الملكية الفكرية وتعزيز الابداع والابتكار

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يحقق عالم اليوم قفزات نوعية في مجال الابداع والابتكار، لاسيما في الدول التي ترعى المبدعين وتمنحهم ما يكفي من الحماية الفكرية والتسهيلات المادية، ناهيك عن الجانب المعنوي، حيث تزخر الدول المتقدمة بأساليب الاحتفاء الخلاقة بالمبدعين والمبتكرين، الذين يتمتعون بمواهب وعقول متفردة، أعطت ولا تزال للعالم فرصا متواصلة تقود البشرية جمعاء نحو حياة أفضل.

وقد تم تخصيص يوم عالمي للاحتفال بالملكية الفكرية اعتمدته منظمة الويبو و ( يشكل اليوم العالمي للملكية الفكرية في 26 أبريل من كل سنة مناسبة للاحتفال بالابتكار والإبداع، وللاطلاع على دور الملكية الفكرية في تعزيزهما وتشجيعهما. وقد تم تنظيم اليوم العالمي للملكية الفكرية لسنة 2012 تحت شعار المبتكرون المبصرون، أي الأشخاص البارعون ذوو المواهب الفنية الخارقة للعادة، الذين فتحوا للإنسانية آفاقا جديدة وأثّروا فيها أيما تأثير ).

إن أهمية الملكية الفكرية تكمن في كونها حافزا ماديا ومعنويا لمواصلة التطور البشري، من خلال حالة الاطمئنان التي يعيشها الانسان الموهوب، وهو يعرف بأن جهوده ومثابرته وابتكاراته تعود عليه بنفع مشترك، مادي/ معنوي، يحفزه كثيرا على الابداع الأفضل، لذلك ( سعيا إلى زيادة الفهم العام لحقيقة الملكية الفكرية، اختارت الدول الأعضاء في الويبو 26 أبريل يوما عالميا للملكية الفكرية وهو اليوم الذي دخلت فيه اتفاقية الويبو حيز النفاذ في سنة 1970. وما انفك اليوم العالمي للملكية الفكرية، منذ ذلك الحين، يتيح فرصا سانحة كل سنة للالتحاق بنظام الملكية الفكرية مع الآخرين عبر العالم وإبراز كيف أن هذا النظام يساهم في النهوض بالفنون والدفع بعجلة الابتكار التكنولوجي الذي يساعد على تشكيل عالمنا). على نحو أفضل.

لهذا بات من المهم للشعوب التي تتطلع الى اللحاق بمن سبقها من الشعوب المتطورة، أن تعير الاهتمام المطلوب للعقول الخلاقة والمواهب النادرة، وتمنح أفكارها ومبتكراتها الحماية اللازمة من السطو أو الاهمال، وهو أمر واضح للجميع، حيث تتعامل الجهات الحكومية المعنية مع الموهوبين بازدراء واقصاء واهمال يؤدي قطعا الى موت الموهبة وتراجع العقل المتميز وخموله، ولدينا مثال ساخن على سبيل المثال، كما حصل في حالة الاعتقال التي تعرض لها مؤخرا رجل عراقي من مدينة السماوة، صنع طائرة صغيرة بجهده الخاص ومهارته الفردية العالية وحلّق بها في فضاء المدينة المذكورة، وبدلا من رعايته وتكريمه والاهتمام به ومنحه ما يحتاج من مستلزمات التطور نحو الأفضل، تم اعتقاله وزجّه في السجن !!، ولنا أن نتصور كيف يمكن لمثل هذه العقول أن تبدع وتتطور وتقدم ما هو جديد ومتميز، في المجال التكنولوجي او الفكري، وهي تُعامل بهذا الازدراء والاستخفاف الواضح.

لهذا تحتاج الشعوب القابعة في الدرجات السفلى من سلّم التطور، أن تتعلم كيف تحمي العقول والمواهب المتميزة لديها، وأن تسن القوانين والبنود اللازمة التي بمقدرها حماية الفكر، والمنجز الابداعي والابتكاري أيا كان منحاه أو ميدانه، وأن تتعلم ايضا كيف تحتفي بمبدعيها وتحميهم وترعاهم بكل السبل والوسائل المتاحة، وتقدم لهم متطلبات الحياة التي تصنع لهم اجواء الابتكار والابداع، وهي خطوات تحتاج الى تشريعات تضعها لجان متخصصة وعارفة ببواطن الامور التي تخص هذا المجال، على أن يتم الاستفادة من الخبرات الدولية في هذات المضمار من خلال الانتماء الى منظمة الايبو، والسعي على نحو حثيث لاكتساب الخبرات في تحقيق مطلب الحماية الفكرية، الذي قد ينظر اليه بعض المسؤولين والجهات المعنية بأنه نوع من الترف، أو شيء جمالي كمالي لا حاجة لنا له في المرحلة الراهنة، وهذا تصور قاصر قطعا، فالعراق في انطلاقته الحالية وتعدد وتزايد موارده المالية خاصة، بحاجة قصوى الى تفعيل الحماية الفكرية، وتشجيع العقول والمواهب المتميزة التي حتما أنها لا تجد الآن من يتنبّه لها أو يهتم بها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/نيسان/2012 - 3/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م