم، وهذه مبالغ تقل عن تلك التي اوصت باعتمادها مفوضية التخطيط في العام الماضي، وهي اعتماد 40 سنتا في اليوم كمعيار موحد - وهي توصية اثارت الكثير من الجدل بين الهنود، وكان ناشطون قد تحدوا رئيس المفوضية بان يتمكن من العيش بنصف دولار في اليوم لاختبار ادعائه بأنه مبلغ كاف للمعيشة في بلد يشهد نسبة تضخم مرتفعة وخدمات اجتماعية رديئة. وقد توصل الناشطون الى ان هذا الادعاء ظالم بالمرة ويمثل فضيحة بحد ذاته، تعتمد معايير قياس الفقر في الهند على مسح واسع للمصاريف المنزلية، اي بعبارة اخرى تعتمد على القوة الشرائية الضرورية لشراء الطعام مع بعض الحاجات الاخرى، ويعزي البعض الهبوط في نسبة الفقراء الى الانفاق الحكومي المتزايد على برامج الاعانة الاجتماعية في الارياف. اذا كان هذا صحيحا فهو نبأ مفرح، ولكن مهما كان العدد الحقيقي، تبقى الحقيقة القائلة إن عدد الفقراء في الهند مرتفع بشكل مريع. بحسب البي بي سي.

والامر الاكثر اثارة للقلق هو ان الطبيعة الديموغرافية والاجتماعية للفقراء ثابتة ولا يبدو عليها انها في طريقها للتغير، ديمغرافيا، يعتبر العمال (القرويون منهم والعمال المؤقتون في المدن) وافراد طبقة الداليت (ادنى طبقة في السلم الاجتماعي الهندوسي) والمسلمين افقر طبقات المجتمع الهندي، ويعيش 60 في المئة من فقراء الهند في ولايات بيهار وجهارخند واوريسا وماديا براديش وتشاتيسجار واوتار براديش واوتاراخند، ومن الملاحظ ان 85 في المئة من القبليين الهنود والداليت يعيشون ايضا في هذه الولايات، ورغم الاتفاق العام على ان نسبة الفقر في الهند قد انخفضت من 55 في المئة عام 1973 الى 29,8 في 2009، فإن وتيرة هذا الانخفاض بطيئة جدا خصوصا اذا اخذنا بنظر الاعتبار النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده البلاد، ولكن لماذا لم تتغير الطبيعة الديمغرافية والاجتماعية للهند بالسرعة المطلوبة؟ يعتقد اقتصاديون كارفيند فيرماني ان سوء الحاكمية والاولويات المغلوطة والفساد المستشري والاخفاق في تحسين مستوى العناية الصحية والتعليم كلها عوامل تسهم في ابقاء الفقراء على حالهم وبينما يعتبر ذلك صحيحا، هناك عامل آخر يمكن تلخيصه بسؤال: هل ان السبب الاساسي للفقر في الهند هو ان الدولة الهندية معادية للفقراء بالاساس؟.

الفقراء لا يتعاملون مع المصارف

في سياق متصل كشف تقرير للبنك الدولي نشر، أن ثلاثة أرباع فقراء العالم ليس لهم حساب مصرفي، ليس بسبب الفقر فحسب، بل جراء التكلفة، وبعد المسافة، والبيروقراطية المتبعة لفتح حساب، وبرر 65 في المائة من المشاركين في مسح أجراه البنك، وعددهم 70 ألف شخص، عدم امتلاكهم المال الكافي كسبب رئيس لعدم امتلاك حساب مصرفي، وتفاوتت أسباب النسبة المتبقية بين التكلفة العالية لفتح حساب مصرفي، وعدم الثقة بالمصارف، وجاء في التقرير أن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقل تعامل أصحاب الحسابات البنكية مع حساباتهم البنكية، عن نظرائهم في المناطق الأخرى، ويفيد 17 في المائة من البالغين، ممن لديهم حسابات بنكية بأنهم لم يودعوا أي أموال أو يجروا أي عمليات سحب خلال  شهر، وذلك بالمقارنة بنحو 8 في المائة على مستوى العالم، وفي الدول الغنية يمتلك تسعة بين كل عشرة أشخاص حساباً مصرفياً، وفق التقرير، وترتبط ظاهرة عدم التعامل مع المصارف بانعدام المساواة في الدخل،  فنسبة 20 في المائة من أشد السكان البالغين الثراء في البلدان النامية تزيد فرصتهم في فتح حساب بنكي عن ضعفي الفرص المتاحة لنسبة 20 من السكان الأشد فقرا، ويرى البنك في تقريره بأن المرأة هي الأكثر حرمانا حين يتعلق الأمر بالحصول على الخدمات المالية، وتصل نسبة النساء اللائي لديهن حسابات مصرفية في الدول النامية إلى 37 في المائة مقابل 46 في المائة للرجال، وقال روبرت زوليك رئيس البنك الدولي: "لاشك أن تقديم الخدمات المالية لنحو 2.5 مليار شخص ممن لا يتعاملون مع البنوك من شأنه أن يعزز النمو الاقتصادي والفرص أمام  فقراء العالم. بحسب السي ان ان.

وقال "إن الاستفادة من قوة الخدمات المالية يمكن أن يساعد الناس على دفع المصروفات الدراسية والادخار لشراء منزل أو إقامة مشروع صغير ويمكن أن يوفر فرص عمل للآخرين، مبينا بأنه كلما زاد تعامل الفقراء مع البنوك اليوم، زاد بالتالي اعتمادهم على مستقبلهم"، وحول منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، أشار التقرير إلى زيادة في استخدام الهواتف المحمولة في الإيداعات ودفع الفواتير وإجراء تحويلات مالية، وبحسب التقرير، فإن 70 في المائة من البالغين من يعيشون على أقل من دولارين يومياً يقيمون في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء،  مقابل 60 في المائة في جنوب آسيا، و50 في المائة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تبيع رضيعتها بسبب الفقر

في حين باعت مصرية رضيعتها بـ 8 آلاف دولار بسبب الفقر،  وتعد محافظتي أسيوط وسوهاج الأكثر فقراً وبطالة من بين المحافظات المصرية الـ 28، أوقفت عناصر البحث الجنائي في القاهرة سيدة تبيع رضيعتها مقابل مبلغ 50 ألف جنيه بسبب الفقر أي ما يعادل 8 آلاف دولار أميركي، قالت مصادر أمنية بمديرية أمن القاهرة للصحافيين اليوم إنه تم ضبط فوزية عبده (38 عاماً - عاملة نظافة) من ضاحية "عزبة الهجانة" شمال شرق العاصمة المصرية، وهي تقوم ببيع ابنتها الرضيعة "أحلام" لزوجين لا يُنجبان مقابل مبلغ 50 ألف جنيه (حوالي 8 آلاف دولار) بسبب الفقر وحاجتها الشديدة للمال، وأضافت المصادر أنه تم توقيف الأم المتهمة أثناء استلامها المبلغ، فاعترفت بالواقعة وقرَّرت أن صديقة لها عاملة نظافة أيضاً كانت وراء الفكرة، مُعللة ارتكاب تلك الجريمة بمرورها بظروف مادية قاسية. بحسب يونايتد برس.

فتم إحالتها وصديقتها إلى النيابة للتحقيق، وتنتشر في أطراف القاهرة أحياءً ومناطق عشوائية يقطنها مئات الآلاف نزحوا من قرى جنوب مصر للبحث عن فرص عمل، حيث تكاد تنعدم فرص العمل والحياة الكريمة بتلك القرى خاصة بمحافظتي أسيوط وسوهاج الأكثر فقراً وبطالة من بين المحافظات المصرية الـ 28.

كفاح افقر الفقراء

وأخيرا وبعد اشهر من الكفاح طرد سكان مدينة الصفيح في بيناغلابان في وسط مانيلا منها لتقام مكانها ابنية ادارية، في مسلسل يتكرر في العاصمة الفيليبينية حيث يحاول الفقراء ان يجدوا مسكنا حيث تيسر، وتقول فيكي بالابور (47 عاما) التي لها ثلاثة اطفال بغضب "لقد عاملونا مثل المجرمين" واصفة ساعات من المواجهات مع الشرطة هزت مدينة الصفيح في كانون الثاني/يناير الماضي، وقد ابدى سكان مدينة الصفيح هذه الستمئة الذين يعيش البعض منهم فيها منذ عقود، مقاومة كبيرة، ففي حين اختبأت النساء والاطفال في ملاجئ، القى الرجال زجاجات حارقة وحجارة وقوارير متنوعة على 500 شرطي لمكافحة الشغب مجهزين بخراطيم مياه وغازات مسيلة للدموع، قد اصيب نحو عشرين شخصا في الجانبين، ويقيم اكثر من مليوني شخص في مدن الصفيح في مانيلا، اي خمس سكان العاصمة. ويأتي غالبيتهم من الارياف او المدن المتوسطة بحثا عن عمل، وعند وصولهم يقيمون في امكنة خلاء ينصبون فيها اكواخهم. كل مكان غير مأهول يفي بالغرض من مناطق معرضة للفيضانات الى المقابر، وهم يحتلون اراضي يصعب على مالكيها من افراد او هيئات حكومية، استعادتها، فثمة قانون صادر في العام 1992 يمنع عمليات الهدم او الطرد الا في حال كان السكان في منطقة خطرة او في حال كان الموقع سيستخدم لبناء بنى تحتية او في حال صدور قرار من القضاء، عملية طرد السكان من بيناغلابان مدينة الصفيح التي تمتد على ثمانية هكتارات، اتى بعد مسار قضائي طويل. وقد حصلت السلطات المحلية على اذن بهدم المساكن الفقيرة قبل سنة من عمليات الطرد في كانون الثاني/يناير، في العام 2010 دفعت ستة الاف عائلة الرئيس بينينيو اكينو الى تعليق مشروع بقيمة 22 مليار بيزو (392 مليون يورو) لبناء مركز للاعمال والتجارة. الا ان عملية طرد السكان حصلت في نهاية المطاف وتحول المكان المعروف باسم "ذي فورت" (الحصن) الى احد اكثر المناطق رواجا في العاصمة، وتحتاج الفيليبين الى 3,5 ملايين مسكن باسعار متدنية لسد حاجات افقر السكان على ما يرى انطونيو برناردو مدير مكتب المسكن والشؤون العقارية، وقد وضعت السلطات على الصعيدين المحلي والمركزي برامج لحث سكان مدن الصفيح الى الانتقال الى مساكن مناسبة اكثر من خلال قرض بفوائد متدنية للغاية، ويجبر القانون المقاولين على بناء خمس المشاريع العقارية الاجمالية باسعار متدنية جدا مع منازل تكلف اقل من 400 الف بيزو (7100 يورو) على ما يقول انطونيو برنارد. بحسب فرانس برس.

الا ان هذه المساكن ليست في متناول سكان مدن الصفيح على الرغم من اسعارها المتدنية، على ما يؤكد ارترو كوربوز المسؤول لدى شركة "ايالا لاند" الاولى في مجال العقارات في الفيليبين، وتبنى هذه المساكن عادة في الضواحي البعيدة، التي تقع على مسافة كبيرة من مراكز عمل السكان، وامنت مساكن لفيكي بالابور وجيرانها في بيناغلابانان على بعد عشرين كيلومترا في رودريغيز قرب الجبال في منازل صغيرة مصنوعة من الاسمنت تستأجرها الحكومة. ويمكنهم ان يعيشوا في هذه المنازل لمدة سنة من دون دفع ايجار على ان يدفعوا بعد ذلك 175 دولارا في الشهر، لا تجني بالابور الا 220 دولارا في الشهر كعاملة تنظيفات في مركز اتصالات في مانيلا في حين ان زوجها نجار عاطل عن العمل. وتؤكد ان الانتقال الى عملها يكلفها ثلث اجرها، وبعد عام عندما سيحين موعد دفع الايجار "لا نعرف فعلا كيف سنتدبر امورنا"، على ما تقول.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 1/آيار/2012 - 9/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م