ورود وكلبشات في المطار

توفيق أبو شومر

(مرحبا بكم في فلسطين) عنوان حملة دولية أطلقها مناصرون للشعب الفلسطيني، هدفها فقط، الوصول لمدينة بيت لحم والتضامن مع الفلسطينيين المحتلين، بمناسبة الأعياد المسيحية، ونصرةً للمظلومين الفلسطينيين يوم 15/4/2012!!

استنفرت إسرائيل الديمقراطية، بكل أجهزنها السياسية والأمنية، وقامت بحشد جهودها ضد إكمال هذه الحملة، لأنها تعتقد بأن السماح لأية جماعة مناصرة للفلسطينيين سوف يفتح شهية الشعوب المحبة للحرية لنصرة الفلسطينيين! أو كما قال أحد المعلقين في راديو إسرائيل:

" تنظر إسرائيل بخطورة لمثل هذه الدعوات لأنها تقوِّض شرعية إسرائيل، وتجعل منها دولة أبارتايد محتلة، وتنزع عنها صبغتها الأزلية كدولة ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط، لذلك فإن التضامن مع الفلسطينيين أشد خطرا حتى من إطلاق الصواريخ"

حاولتُ أن أجمِّع من وسائل الإعلام الكيفية التي وأدتْ بها إسرائيل هذا المشروع، وكيفية عمل مؤسسات إسرائيل وقت الأزمة، فوجدت القصاصات التالية:

جرى استنفار شركة الطيران (العال) بالتضامن مع وزارة المواصلات من يوم 13/4/2012 التي قامت بتحذير شركات الطيران العالمية بعدم نقل أي مسافرٍ (مشبوه) بالتضامن مع الفلسطينيين، واعتمدت على اتفاقية شيكاغو للطيران المدني، والتي تجبر الشركات على رفض نقل مسافرين إلى أية دولة لا ترغب في وصولهم إليها!! وانصاعت شركات لوفتهانزا وإير فرانس وأليتاليا وتركش إيرويز وغيرها للتعليمات الإسرائيلية!

 أما الخلية الثانية التي جرى استنفارها، فكانت وزارة الخارجية، التي نشرتْ أسماء المتضامنين، وأسمتهم المشاغبين، ووزعت الأسماء على سفاراتها بالخارج، وقام السفراء بالخارج بالضغط على حكومات الدول بمنع المتضامنين من السفر، أو عرقلة سفرهم واستنفر ليبرمان ونائبه داني أيالون كل السلك الدبلوماسي الإسرائيلي في الخارج، وكل طاقم وزارة الخارجية، وأرسل طاقما من الوزارة، ومعهم طاقمٌ نسائي من وزارة السياحة للمطار، يحملون ورودا في أيديهم، وكلبشات في جيوبهم.

أما اسحق أهارنوفتش وزير الأمن الداخلي فاضطلع بمهمة اعتقال وإعادة كل من تثبت عليه تهمة( المشاركة في حملة مرحبا بكم في فلسطين)!!

 وأفرز جنودا بلباس مدني ليستضيفوا!! المشبوهين في المطار، ثم يعيدونهم إلى بلدانهم على الطائرة نفسها!

أما عن أجهزة الأمن وبخاصة الشاباك فقد احتل المطار ووجه الطائرات المشبوهة بنقل متضامنين إلى بوابات أخرى مجهزة للاعتقالات الوردية!! في أبنية بعيدة وقديمة.

 ولم يتوانِ نتنياهو عن المشاركة في الحملة، اعتمادا على كل الجهود السابقة، بل قرر المساهمة بجهده هو الآخر، فكتب رسالة ساخرة إلى المتضامنين قال فيها:

"إننا نشيد باختياركم الوصول إلى إسرائيل، غير أننا كنا نتمنى لو أنكم اخترتم مكانا آخر غيرها، فلماذا لم تتضامنوا ضد جرائم النظام السوري، ولماذا لم تتضامنوا مع المعارضة الإيرانية التي قمعها نظام أحمدي نجاد، ولماذا لم تتظاهروا ضد صواريخ حماس التي سقطت علينا.

 كان يجب عليكم أن تتواجدوا هناك في تلك المواقع بدلا من أن تختاروا التظاهر ضد الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"

ومن عجائب الأمور أخيرا أن مجموعات من اليساريين الإسرائيليين تظاهروا في مطار بن غريون احتجاجا على قمع المستوى الأمني والسياسي لوصول المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، ولم يكترثوا بوجود وزير المواصلات إسرائيل كاتس، ولا بمسؤولي جهاز الشاباك والخارجية، ولا بكبار القادة الذين يديرون معركة إلقاء القبض على المتضامنين في حملة مرحبا بكم في فلسطين!

وفي المقابل فإن هذه الحملة ووجهت في معظم وسائل الإعلام العربية، إما بالتجاهل التام، أو بسرد الخبر من باب (اللهم قد بلغت، يا فلسطينُ فلتشهدي)!!!

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/نيسان/2012 - 26/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م