النفط... اسعار قياسية في ظل أزمة مالية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: يشهد العالم في الفترة الأخيرة صراعات عديدة حول أنتاج الذهب الأسود وكيفية الاستمرار باعتماده كطاقة في المستقبل القريب. إذ يعد السلعة الضرورية التي يعتمد عليها العالم باستهلاك الطاقة حيث بات عنصرا أساسيا في الحياة اليومية. بينما اليوم تشهد اسعار الوقود ارتفاعا رهيبا وتزداد يوماً بعد يوم، وفي المقابل تزداد معها احتياجاتنا له كمصدر أساسي للطاقة في حياتنا، حيث توقع بعض المحللين الاقتصاديين، وصول سعر برميل النفط بين 230-320 دولار للبرميل في غضون السنوات الـ 15 القادمة، في حال تطورت الأزمات الحالية على مستوى العالم بشكل عام، أو على مستوى المنطقة العربية بشكل خاص، باعتبارها حجر الأساس الداعم لإنتاج النفط في العالم، وان حالة الاحتقان التي يشهدها العالم، والتي تفجرت في الفترة الأخيرة في الدول العربية وما بات يعرف بالربيع العربي، وتنامي المطالبات الشعبية بتحقيق العدالة العالمية، الأمر الواضح في المظاهرات التي عمت الدول الأوروبية بشكل عام وصولا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وحركة "احتلوا وول ستريت، ناهيك عن أن ألاوبك تسهم بالجانب الاكبر من صادرات النفط العالمية فان المستوى الدقيق لانتاجها هو معلومة حيوية بالنسبة للتجار والمستهلكين والحكومات، والمشكلة هي أن العثور على ذلك الرقم ليس بالمهمة اليسيرة نظرا لندرة المعلومات الرسمية الفورية، حيث تضم ايران والسعودية، اكبر منتج نفط في اوبك، وقد شهدت الدولتان توترا شديدا خلال الاشهر الاخيرة حول كيفية انتاج النفط. كما سجلت اسعار الذهب الأسود ارتفاعا في اسيا نتيجة الارقام الجيدة للاقتصاد الصيني والتوتر مع ايران، في حين اعلن الاتحاد الاوروبي انه يفكر في حظر محتمل على نفط ايران التي يشتبه الغربيون في انها تطور برنامجا نوويا لاغراض عسكرية، بينما تبقى المخاوف بشأن الوضع السياسي في قازاخستان والعراق وايران.

أهم الامور التي ترشح صعود الاسعار الوقود في المستقبل القريب وبشكل خطير. حيث ان حدوث مثل هذا الارتفاع على أسعار النفط، سيؤدي بصورة مباشرة إلى البحث عن البدائل وإن كانت مرتفعة التكلفة، إلا أن جدوى استغلالها سيكون أكبر من الاستعانة بالنفط، وعلى رأس هذه البدائل يأتي الصخر الزيتي والميثانول وعناصر أخرى، إلى حين الوصول لكفاءة عالية في استخدام الطاقة المتجددة كي تحل مكان الطاقة الأحفورية.

ارتفاع ألأسعار

فيما يشير عدد من المحللين إلى أن الأسباب الأخرى المباشرة لمثل هكذا الارتفاع القياسي، سيكون بتغيّر اتجاه سعر صرف الدولار من الانخفاض إلى الارتفاع بحدة مقارنة مع الين أو اليورو، وتخوف محللون، من الأثر السلبي الكبير لمثل هذا الارتفاع، وانخفاض القدرة الشرائية للأفراد، بارتفاع أسعار السلع الأساسية، والانعكاسات الأخرى على معدلات الفقر والبطالة، وقال المحلل الاقتصادي، غسان معمر"إن أسعار النفط العالمية لا تخضع لقوانين العرض والطلب، وهي القوانين المؤسسة للنظام الرأسمالي، حيث يمكن التحكم والسيطرة على الأسعار من خلال زيادة المعروض من الإنتاج النفطي، إلا أن الأسعار الحالية تخضع لمضاربات البورصات العالمية، ولا علاقة لها بالعرض والطلب، وأضاف معمر، استمرار الأوضاع الحالية، وتحكم المضاربين بصمامات الأمان لأسعار النفط سيكون له آثار سلبية كبيرة، قد تكون مثل مرحلة ارتفاع أسعار النفط إلى 170 دولار في العام 2007، وقد تتجاوزها إلى أكثر من ذلك. بحسب السي ان ان.

وبدوره استبعد المحلل المالي، إبراهيم سيف، حدوث مثل هذا الارتفاع، على المدى القريب، إلا انه أشار إلى الأثر الكبير الذي سيقع على كاهل الشعوب، حيث أن الطاقة باتت عنصرا أساسيا في الحياة اليومية، من الاستعمالات البيتيه إلى السيارات والمواصلات وصولا إلى المصانع وغيرها، الأمر الذي سيؤدي إلى توديع الأسعار الرخيصة أو حتى المعتدلة للسلع وخصوصا الأساسية للحياة اليومية.

انخفاض الاسعار

من جهة أخرى قالت شركة رويال داتش شل ان سعر النفط يمكن أن ينخفض الى 70 دولارا للبرميل هذا العام وهو منتصف النطاق الذي تستخدمه في التخطيط للمشروعات الجديدة ما يعني ضمنا امكان انخفض مزيج برنت خام القياس الاوروبي 40 دولارا، وقال سايمون هنري المسؤول المالي بالشركة في مؤتمر عبر الاقمار الصناعية "نتطلع الى سعر بين 50 و90 دولارا للبرميل لاللنطاق (للتخطيط للمشروعات)، واضاف هنري "لست واثقا من أننا سنشهد الحد الادنى لهذا النطاق خلال العام الحالي لكننا يمكن ان نشهد منتصف النطاق، وجرى تداول برنت عند مستوى 112.34 دولار للبرميل والخام الامريكي عند 96.41 دولار للبرميل. بحسب رويترز.

أبطأ أنواع الوقود

في سياق متصل قالت شركة بي.بي النفطية البريطانية إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بنسبة 18 بالمئة عن مستوياته في 2010 الى 103 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2030 ليكون الوقود الاقل نموا في العشرين سنة المقبلة، وقالت الشركة أيضا في تقريرها عن توقعات الطاقة لعام 2030 ان ارتفاع الاسعار سيكون من بين العوامل التي من المتوقع أن تقيد الطلب على النفط اضافة الى التحول التدريجي صوب أسعار السوق بدلا من الاسعار المدعمة للوقود في الاقتصادات الناشئة، وجاء التقرير كمؤشر اخر على الانخفاض في تقديرات الطلب على النفط على الامد البعيد في الاعوام القليلة السابقة متزامنا مع ارتفاع الاسعار. وبلغ النفط مستوى قياسيا مرتفعا عند 147 دولارا للبرميل في 2008 واستمر فوق 100 دولار، وقالت بي.بي "سيواصل النفط وهو الوقود الرئيسي في العالم اليوم فقدان نصيب في السوق على مدى هذه الفترة، وأضافت أنه حتى رغم ذلك فان العالم لا يزال يحتاج ما يكفي من النفط وأنواع الوقود الحيوي والسوائل الاخرى لتلبية زيادة الطلب المتوقعة بمقدار 16 مليون برميل يوميا بحلول عام 2030 وتعويض نقص الانتاج من المصادر القائمة، وهذا هو العام الثاني الذي تنشر فيه بي.بي توقعات الطاقة على الامد البعيد. وفي عام 2007 توقعت وكالة الطاقة الدولية أن العالم سيحتاج 116.3 مليون برميل يوميا بحلول 2030. بحسب رويترز.

وقالت بي.بي ان النمو في الطلب سيأتي كليا من خارج الدول المتقدمة الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رغم أن الغاء دعم الوقود من المتوقع أن يكون من بين العوامل التي ستقيد الطلب، وأضافت "بشكل عام سيحد من نمو الاستهلاك أسعار النفط الخام المرتفعة التي شهدتها الاعوام السابقة اضافة الى التطورات التكنولوجية وحزمة من السياسات الجديدة والخفض التدريجي المستمر للدعم في الدول غير الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقالت بي.بي ان الصين والهند ستصبحان أكبر وثالث أكبر اقتصادين ومستهلكين للطاقة في العالم في 2030. والولايات المتحدة حاليا هي أكبر اقتصاد والمستهلك الاول للنفط في العالم.

اسواق اسيا

الى ذلك سجلت اسعار النفط ارتفاعا في اسيا نتيجة الارقام الجيدة للاقتصاد الصيني والتوتر مع ايران، على ما افاد المحللون، وارتفع سعر برميل النفط الخفيف لايت سويت كرود في التداولات 1,45 دولارا عن سعر اغلاق مسجلا 100,28 دولار، فيما ارتفع سعر نفط برنت بحر الشمال 1,02 دولارا الى 108,40 دولارات، وقال فيكتور شوم من مكتب الاستشارات بورفين وغيرتز ان "الاسعار ارتفعت لان السوق تجاوبت مع تنامي النشاط التصنيعي في الصين" مشيرا من جهة اخرى الى ان "التوتر الجيوسياسي مع ايران يدعم الاسعار ايضا، واعلنت الصين، القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ان نشاط قطاعها التصنيعي ارتفع في كانون الاول/ديسمبر الى 50,3 مقابل 49 في تشرين الثاني/نوفمبر. والارقام ما فوق 50 تشير الى نمو النشاط فيما تشير الارقام ما دون هذه العتبة الى انكماش، وفي الشرق الاوسط اختبرت ايران ثلاثة صواريخ عابرة للقارات في اليوم الاخير من مناورات بحرية اجرتها في منطقة مضيق هرمز الاستراتيجي الذي يعبر منه حوالى 40% من صادرات النفط العالمية المنقولة بحرا والذي تلوح ايران باغلاقه على خلفية الصراع حول برنامجها النووي المثير للجدل. بحسب فرانس برس.

وايران ثاني منتجي النفط في منظمة اوبك وتستمد 80% من مداخيلها بالعملات الاجنبية من صادراتها النفطية، وهددت ايران مؤخرا باغلاق مضيق هرمز في حال فرض عقوبات على صادراتها النفطية وردت الولايات المتحدة بانها لن تسمح "باي بلبلة في حركة الملاحة في مضيق هرمز.

استطلاع: متوسط سعر برنت

كما أظهر استطلاع أجرته رويترز أن من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 105 دولارات للبرميل هذا العام منخفضا من مستوى قياسي مرتفع قرب 111 دولارا هذا العام الماضي، وخفض ربع المحللين توقعاتهم مقارنة مع استطلاع مماثل قبل شهر بسبب مخاوف من تداعيات أزمة ديون منطقة اليورو على النمو الاقتصادي. لكن المشاركين في الاستطلاع قالوا انهم يعتقدون أن أسعار النفط ستظل مرتفعة نتيجة مخاوف بشأن الإمدادات من العراق وقازاخستان واحتمال تراجع الصادرات الايرانية بسبب تشديد العقوبات الغربية. وتستمد الأسعار دعما أيضا من انخفاض المخزونات وقوة الطلب على وقود الديزل، وقال ديفيد ويتش من جيه.بي.سي انرجي للاستشارات في فيينا "نتوقع أن ينال ركود طفيف في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية العام المقبل من الطلب وبالتالي الأسعار، وأضاف "رغم ذلك من المحتمل بالتأكيد صعود أسعار النفط في ضوء الاجواء السياسية التي مازالت مضطربة، ومن بين العوامل النزولية التي تواجهها أسعار النفط أزمة الديون الاوروبية وعودة انتاج الخام الليبي وضعف الطلب العالمي على البنزين والنفتا، وخلص الاستطلاع الشهري الذي شمل 32 محللا ومستشارا الى أن من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 105.20 دولار للبرميل في 2012 انخفاضا من 110.90 دولار للبرميل منذ بداية 2011 حتى الآن، والمتوسط الجديد أقل بواقع 1.80 دولار عن المستوى المتوقع في استطلاع نوفمبر تشرين الثاني البالغ 107 دولارات للبرميل. وتجاوز برنت 107 دولارات بقليل، وأظهر الاستطلاع أن من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام الامريكي الخفيف 97 دولارا للبرميل في 2012 ارتفاعا من 96.50 دولار .وبلغ متوسط سعر الخام الامريكي الخفيف 94.90 دولار للبرميل منذ بداية 2011 حتى الآن، وأبقى 22 من 32 محللا شملهم الاستطلاع توقعاتهم كما هي هذا الشهر لكن سبعة محللين خفضوا توقعاتهم، وقال جوليان جيسوب من كابيتال ايكونوميكس "نتوقع مزيدا من الضعف في الاسعار في 2012 بسبب تضافر الطلب العالمي الضعيف وتلاشي كوابح للامدادات وانخفاض شهية المخاطرة واستمرار تعافي الدولار الامريكي، وخفضت منظمة أوبك ووكالة الطاقة الدولية توقعاتهما لنمو الطلب في ديسمبر كانون الاول بسبب مخاوف من تدهور التوقعات الاقتصادية، وذكرت أوبك ان اجراءات التقشف في منطقة اليورو واقتصادات متقدمة أخرى قد تضعف الاستهلاك في الهند والصين، وقال فرانك شالنبرجر من ال.بي.بي.دبليو الذي يتوقع ان يبلغ متوسط برنت 90 دولارا للبرميل "ارتفاع المعروض نسبيا وانخفاض الطلب دون المتوقع يعني أن الاسعار ستنخفض أكثر، وبلغ برنت أعلى مستوياته في العام الجاري عند 127.02 دولار للبرميل نتيجة توقف الامدادات من لييبا بسبب الاضطرابات لكنه دون أعلى مستوياته على الاطلاق الذي سجل في اغسطس اب 2008 عند 147.50 دولار، والاسعار مرشحة للصعود نظرا للمخاوف بشأن الوضع السياسي في قازاخستان والعراق وايران. بحسب رويترز.

ففي قازاخستان نظم المئات من عمال النفط احتجاجات في منطقة جاناوزين المنتجة للنفط في غرب البلاد بعد مقتل 15 شخصا على الاقل في أعمال شغب مما يزيد الضغط على الرئيس نور سلطان نزارباييف لتخفيف قبضة نظام حكمه السلطوي، وسلطت الاضواء على العراق نتيجة مخاوف من اشتعال صراع طائفي بين السنة والشيعة والاكراد في البلاد بعد انسحاب القوات الامريكية، وقال ويتش من جيه.بي.سي انرجي "الوضع في العراق غامض بصفة خاصة لان انسحاب القوات الامريكية قد يؤدي الى تصاعد الهجمات التخريبية على البنية التحتية النفطية، وتمثل ايران عامل خطورة اذ أن الغرب يدرس فرض مزيد من العقوبات عليها ومن المنتظر ان يصدر الاتحاد الاوروبي قراره بشأن فرض حظر على ايران. وفرض الكونجرس الامريكي عقوبات على البنك المركزي الايراني، وقال جيسوب "التوترات مع ايران تنطوي بوضوح على مخاطرة على الجانب الصعودي لكن من المستبعد أن يخاطر الغرب بصعود اخر للاسعار لاسيما حين تكون التوقعات الاقتصادية ضعيفة بالفعل، وخلص الاستطلاع الى ان متوسط العلاوة السعرية لخام برنت فوق الخام الامريكي سيبلغ 8.20 دولار للبرميل العام المقبل بانخفاض حاد عن متوسط بلغ 15.7 دولار منذ بداية 2011 حتى الان.

ايران و الحظر الاوروبي

من جهته اعلن وزير النفط الايراني رستم قاسمي ان ايران "لا تخشى" من ان تتعرض لحظر اوروبي على نفطها، معتبرا انه من غير المحتمل ان يتخذ الاوروبيون مثل هذا القرار رغم التوتر المتزايد بين الغربيين وطهران، وقال قاسمي عقب الاجتماع ال160 لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) في فيينا برئاسة ايران "اننا لا نخشى عقوبات او حظرا على النفط الايراني"، واضاف "لا اظن بحق ان الاتحاد الاوروبي سيفرض عقوبات او حظرا على النفط الايراني، ايران فاعل كبير جدا في سوق النفط، نحن ثاني منتج في اوبك"، وتابع الوزير اذا اتخذت عقوبات اوروبية فانها "ستزيد في توتر الاسواق" وسيرتفع سعر البرميل، واعلن الاتحاد الاوروبي انه يفكر في حظر محتمل على نفط ايران التي يشتبه الغربيون في انها تطور برنامجا نوويا لاغراض عسكرية، ودعم تصريحات قاسمي خلال المؤتمر الصحافي عقب اجتماع اوبك، الامين العام للمنظمة عبد الله البدري، واشاد بدري الذي يراس اوبك هذه السنة، ب"مساهمتها" في اجتماع الذي قال انه حقق "نجاحا واضحا، وزار قاسمي وزير النفط السعودي علي النعيمي في فندقه ليحدد معه الخطوط العريضة لتوافق محتمل. بحسب فرنس برس.

وقد كان التوتر شديدا خلال الاشهر الاخيرة بين ايران والسعودية، اكبر منتج نفط في اوبك، وقد عارضت ايران خلال اخر اجتماع اوبك، بمساندة الاعضاء الاكثر تحفظا، بشدة الزيادة في حصص الانتاج كما طالبت به السعودية حتى ان طهران اعربت عن استيائها من "كثافة انتاج" السعودية.

بلدان اوبك

في حين تعقد منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك) اجتماعا وزاريا في فيينا لتقرر مستويات الانتاج النفطي في الوقت الذي تنتظر الاسواق من المنظمة الابقاء على الحصص الرسمية للانتاج حيث تضرر الطلب على النفط الخام جراء ضعف الاقتصاد العالمي. غير ان اوبك قد تقرر خفض انتاجها الفعلي، الذي يزيد في الواقع على سقف الانتاج المتفق عليه، حيث تسعى البلدان التي توصف بالصقور في المنظمة وعلى رأسها فنزويلا وايران للابقاء على الاسعار مرتفعة، وكانت المنظمة التي تتخذ من فيينا مقرا لها وتمد العالم بثلث احتياجه من النفط الخام قد حددت قبل ثلاثة اعوام سقفا للانتاج بلغ 24,84 مليون برميل يوميا، وصرحت الوكالة الدولية للطاقة الثلاثاء ان اوبك انتجت في الواقع 30,68 مليون برميل يوميا الشهر الماضي حيث ضخت السعودية كبرى البلدان المنتجة للنفط في المنظمة كميات من الخام اكبر من حصتها وجاءت زيادة انتاج المنظمة الفعلي عن المحدد لها رغم ان ليبيا بدأت تعود الى مستويات انتاجها قبل الحرب، ويشمل الرقم الذي اوردته وكالة الطاقة انتاج العراق التي لا تخضع لنظام الحصص الرسمي للاوبك بسبب القلاقل التي تعاني منها، وتمثل الوكالة البلدان الرئيسية المستهلكة للنفط، وباستثناء الانتاج من العراق قدرت الوكالة الدولية للطاقة ان بلدان اوبك الاحد عشر الاخرى ضخت اجمالا 27,97 مليون برميل يوميا من النفط وهو الرقم الذي تجاوز سقف انتاج اوبك الحالي، ويقول المحللون انهم لا يتوقعون ان يطرأ خلال اجتماع المنظمة تغيير على الحصص الرسمية لانتاج البلدان، وذلك بعد يوم من اصدار كل من اوبك والوكالة الدولية للطاقة توقعات بتباطؤ نمو الطلب على النفط بسبب الوضع الاقتصادي الضعيف في العالم ككل، ورغم انخفاض الطلب ظلت اسعار النفط مرتفعة تناهز مئة دولار للبرميل بسبب الاضطرابات في منظمة الشرق الاوسط الغنية بالنفط وخاصة ما يتعلق منها بايران ثاني اكبر منتج للنفط في اوبك والتي ترأس الدورة الحالية للمنظمة. بحسب فرنس برس.

وقال توربيورن كيوس المحلل المتابع لاسواق النفط العامل مع بنك دي ان بي "لا نعتقد ان اوبك ستخفض الحصص الفردية لكل دولة"، وتابع "ما يمكن ان يحدث هو الخروج باتفاق داخل المنظمة بتحديد الانتاج بثلاثين مليون برميل يوميا خلال النصف الاول من 2012"، وصرح وزر النفط الفنزويلي رافاييل راميريز للصحافيين انه يتعين على السعودية والكويت خفض انتاجهما الزائد عن حصتيهما مع زيادة انتاج ليبيا التي وضعت الحرب اوزارها فيها، وقال الوزير الفنزويلي "يتعين على بلدان الخليج خفض" انتاجها، مضيفا "نعتقد ان السوق به ما يكفي من النفط"، ومن جانبه صرح وزير النفط الايراني رستم قاسمي قائلا "سنقرر على اثر الاجتماع" ما يتعين فعله بصدد حصص الانتاج، وجدد قاسمي دعوة ايران للسعودية والكويت الى التراجع عن الانتاج الزائد للبلدين عن حصتيهما مع عودة النفط الليبي مجددا الى الاسواق، وقال وزير البترول والثورة المعدنية السعودي علي النعيمي انه سعيد بمستوى انتاج بلاده من النفط الذي يتجاوز 10 ملايين برميل يوميا لتلبية الطلب الصادر عن جهات "في شتى انحاء العالم". غير ان الوكالة الدولية للطاقة اشارت الى ان ازمة الديون المتعلقة ببلدان اليورو اضرت بنمو الطلب على النفط بينما خفضت اوبك قليلا توقعاتها للطلب العالمي في عام 2012، وتجتمع اوبك بشكل دوري لتحديد مستويات انتاج اعضائها بهدف التوصل الى اسعار مناسبة للنفط بالنسبة لبلدانها وعددها 12 بلدا وبالنسبة للمستهلكين.

كم يبلغ انتاج نفط أوبك؟ سؤال واحد واجابات متعددة

على صعيد أخر ليس من السهل الوقوف على بيانات انتاج أوبك من النفط الخام. اسأل أوبك نفسها ولن تحصل على اجابتين متماثلتين، ونظرا لان أوبك تسهم بالجانب الاكبر من صادرات النفط العالمية فان المستوى الدقيق لانتاجها هو معلومة حيوية بالنسبة للتجار والمستهلكين والحكومات. والمشكلة هي أن العثور على ذلك الرقم ليس بالمهمة اليسيرة نظرا لندرة المعلومات الرسمية الفورية، وعمدت منظمة البلدان المصدرة للبترول وللمرة الاولى في أكثر من عشر سنوات الى نشر أرقام الانتاج كما وردت الى الامانة العامة للمنظمة في فيينا من جانب الدول الاعضاء، ولسنوات استخدمت أوبك أرقاما من مصادر ثانوية لمراقبة انتاجها بعد نزاعات سابقة بشأن أرقام الانتاج لاعضائها. وتضمن تقرير الخميس تلك الارقام أيضا، وبين المجموعتين فروق واضحة، وقال سامويل سيتشوك الاستشاري لدى كيه.بي.سي لاقتصاديات الطاقة "انه يسلط الضوء على ضرورة الاستمرار في طرح الاسئلة عن سبب الاختلاف في تلك الارقام، "أنا مندهش أن تتخذ الامانة العامة لاوبك تلك الخطوة التي ستبرز حقائق لا تبعث على الارتياح بالنسبة لبعض الدول الاعضاء. بحسب رويترز.

وتظهر أرقام مارس وجهات نظر متناقضة بشأن أثر تشديد العقوبات على انتاج ايران. فقد تراجع الانتاج الايراني في مارس الى 3.35 مليون برميل يوميا حسبما تفيد المصادر الثانوية، لكن بحسب أرقام أوبك قالت ايران ان انتاجها استقر دون تغيير في مارس عند 3.76 مليون برميل يوميا وارتفع منذ مطلع 2012 مما ينفي عمليا أن يكون المعروض قد تراجع، وتظهر الارقام أيضا اختلافا بين بعض المزاعم القديمة بشأن الانتاج من جانب أعضاء أوبك وبين تقديرات المصادر الثانوية، وعلى سبيل المثال أبلغت فنزويلا أوبك أنها ضخت 3.82 مليون برميل يوميا في مارس في حين تقدر المصادر الثانوية حجم الانتاج بواقع 2.38 مليون برميل يوميا، وتقول كراكاس ان انتاجها قد تعافى من اثار اضراب بشركة النفط الوطنية بي.دي.في.اس.ايه في أواخر 2002 وأوائل 2003 وهو ما يشكك فيه بعض المحللين، وبحسب أرقام أوبك أعلنت الكويت أن انتاجها يتجاوز الثلاثة ملايين برميل يوميا وهو رقم أعلى من تقديرات أخرى كثيرة.

اكتشاف نفطي كبير

وعلى الصعيد نفسه اكتشفت المجموعة النفطية النروجية "ستيت اويل" حقلا نفطيا جديدا "كبيرا" في بحر بارنتس قد يصل محتواه الى ما يعادل 300 مليون برميل من النفط قابلة للاستخراج، كما اعلنت المجموعة، وهذا الحقل الذي اطلق عليه اسم "هافيس"، هو توأم حقل سكروغارد الذي اعلنت ستيت اويل اكتشافه العام الماضي، الامر الذي يؤكد حجم ما تحتوي عليه مياه بحر بارنتس التي لم يتم استغلالها بشكل كبير حتى الان، وقد يحتوي الحقلان معا على ما بين 400 و600 مليون برميل من النفط، بحسب ارقام لا تزال موقتة نشرتها الشركة النروجية في بيان، واكد المدير العام للمجموعة هلج لاند ان "الاكتشافات في سكروغارد وهافيس تفتح منطقة نفطية جديدة في الشمال"، وقد يكون من الممكن استغلال الحقلين المجاورين بصورة مشتركة، ولو انهما غير مترابطين وتفصل بينهما مسافة سبعة كيلومترات تقريبا. وهذا ما سوف يسمح للشركاء في المشروع بالحد من تكاليف التطوير، والحقلان المشمولان باجازة استثمار واحدة، تملك ستيت اويل نسبة 50% منهما والايطالية ايني نسبة 30% والشركة النروجية العامة بيتورو نسبة 20%، الا ان حجم الحقلين متواضع مقارنة مع حقول ضخمة مثل حقل ستيتفيورد (حوالى 3,6 مليارات برميل) الذي اكتشف في 1974 في بحر الشمال، لكنهما يفتحان في القطب الشمالي افاقا واعدة للنروج التي يتواصل تراجع انتاجها من المحروقات منذ عشرة اعوام. بحسب فرنس برس.

وبعد بلوغ اوجه في 2001، لم يتوقف الانتاج النفطي للدولة الاسكندينافية، سابع مصدر للنفط في العالم، عن التراجع ليصل اليوم الى حوالى مليوني برميل يوميا، اي ثلثا المستويات القياسية فقط قبل عقد من الزمن، والمنطقة تكتسي اهمية كبيرة الى حد ان النروج وروسيا وضعتا في نهاية 2010 حدا لخلاف حدودي بينهما يعود لاربعين عاما حول منطقة تبلغ مساحتها 176 الف كيلومتر مربع ما سوف يسمح باطلاق حملات لاستكشاف النفط فيها. الا ان مشاريع الصناعة النفطية تثير قلق المدافعين عن البيئة الذين يبدون قلقهم على هذه المياه الغنية بالثروة السمكية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/نيسان/2012 - 28/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م