الأراضي الخصبة... معايير جديدة في الاقتصاد العالمي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: ما زالت الزراعة هي عماد الاقتصاد في اغلب بلدان العالم وخاصة البلدان النامية وبالرغم من ذلك هي أكثر القطاعات المهملة منذ سنوات. إذ تشهد سوق الأراضي الزراعية الأجنبية عدة اضطرابات ونزاعات، حيث أصبح شراء أراض زراعية في الخارج سوقا مزدهرة في السنوات الأخيرة لكنه يترافق مع مخاطر متزايدة على صعيدي البيئة والأمن، بحسب ما يقول خبراء، في حين تشهد الدول النامية تقدما ملحوظا في زراعة محاصيل التقنية الحيوية ومن المتوقع لأول مرة أن تتجاوز المساحة المزروعة فيها الدول الصناعية في عام 2012، بينما تلعب الصين دورا متزايدا في هذه الاسواق بكونها لاعبا اساسيا في المبادلات العالمية للصويا والقطن، وحققت اكتفاء ذاتيا في الحبوب مؤخرا لكن الوضع بدأ يتغير ويقلب توازنات الاسواق الزراعية.

كما تتواصل الدارسات والأبحاث في تطوير الثروة الزراعية للمساهمة في زيادة انتاج الغذاء حول العالم، حيث بات للاقمار الصناعية دورا جديدا في انتاج الغذاء من خلال اطلاع المزارعين على احوال التغيرات المناخية والظروف الملائمة للزراعة وهذا بدوره يساعد بشكل كبير في تفادي الخسائر في المحاصيل الزراعية، وفي الوقت ذاته استنبط العلماء في استراليا صنفا جديدا من القمح الصلد العالي الإنتاجية والمقاوم للملوحة وذلك بتهجين سلالة تجارية معروفة بأخرى من أحد الأنواع القديمة. كما أصبح اليوم الزراعة من دون ماء من خلال اعتماد خصائص بيولوجية للنباتات للبحث عن الماء من أعماق الأرض أي المياه الجوفية بدلا من الري، وإن هذه التقنية الجديدة "سوف تساهم في انحسار المناطق الصحراوية بنسبة كبيرة بأموال أقل وبمساحة خضراء أكبر، ولهذا توجه شركات الاستثمار الكبيرة أنظارها في المستقبل القريب ناحية المناطق الريفية. ويرى مراقبون أن صعود أسعار السلع الغذائية على مستوى العالم، أشعل موجة إقبال كبيرة في بعض دول على الاستثمار في قطاع الزراعة، لكن ربما تكون السوق قد بلغت ذروتها مع الخوف من تراجع المستثمرين بسبب الأزمة الائتمانية العالمية وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الذي يجعل بعض المزارع لا تحقق ربحا، وهذا مؤشر خطير جدا لاسيما ان العالم يحتاج لزيادة بنسبة 70 في المئة من انتاج الغذاء بحلول عام 2050 لتلبية الطلب، أذن كيف ستكون هناك امدادات غذائية عالمية تكفي الجميع خاصة اذا استمر تفاقم هذه الازمة في ظل تزايد السكان ليصل عددهم الى تسعة مليارات نسمة في منتصف القرن ؟ وهذا يدق ناقوس الخطر و ينذر بانهيار العالم المتحضر وربما تشهد المعمورة حروب من نوع جديد في المستقبل القريب.

اضطرابات ونزاعات

فقد تبحث الصين والهند وكوريا الجنوبية ودول الخليج النفطية عن أراض أجنبية بغية سد حاجاتها المتزايدة من الإنتاج الغذائي، تبحث الدول الغربية عن أراض ملائمة لإنتاج الحبوب من أجل محروقاتها الحيوية، وبحسب القيمين على مشروع "لاند مييتريكس بروجكت" وهو مبادرة دولية تهدف إلى مراقبة الصفقات الكبيرة المتعلقة بشراء أراض أجنبية، انتقل 203 ملايين هكتار (أي ما يوازي ثماني مرات حجم بريطانيا) إلى أجانب بين العامين 2000 و2010 من خلال عمليات شراء أو تأجير طويلة الأمد، وجرى أكثر من نصف (66%) هذه الصفقات في افريقيا، وخصوصا اثيوبيا وليبيريا وموزمبيق والسودان. أما آسيا فسجلت نسبة 14%، لكن الخبراء أشاروا إلى عدم شفافية هذه السوق، ويلفت بول ماتيو وهو خبير لدى المنظمة العالمية للأغذية والزراعة إلى ارتفاع ملحوظ في عمليات البيع في العام 2009-2008 بعد أزمة الغذاء العالمية. ومنذ ذاك الوقت، تراجع البيع قليلا، على حد قوله.لكن الارتفاع المتوقع في عدد السكان (9,1 مليار نسمة في العام 2050) والحاجات الغذائية المتزايدة، بالإضافة إلى الارتفاع الجنوني في اسعار المحروقات الاحفورية ستساهم كلها على المدى الطويل في الحفاظ على مستوى مرتفع من الطلب على الأراضي الزراعية، ويقول ماتيو "إنها قنبلة قد تنفجر إذا لم نعالج الأمر"، ونظريا، قد تتيح صفقات الأراضي الزراعية لبلد فقير يتمتع بكثافة سكانية منخفضة اكتساب تكنولوجيات جديدة ودراية ورساميل.لكن استفتاءات عدة تشير إلى أن هذه الاستثمارات نادرة جدا. وغالبا ما تكون سوق الأراضي مشوبة بالفساد وتلحق أضرارا بالبيئة، وقد كشف البنك الدولي سنة 2010 أنه من بين 14 بلدا باع أراض لأجانب، 21% فقط شهد استثمارا زراعيا فعليا، وحذرت الأمم المتحدة في تقريرها العالمي الرابع حول المياه الذي نشر في منتصف آذار/مارس من أن المناطق المعرضة للجفاف في افريقيا الغربية قد تقع ضحية ولوع البلدان الصناعية بالمحروقات الزراعية، ما قد يخلف "عواقب مدمرة للغاية". بحسب فرانس برس.

يذكر أن إنتاج لتر واحد من الايثانول من قصب السكر يتطلب 18,4 ليترا من الماء، وإذا استمر الوضع على هذه الحال، ستدفع عمليات الشراء غير الخاضعة للرقابة البلدان المتطورة إلى تصدير مياهها لإنتاج الحبوب والأغذية بأسعار منخفضة، ما سيخلف آثارا مدمرة على البلدان الفقيرة، وفقا للخبير السويدي أنديرس جيغرسكوغ من معهد ستوكهولم الدولي للمياه، أما بالنسبة إلى وزيرة الزراعة الجنوب افريقية تينا جومات-بيترسون، فإن هذه السوق الجديدة "ليست سوى شكلا جديدا من أشكال الاستعمار"، مشيرة إلى جنوب السودان الذي بيعت 40% من أراضيه إلى مستثمرين أجانب، ويقول جيفري هاتشر من ائتلاف الجمعيات الأميركية غير الحكومية "رايتس اند ريسورسز اينيشياتيف" إن "عمليات شراء الأراضي المثيرة للجدل ساهمت كثيرا في اندلاع الحروب الاهلية في السودان وليبيريا وسيراليون. ومن المنطقي الشعور بالقلق لأن الظروف مؤاتية لنشوب نزاعات جديدة في مناطق كثيرة أخرى".

الدول النامية

في سياق متصل سيزرع الفلاحون في الدول النامية محاصيل استخدمت فيها التقنية الحيوية أكثر من أقرانهم في الدول الصناعية لاول مرة هذا العام مع تصدر البرازيل لهذه الدول وذلك وفق ما جاء في تقرير صدر واظهر نموا مطردا في استخدام البذور المعدلة وراثيا، وقالت (الخدمة الدولية لحيازة تطبيقات التكنولوجيا الحيوية الزراعية) في تقريرها السنوي عن استخدام البذور المعدلة وراثيا ان المساحة المزروعة بالمحاصيل المعدلة بالتقنية الحيوية ارتفعت عالميا بنسبة ثمانية بالمئة في العام الماضي لتصل الى مساحة قياسية بلغت 160 مليون هكتار بانخفاض طفيف عن ارتفاع نسبته عشرة بالمئة في عام 2010، وواصل الاستخدام في الدول النامية نموه بخطى أسرع مما هو في الولايات المتحدة التي لا تزال أكبر سوق بفارق كبير، وارتفعت مساحة اراضي المحاصيل المعدلة وراثيا في الدول النامية بنسبة 11 بالمئة او 8.2 مليون هكتار. وانخفض النمو في الولايات المتحدة -التي تزرع نحو 43 بالمئة من المحاصيل المعدلة وراثيا في العالم- الى ثلاثة بالمئة، وقالت (الخدمة الدولية لحيازة تطبيقات التكنولوجيا الحيوية للزراعة) في التقرير "زرعت الدول النامية ما يقرب من 50 بالمئة (875 ر49 بالمئة) من المحاصيل المعدلة وراثيا في عام 2011 ومن المتوقع لاول مرة ان تتجاوز المساحة المزروعة بالدول الصناعية في عام 2012."

واضاف التقرير "يخالف هذا تنبوء المنتقدين الذين -قبل طرح هذه التقنية تجاريا في عام 1996- اعلنوا قبل الاوان ان التقنية الحيوية هي للدول الصناعية فقط ولن تكون مقبولة على الاطلاق في الدول النامية ولن تتبعها، و(الخدمة الدولية لحيازة تطبيقات التكنولوجيا الحيوية الزراعية) هي مؤسسة غير هادفة للربح تسعى للترويج لتطبيقات المحاصيل المعدلة وراثيا والتي لا تزال محل جدل خاصة في اوروبا حيث تحظر زراعتها على نطاق واسع، ويقول منتقدون ان هناك ادلة على وجود مخاطر صحية على الانسان ومشكلات بيئية متعلقة بالمحاصيل المعدلة وراثيا الا ان شركات التقنية الحيوية التي تطورها ومؤيدو هذا التوجه يقولون انها امنة.

الصين

فيما قال خبراء ان الصين التي تعد لاعبا اساسيا في المبادلات العالمية للصويا والقطن، حققت اكتفاء ذاتيا في الحبوب مؤخرا لكن الوضع بدأ يتغير ويقلب توازنات الاسواق الزراعية، وقال بينوا لابوي المحلل المتخصص في الشركة الفرنسية "العرض والطلب الزراعي"، المتخصصة بتقديم النصح لمحترفي القطاع ان "الصين دولة كبرى يؤدي اي تدخل بسيط منها على الساحة الدولية الى تغيير الاسعار". واوضح ان "هذا الوضع سيتعزز في السنوات القادمة"، وكانت الصين قلبت سوق الصويا بواردات ارتفعت ثلاثة اضعاف منذ 2004 لتشكل اليوم ستين بالمئة من المبادلات العالمية. وحتى الآن، فعلت الصين ما بوسعها حتى لا تصبح مستوردة للحبوب، وقالت جوزفين هيكتر المحللة في مجال المواد الاولية في مجموعة "اوكس فيلدز بارتنرز" انها "وصلت في نهاية المطاف الى نموذج ونشهد اليوم اختراقا كما يدل بوضوح الاتفاق الاخير الذي ابرمته مع الارجنتين"، ووقعت بكين وبوينس ايرس اتفاقا لتصدير الشعير الارجنتيني، يشكل سابقة بما ان بكين ثاني منتج عالمي للشعير بعد الولايات المتحدة، لم تكن تستورد هذه السلعة في الماضي، وتغير كل شىء مع زيادة استهلاك الصينيين للحوم، وقالت هيكتر "نحتاج الى سبعة بروتينات نباتية لانتاج بروتين حيواني وزيادة حجم قطعان الماشية يؤدي بشكل آلي الى زيادة استهلاك الشعير خصوصا"، واكد كل الخبراء ان دخول الصين سوق المبادلات العالمية للشعير "اتجاه لا يمكن عكسه"، واوضحت هيلين موران التي تعمل في شركة "اغريتيل" ان "حجم واردات الصين حاليا" الذي قدر باربعة ملايين طن في 2011-2012 "يبقى صغيرا بالمقارنة مع المبادلات العالمية التي تبلغ 92 مليون طن"، لكنها اضافت ان "ما يثير قلقنا هو زيادتها وخصوصا في الوضع الحالي للسوق العالمية للشعير المتوترة جدا"، والوضع في اسواق القمح اقل اثارة للقلق اذ ان الصين تملك ستين مليون طن من الاحتياطات الاستراتيجية وهو رقم يعادل نصف انتاجها السنوي و30 بالمئة من الاحتياطات العالمية خصوصا. بحسب فرانس برس.

لكن محللين يرون ان تموين القمح قد يصبح مشكلة، بعد الشعير، وتواجه الصين التي يبلغ عدد سكانها اكثر من 1,3 مليار نسمة وتشهد زيادة في استهلاك الغذاء، مشكلة وصول انتاجها الزراعي الى حد اقصى، وقد حسنت الى حد كبير مردودية الزراعة خصوصا بفضل استهلاك كميات كبيرة من الاسمدة. لكن بكين تواجه مشكلة ندرة الاراضي الزراعية المتوفرة، وفي الواقع، يجعل تلوث التربة وتاكلها المرتبط بانحسار الغابات، جزءا من الاراضي غير صالحة للانتاج الزراعي بينما يصطدم هذا البلد بمشكلة ادارة موارد المياه، والحل الوحيد هو العثور على اراض قابلة للزراعة خارج الصين، وهذا ما يفسر السباق الى الاراضي في افريقيا ونيوزيلندا والفيليبين.

مواجهة الأزمة

على صعيد أخر فمن أعالي منطقة أمارانتيه شمال البرتغال، يقول الشاب سيزار تيكسيرا بفخر وهو يقطف الليمون "لا يعرف المزراع الجوع أبدا"، وهو شأنه شأن برتغاليين كثر، قد لجأ إلى الزراعة في ظل الأزمة المستشرية في البلد، يكرس هذا الشاب الذي يعمل كصانع للحلوى ليلا، أيامه للكيوي والعنبية والحمضيات التي يزرعها في أرض حمويه منذ سنة ونصف السنة، ويشرح سيزار تيكسيرا أن "هدفي هو إنشاء عملي الخاص. فعندما تبرز أعمالي الزراعية إمكاناتها كلها، سأترك وظيفتي الأخرى لأعمل مزارعا بدوام كامل". وهذا الشاب البالغ من العمر 25 عاما، مؤمن بأن جيله "سيقوم بدفع الزراعة إلى الأمام لتبلغ أقصى حدودها بالإضافة إلى جعلها مصدر رزق للبرتغال، ويشرح هذا القروي المفعم بالنشاط الذي سينضم قريبا إلى منتجين آخرين للانطلاق في مجال التصدير، أن "الطرقات جميعها مسدودة أمام الشباب" في قطاعي البناء والفندقية اللذين كانا ولغاية اليوم يحركان عجلة الاقتصاد في البلاد، وقد لجأ المقاول بيدرو كاتاو (36 عاما) إلى الزراعة أيضا بعد أن طالته عملية تعليق الأشغال العامة نتيجة سياسة التقشف التي اعتمدتها الحكومة مقابل مساعدة مالية يقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. فاضطر إلى التخلي عن أعماله في مجال بيع مواد البناء بالجملة، صحيح أنه ما زال يحافظ اليوم على متجر أدوات العدة والخردة الذي ورثه عن أبيه "لأسباب عاطفية خصوصا"، غير أنه يعول على إنتاج الفطر كمستقبل مهني يؤمن له عيشه، وهو يعتزم تصدير أنواع الفطر التي ينتجها إلى أسبانيا قريبا، على أمل أن يدر له هذا النشاط أرباحا سنوية تتراوح ما بين 10 و 12 ألف يورو بحلول العام 2015، فيضمن بذلك "دخلا إضافيا" وإمكانية توفير فرص عمل جديدة، ويقول "أتت الأزمة بمثابة ضربة قاضية علينا، لكن قطاع البناء لن يعود يوما إلى سابق عهده".

وفي ظل الركود الاقتصادي وأزمة الائتمانات المصرفية، ما كانت هذه الحماسة ممكنة في القطاع الزراعي لولا المساعدات الأوروبية التي تسمح للمزارعين الجدد باستثمار مبالغ تصل إلى 75 ألف يورو على الرغم من شبه انعدام رؤوس أموالهم الخاصة، ومنذ أيار/مايو 2008، أبصر 5200 مشروع النور بمبادرة من مزارعين شباب في البرتغال. وفي منطقة أمارانتيه، "ارتفع عدد المزارعين بنسبة 20% العام الماضي"، على حد قول لوردس كاردوسو المهندسة الزراعية في جمعية مزارعي ريبا دورو. تضيف "ساعدنا في إطلاق 30 مشروعا في مجال زراعة الفطر"، وتوضح قائلة "اشتد اليأس لا سيما في أوساط الشباب والأزواج العاطلين عن العمل. لذا نراهم يعودون إلى الزراعة حيث لا يحتاجون إلا إلى قطعة أرض صغيرة. وهذا هو القطاع الوحيد الذي ما زال يستفيد من المساعدات الحكومية"، وقد بات المزارعون الشباب من أمثال سيزار تيكسيرا وبيدرو كاتاو مضرب مثل للشباب في بلد تطال فيه البطالة التي سجلت رقما قياسيا في نهاية العام 2011 مع 14% وأكثر من 35% بين البرتغاليين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 24 عاما، من جهتها، نظمت لوردس كاردوسو التي "يلجأ إليها أشخاص يبحثون عن مخرج من دوامة الأزمة" جلسة توجيهية في مقر جمعيتها. فغصت القاعة بالحضور، ومن بين المشاركين، الكهربائي العاطل عن العمل نونو بيريرا (25 عاما) وصديقته إينيس ألفيس (24 عاما) المنشطة الثقافية التي لم تجد لها يوما فرصة عمل في مجالها. فيشير نونو "سمعنا أن الفطر يدر الأموال".

القمح الصلد

في حين استنبط العلماء في استراليا صنفا جديدا من القمح الصلد العالي الانتاجية والمقاوم للملوحة وذلك بتهجين سلالة تجارية معروفة بأخرى من أحد الانواع القديمة، وعبر الباحثون - الذين نشروا نتائج تجاربهم في دورية التكنولوجيا الحيوية والطبيعة Nature Biotechnology - عن أملهم في ان يسهم الصنف الجديد في مواجهة مشكلة نقص الغذاء في المناطق الجافة وشبه الجافة حيث يجابه المزارعون مشكلة ارتفاع درجة ملوحة التربة، وقال ماثيو جيليهام كبير الباحثين في كلية الزراعة بجامعة اديليد الاسترالية "انها المرة الاولى التي.. تتم فيها عملية استعادة التنوع الوراثي - التي اندثرت في النبات من خلال اساليب التهجين العتيقة المحدودة - بالاستعانة باحد الاقارب النباتية البرية، واستعان الباحثون بجين يعتقد انه المسؤول عن ضبط محتوى الملوحة في النبات كان قد تم عزله منذ أكثر من عشر سنوات من صنف عتيق من القمح، وقال جيليهام في مقابلة ان هذا الجين يسهم في تخليق بروتين يتركز في جذر القمح ويعمل على منع سريان الاملاح الى بقية انسجة النبات. وتتسبب ظاهرة ملوحة التربة في انخفاض الانتاجية ثم هلاك النبات في نهاية المطاف. بحسب رويترز.

وأضاف "عندما تنمو النباتات في بيئة ذات ملوحة مرتفعة يتعذر ان تعمل الانزيمات بكفاءة عالية داخل النبات، ومضى يقول "اجرينا تهجينا بين هذا الجين وصنف حديث من القمح ذي اهمية تجارية. ويعمل هذا الجين على نقل خاصية مكافحة الملوحة من خلال سحب الاملاح من انسجة تسمى الخشب في النبات وحبسها في الجذور ثم منعها من الصعود الى السوق حيث تتلف الاملاح النبات وتمنعه من اتمام عملية التمثيل الضوئي، وقام الباحثون بزرع هذا الصنف المحسن من القمح في تربة ذات درجة ملوحة عالية الا ان الناتج المحصولي كان عاليا بزيادة نسبتها 25 في المئة عن الاصناف العادية غير المهجنة، وقال جيليهام "ربما أفاد هذا الامر اصناف القمح الاخرى خلال خمس سنوات، وقال ان المزارعين في مناطق بافريقيا جنوب الصحراء واستراليا والولايات المتحدة وروسيا ربما يستفيدون ايضا من هذا الصنف المحسن من القمح.

زراعة بدون ماء

من جهته أعلن الدكتور أحمد فيصل العلوي، المتخصص في علم البكتيريا والأمراض الوراثية، عن تطوير اختراع هولندي بحريني يساهم في الزراعة بالصحراء بدون ماء، واعتماد خصائص بيولوجية للنباتات للبحث عن الماء من أعماق الأرض، وهو النظام الذي ستعتمد عليه قطر كأحد البدائل لزراعة المناطق الشاسعة في أراضيها، وقال العلوي إن التقنية الجديدة "سوف تساهم في انحسار المناطق الصحراوية بنسبة كبيرة بأموال أقل وبمساحة خضراء أكبر، وأوضح أن "المساحة الزراعية التي تحتاج إلى 50 لتر ماء في اليوم، لا تحتاج مع التقنية الجديدة أكثر من 50 لتر ماء في السنة، وبتكلفة 10 في المائة فقط من النظام العادي المعتمد، وأضاف، أن النظام الزراعي يعتمد على الري بالماء المستخرج من الأرض، بينما التقنية الجديدة تستفيد من الماء قبل خروجه من الأعماق، بتوجيه جذور الزراعة عمودياً إلى أسفل الأرض بدلاً من التوجيه الأفقي، وجعلها تبحث عن المياه الجوفية بدلاً من اعتمادها على نظام الري، وقال العلوي: "تستعين قطر بهذا الاختراع لزراعة الصحارى القطرية والمناطق المعمارية الشاسعة التي سوف تبنيها خلال الفترة من الآن وحتى العام 2022م، لاستضافة كأس العام. بحسب السي ان ان.

والنظام هو تطوير لاختراع "استعادة الماء" للهولندي بيتر هوف، وهو عبارة عن صندوق لتكثيف الماء يستخدم لزراعة الأشجار الدائمة الخضرة، بعد ملئه بكمية مقدارها 15 لتر ماء، ويدفن مع النبات لمدة عام دون إعادة ريه مرة أخرى، وتعتمد الفكرة تعتمد على تكثيف الماء من الأمطار والرطوبة الجوية، حيث إن الجهاز عبارة عن أسطوانة، توضع في قعرها فتيلة يتم من خلالها التقطير، وتستخدم هذه العملية في التقليل من المساحات العارية من النباتات وزراعة الصحراء، ونجح الجهاز خلال تجربته في عدة أماكن من الصحراء، وساعد كتقنية في اتساع رقعة الأراضي الخضراء، ومكافحة التصحر، وكتقنية في الري من خلال التعويض عن حفر الآبار والأيدي العاملة.

الاقمار الصناعية

الى ذلك طور عالمان في اسرائيل في الآونة الأخيرة وسيلة جديدة لمساعدة الزراع في تحقيق الاستخدام الأمثل للأرض، استخدم العالمان الصور التي يلتقطها القمر الصناعي "تيرا" لادارة الطيران والفضاء الامريكية (ناسا) لمساعدة المزارعين في التعرف على أي تغير صغير قي الظروف المناخية بهدف زيادة انتاج محاصيلهم وهي طريقة يحتمل أن تساهم في زيادة كميات الغذاء في أنحاء العالم، ولا تعتمد الطريقة الجديدة على تحليل الطقس والتفاصيل الجغرافية في مساحات كبيرة من الارض بل على تقسيم المساحات الى مناطق مناخية أصغر بهدف إرشاد الزراع الى أفضل طريقة لاستغلال كل حقل على حدة، ويقول يوري ديان الباحث المتخصص في علم المناخ بالجامعة العبرية في القدس ان الاسلوب الجديد يحدد للمزارع أفضل وقت لغرس البذور ورش مبيدات الافات ونوع المحصول المناسب للزراعة في كل كيلومتر من الارض، ومنذ نشرت الطريقة الجديدة في دورية الجمعية الامريكية لعلوم المناخ يعمل ديان وزميله الباحث ايتامار لينسكي لرسم خريطة بينية لسطح الارض يستطيع الزراع في كل القارات استخدامها، وقال ديان "توصلتا الى أن من المهم أن يعرف الزراع ظروف الطقس المحلية في حقول معينة يزرعونها. لذلك توصلنا الى أن المواقع الموجودة حاليا لقياس الحرارة على سبيل المثال ليست كافية على الاطلاق للحصول على هذا لنوع من المعلومات. بالتالي قررنا استخدام بيانات ناسا (ادارة الفضاء والطيران الامريكية) التي تجمع عن طريق الاقمار الصناعية للحصول على بعض المعلومات عن حرارة الأرض. بحسب رويترز.

وتقول منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة ان انتاج الغذاء في العالم يحتاج لزيادة بنسبة 70 في المئة بحلول عام 2050 لتلبية الطلب، كما تقول المنظمة ان المحاصيل الزراعية شديدة التأثر بأي تغير في عناصر البيئة مثل الافات ومسببات الامراض والاعشاب الضارة التي يمكن أن تؤدي الى فقد أكثر من 40 في المئة من امدادات الغذاء العالمية، ويقول ديان ان الظروف المناخية المحلية قد تحتلف بين حقل واخر ملاصق له الامر الذي يحتاج الى عناية خاصة لكل مهما على حدة لتحقيق أقصى انتاج، وذكر ديان ولينسكي أن هدفهما هو زيادة الامدادات الغذائية في العالم، وقال "دراسة لينسكي وديان خطوة رائدة لتحقيق الدقة في مجال الزراعة. هما يستخدمان حرارة سطح الارض والاشارات الحرارية المبينة في صور الاقمار الصناعية لتطوير فكر جديد بخصوص ظواهر مثل ضغط المياه في التربة والجفاف في الحقل نفسه. سوف نستخدم هذه الطريقة مستقبلا عندما يلتقط القمر الصناعي صورا أكثر وضوحا للمساحات والحرارة، واستخدمت الطريقة الجديدة للتنبؤ بالمكان والتوقيت المحددين لاصابة منطقة زراعية بنوع من الآفات يسبب خسائر بمليارات الدولارات للانتاج الزراعي في العالم سنويا. وأتاحت هذه المعلومات استخداما أكثر فعالية لمبيدات الآفات، وبمجرد عثور الباحثين على شريك يساعدهما في تطوير اكتشافهما يمكن في غضون عامين وضع خريطة بيانية لسطح الارض لمساعدة الزراع في كل أنحاء العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/نيسان/2012 - 2/جمادى الآخر/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م