الصراع التكنولوجي... خطر يمهد لعصر البدائية!

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: تشكل، اليوم، التجارة في قطاع التكنولوجيا مورداً مهماً واساسياً من موارد التجارة العالمية بعد ان حققت هذه التجارة مكاسب قوية نشطت بدورها حركة التجارة والاسواق المحلية والعالمية سيما وان الارباح التي تحققها بعض الشركات الرائدة في هذا القطاع كشركة سامسونج وابل وغيرها تعادل عدة ميزانيات قومية لدول نفطية مجتمعة، فيما ينتشر مئات الالاف من موظفيها عبر القارات السته وهم يديرون عشرات المصانع والالاف المكاتب ومنافذ البيع المباشر التابعة لها او لوكلائها.

وقد ادت المنافسة المفرطة والسعي لتحقيق المكاسب والارباح بين الشركات العملاقة المصنعة للتكنولوجيا الى اندلاع حرب الاتهامات والدعاوى القضائية وسرقة براءات الاختراع والتقليد الغير مشروع للمنتجات الشركات المنافسة، اضافة الى دخول دول كبرى ومنظمات عالمية ومحاكم اتحادية "من امثال الاتحاد الاوربي ومنظمة التجارة العالمية ولجنة التجارة الاتحادية الامريكية وغيرها" في سياق هذه الاحداث والتي تحول بعضها الى مسألة تهدد الاقتصاد القومي للبلدان المصدرة للتكنولوجيا بينما وضعها البعض الاخر في خانة التنافس السياسي.

ومع ان بعض هذه القضايا قد حلت عن طريق بعض التسويات المالية والتفاهمات المشتركة والتي تم بعضها بصورة غير معلنة، الا ان هناك العديد من القضايا الاخرى ما زالت عالقة وتراوح في مكانها وقد تستمر لسنوات طويلة، خصوصاً وان البعض منها يمس الجميع ويتعلق بالإمدادات الحيوية لسوق التكنولوجيا كالخلاف الذي جرى مؤخراً حول احتكار معادن الارض النادرة ومصيرها في المستقبل.     

خلاف المعادن النادرة

فقد أقامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، في وقت سابق، دعوى تجارية ضد الصين بشأن القيود التي تفرضها على صادراتها من معادن الأرض النادرة، التي يهدد النزاع بشأنها قطاع صناعة الإلكترونيات، وتتهم الدعوى الصين برفع أسعار صادراتها من تلك المعادن مقابل خفضها في الداخل، ما يتيح مزايا غير عادلة للمارد الآسيوي الذي تقول الولايات المتحدة إنه يكدس هذه المعادن لاستخدامه الخاص، في حين تتهمه اليابان بخرق قوانين التجارة العالمية بمنحه تفضيلاً للشركات المحلية عبر تقييد صادراتها من المعادن، في إخلال بالتزاماته كعضو في منظمة التجارة العالمية، ومن جانبها قالت المفوضية الأوروبية إن القيود الصينية "انتهاك لقواعد التجارة الدولية، وأثارت القضية مراراً مع بكين لكن دون جدوى، وبدوره، قال الرئيس الأمريكي، باراك أوباما: "علينا السيطرة على مستقبل الطاقة لدين، لا نستطيع السماح بأن تتجذر صناعة الطاقة ببعض الدول الأخرى لأنه أتيح لها تجاوز القواعد"، ودافعت الصين عن خطواتها بالقول أنها تتفق مع لوائح منظمة التجارة العالمية، وبأن القيود فرضت بسبب مخاوف بيئية، وتشمل المواد موضوع النزاع 17 نوعاً من المعادن ذات الخصائص المغناطيسية والموصلة وتدخل في صناعة معظم الأجهزة الإلكترونية، منها التلفزيونات المسطحة والهواتف الذكية والسيارات الهجينة، علاوة على الأسلحة، وهي في الواقع ليست معادن "نادرة،" لكن عملية إنتاجها تتسم بالصعوبة.

ويوجد ثُلث مخزونات الأرض من تلك المعادن النادرة في الصين، التي تمكنت من تأمين إنتاج 97 في المائة من التجارة العالمية لمعادن الأرض النادرة التي تستخدم في إنتاج المنتجات عالية التكنولوجيا، مثل الشاشات المسطحة وبطاريات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والصواريخ، وفي عام 2010، حذر تقرير أمريكي من أن احتكار المارد الصيني له أبعاد مؤثرة، على المنظور الطويل، خاصة على البنتاغون، وفي يونيو/حزيران من العام ذاته، فرضت الصين قيودا على صادراتها من تلك المعادن برفع الضرائب وتقليص صادراتها للخارج، كما قامت بديسمبر/كانون الأول، بإيقاف شحناتها مؤقتاً لليابان ما أدى لارتفاع حاد في الأسعار، وبموجب إجراءات حل الخلافات التجارية بين الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية، فسيتعين على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان إجراء مشاورات مع الجانب الصيني، وفي حال عدم التوصل لاتفاق في غضون 60 يوماً يحال الأمر الى لجنة تسوية بالمنظمة التجارة العالمية. بحسب سي ان ان.

ياهو ضد فيسبوك

في سياق متصل أقامت "ياهو" دعوى قضائية شركة ضد "فيسبوك" بشأن عشر براءات اختراع من بينها  أنظمة الإعلانات، والخصوصية، وتأتي المعركة القضائية بين القطبين بعد تناقل تقارير في وقت سابق عن سعي "ياهو" لإجبار فيسبوك على دفع رسوم تراخيص ما بين عشرة إلى عشرين براءة اختراع، وقالت ياهو في بيان أُرسل عبر البريد الإلكتروني الاثنين: "ياهو استثمرت موارد كبيرة في مجال البحث والتطوير خلال السنوات الماضية، ما تمخض عنها الكثير من  الابتكارات لبراءات اختراع لتكنولوجيا قامت شركات أخرى بترخيصها"، وأضافت: "للأسف ظل الأمر عالقاً مع فيسبوك ونحن مضطرون لان نطلب حله في محكمة اتحادية، نحن على ثقة من فوزنا"، وبحسب الدعوى المقامة في محكمة فيدرالية بسان هوزيه بولاية كاليفورنيا، تأمل شركة "ياهو" بأن تفضي الدعوى القضائية بفيسبوك إلى دفع كافة "الأضرار التي لحقت بها جراء تعدي الموقع الاجتماعي الشهير على براءة الاختراع"، ومن جانبها، أعربت الشركة التي تدير موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" عن خيبة أملها حيال قرار "ياهو،" وقالت في بيان لهاً: "نشعر بخيبة أمل خاصة وأنهم شركاء منذ فترة طويلة واستفادوا بشكل كبير من ارتباطهم بفيسبوك"، ويشار إلى أن إعلان المعركة القضائية مع "فيسبوك"، هي أول خطوة كبيرة يتخذها الرئيس التنفيذي لياهو، سكوت طومسون، منذ توليه مهامه الصعبة على رأس الشركة المتعثرة في يناير/كانون الثاني الماضي، كما تأتي في وقت حرج لفيسبوك، مع استعداده لطرح أسهمه للاكتتاب العام. بحسب سي ان ان.

أخطاء بشأن الخصوصية

فيما وافق موقع فيسبوك على اتفاق مدته 20 عاما، يخضع خلالها لمراجعة مدى التزامه بخصوصية حسابات مشتركيه، في تسوية لقضية طويلة رفعتها لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية، متهمة الموقع بتضليل أعضائه بشأن كيفية استخدام بياناتهم الخاصة، وقالت لجنة التجارة الاتحادية في شكواها إن موقع فيسبوك "خدع المستهلكين )الأعضاء) عبر تأكيده لهم بأن المعلومات الخاصة بهم على فيسبوك تبقى سرية، بينما سمح مرارا بمشاركة تلك المعلومات على الملأ"، وتورد الشكوى عدة أمثلة من "وعود كاذبة من فيسبوك،" ومعظمها وقعت قبل عدة سنوات، وأحد تلك الأمثلة وقع في ديسمبر/كانون أول عام 2009، عندما قام موقع فيسبوك بتغيير شكله، الأمر الذي جعل بعض المعلومات التي أرسلها مستخدمون إلى مجموعة خاصة من الأصدقاء، تصبح معروفة للملأ، دون أن يحذر المستخدمين بشأن ذلك التغيير، وقال لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية إن تلك التغييرات "كانت جائرة ومضللة، وانتهكت القانون الاتحادي"، وقال جون ليبوفيتش رئيس لجنة التجارة الاتحادية في بيان إن "الابتكار في فيسبوك لا يجوز أن يأتي على حساب خصوصية المستهلك"، وبموجب شروط التسوية، فإن فيسبوك سيخضع لمراجعة سياسة الخصوصية كل عامين على مدى السنوات الـ20 المقبلة، وقد وقع كل من "تويتر" و"غوغل" مؤخرا اتفاقات مماثلة مع لجنة التجارة الاتحادية، وعلق مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك على التسوية بالقول "عموما، أعتقد أن لدينا تاريخا جيدا لتوفير الشفافية والسيطرة على من يمكنه رؤية المعلومات الخاصة بك، أنا أول من يعترف بأننا ارتكبنا مجموعة من الأخطاء." بحسب سي ان ان.

بين اوراكل وجوجل

الى ذلك حدد قاض امريكي السادس عشر من ابريل نيسان موعدا لنظر نزاع قانوني بين شركتي اوراكل وجوجل بشان مزاعم بأن جوجل انتهكت حقوق الملكية الفكرية لاوراكل المتعلقة بلغة جافا للبرمجة، ومن المقرر ان تنظر القضية في محكمة سان فرانسيسكو الاتحادية، وأقامت اوراكل دعوى قضائية على جوجل في 2010 متهمة الشركة صاحبة اكبر محرك للبحث على الانترنت بان نظامها للتشغيل اندرويد لتصفح الانترنت على الهاتف المحمول ينتهك براءات اختراع اوراكل الخاصة بجاف، وبخلاف المزاعم بشان براءات حقوق الاختراع اثارت اوراكل ايضا مزاعم ضد جوجل بانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وحصلت اوراكل على حق استغلال لغة جافا للبرمجة من خلال صفقة استحواذها على (صن مايكروسيستمز) في 2010، ووافقت اوراكل على سحب بضعة مزاعم بعد ان رفضها مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الامريكي، وكتب قاضي المحكمة الجزئية الامريكية بدائرة شمال كاليفورنيا وليام السوب ان القضية لا تزال تشمل براءتي اختراع، والى جانب مزاعم حقوق الملكية الفكرية فان خسائر اوراكل قد تصل الى مئات الملايين من الدولارات، وقال جيم بروسر المتحدث باسم جوجل "ليس هناك ما يدعم هذه المزاعم بشان براءات الاختراع وحقوق الملكية ونحن نسعى لدحضها اثناء المحاكمة"، وامتنعت اوراكل عن التعقيب، وكتب السوب ان القضية من المتوقع ان تستغرق ثمانية اسابيع. بحسب رويترز.

ضوابط قانونية وأخلاقية

من جانبها أثارت قضية سب القائد العام لشرطة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، الفريق ضاحي خلفان، من قبل أحد المغردين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر عدة تساؤلات في الأوساط الإلكترونية والقانونية حول الضوابط التي يجب أن تحكم سلوكيات الأفراد على هذه المنابر، فمع تزايد استخدام مواقع، كالفيسبوك وتويتر، من قبل شرائح مختلفة في المجتمع، باتت الحاجة إلى مراعاة حدود حرية التعبير عن الرأي، واحترام الآخرين، أمراً ضرورياً جد، فهناك من يرى ضرورة في عدم تجاوز خطوط حمراء تتمثل في احترام الآخرين، وآخر يرى أن هذه المنابر قد فرضت واقعاً جديداً لحرية التعبير يصعب ضبطها لما تحتويه من صعوبة في التعرف إلى المستخدم، ومراقبة مشاركات الجميع، خصوصاً عند الأخذ بعين الاعتبار السرعة والوفرة في نشر المشاركات والمعلومات والتغريدات على هذه المواقع، ونظراً لحداثة استخدام هذه المواقع في الدول العربية، لم تتطرق الأبحاث الأكاديمية إلى الضوابط الأخلاقية التي يجب أن تحكم مشاركات المغردين على تويتر، دوسر الحديدي، المختصة في التسويق الاجتماعي المتقدم، علقت على الأمر بالقول: "حينما بدأ العمل بموقع تويتر قبل عدة أعوام، استخدم كمدونة مصغرة، يتبادل الناس من خلالها أخبارهم وصورهم وآراءهم فيما لا يتجاوز المائة وأربعين خانة، إلا أن الاتجاه تغير لاحقاً، وهو ما دفع المؤسسات والحكومات إلى أن تصبح أكثر وعياً وحذراً من هذه الأداة الجديدة." بحسب سي ان ان.

وترى الحديدي أن على كل مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعية أن يكون مسؤولاً عن كلامه وتصرفاته، كما أن بإمكان الشركات والدول المتخوفة من الإساءات عبر المواقع الاجتماعية تعيين من يعرف بمسؤول السمعة، وهو شخص يقوم بمراقبة الحوارات وما يعرف بـ "الهاشتاغ" والموضوعات الأكثر شعبية على تويتر، كي يتتبع أية إساءات قد تطال الجهة التي يعمل فيها"، وتؤكد الحديدي أن القوانين الخاصة بالانترنت لا تزال غامضة في المنطقة العربية، ولكن الإساءة إلى الآخرين من خلالها يجب أن تكون عقوبتها كعقوبة الإساءة عبر أي منبر آخر، ومن الناحية القانونية، تقول المحامية الإماراتية ديانا حمادة، "إن السب والشتم عبر المواقع الاجتماعية ليس بحاجة إلى قوانين مخصصة لمعاقبة مرتكبيه، فهناك قوانين في الأصل تطبق على من يقدم على ذلك، إذ أن السب والشتم يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون في جميع دول العالم، بصرف النظر عن المنبر الذي تم من خلاله"، وحول نشر مشاركات مسيئة من خارج الدولة تمس شخصيات داخلها، تقول حمادة: "للأسف القوانين الجنائية محدودة بمكان إقامة المدعى عليه، فعلى المدعي رفع الدعوى في مكان إقامة المدعى عليه، وبالتالي فالأمر يعتمد على طريقة سير القانون وتطبيقه في هذا البلد."

وتضيف حمادة بالقول: "هنا في دولة الإمارات، هناك رقابة على بعض المواقع التي قد تسيء إلى شخصيات معروفة فيها، ولكن قضية الإساءة عبر المواقع الاجتماعية مثل تويتر وفيسبوك جديدة، ولم نسمع عنها كثيراً من قبل، فالقضايا التي قدمت أمام المحكمة محدودة نظراً لأن هذه المنابر حديثة المنشأ"، وتتابع:" كما أن ثقافة رفع دعوى قضائية على مرتكب الإساءة عبر المواقع الاجتماعية غير موجودة حالياً، لأن الكثير ممن يعيشون هنا قد لا يرغبون في توسيع دائرة المشكلة وإشراك القانونيين فيها"، وتقول حمادة: "أحد الجوانب الطريفة التي سمعنا بها مؤخراً، هو رفع دعوى طلاق على الزوجة من قبل الزوج لعلاقاتها المتعددة عبر فيسبوك، وهو ما قد يعتبره بعض الرجال علاقات مشبوهة للزوجة مع محيطه، فكون 'أصدقاء' الزوجة على الفيسبوك على دراية بما تقوم بتحديثه يومياً على صفحتها الخاصة، هو يعتبر علاقة غير مرغوب بها من قبل الزوج."

وادي السليكون البريطاني

من جانب اخر قامت شركة محرك البحث العملاق غوغل بافتتاح "مجمَّع غوغل" في مدينة العلوم والتكنولوجيا "تيك سيتي" الواقعة شرقي العاصمة البريطانية لندن، وذلك في أحدث المحاولات الرامية لتعزيز التعاون بين شركات التكنولوجيا الناشئة وأصحاب رؤوس الأموال، ويقع المبنى ذو الخمسة طوابق قرب "دوّار السليكون" حيث تقوم الحكومة البريطانية وشركات خاصة بتوفير مساحات للايجار. وهذه هي محاولة لتقليد تجربة "وادي السليكون" في ولاية كاليفورنيا الأمريكية حيث تتمركز الشركات الكبرى في تكنولوجيا المعلومات مثل غوغل نفسها، فيسبوك وأبّل، ويقول "إيزي فيدرا" من شركة غوغل: "هذه المساحة رائعة وأعتقد أن الكثير من الأشياء الساحرة ستحدث هنا"، ويضيف: "حتى الآن، لم يتوفر مكان للقاء كهذا، حيث يلتقي أصحاب الشركات الناشئة مع بعضهم البعض أو مع المستثمرين"، والفكرة المنطقية من وراء إنشاء "مجمَّع غوغل" مشابهة لمبدأ "تيك ستي" وهو أن شركات التكنولوجيا تنتفع كثيرا من وجودها قرب بعضها البعض، يقول إريك فان دير كلاي، المدير التنفيذي لمؤسسة "تيك ستي" للإستثمارالحكومية، إن السر يكمن فيما يسميه "التصادم"، لا سيَّما أن "وجود العديد من الشركات الناشئة و المستثمرين في مكان واحد يؤدي إلى حدوث هذا التلاقي الرائع الذي يولِّد الإبداع و يخلق الفرص."

ولم يكن دعم الشركات الناشئة هذا ممكناً بدون وجود اهتمام من الحكومة البريطانية التي تعمل على خلق "مجمَّعات" مشابهة لهذا في أماكن أخرى من المملكة، وقال فينس كيبل، وزير شؤون الأعمال في الحكومة البريطانية، في رسالة سربت للإعلام في فبراير/شباط الماضي "إن على شركات التكنولوجيا الرائدة دفع النشاط الاقتصادي في المستقبل"، مضيفاً بأن للصناعات الرقمية "فرصا محتملة هائلة"، وكان أحد استثمارات الحكومة هو دعم "تيك ستي"، وبشأن ما إذا كان من الضروري دعم مجمَّعات شركات الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات بينما تقوم الشبكة العنكبوتية نفسها بدور كبير في تسهيل الاتصالات بين أماكن متباعدة جغرافيا، يقولكلاي: "إن المجمَّعات مهمة طالما كان من الصعب جدا، حتى مع وسائل الاتصال الأكثر تقدما، تحقيق ما يمكن إنجازه من خلال التواصل المباشر"، وتشكل تجربة شركة بريطانية في مجمَّع آخر يدعى "مستنقع السليكون" نجاحا يأمل وزير الأعمال البريطاني بتقليده، وتقوم شركة آرم هولدينغ (ARM Holding)  في مدينة كامبريدج بتصنيع المعالجات الصغيرة والمستخدمة بشكل كبير في أجهزة الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية.

ويقول وارين إيست، المدير التنفيذي لشركة آرم هولدينغ إن بإمكان الحكومة تشجيع مجمَّعات التكنولوجيا هذه على النمو، لكنه يضيف بأن هذه عملية تحدث بشكل طبيعي، ويردف قائلا: "الأمر المهم الآخر، والذي تستطيع الحكومة فعله، هو تعزيز ثقافة التشجيع والاحتفاء بنجاح شركات التكنولوجيا البريطانية"، بالإضافة إلى قصص النجاح، شهد قطاع التكنولوجيا المتطورة في بريطانيا بعض الإخفاقات، ففي بلدة إيست كيلبرايد الواقعة جنوبي مدينة غلاسغو في اسكتلندا يقف المبنى القديم لمصنع شركة موتورولا في منطقة تعرف "بوادي السليكون المعزول"، أمَّا الآن، فلا علامات للحياة في هذا المصنع سوى هدير مولد الكهرباء، بينما يعمل بعض العمال داخل شركة كانت في يومٍ من الأيام تشغّل الآلاف من البشر، ولكن بجانب هذا المصنع، تقوم شركة "فريسكيل (Freescale)  بتشغيل 180 شخصا في تصميم أنظمة التحكم بالسيارات، وبينما يعرض آندي بيرني من الشركة لوحة تحكم رقمية، يتفق بيرني مع شركة غوغل في أن وجود شركات التكنولوجيا إلى جانب بعضها البعض يوفر العديد من الفرص، ويضيف: "من الصعب الإبداع بينما تتحدث على الهاتف ومن الصعب الإبداع فقط من خلال الإنترنت، لذلك هناك حاجة لوجود أشخاص ذوي مهارات مكملة لبعضها البعض في مكان واحد."

والمقارنة بين هذه الشركات الصغيرة نسبيا وعمالقة وادي السليكون في أمريكا تبدو مبالغا فيها. لكن المجموعة التي تدير وادي الزمرد في بلدة نيوري في إيرلندا الشمالية تؤمن بأن الشركات الصغيرة تستطيع أن تحقق النجاح، وتقول منسقة المشروع نيكولا بيتس: "لن نقوم ببناء شركة مثل غوغل، لكن ينبغي علينا أن نركز على الأشياء التي نجيد صنعها"، ويبدو مكتب وادي الزمرد بطرازه المعماري القديم مختلفا جدا عن "مجمَّع غوغل" في شرق لندن، لكن كلا المبنيين يشتركان في السعي لتحقيق نفس الهدف، مثلا، تستخدم في وادي الزمرد المساحة الواسعة لعقد اللقاءات بعد أن كانت في يوم من الأيام منزلا للاستحمام، وفكرة وادي الزمرد مبنية على نجاح شركة محلية صغيرة، حيث يعمل المشروع الحالي على تكرار هذه النجاحات، فقد قامت شركة وادي الزمرد بتخصيص مساحة لشركات التكنولوجيا المحلية الصغيرة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أمَّا الآن، فيمتلئ المكان بممثلي شركات التكنولوجيا الناشئة، وفي مواجهة تهكم البعض، تقول بيتس إن الصناعات الرقمية تعتمد على شيء أساسي: "إن كان لديك اتصال بالإنترنت، فهذا يعني أنك على اتصال بالعالم."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/نيسان/2012 - 26/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م