التسامح الديني وخنادق التشدد

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: مع بداية الحرب العالمية ضد الارهاب زادت معها الروافد التي غذت التطرف الديني والتشدد الطائفي والمذهبي على المستوى العالمي وبات الجميع تحت مرمى الاستهداف المباشر بعد ان استخدمها الارهاب الدولي في تنفيذ اجندته ومأربه الخاصة سيما وان الاديان ولما لها من قيمة حسية ومعنوية عالية لدى الناس، فقد اعتبرت من اسهل الطرق وانجحها استغلالاً وتأثيراً على قلوب الناس ومشاعرهم والتي يتم من خلال اللعب على اوتار التطرف وتنمية الكراهية داخل المجتمع الواحد او بين المجتمعات الاخرى.

ان نجاح الارهاب في زرع بذور العداء والكراهية بين معتنقي الاديان والمذاهب المختلفة عزز من وجودهم وفرص بقائهم، حيث ادركت التنظيمات المتشددة كتنظيم القاعدة وطالبان وحقاني وبوكو حرام، اضافة الى التنظيمات اليهودية والمسيحية المتطرفة، ان سلاح التطرف الديني اشد وقعاً وفاعلية من تأثير الاسلحة النووية، ولعل هذا ما حول الغرب واوربا على وجه الخصوص –والتي كانت مناراً للتسامح الديني والاثني- الى بلاد غير مستقرة دينياً بعد ان تنامى فيها العداء للأقليات الدينية الاخرى وما رافقته من حوادث غير مسبوقة او معروفة من قبل، ويبدوا ان الضعف في وجود تجمع عالمي لكافة الطوائف والاديان يوحد الكلمة ويرص الصف ويتصدى للفتن الاثنية ساهم، ايض، في منع هذا الامر خصوصاً وان الهوة اخذة في الاتساع والانتشار في تجمعات حيوية كالتجمعات الطلابية والرياضية والثقافية...الخ.   

العوادي الى مقبرة النجف

اذ وصل جثمان العراقية شيماء العوادي، مؤخراً إلى العراق ليتم دفنها في مقبرة وادي السلام، في مدينة النجف، بحضور العشرات من المشيعين في مقدمتهم زوجها وابنته، ورافقت سيارات للشرطة جثمان العوادي في طريقها من مطار بغداد الدولي إلى مدينة النجف، الواقعة على بعد حوالي 160 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة العراقية، وكان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي قدم طائرة لنقل جثمان العوادي وإعادتها إلى العراق، وصرح مركز العلاقات الإسلامية الأمريكية، في وقت سابق، أن شيماء العوادي، 32 عاما، قضت السبت متأثرة بجراحها، بعد نزع أجهزة دعم الحياة عنها إثر تعرضها للضرب المبرح في جريمة يعتقد أنها على صلة بـ"الكراهية" داخل منزلها الواقع في منطقة، إل كاجون، في مقاطعة سان دييغو الأمريكية، وظلت العوادي، وهي أم لخمسة أطفال، على قيد الحياة بالاعتماد على أجهزة دعم الحياة منذ أن وجدتها ابنتها، على الأرض داخل منزل العائلة، والى جانبها رسالة تحث على الكراهية العنصرية، ولم تكشف شرطة الولاية عن مضمون الرسالة، إلا أن ابنة الضحية، فاطمة الأحمدي، 17 عاما، قالت أنها تحتوي على كلمات كره ودعوات وتهديدات للعودة إلى دولتهم بالإضافة إلى كلمات عنصرية. بحسب سي ان ان.

وقالت الأحمدي: "لم تكن هذه هي الرسالة الأولى التي نتلقاها، فقبل أسبوع وجدنا رسالة على باب المنزل جاء فيها (هذه دولتنا وليست دولتكم أيها الإرهابيون) "، وأضافت الابنة "لم تأخذ أمي الرسالة على محمل الجد حيث اعتقدت أنها مرسلة من قبل أطفال يلهون، وفي نفس اليوم وجدنا رسالة أخرى جاء فيها نفس العبارات التي جرحت مشاعر والدتي إلا أنها لم تعلق على الموضوع، وشيماء العوادي وهي أم لثلاث بنات وولدين، تتراوح أعمارهم بين ثمان سنوات و17 عاما، قدمت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في التسعينات، وتقطن عائلتها في منطقة إل كاجون التي تحتوي على عدد كبير من العراقيين، على حد تعبير المدير التنفيذي مركز العلاقات الإسلامية الأمريكية، حنيف محبي.

أزمة بمصر

الى ذلك أثارت تصريحات منسوبة لأحد الدعاة الذين ينتمون للتيار السلفي، تتضمن إساءات بحق البابا شنودة، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، أزمة جديدة في مصر، دفعت عدداً من المحامين إلى التقدم ببلاغات ضد الشيخ السلفي، اتهموه فيها بـ"ازدراء الدين المسيحي"، وأدانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته مؤخراً، تلك التصريحات المنسوبة إلى "الشيخ" وجدي غنيم، والتي ذكر فيها: "بفضل الله تعالى، هلك رأس الكفر والشرك، هذا المسمى شنودة"، مشيراً إليه باسمه الحقيقي، نظير جيد، والذي توفي مؤخر، وفيما لم يمكن التأكد من مصداقية "رسالة صوتية" منسوبة لغنيم على عدد من المواقع الإلكترونية، فقد أكدت المنظمة الحقوقية على "رفض محاولات إهانة أي من الأديان السماوية، أو الرموز الدينية، بأي حال من الأحوال، وكذا التأكيد على دور الدولة في حماية معتقدات مواطنيها"، وشدد البيان على "ضرورة أن تحظر الدولة أي دعوة للكراهية الدينية، بشكل تحريض على التمييز أو العداوة أو العنف، أو أي مجاملة، أو أشخاص يقوم بنشاط يستهدف إهدار أي حق من حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً"، وإذ أعربت المنظمة، في بيانها، عن "انزعاجها الشديد من مثل هذه التصريحات، وتكفير بعض المواطنين"، فقد اعتبرت أن "مثل هذه التصريحات لا تعد من قبيل حرية الفكر والاعتقاد"، وذكرت أنها من شأنها "إشاعة قيم التعصب والتطرف الديني، ونبذ التسامح." بحسب سي ان ان.

ودعا البيان "المجتمع المصري بأكمله، إلى مواجهة مثل هذه الحملات"، وشدد على أنه "لا يحق بأي حال من الأحوال، إطلاق هذه التصريحات ضد واحداً من رموز الأمة المصرية، وصاحب باع طويل في العمل العام والديني"، إلى ذلك، أفادت تقارير إعلامية بأن عددا من المحامين المسيحيين، من بينهم نبيل غابريال، رئيس منظمة "نور الشمس للتنمية وحقوق الإنسان"، تقدموا بعدة بلاغات إلى النائب العام المصري، المستشار عبد المجيد محمود، يتهمون غنيم فيها بـ"ازدراء الدين المسيحي"، و"الإضرار بالوحدة الوطنية"، و"التمييز ضد طائفة من طوائف المجتمع"، وأشارت التقارير إلى أن المحامين طلبوا من السلطات المصرية إرسال مذكرة إلى الشرطة الدولية "الإنتربول"، لملاحقة الشيخ السلفي وتقديمه للقضاء، مع التشديد على أن البابا الراحل كان "رمزاً بارزاً من رموز الوطنية الشامخة، وحصناً منيعاً لوأد الفتن الطائفية، وصمام الأمان للوحدة الوطنية"، بحسب ما جاء في تلك البلاغات، ونشرت العديد من المواقع الإلكترونية تسجيلاً صوتياً للداعية السلفي وجدي غنيم، بعد قليل على إعلان نبأ وفاة البابا شنودة، اعتبر فيه البابا الراحل بأنه "رأس الكفر"، كما وصفه بأنه "أحد أبرز الشخصيات وضوحاً في معاداة الإسلام"، على حد قوله.

بسبب رفضها خلع نقابها

من جهتها حُرمت بريطانية مسلمة من الخدمة في هيئة محلفين في إحدى محاكم العاصمة البريطانية لندن بعد رفضها طلب القاضي بخلع نقابه، وقالت صحيفة "ديلي ميل" إن قاضي محكمة التاج في منطقة بلاكفرايرز الواقعة جنوب شرق لندن، اعتبر أن المرأة المسلمة المنقبة لا يمكن أن تجلس في هيئة المحلفين في قضية جريمة قتل لأنه غير قادر على رؤية تعابير وجهه، واضافت أن المرأة المسلمة كانت على وشك أداء اليمين بالمحكمة حين تدخل القاضي وسألها ما إذا كانت مستعدة لإزالة النقاب الذي يغطي وجهها بالكامل، باستثناء فتحة صغيرة يمكن من خلالها رؤية عينيه، واشارت الصحيفة إلى أن القاضي إيدان مارون طلب من المرأة المسلمة مغادرة قاعة المحكمة حين رفضت خلع نقابها، وجرى استبدالها بشخص آخر ليأخذ مكانها بهيئة المحلفين، ونسبت إلى مسعود شجرة رئيس اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان قوله "هذا أمر غير مقبول تماماً، ولا نفهم ما إذا كان لتعابير الوجه أي تأثير على القاضي أو على الحكم أو على أي شخص آخر في المحاكمة وهو أمر يبعث على القلق بأن يتحامل قاض ضد إمرأة ترتدي النقاب". بحسب يونايتد برس.

شبح الاسلام المتشدد في فرنسا

الى ذلك وفور إعلان مقتل محمد مراح ذكرت المرشحة الرئاسية ماريان لوبن أن هذه الأحداث تبرر أجندتها المناهضة للإسلام، وتحدث الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن ضرورة خفض مستوى الهجرة الحالي إلى النصف وإلى تقليل إتاحة اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية، وأصبح شبح الإسلام المتشدد يقلق المسلمين في فرنسا ويهدد بقلب السباق الرئاسي حيث كان ينظر إلى مرشح اليسار فرانسوا هولاند على أنه الأقرب إلى الإطاحة بساركوزي المثير للجدل، واتهمت لوبان الحكومة الفرنسية بترك الضواحي الفقيرة للمتطرفين الاسلاميين ودعت للتركيز على اخفاقات فرنسا الامنية قبل اسابيع من الانتخابات الرئاسية، وكانت لوبان التي تحتل المركز الثالث في استطلاعات الرأي تتحدث بعد مقتل ثلاثة اطفال يهود وحاخام وثلاثة جنود في تولوز، ومن ضمن ما قالته لوبان إن فرنسا يجب أن تتخلص مما وصفه بالخطر الإسلامي وأشارت إلى أن السلطات تعمل على التقليل من هذا الخطر، ومن المبكر للغاية الحكم على تأثير يومين من تبادل إطلاق النار بين السلطات الفرنسية والمشتبه به محمد مراح -23 عاما- على فرص ساركوزي في الفوز بفترة رئاسية ثانية، وقد قتل في تبادل إطلاق النار محمد مراح الذي تقول السلطات الفرنسية إنه عبر عن فخره أثناء حصاره بقتل 7 أشخاص بغية "تركيع فرنسا".

وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن ساركوزي ربما يحقق مكاسب سياسية من تلك الأحداث المروعة التي شهدتها فرنسا خلال الأيام الأخيرة، بينما يقول محللون في فرنسا إن ساركوزي ربما يحمله البعض مسؤولية المشاعر المعادية للأقليات في فرنس، وأفاد استطلاع الرأي الذي أجرته (سي إس إيه) أن ساركوزي سوف يهيمن جزئيا على الجولة الأولى من التصويت التي ستجرى في 22 من أبريل / نيسان لكنه سيخسر أمام هولاند في جولة الإعادة التي ستجرى في 6 من مايو / أيار، وتوقعت الاستطلاعات أن يحصل ساركوزي على 36 في المئة مقابل 45 في المئة من المتوقع أن يحصل عليها هولاند، وتعد هذه النسبة هي الأعلى التي حصل عليها هولاند في الاستطلاعات التي أجرتها (سي إس إيه(، وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان ذكرى الانتخابات الإسبانية التي جرت في عام 2004 والتي أجريت بعد ثلاثة أيام من انفجارات في مدريد نفذها إسلاميون عندها خسر المحافظون الانتخابات لصالح الاشتراكيين، أما في الولايات المتحدة فإن الهواجس المتنامية بشأن الإرهاب في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر /أيلول كان لها تأثير مختلف، فقد أدت إلى فوز الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش بفترة رئاسية ثانية في عام 2004. بحسب بي بي سي.

وتقول الجبهة الوطنية التي تتزعمها مرشحة اليمين لوبان إن ما تطلق عليه (الأسلمة) تهدد الثقافة الفرنسية وأنها ستغير فرنسا إذا لم يتم اتخاذ إجراء حيال تدفق المهاجرين المسلمين وتنامي مطالب المسلمين الذين يولدون في فرنس، وتقول وكالة الأسوشيتد برس إن المسلمين الذين يبلغ تعدادهم نحو خمسة ملايين مسلم والذين يعدون الجالية الأكبر في دول أوروبا الغربية كافحوا لوقت طويل ما وصفته بأنها عنصرية مزمنة ومتفشية في المجتمع الفرنسي، وتضيف الوكالة أن العواطف المعارضة للمسلمين تتصاعد مع احتقان الأوضاع الدولية مثل تصاعد الانتفاضة بين الفلسطينيين أو هجمات الحادي عشر من سبتمبر أو مع الهجمات التي ينفذها تنظيم القاعدة، وكان هناك صدى بين مرشحي الرئاسية للإعلان عن أن المشتبه في تورطه في ثلاث هجمات هذا الشهر في تولوز جنوب غرب فرنسا هو فرنسي من أصل جزائري ادعى ان له علاقة بتنظيم القاعدة وأنه سافر مرتين إلى أفغانستان، كما كان لذلك الإعلان أيضا دور في أن يضع المسلمين في موقف المدافع عن نفسه، ويقف حاليا قادة المسلمين واليهود في فرنسا موقف واحد وهو عدم استخدام قضية مراح، الذي له سجل إجرامي، في وصم الإسلام نفسه، وقال كبير الحاخامات في فرنسا شيل برينهايم عقب لقاءه مع ساركوزي وزعماء مسلمين "المسلمون مثل اليهود واليهود مثل المسلمين، أدين أي سوء تفاهم حول الوضع السياسي في الشرق الأوسط، والعمل الوحشي الذي أصاب فرنسا بالفزع"، وقال محمد موسوي رئيس (سي اف سي إم) وهي هيئة تضم المسلمين الفرنسيين في لقاء تليفزيوني إن ما قام به المشتبه فيه سلبي للغاية للإسلام.

مداهمات بأنحاء فرنسا

في سياق متصل أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية اعتقال 10 أشخاص يشتبه في أنهم إسلاميون متشددون ضمن حملات دهم جديدة في جميع أنحاء فرنسا نفذتها الشرطة مؤخر، وفي الأثناء، قال مسؤولون إن 13 إسلاميا مشتبها بهم كانوا اعتقلوا الجمعة الماضي، وضعوا تحت ما يسمى ببند "التحذير الرسمي" للتحقيق بتهمة "التآمر الجنائي للاتصال مع مؤسسة إرهابية وحيازة ونقل أسلحة"، و"التحذير الرسمي" هو إجراء في النظام القانوني الفرنسي يأتي بعد عملية الاعتقال، وقبل أن يتم توجيه اتهامات رسمية، وقد تم سجن تسعة من أصل 13، بمن في ذلك محمد الشملان زعيم جماعة "فرسان العزة،" بينما أطلق سراح أربعة آخرين، مع إبقائهم "تحت الرقابة القضائية،" وفقا لمحامي الشملان فيليب ميسامو، وقال فرانسوا مولينز المدعي العام في باريس، إن المسلمين الذين اعتقلوا يستعدون لحرب مقدسة، مشيرا إلى أن الشملان كان "يدعو إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية في فرنسا، وتطبيق الشريعة وتحريض المسلمين في فرنسا لكي يتحدوا من أجل التحضير لحرب أهلية"، وكانت السلطات الفرنسية أعلنت، ترحيل اثنين من "المتشددين الإسلاميين"، وكشفت عن اعتزامها ترحيل ثلاثة آخرين قريباً، في أعقاب الهجوم الذي شهدته مدينة "تولوز" مؤخراً، وأسفر عن سقوط 7 قتلى، والمشتبه بتنفيذه الشاب الفرنسي من أصل جزائري، محمد مراح، الذي ُقتل خلال مواجهة مع الشرطة.

وقال وزير الداخلية الفرنسي، كلود غيان، في بيان، إن هذه الخطوات تأتي ضمن "خطة عاجلة لترحيل عدد من المتشددين الإسلاميين الأجانب"، مشدداً على أن حكومة بلاده "لن تتساهل" مع الإسلاميين، وأضاف البيان أن أحد "الإسلاميين المتشددين" من الجزائر، والذي يُعتقد أن له علاقة بالهجمات التي وقعت في مدينة "مراكش" بالمملكة المغربية عام 1994، تم ترحيله إلى بلاده، كما أشار إلى أن أحد الأئمة من مالي، تم إعادته إلى بلاده هو الآخر، بعد اتهامه بالإدلاء بتصريحات معادية للسامية والغرب، في خطابه الديني، وألمح البيان إلى أنه سيتم ترحيل ثلاثة إسلاميين آخرين قريباً، أحدهم إمام سعودي الجنسية، والثاني "متشدد إسلامي" من تونس، بالإضافة إلى إمام ثالث من تركي، وأكد ساركوزي، الذي يستعد لخوض الانتخابات على فترة رئاسية ثانية، أن الحملات، التي أسفرت عن اعتقال 19 شخصاً، نفذت بقرار من وزيري الخارجية والداخلية، بهدف "منع دخول أشخاص محددين إلى فرنسا"، لا يعتقدون بقيم البلاد، وأشار ساركوزي إلى أن قوات الأمن ضبطت، خلال تلك الحملات التي اقتصرت على استهداف جماعات وشبكات إسلامية، عدة قطع أسلحة، منها بنادق كلاشنيكوف، كما أكد أن "عمليات أخرى ستتواصل في مطلق الأحوال، وستسمح لنا بطرد عدد من الأشخاص عن أراضينا، أشخاص لا داع لوجودهم عليها في الأصل"، جاءت تلك الحملات الأمنية غداة منع السلطات الفرنسية أربعة رجال دين مسلمين من دخول أراضيها. بحسب سي ان ان.

فيما منعت فرنسا، مؤخراً، أربعة دعاة إسلاميين من دخول أراضيها للمشاركة في الملتقى السنوي لمسلمي، نظراً لدعواتهم التي تحض على العنف والكراهية، ما يتعارض، وعلى حد قولها، على نحو خطير، ومبادئ الجمهورية، والدعاة الأربعة الممنوعون من دخول فرنسا هم: الشيخ عائض القرني، والشيخ عبدالله بصفر، والدكتور صفوت حجازي، والشيخ عكرمة صبري، وجاء القرار الفرنسي بعد أيام من منع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، من دخول الأراضي الفرنسية، وأوضحت وزارتا الداخلية والخارجية الفرنسيتان، في بيان مشترك، أن الدعاة الأربعة تلقوا دعوة من جمعية إسلامية فرنسية للمشاركة في التجمع السنوي لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنس، وأعلن "اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا" استنكاره للقرار الذي اعتبره بأنه يشكل "إهانة لكل المسلمين" وأنه يسيء لجهود الحوار ومساعي التفاهم، وعقد التجمع السنوي في مدينة "ليبورجيه" خارج باريس، خلال الفترة من السادس إلى التاسع من إبريل/ نيسان، كما قال وزير الداخلية، كلود غيان، ووزير الخارجية، آلان جوبيه، في بيانهما، إن فرنسا "تأسف"  لدعوة المفكر الإسلامي السويسري، طارق رمضان، إلى أراضيها من قبل اتحاد منظمات المسلمين في فرنس، وأضاف البيان: "نأسف لأن اتحاد منظمات المسلمين في فرنسا اختار دعوة رمضان الذي تتعارض مواقفه وتصريحاته مع المبادئ الجمهورية، وهذا لا يخدم مسلمي فرنسا".

شمال مالي

من جانب اخر قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انه يجب فعل كل شيء لمنع ظهور "دولة ارهابية أو اسلامية" في شمال مالي بعد أن استولى المتمردون على مساحات شاسعة من المنطقة الصحراوية، وكان انقلاب وقع في مالي في 22 مارس اذار قد شجع الطوارق على الاستيلاء على النصف الشمالي من مالي واعلان دولة مستقلة هناك، وكان بين المتمردين مقاتلون اسلاميون مرتبطون بتنظيم القاعدة وأبدى محللون خشيتهم من أن تصبح المنطقة الصحراوية ملاذا لمقاتلي القاعدة او "دولة مارقة" مزعزعة للاستقرار في غرب افريقي، وقال ساركوزي انه يؤيد شكلا من أشكال الحكم الذاتي للطوارق في المستعمرة الفرنسية السابقة، وأضاف لتلفزيون اي.تيليه "علينا أن نعمل مع الطوارق لنرى كيف يمكن أن يحصلوا على قدر أدنى من الحكم الذاتي وعلينا أن نبذل كل ما بوسعنا لمنع ظهور دولة ارهابية أو اسلامية في قلب الساحل"، وفرنسا هي رابع أكبر جهة مانحة للمعونات بالنسبة لمالي وهي مصدر حيوي للدخل لواحدة من أفقر دول العالم، كما تقوم فرنسا بتدريب وتجهيز القوات الحكومية. بحسب رويترز.

وأدى ديونكوندا تراوري رئيس برلمان مالي السابق اليمين الدستورية كقائم بأعمال رئيس البلاد في اطار اتفاق لاستعادة الحكم المدني بعد الانقلاب، ودعا تراوري الانفصاليين للانسحاب من المدن الشمالية التي احتلوها ومن ضمنها تمبكتو المركز التجاري ومركز التعليم الاسلامي وبلدة جاو التي تضم حامية عسكرية، وقال تراوري انه سيشن حربا اذا لم ينسحب المتمردون في حين تقوم المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) التي طالبت قادة الانقلاب بالتخلي عن السلطة باعداد قوة تدخل تضم ما يصل الى 3000 فرد، وحين سئل ساركوزي عن احتمال تدخل فرنسا عسكريا لانهاء التمرد في الشمال قال ان اتخاذ هذه القرارات يرجع أولا لجيران مالي وللاتحاد الافريقي ثم لمجلس الامن الدولي، وقال "لا أعتقد أن الامر يرجع لفرنس، فرنسا مستعدة لتقديم يد العون لكن لا يمكننا أن نقود هذه العملية"، وكانت فرنسا قد نصحت رعاياها في مالي والبالغ عددهم 5000 شخص بمغادرة البلاد، وتمثل الازمة المتصاعدة مثار قلق لفرنسا نظرا لان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يحتجز ست رهائن فرنسيين بالمنطقة.

حظر الفيفا

من جهتها قامت مصممة هولندية بتصميم حجاب الهدف منه إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بالسماح للاعبات كرة القدم بارتداء الحجاب أثناء المباريات، ويحظر على اللاعبات ارتداء الحجاب في الأدوار المتقدمة من البطولات لأسباب تتعلق بالسلامة وبسبب حظر ارتداء الرموز الدينية، ويقول منتقدون إن حظر الحجاب يعزز من شعور بالتمييز في اللعبة الأكثر شعبية في العالم، وتمكنت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحمل اسم "Let Us Play"  (دعونا نلعب) من جذب أكثر من 60 الف متابع، وتسود تكهنات باحتمالية رفع الحظر المفروض على الحجاب خلال صيف العام الجاري إذا حصل الحجاب الهولندي التصميم على موافقة الفيف، وكانت 14 فتاة، تترواح أعمارهن بين 8 و12 عاما، تلعبن على أحد الملاعب بمدينة أوتريخت في مباراة بين "DVSU" و"VV Hoograven"، وتنتمي لاعبات الفريق المضيف إلى أسر مسلمة من أصول مغربية، وإذا استمر الحظر المفروض على ارتداء الحجاب، لن تستطيع بعض هذه الفتيات المشاركة بأي بطولة خارج أرض ملعبهم، الأمر الذي يثير قلق للمدربة السابقة للفريق النسائي الأردني هيسترين دو ريوس، تقول دو ريوس: "سعيت كثيرا من أجل تشيجع الفتيات في الأردن على المشاركة، وعلينا تشجيع الفتيات المسلمات على اللعب"، وتوضح: "مشاركتهن في الرياضة ضعيفة، وأعتقد أننا نزيد الوضع سوءا في كرة القدم من خلال هذه القواعد."

وكانت دو ريوس المدربة للفريق النسائي الأردني في مباراة ضد إيران في تمهيدي أولمبياد 2012، لكن قبل لحظات من بدء المباراة، مُنع الفريق الإيراني من اللعب لإصرارهم على ارتداء الحجاب، وتسبب القرار في حالة من الغضب داخل إيران، واتهم الرئيس الإيراني الفيفا بالتصرف مثل المستعمرين والديكتاتوريين، وبحسب ما تذكره الفيفا، يمارس لعبة كرة القدم أكثر من 29 مليون امرأة وفتاة في مختلف أنحاء العالم، وتؤكد الفيفا أن هذا العدد "يتزايد بشكل سريع طوال الوقت"، لكن ثمة مخاوف بشأن فرص انتشار اللعبة داخل مجتمعات إسلامية على ضوء الحظر المفروض على الحجاب، وخلال العام الماضي تمكنت مجموعة يتزعمها نائب رئيس الفيفا الأمير الأردني على بن الحسين من إقناع مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم بأن الحجاب جزء من الثقافة وليس رمزا ديني، ويعني ذلك أن المخاوف المتعلقة بالسلامة هي التي تحول دون مشاركة المحجبات في المنافسات الدولية. بحسب بي بي سي.

وقامت المصممة الهولندية سيندي فان دن بريمن بتصميم حجاب يدرسه مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم كسبيل للتغلب على آخر المخاوف المتبقية، وتوضح فان دن بريمن أن طريقة تثبيت حجابها على الرأس تجعل من السهل سقوطه إذا قام أحد الخصوم بجذبه، وبذلك يقلل من احتمالية حدوث اختناق، ولكن من الضروري أن يلبي هذا الحجاب رغبات اللاعبات أيض، وتشير مدربة "VV Hoograven" يسرا السلاوي إلى إنها حاولت تجربته، وتقول: "أحببته، فهو أكثر أمنا من التصميم التقليدي، وأعتقد أن الفتيات سيشعرن بالإثارة إزاءه"، ولا تزال كرة القدم لعبة يسيطر عليها الرجال، ولا يقبل بعض المسلمين فكرة لعب نسائهم كرة القدم، لكن ترى نعيمة الوكيلي، التي جاءت لتشاهد ابنتها أثناء اللعب مع "VV Hoograven"، أن الحاجز اجتماعي وليس ديني، وتقول: "هذا شيء لم يذكره الإسلام، ولكنه أمر مرتبط بالثقافة فالاسلام يشجع المرأة على الخروج وممارسة الرياضة. أشعر بالسعادة لأن ابنتي لديها فرصة للقيام بذلك"، وتثير فكرة إجراء تعديل محتمل على قواعد كرة القدم الدولية نقاشا دينيا مرتبطا بالسياسية.

ويقول جيرت توملو، العضو السابق في حزب الحرية الهولندي الرافض للهجرة: "سعيد بالسماح للنساء في الدول الإسلامية بلعب كرة القدم، فهذه خطوة للأمام"، لكنه يضيف: "تظهر مشكلة عند الضغط وإصدار الأوامر أو ابتزاز النساء لارتداء الحجاب، إذ يعد حينئذ رمزا للقمع"، وتؤكد المصممة سيندي فان دن بريمن على أن حجاباها يهدف الى تمكين النساء ومنحهن حرية الاختيار، وتقول: "معظم النساء والفتيات اللاتي تحدثت إليهن كن حريصات على ارتداء الحجاب في الملعب، بالمخالفة مع الصورة التي في ذهني"، وترى أن للمرأة حرية الاختيار لنفسها، ولا يقف الأمر على أحد – بما في ذلك الفيفا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 21/نيسان/2012 - 30/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م