كربلاء تحيي الذكرى الرابعة لرحيل السيد محمد رضا الشيرازي

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: تحت شعار (الفقيه الشيرازي سيرة وضاءة وعطاء مستمر) أقامت مؤسسة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الثقافية، المهرجان التأبيني السنوي لذكرى رحيل آية الله السيد محمد رضا الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاتهما)، وبرعاية كريمة من لدن سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، وقد أقيم المهرجان في منطقة ما بين الحرمين الشريفين للإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام) يوم الاثنين الموافق 1/جمادى الآخر/1433 هجرية، المصادف 23/نيسان/2012، بعد صلاتي المغرب والعشاء، وقد حضر الحفل عدد من مسئولي المكاتب الحوزوية في داخل وخارج العراق، ومبعوثو الحضرة الحسينية والعباسية المطهرة ومسئولي مكاتب المنظمات والأحزاب المهنية والوطنية في المحافظة، بالإضافة الى جمع غفير من مواطني المحافظة، فضلا عن محافظ كربلاء المهندس آمال الدين الهر.

ابتدأ المهرجان بتلاوة معطرة من آيات الذكر الحكيم، ومن ثم تلتها الخطب والقصائد الشعرية التي تغنت بالمواقف الإيمانية التي تخللت سيرة المحتفى به. وأولى الفقرات كانت كلمة مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) ألقاها عميد حوزة كربلاء سماحة آية الله العظمى عبد الكريم الحائري عرض فيها: الدور المحوري الذي اضطلعت به حوزة كربلاء وقد استعرض مجموعة مضامين واسماء مهمة، وكان من بينهم صاحب الذكرى حيث افنى آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره) سنوات عمره المبارك بالبحث المخلص من اجل ايقاد شمعه في طريق النهج الصحيح ليلحق بركب آبائه واجداده  وليكمل تلك المسيرة المؤطرة بالايمان والتقوى والزهد.

بعدها ألقيت قصيدة لخادم اهل البيت الشاعر ابو محمد المياحي وقد ضمنها اروع الصور الشعرية وتناول فيها اهم وادق التفاصيل لمواقف ومبادئ صاحب الذكرى وسيرته العطره على  الصعيدين الانساني والمعرفي، وقد لاقت القصيدة استحسان الحاضرين، اذ طلب منه الحضور اعادتها من جديد، ومن ثم انطلق شاعرنا المبدع صوب بطلة كربلاء السيد زينب الكبرى عليها السلام ليبيّن في القصيدة نفسها دورها وكفاحها الانساني العظيم في واقعة الطف.

بعد ذلك جاء دور السيد حسين القزويني نجل آية الله العظمى السيد مرتضى القزويني ليلقى كلمة مقتضبه، الشق الاولى منها باللغة العربية، والشق الثاني باللغة الانكليزية، حيث تعرض فيها الى بعض الجزئيات المهمة التي يمتلكها الفقيه المقدس آية الله السيد محمد رضا الشيرازي(قدس سره) ومنها حسن الاصغاء وعدم التجاهر بالمعرفه كونه يمقت المغالاة والتظاهر. 

بعد ذلك قدمت قصيدة من الشعر العمودي ألقاها الشيخ فاضل المهاجر، وكان ختام المهرجان مجلس عزاء حسيني قدمه الشيخ ضياء الزبيدي وقد أبكى الحضور بمجموعة أبيات رثائية.

وكان لمراسل (شبكة النبأ المعلوماتية) هذه الوقفة مع بعض الحاضرين، للاطلاع عن كثب على أبعاد ومضامين تلك الشخصية التي كان لها حضورا فاعلا في الساحة الفكرية والإيمانية. وأول من توجهنا له بالسؤال هو السيد (عارف نصر الله) المشرف على مؤسسة الرسول الأعظم (ص) حيث قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: لا يمكن المرور بسيرة المفكر الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي قدس سره وكذلك الحال بالنسبة لآية الله السيد محمد رضا الشيرازي اعلى الله درجاته مرور الكرام او اعتبارهما ظاهرة عابرة او مرحلة استطاعت ان تفرض نفسها في زمن ما، بل لابد أن نقف عند هذا النبع الزاخر وننهل منه الشيء الكثير، وليس هذا الحفل التأبيني إلا فسحة ضئيلة لإماطة اللثام عن ذلك التعتيم الاعلامي تجاه الرموز التي أبت إلا ان تسجل موقفا مشرفا في ميدان الجهاد والمعرفة، فرحم الله علماءنا الافذاذ الذين كانوا عنوانا ونبراس خلود افاض على الدنيا.

أما محطتنا التالية فكانت مع آية الله العظمى السيد مرتضى القزويني الأستاذ دام عزه، حيث قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: قد لا نأتي بجديد اذا ما ذكرنا بان هؤلاء العظام هذا شأنهم وديدنهم، وما احتفالنا هذا إلا تعزيزا يصب بنفس الاتجاه، ونحن امام مدرسة نستل منها معاني وقراءات ناضجة للأبعاد الإنسانية في خلق او صنع الحياة، وما هذه المسؤولية إلا معطى كبير لا يتسنى لغير العظام ان يدركوه، حيث وقف السيد محمد رضا الشيرازي اعلى الله درجاته ليبعث الحيوية بهذه الامة من جديد من خلال الإسهامات الفكرية المتعددة.

من جهته قال الاستاذ (هاشم المطيري) مسؤول منظمة العمل الاسلامي في كربلاء: في البدء نحن بحاجة ماسة الى دراسة متأنية لتلك الرموز الانسانية المهمة ومحاولة استعراض اهم المرتكزات الانسانية التي خلفتها وراءها، وحينها تدرك بانك امام تجربة جديدة على نطاق الفكر الديني او الحوزوي حيث تفوح من ثناياها استراتيجية التجديد في استيعاب الوحي القرآني.

أما سيد يحيى، وهو إمام وخطيب جامع فقد قال لـ شبكة النبأ المعلوماتية: لا شك بأن مساحة الذكرى تتسع لأبعد من مسافة الموت والحياة، كما أنها تتعدى نظرية الدين والتدين المألوف منذ مئات السنين، لتصبح تجربة تتسع للعلم والمعرفة ولتغفو عند ذاكرة المبدعين والمجتهدين في مناحي الحياة كافة، ولتلجم حينذاك أنساق التواتر في الفهم، ولربما هي ابعد ما تكون عن انتهاج إستراتيجية محددة لتقف على شواطئ التسليم بما كان او يكون، إذن نحن اليوم أمام فلسفة قوامها بأن الدين هو الحياة والحياة هي الدين.

أما محطتنا الأخيرة فكانت مع الأديب (جاسم عاصي) الذي قال لـ شبكة النبأ: لا يمكن بأي حال من الأحوال الإحاطة بكل جوانب تلك الشخصية المهمة، وهي تمتلك تلك الكثافة العددية في المنجز الابداعي ولها مساحة شاسعة في المكتبة العربية والإسلامية، فضلا عن القراءات التي استطاعت ان تفرض نفسها وهي تلامس الواقع الراهن من خلال الفهم الصحيح للوعي القرآني، والذي هو بالتأكيد جاء منسجما او ملبيا للفكر الانساني، اذن كانت شخصية السيد محمد رضا الشيرازي تضج بالكثير من الدلالات المعرفية من خلال ما افرزته من فكر استطاع أن يجد أرضية خصبة تنسجم مع تداعيات الحاضر من دون المساس بجوهر الثقافة القرآنية.

ومن هنا قد نستخلص مما طرح من آراء في هذه الذكرى السنوية لرحيل آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره) بأن التعرض الى سيرة العظماء هي اكثر من سيرة ذاتية خالصة، إلا إنها تشير في اغلب الأحيان الى نضوج حقبة معينة استطاعت ان تسهم في انضاج التجربة الإنسانية من خلال الإبحار في فهم الاستراتيجية الإلهية والانسجام الواعي للطيف الإنساني والدراية الكاملة في مكامن الذات البشرية التواقة الى عوامل التغيير، اذن نحن نقف اليوم أمام شخصية تخطت عصور كثيرة وثقافات متعددة، من خلال ما تعرضت له من ميادين العلم والاجتهاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/نيسان/2012 - 4/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م