مدن تتنافس نحو الصدارة واخرى تكافح من اجل البقاء

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: تعزز السياحة بأنواعها سباق التنافس الكبير بين المدن ذات المكانة والشهرة العالمية لسرقة الاضواء من بعضها البعض والتفرد باستقبال الملايين التي تبحث عن الاجمل والاحدث والامتع.

ويبدوا ان الفارق بين الدول المتطورة والتي حوت بين ربوعها مدناً لم تبخل على نفسها بشيء من اجل الاستقطاب ونيل رضا القادمين، بات ضئيلاً وبالأخص عندما توسع مفهوم السياحة والارباح التي تجنى من خلاله، حتى تحول الامر الى اكثر من مجرد تباهي او تحسين لواقع الخدمات، الامر الذي جعل الاعتماد على الارث الحضاري او السمعة الحسنة او النسب المتنامية غير كافي للبقاء على قمة الهرم، بعد ان اصبح السقوط منه اسهل من التربع عليه، ولنا في التاريخ العديد من الشواهد الحيه على ذلك.   

من جانبها فان العديد من المدن الجديدة وهي تحاول اثبات الوجود في ولادة قد تكون صعبة في بعض الاحيان وسط مدنً اكثر عراقة واوسع خبرةً، الا ان الاصرار والعزيمة هي الوصفة السحرية للنجاح وتخطي الصعاب خصوصاً وان العديد من المدن المعروفة عالمياً في وقتنا الراهن كانت في زمن من الازمنة تحت طيات التأريخ.

يذكر –كذلك- ان الابحاث والدراسات ما زالت تجري بوتيرة متصاعدة من اجل فتح افاق جديدة لتصاميم وطموح الانسانية حول مدن المستقبل وما ستكون عليه طبيعتها واجوائه، كما ان العديد من المعارض والمؤتمرات التي تقام بصورة دورية تناولت بالبحث والمناقشة وتبادل الخبرات مواضيع تعزز وتطور المستقبل الذي ينتظر هذه المدن.       

باريس المدينة الرابعة

حيث احتلت باريس ومعها هونغ كونغ المرتبة الرابعة على لائحة المدن الأكثر تنافسية في العالم، بعد نيويورك ولندن وسنغافورة، وشملت اللائحة التي أعدتها صحيفة "ذي إيكونوميست" الأسبوعية بطلب من مصرف "سيتي غروب" حوالى 120 مدينة تتمتع "بقدرة معترف بها على استقطاب الرساميل والمؤسسات والمواهب والسياح"، على ما شرح القيمون على المصرف في بيان، وأوضح مدير التوقعات الأوروبية في البيان "من المؤكد أن الحركة الاقتصادية تتطور في مدن أخرى ولا سيما في المدن الآسيوية، لكن المدن الأميركية والأوروبية تتمتع بسمات تاريخية تضمن لها أفضلية تنافسية"، وبعد باريس وهونغ كونغ، شملت لائحة المدن العشر الأولى الأكثر تنافسية، طوكيو وزيوريخ وواشنطن وشيكاغو وبوسطن، وشملت لائحة المدن الثلاثين الأولى الأكثر تنافسية إحدى عشرة مدينة أوروبية، منها فرانكفورت (المرتبة 11) وجنيف (13) وامستردام (17) وستوكهولم (20) وعشر مدن أميركية، منها سان فرانسيسكو (13) ولوس أنجليس (19) وهيوستن (23)، وتقع خمس عشرة مدينة من المدن العشرين الأولى التي تتمتع "بقوة اقتصادية" في آسيا وهي اثنتا عشرة مدينة صينية على رأسها تيانجين وشينزين وداليان بالإضافة إلى سنغافورة وبانغالور (الهند) وأحمد آباد (الهند) وهانوي، أما المدينة الأميركية اللاتينية الأولى على اللائحة العالمية فهي بوينوس ايرس التي احتلت المرتبة الستين، تبعتها ساو باولو في المرتبة 62 وسانتياغو في المرتبة 68، واحتلت جنوب افريقيا الأماكن الأولى المخصصة للقارة الافريقية فجاءت جوهانسبورغ في المرتبة 67 والكاب في المرتبة 73 ودوربان في المرتبة 94، تبعتها القاهرة في المرتبة 114 ونيروبي في المرتبة 115 والاسكندرية في المرتبة 116 ولاغوس في المرتبة 119، أما في الشرق الأوسط، فاحتلت دبي المرتبة الأعلى (40)، تبعتها أبو ظبي (41) والدوحة (47) وتل أبيب (59) والكويت (80) ومسقط (86)، فيما احتلت بيروت المرتبة 117 وطهران المرتبة 120. بحسب فرانس برس.

كما تصدرت باريس الترتيب العالمي للمدن الطالبية متقدمة على لندن وبوسطن وملبورن على ما افادت شركة الدراسات البريطانية "كيو اس" المتخصصة في تصنيف الجامعات والتي اصدرت اول تصنيف للمدن الطالبية، وحصلت باريس على 421 نقطة متقدمة على لندن (405 نقاط) وبوسطن (399 نقطة) وملبورن (398 نقطة) وفيينا (389 نقطة)، والى جانب باريس حلت مدينتان فرنسيتان في افضل خمسين مدينة طالبية وهما ليون في وسط البلاد (المرتبة الحادي والاربعون مع 367 نقطة) وتولوز في جنوب غرب فرنسا (المرتبة السادسة والاربعون و286 نقطة)، والتصنيفات الكلاسيكية للجامعة بما في ذلك تصنيف "كيو اس" تهيمن عليها عادة الجامعات الاميركية والبريطانية الا ان سبعا من 15 افضل مدن طالبية في تصنيف "كيو اس لافضل المدن الطالبية للعام 2012" تأتي من اوروبا (باريس وفيينا وزيوريخ وبرلين وبرشلونة وميونيخ وليون)، وخلافا للتصنيفات الكلاسيكية التي تعتمد على مستوى الابحاث في الجامعات، فان تصنيف المدن يعتمد فضلا عن البحث، على اربعة انواع من المعايير هي عدد الطلاب (المحليون والاجانب) ونوعية الحياة ورأي اصحاب العمل بحاملي الشهادات وكلفة الدراسة والحياة الطالبية.

زيورخ الأكثر غلاءً

من جهته كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة "ايكونوميست انتيليجنس" للدراسات الإحصائية، إن مدينة زيورخ السويسرية تربعت على قائمة أكثر المدن غلاءً للمعيشة، على مستوى العالم، بعد أن احتلت العاصمة اليابانية طوكيو المرتبة الأولى على مدى 20 عام، وأرجع عدد من المحللين هذا الارتفاع، إلى الاستثمارات الضخمة التي تشهدها سويسرا، بالإضافة إلى الإقبال الكبير على الفرنك السويسري، الذي يعتبر أكثر العملات الأوروبية أماناً، في المرحلة الحالية، حيث الأزمات التي تعصف بالدول المجاورة، والتي أثرت بشكل مباشر على العملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، وجاء في التقرير الذي حمل عنوان، "إحصاءات حول تكلفة المعيشة في مدن العالم"، أن أكثر المدن غلاءً هي المدن الواقعة على المحيط الهادي، مثل مدينتي سيدني وميلبورن الأستراليتين، وحلتا في المرتبة السابعة والثامنة،  وصعود مدن كسنغافورة وسيؤول إلى مراتب متقدمة على مر العام 2011.ونوه التقرير الى أن المراتب العشرة الأولى في الترتيب العام لمدن العالم احتلتها كل من: زيورخ، تليها طوكيو، ثم المدينة السويسرية الأخرى جنيف في المرتبة الثالثة، لتكون المراكز السبعة الأخرى على الترتيب هي: أوساكا (اليابان)، أوسلو (النرويج)، باريس (فرنسا)، سيدني (أستراليا)، ميلبورن (أستراليا)، سنغافورة، والمركز العاشر لفرانكفوت (ألمانيا)، وعلى صعيد المدن العربية، فقد جاءت في مراتب مختلفة حيث احتلت مدينة مسقط العُمانية المرتبة 120 على مستوى الترتيب الذي ضم 160 دولة، تليها الجزائر العاصمة في المرتبة 124، ثم مدينة جدة السعودية في المرتبة 127. بحسب سي ان ان.

استخدام التقنية في نيويورك

الى ذلك ذكرت الصحف في نيويورك أن أجهزة لوحية رقمية قد تحل نهائيا محل أجهزة التلفزيون الصغيرة المركبة على الجهة الخلفية من المقاعد في سيارات الأجرة في نيويورك، وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شركة "سكوير" التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرا لها اقترحت برنامجا تجريبيا يهدف إلى تركيب أجهزة لوحية رقمية في خمسين سيارة أجرة، ويستطيع الراكب بالتالي البحث عن معلومات واللعب واستعمال بطاقته الائتمانية في أي وقت، ومنذ العام 2007، تضم سيارات الأجرة في نيويورك أجهزة تلفزيون صغيرة مركبة على الجهة الخلفية من المقاعد التي تفصل بين القسم الأمامي للسيارة والقسم الخلفي، وتبث هذه الأجهزة بشكل مستمر أخبارا محلية ومنوعات وإعلانات مقتضبة، وتسمح شاشاتها التي تعمل باللمس للراكب بتسديد بدل النقل من خلال بطاقته الائتمانية، ومن المفترض أن ترفع "سكوير" برنامجها التجريبي إلى لجنة سيارات الأجرة والليموزين في الأول من آذار/مارس، وأشارت صحيفة "نيويورك بوست" أن تفاصيل البرمجيات التي ستكون متوافرة على الأجهزة اللوحية لم تحدد نهائيا بعد، موضحة أن البرنامج يقضي باستبدال أجهزة التلفزيون بأجهزة من نوع "آي باد". بحسب فرانس برس.

كما افادت جمعية فنادق نيويورك ان عاملات التنظيف وبعض العاملين في الفنادق الكبرى في المدينة الاميركية سيحملون جهاز انذار محمولا يسمح لهم بالحصول على المساعدة في حال مواجهتهم مصاعب، واوضحت ناطقة باسم الجمعية ليزا ليندن ان كل العاملين الذين يضطرون لسبب او لاخر لدخول الغرف من عاملات التنظيف والندل والموظفين المكلفين ملء البرادات الصغيرة سيحصلون على جهاز الكتروني في غضون اقل من عام، ورفضت ليندن الربط بين هذا الاجراء وقضية دومينيك ستروس كان المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي الذي اتهم بالاعتداء جنسيا في ايار/مايو الماضي من قبل عاملة التنظيفات نفيستو ديالو في احد فنادق نيويورك، وقالت ليندن "ان الامر موضع نقاش منذ بعض الوقت"، وقالت ان النظام "يمكن ان يشغل بسرعة وسهولة لطلب مساعدة سريعة"، ويندرج هذا الاجراء في اطار عقد جديد من سبع سنوات يتم التفاوض بشأنه بين جمعية فنادق نيويورك والنقابات، واقرته الجمعية مؤخراً وعلى النقابات ان تصادق عليه.

ابطال الحياة اليومية

في سياق متصل، فنان أو بائع خضار أو مجرد ربة عائلة، وهي صور فوتوغرافية ضخمة لـ"أبطال" من الحياة اليومية تزين شوارع مدينة ميديين، لتشكل نموذجا يحتذى به بالنسبة إلى شباب يواجهون يوميا عنف العصابات الكولومبية، والصور الفوتوغرافية التي تعود إلى نحو عشرين من سكان المنطقة، ظهرت في أحياء هذه المدينة التي تحصي 2،3 ملايين نسمة وهي ثاني مدن البلاد وتبعد عن بوغوتا 400 كيلومتر شمال-غرب، وهنا، أدى القضاء على كارتيلات الكوكايين في تسعينات القرن الماضي إلى ظهور عصابات إجرامية عدة، والصور التي التقطها فيليبيه ميسا ترافقت ببعض الكلمات من قبيل "تناغم وتسامح" و"محبة" و"حرية"، كلمات تشدد على الرغبة بتغيير صورة ميديين التي تحتل المرتبة 14 في قائمة المدن الأكثر خطورة في العالم، مع جرائم قتل وصلت نسبتها العام الماضي إلى 70 جريمة لكل ألف نسمة، والعرض الذي يأتي بعنوان "أبطال بلا حدود" يلفت إلى "الحدود غير المرئية"، وهو تعبير يشير إلى الشبكات السرية للجريمة المنظمة التي ما زالت تجند قواتها من بين الشسباب الكولومبيين الراغبين بالتخلص من البؤس، ولينا ألفاريز متخصصة في علم النفس، شاركت في هذه العملية التي أطلقتها البلدية، وتقول "أردنا أن نحيي أبطال الحياة اليومية هؤلاء، أشخاص بسطاء من الحي لا يحملون الشهادات، لكنهم يشكلون نموذجا للصغار بما انهم لم يخرجوا على القانون". بحسب فرانس برس.

والصور ليست لأبطال رياضيين أو مغنين، هي لماريا إيميليانا أوكويندو التي تبلغ السادسة والثمانين من عمرها والتي ربت 14 ولد، وهي لجوناثان أوريبيه الذي أسس مدرسة لموسيقى الراب تؤمن تعليما مجانيا لطلابه، وفي البداية، ظن عدد من السكان عندما رأوا هذه الوجوه الغريبة أن السلطات أرادت تكريم ذكرى بعض المفقودين الذين وقعوا ضحية العصابات الإجرامية التي تتواجه منذ حوالى نصف قرن مع سلطات هذا البلد اللاتيني-الأميركي، وعلى واجهات منازل ميديين وأسطحها، من الممكن مشاهدة الصور من مقصورات "ميتروكابليه" وهو وسيلة نقل عامة معلقة أو تلفريك تم إنشاؤه في العام 2006 بهدف خدمة الأحياء الأكثر فقرا على سفح الجبل، وتلفت لينا ألفاريز "هدفنا أن نبين لهؤلاء الذين يستقلون (ميتروكابليه) أن مستقبل هذا الحي ليس العنف، فهناك عدد كبير من الأمور الإيجابية"، وجيلبرتو إيداراغا هو واحد من رموز المعرض، يعمل في بيع الخضار عندما لا يحتل حلبات الرقص، وهو لا يبحث عن الشهرة من خلال انتشار صوره بهذه الطريقة، فيقول لصحيفة "إل كولوبيانو" المحلية "مساهمتنا ليست سوى المضي في كفاحنا بهدف القيام بالأمور كما يجب"، جيرانهم وتلامذة مدارس الحي هم الذين اختاروا أن يجعلوا من هؤلاء السكان المتواضعين والمجتهدين، نموذج، أما المبادرة فتعود لفنان فرنسي هو المصور جي أر المشهور بصور البورتريه العملاقة، وعلى سبيل المثال تلك التي تمثل الشباب الذي يعيشون في التجمعات السكنية في ضواحي باريس وفي مدن صفيح ريو دي جانيرو أو "فافيلاس" وفي الأراضي الفلسطينية.

طريق صعب

من جهة اخرى يعلم رجل الاعمال الفلسطيني بشار المصري منذ البداية بان بناء مدينة جديدة في الضفة الغربية باسم روابي لن يكون مشروعا سهلا لكنه لم يتوقع ان ينتظر ثلاث سنوات للحصول على موافقة اسرائيل لشق طريق لا يتجاوز طوله بضعة كيلومترات، لكن الموافقة على شق الطريق، التي حصل عليها المشروع مؤقتة فحسب ويمكن سحبها في اي وقت مما يعكس الصعوبات التي تواجه هذا المشروع الطموح في الضفة الغربية، وبالنسبة لرجل الاعمال الذي قضى عدة سنوات في الخارج ويحمل الجنسية الاميركية فان العملية "كانت يجب ان تكون مباشرة ولكن عندما تتعامل مع السياسة لا تعرف ابدا ما الذي سيحدث"، وبدا مؤخراً العمل على الطريق الذي سيسمح عند انتهائه لنحو مئة شاحنة بالمرور عبره يوميا بدلا من طريق القرية الضيق الذي كان يشكل المدخل الوحيد لموقع البناء، ويقول المصري "هناك العديد من التعقيدات فالطريق مؤقت ويجب ان نتقدم بطلب تجديده كل عام ويستطيعون ايقافه في اي وقت"، وما زال المصري متفائلا بمشروعه الذي سيكلف نحو مليار دولار اميركي والذي يعتقد بانه سيكون مربحا ومفيدا من الناحية السياسية، ويرى المصري ان مشروعه سيشكل نموذجا يستطيع الفلسطينيون من خلاله المطالبة باراضيهم لمنع توسع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية.

ويقول "انها قنبلة موقوتة واعتقد ان الفلسطينيين ارتكبوا خطا بعدم خلق وقائع على ارضهم"، لكن المصري يعتقد ان كل هذا اخذ في التغير مشيرا الى انه "يامل بان تكون روابي خطوة اخرى في هذا الاتجاه"، ويجري العمل على قدم وساق في موقع البناء الذي يمتد على مساحة 85 هكتارا الى الشمال من مدينة رام الله على الرغم من النكسات العديدة التي دفعت الى تاجيل الموعد النهائي للمشروع ورفعت التكلفة كثير، وتتراوح اسعار الشقق في المشروع بين ثمانين الف دولار و140 الف، ومن المتوقع ان يعيش فيها ما بين 25 الف و30 الف شخص، وابدى كثيرون في الضفة الغربية والخارج اهتمامهم في شراء بيوت في المدينة الجديدة التي يامل المصري في حال نجاحها ان يبني نماذج مماثلة لها في كل المدن الرئيسية في الضفة الغربية لوقف هجرة الطبقات المتعلمة الوسطى الى مدينة رام الله، ويوضح المصري "ليس لدي اي مشكلة في مجال العقارات بل واستطيع ايضا زيادة السعر قليلا وسأتمكن ايضا وقتها من بيع كل ما لدي ولكن رؤيتي تتمثل في انشاء مدينة قائمة بحد ذاتها وعبر ذلك اخلق فرص عمل"، ويضيف "ان نجحت الرؤية تستطيع اخذ روابي ووضعها بجانب جنين وقلقيلية وبيت لحم". بحسب فرانس برس.

ويريد المصري الذي عاد في منتصف التسعينات الى الضفة الغربية ان تشكل روابي "معيارا صديقا للبيئة ويتوقع ان تشكل مركزا اقتصاديا مع بنية تحتية متطورة بما فيها الكفاية لتلبية احتياجات الشركات الاكثر تطورا للبيئة"، ولا يتفق الجميع مع رؤية المصري حيث يرى بعض الفلسطينيون بان مشروع روابي يشبه المستوطنات الاسرائيلية بشكل كبير ويعتقد اخرون بان المنازل ستكون مرتفعة السعر وخارج متناول العديد من الناس، الا ان المصري يقول ان مشاريع الاسكان للعائلات ذات الدخل المنخفض ستاتي بعد ذلك، ويتابع "اعتقد اننا نبني دولة من الصفر ولدينا فرصة ببناء دولة متطورة"، وبالنسبة للمصري فانه "بدلا من الخصخصة لدينا فرصة انشاء مدن جديدة ولدينا فرصة لتعليم الناس بان يكونوا اصدقاء"، ويرى المصري ان الاهتمام الشرائي بالمشروع فاق عدد المنتقدين مع تاهل اكثر من 7500 عائلة لشراء بيت، واشادت كل من السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي بمشروع المصري مع انه يعبر عن سافه لان الدعم لم يترجم الى اي تمويل للبنية التحتية على ارض الواقع، ويكمل ضاحكا" لو اخذت دولارا عن كل مرة يقال لي فيها (مشروع جميل وانك تقوم بعمل رائع) لكنت دفعت كافة التكاليف"، وبحسب للمصري فان الدول المانحة تبدو مترددة في تمويل مشروع خاص الا انه يتوقع ان تبدا الاموال بالتدفق عندما تصبح روابي مدينة ماهولة وتحصل على وضع بلدي، ويبدو المصري واقعيا بالنسبة للعوائق التي تواجه اكمال المشروع "لدينا مشاكل يومية مع الاسرائيليين مثلنا مثل الجميع في القطاع الخاص الفلسطيني"، في اشارة الى التاخيرات التي تمتد ما بين ساعات وحتى ايام على الحاجز على الطريق المؤدي الى روابي، ويضيف "الحاجز ليس ضد روابي بل ضد الشعب الفلسطيني".

ملامح مدن المستقبل

بدورها فان كثير من التكنولوجيات التي ظهرت في المعرض تبدو للوهلة الأولى وكأنها جزء من الخيال العلمي، وبرغم أن عددا غير قليل منها مايزال في طور التجربة إلا أن المطورين تمكنوا في معظم الأحيان من تقديم نماذج لها ما يمثل رؤية لما قد تبدو عليه مدننا في المستقبل، وفي سياق المعرض قدم معهد فراونهوفر الألماني للأنظمة المتكاملة نظاما للاتصال بين السيارات وإشارات المرور، وقد تم تصميم البرنامج للتقليل من الحوادث عن طريق إجبار السيارات على الإبطاء من سرعتها عندما تقترب من إشارة مرور على وشك التحول إلى اللون الأحمر، وأوضح أوليفر سواده من معهد فراونهوفر أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ في غضون خمس سنوات، وأشار إلى أن هذه التكنولوجيا ستتيح ايضا استدعاء السيارة بدون سائق عند الحاجة إليها، وعندما تصل إلى وجهتك يمكن أن تتوجه السيارة إلى المرآب من دون سائق أيض، وعلى بعد أمتار من هذا المكان، قدم المعهد الألماني لإبتكارات الروبوت سيارة يمكن أن يصغر حجمها لوضعها في أي مكان انتظار صغير، والسيارة تعمل بالبطارية ولا تحتوى على محرك معتاد بل إنها تعمل عن طريق أربعة محركات مثبتة في عجلاته، ويمكن للسيارة التي أطلق عليها اسم (إي أو سمارت كونيكتينج كار) أن تلتصق بمثيلاتها من السيارات لتشكل قطارا من السيارات، ويقول تيمو برنشاين أحد افراد الفريق المطور للسيارة إن هذه الإمكانية سوف تساعد على توفير الطاقة وتقديم مصدر للطاقة في حالة نفاد بطارية السيارة بصورة غير متوقعة، وأضاف أن ذلك من المتوقع أن يساهم في التقليل من الازدحام المروري. بحسب بي بي سي.

وضم معرض سيبت عددا من الروبوتات. فقد قدمت الشركة البريطانية (انجينيرينج آرتس) إنسان آلي تعليمي بحجم الإنسان العادي يقوم بأدوار تعليمية أو توضيحية، ويأمل مطورو هذا الروبوت في المرحلة المقبلة أن يعملوا على ربط الكمبيوتر المسيطر عليه بكم كبير من المعارف من أجل تواصل أكبر مع من يتعاملون معه، وقدم الروبوت (أرمار) أيضا مفهوما جديدا لهذه الإجهزة حيث بإمكانه الغناء والمساعدة في أعمال المنزل بما فيها إعادة الطعام إلى الثلاجة أو إحضار كوبا من الماء أو حتى غسل الصحون، وقدمت الشركة الألمانية عددا من الروبوتات يقوم أحدها بوظيفة (دي جي - مقدم اغاني) والآخر بالرقص، ويصل سعر الروبوت الواحد من هذا النوع نحو ٤٠ ألف دولار، وعرضت وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا الألمانية مشروعها (آي تي تو جرين) الهادف إلى توفير استخدام الطاقة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقدمت الوزارة سبعة مشروعات من بينها مشروع يمكن من نقل البيانات من أجهزة الشركات والمؤسسات الرئيسية (السيرفر) إلى أجهزة الموظفين خلال الليل لتوفير طاقة الأجهزة الرئيسية للقيام بعمليات أكثر تعقيد، وقال الدكتور فيل لوتز من معهد فراونهوفر إن هناك الكثير من الإجراءات في هذا الشأن هدفها ضمان حماية البيانات خلال هذه العمليات من الضياع أو السرقة أو الاطلاع عليها من جانب شخص غير مخول له بالاطلاع عليه، وتوقع أن تدخل هذه التكنولوجيا حيز التطبيق خلال العامين المقبلين، وعرض معهد فراونهوفر أيضا تقنية بإمكانها قراءة معالم الوجه عن طريق كاميرا ثم استخدام برنامج خاص يتعرف على عمر الشخص وجنسه وحالته المزاجية، واستغرق تطوير البرنامج ويطلق عليه اسم (شور) نحو ثماني سنوات.

ساحة تاريخية الى سوق للمخدرات

فيما تحولت ساحة فنسسلاس في وسط براغ والتي انطلقت منها "الثورة المخملية" ضد النظام الشيوعي إلى ملجأ لمدمني المخدرات وباتت تستقطب المنحرفين وسط مبانيها المترفة ومتاجرها الفاخرة وقصوره، ويقول أليس ترمر من منظمة "سانانيم" غير الحكومية التي توزع الحقن على مدمني المخدرات "لا مثيل لساحة فنسسلاس كسوق للمخدرات في الجمهورية التشيكية ولا في أوروبا الشرقية كلها"، ويضيف "يمضي متطوعونا هنا أربع ساعات يوميا ويتواصلون كل مرة مع نحو 150 مدمنا بغية تزويدهم بحقن نظيفة"، وتعتبر ساحة فنسسلاس التي يبرز فيها مبنى المتحف الوطني العملاق وتمثال القديس سان فنسسلاس (935-907) شفيع البلاد مكانا مقدسا بالنسبة إلى التشيكيين يجتمعون فيه تلقائيا في كل لحظة حاسمة من تاريخهم، ففي هذه الساحة بالذات، جرت المواجهات مع المدرعات السوفياتية سنة 1968 وقامت المظاهرات السلمية التابعة "للثورة المخملية" التي أسقطت النظام الشيوعي سنة 1989.لكن ساحة فنسسلاس التي كانت في القرون الوسطى سوقا للأحصنة أصبحت اليوم مركز المخدرات الرئيسي في البلاد، على الرغم من أنها محاطة بفنادق تصنف أربع نجوم ومصارف ومتاجر ضخمة ومطاعم فاخرة، ويقول ترمر "يتنزه مدمنو المخدرات فيها بحرية بين المارة كي يروجوا للمخدرات ويتعاطوه، وفي الوقت نفسه، يرتكبون عمليات سرقة صغيرة لتأمين المال الضروري لشراء جرعتهم اليومية، ويثير ذلك بالتأكيد غضب التجار". بحسب فرانس برس.

في هذا البلد الذي يحصي 10،5 ملايين نسمة، يقدر عدد مستخدمي المخدرات المصنعة بنحو 30 ألف شخص يعيش ثلثهم تقريبا في براغ. وقد بقي هذا الرقم هو نفسه نسبيا منذ انتشار المنبهات الذي تلا في التسعينات سقوط النظام الشيوعي، ويزور متطوعو "سانانيم" كل يوم الساحة وهم يرتدون سترات سوداء كتب عليها "برامج ميدانية"، وتجر بترا وسفيتلانا (زميلتا ترمر) حاوية صفراء صغيرة مخصصة لجمع الحقن المستعملة وصندوق أسود ثقيل مليء بحقن نظيفة ومعدات صحية ومنشورات حول الوقاية من الادمان تحمل عناوين مراكز مختلفة للخدمات الطبية والاجتماعية، وما إن يبدأ المتطوعون الثلاث بالتنزه ببطء على الرصيف المعبد حتى يظهر المدمنون من اليمين واليسار ويتهافتون للوقوف أمامهم، ويقول ترمر شارحا "لا نسعى إلى تشجيعهم على الخضوع للعلاج. هدفنا هو حماية الناس من أمراض مثل الايدز والتهاب الكبد من نوع (سي)"، ويشتكي قائلا "وقد يكون ذلك مصدر لغط. فالشرطة تتهمنا أحيانا بأننا المسؤولون عن هذه النسبة المرتفعة من المدمنين"، أما لودفيك كليما المسؤول عن الشرطة البلدية فيقول "من الواضح أنه مكان يستقطب المدمنين والتجار، إنهم هنا لأن (سانانيم) توزع عليهم الحقن"، وتشهد الساحة السياحية أيضا آفات أخرى مثل الدعارة وألعاب الميسر والنشل وعدم نزاهة سائقي الأجرة، وبما أن بلدية براغ تسعى إلى حل هذه المشكلة حرصا منها على الحفاظ على الوجه السياحي لتلك المنطقة، فقد أنشأت مجموعة عمل مهمتها إعادة تنظيم ساحة فنسسلاس.

أهالي جوهانسبورغ سياح في مدينتهم

من جانبه يقول الطالب جيمس فان بيليون "ولدت في جوهانسبورغ لكن لم يسبق لي ان زرت وسطها!"، عدد متزايد من الناس يتجرأون على التنزه مشيا على الاقدام في هذا الحي في المدينة الجنوب افريقية الكبيرة الذي كانوا يعتبرونه مكانا جد خطير، وشكل وسط جوهانسبورغ سابقا واجهة لجنوب إفريقيا-الفصل العنصري، ولم يكن من الممكن التجول فيه خلال التسعينات بسبب ارتفاع معدل الجريمة المتزامن مع هجرة المؤسسات والسكان من البيض باتجاه الضواحي الأكثر أمانا، في حين أن أبنية عدة احتلتها مجموعات جديدة من السود، كانت تتحول إلى خراب، لكن استثمارات ضخمة عامة وخاصة، بالإضافة إلى مجموعات كبيرة من الحراس الأمنيين، سمحت بعكس الحالة القائمة منذ حوالى عشر سنوات. وقد تحولت مكاتب قديمة إلى شقق سكنية كما تم ترميم الواجهات وأعيدت المياه إلى النوافير ووضعت منحوتات في الشوارع، وفي حين تعمد منشورات للارشاد السياحي إلى عدم ذكر الوسط التجاري القديم بهدف جعل القراء يتفادون أي اعتداء عليهم، إلا أن السياح يقصدون المكان، وتؤمن حوالى ست وكالات سياحية نزهات لبضع ساعات، خصوصا ضمن مجموعات، وتخبر جو بويتنداش التي تعمل كمرشدة سياحية بدوام كامل، "قبل سنتين ونصف السنة، اقترحنا في أحد أيام السبت نزهة في الوسط التجاري سيرا على الأقدام. وعلى الرغم من اننا لم ننظم أي حملات دعائية، إلا أننا تمكنا من جمع 28 شخصا"، وعن الجمهور المهتم بوسط المدينة ، تقول "بداية شباب من المنطقة، خصوص، شباب من الضواحي (ميسورون) لم يشاهدوا مدينتهم أبدا في ما مضى، هي مدينة أخبرهم عنها أهلهم لكنهم لم يقصدوها أبدا وقد قيل لهم إنها خطيرة جدا". بحسب فرانس برس.

وبعد هؤلاء الشباب، يأتي الأكبر سنا ومن ثم زائرون أجانب، إلى هؤلاء، تنظم بعض المؤسسات نزهاتها الخاصة في الوسط، وتقول استر فان بيليون والدة جيمس التي قصدت الوسط مع العائلة في صباح أحد الايام، "نعيش في جوهانسبورغ منذ 22 عاما. لطالما اجتزنا وسط المدينة في السيارة، لكن الفرصة لم تتح بعد أمامنا للتجول فيها سيرا على الأقدام"، وتضيف "وفي وقت لاحق قرأت مقالا حول هذه الجولات فقلت (لنقم بذلك!)، وقررنا اصطحاب الأولاد"، غافن ترنر حضر من لندن، يقول "عندما يحضر المرء إلى جوهانسبورغ للمرة الأولى، يقولون له (لا تذهب إلى هناك، المكان خطير!)، لكننا أردنا رؤية المزيد"، وتدرك جو بويتنداش جيدا أن عملاءها وخصوصا هؤلاء الآتين من الضواحي البيضاء، ما زالوا يشعرون بأنهم رياديون شجعان، أما المتسكعون بمفردهم، فما زال نادرا تواجدهم في المدينة، خوفا من لقاءات غير مستحبة، وتبتسم وهي تقول "من الصعب جدا التسويق لجولة سيرا على الأقدام، حيث الأشخاص يمشون بحق، الأمر ليس شائعا هنا"، فالسكان ما زالوا يتنقلون في سياراتهم والسبب عدم الأمان وغياب وسائل النقل العامة، ويضيف زميلها جيرالد غارنر أن "السير على الأقدام هو الوسيلة الوحيدة للتعرف على المدينة، الأمر الذي لا يمكن القيام به عند التجول في السيارة"، في إشارة إلى وكالات السفر التقليدية التي تكتفي في أفضل الأحوال بالمرور وسط ناطحات سحاب الوسط التجاري في طريقها إلى متحف الفصل العنصري.

ويتألف وسط جوهانسبورغ الذي يكتشفه عملاؤه، من مسارات للمشاة ومقاه خارجية وأبنية فخمة مرممة، وقد يتخلل ذلك بعض الحفر في الأرصفة وبعض المشردين، وهو أيضا مدينة إفريقية تعج بالحياة ومزدهرة تجاريا حيث تزدحم الشوارع بالأكشاك التي تبيع الفاكهة والخضار والأحذية والأجهزة الكهربائية المنزلية، وبالنسبة إلى السياح الذين يجولون في مدينتهم الخاصة، يقول غارنر "إنها مغامرة مدهشة بالنسبة إلى الناس هنا (ضواحي البيض)، وهي مثيرة بقدر ما هو السفر إلى الخارج، إنه عالم مختلف جدا أمام باب منزلك!"، وعن موضوع عدم الأمان، يقول أنه لم يعد يسبب خوفا كبير، "قبل البدء أسأل الناس إذا لديهم أي تساؤلات، في البداية كان الجميع يسألني عن الأمن، اليوم، يخف الأمر شيئا فشيئا"، ويشير المرشدون إلى أنهم لم يلاقوا أبدا مشاكل محددة، لكنهم لا يصطحبون المجموعات إلى الأماكن التي لم يشملها بعد الترميم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/نيسان/2012 - 28/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م