النقد العراقي وتأثيرات محاصرة سوريا وايران

 

شبكة النبأ: يشهد العراق الذي يحصل ايرادات شهرية ضخمة من مبيعات النفط بالدولار، وتحيط به ايران وسوريا اللتان تعانيان من حظر مالي دولي، زيادة في الطلب على الدولار تقود العملة المحلية نحو التراجع.

وقال محافظ المصرف المركزي العراقي سنان الشبيبي ان "الاوضاع السياسية غير المستقرة نسبيا في العراق وفي المنطقة المحيطة اوجدت طلبا كبيرا على الدولار ما ادى الى ارتفاع سعر صرف هذه العملة مؤخرا".

وردا على سؤال حول امكانية ان يكون الحصار المالي الدولي المفروض على ايران وسوريا تحديدا السبب الرئيسي لهذا الارتفاع، اوضح الشبيبي "هذه واحدة من الاشياء، لكن المنطقة التي حولنا عموما غير مسستقرة نسبيا".

وشهد سعر صرف الدولار اعلى مستوى له امام الدينار منذ نحو اربع سنوات في الاسواق المحلية وهو 1320 دينارا لكل دولار، بعد ان كان مستقرا عند مستوى 1230 دينارا للدولار الواحد. بحسب فرانس برس.

وسارع مجلس الوزراء الى الاعلان عن تشكيل لجنة لدراسة "تذبذب سعر صرف الدينار العراقي ولتقديم الحلول المناسبة لدرء الضرر عن الاقتصاد الوطني"، بحسب ما اوردت قناة "العراقية" الحكومية في خبر عاجل.

وتخضع ايران وسوريا لعقوبات مالية دولية، الاولى بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، والثانية بسبب قمع حركة احتجاجية متواصلة منذ نحو عام. وتدفع هذه العقوبات ايران وسوريا اللتين تشهدان تدهورا في عملتيهما الى التفتيش عن عملة صعبة قد يكون العراق الذي يشهد منذ نهاية العام الماضي ازمة سياسية، احد مصادرها الرئيسية بما انه يقيم علاقات تجارية وسياسية جيدة مع هاتين الدولتين.

واكد الشبيبي انه "عند بداية السنة، ازداد الطلب على الدولار بنسبة كبيرة تراوحت بين 40 الى 50 بالمئة". واضاف ان العراق الذي تبلغ ايراداته الشهرية من النفط اكثر من سبعة مليارات دولار "يملك احتياطات كبرى الدولار (نحو 60 مليار) الا ان هذا الامر لا يعني انه يجب استخدامها من دون سيطرة او مراقبة".

واعلن المصرف المركزي في شباط/فبراير عن تطبيق اجراءات جديدة حيال مبيعاته من الدولار، تنص خصوصا على ان يعرف المصرف الشاري عن زبائنه الذين طلبوا منه شراء هذه العملة.

وادى هذا الامر الى انخفاض كبير حينها في مبيعات الدولار في مزاد البنك المركزي الذي يقام كل اسبوع بين يومي الاحد والخميس، حيث بلغت المبيعات بضعة ملايين، الا انها عادت في نيسان/ابريل لتتراوح بين 50 و250 مليون دولار.

ويقول محمد العمري (40 عاما) وهو صاحب محل للصيرفة في منطقة الكرادة وسط بغداد ان "سعر صرف الدولار ظل مستقرا من عام 2008 وحتى بداية العام الحالي". ويضيف "الشارع يحتاج الى الدولار (...) والمزاد عندما لا يضخ الدولار يجبرنا على التوجه نحو السوق السوداء".

بدوره يؤكد سعد هادي علوان (37 عاما) الذي يملك محلا للصيرفة في المنطقة ذاتها "اتخذنا قبل ثلاثة ايام قرارا بان نتوقف نهائيا عن التعامل بالدولار". ويتابع "كنت اصرف بين 50 الى 150 الف دولار في اليوم الواحد، لكنني توقفت عن ذلك ما ان بدا التذبذب وبدات اخسر".

وجاءت خطوة البنك المركزي وسط شكوك مسؤولين عراقيين حول محاولة تجار ايرانيين وسوريين شراء الدولار.

وشدد الشبيبي على ان "تمويل دول الجوار بالدولار ليس امرا مقصودا لان العراق بالاساس يعتمد على الاستيراد بشكل كبير، لكننا رغم ذلك شعرنا بان هناك اشياء تطلب تفوق حاجة الاستيراد".

وذكر الشبيبي الذي يستعد للمثول امام البرلمان لمناقشة مسالة ارتفاع سعر صرف الدولار، ان العراق "لا يبحث حاليا وقف المزادات" على هذه العملة، مؤكدا ان "الامور تحت السيطرة".

ويقول الخبير الاقتصادي العراقي هلال الطحان لفرانس برس ان "الدولار اصبح في الفترة الاخيرة يهرب الى الخارج"، مضيفا ان "العراق هو الدولة الوحيدة بين جيرانه الاقرب التي تحصل ايرادات ضخمة من النفط بالدولار".

واقترح "وقف المبيعات لفترة معينة"، محذرا من انه "عندما ينخفض سعر العملة المحلية تتزعزع ثقة المواطن بها وترتفع بعد ذلك اسعار المواد الغذائية ومواد الاعمار والايجارات وجميع ما يخص اوجه الحياة".

وفي محل لبيع الادوات الكهربائية في منطقة العرصات وسط بغداد، تجلس مجموعة من البائعين بانتظار زبائن، فيما يرحب مدير المبيعات باسم الشمري (40 عاما) باي زائر "كوننا نجلس بلا عمل اصلا".

ويقول الشمري ان "المجتمع عراقي يخاف من الشراء عندما تهتز اسعار الصرف ولا تستقر. فاذا استقر السوق على 1200 دينار نشتغل، او حتى على 1500 نشتغل ايضا، لكن الصعود والنزول يقتل السوق بكل مفاصله".

ويضيف الشمري ان "التذبذب بدا قبل نحو اسبوع، وهذا الامر لم يؤثر على سعر البضاعة لاننا نشتري بالدولار ونبيع بالدولار، لكن ما يتاثر هو حركة السوق، وقد انخفضت مبيعاتنا بالفعل نحو 50 بالمئة".

البرلمان يطالب الحكومة بعدم التدخل

في حين قال مصدر برلماني ان البرلمان العراقي أرسل خطابا الى مجلس الوزراء يطالبه فيه ألا يتدخل في السياسة النقدية وذلك في مواجهة بشأن استقلالية البنك المركزي وسط مخاوف بشأن مدى نفوذ رئيس الوزراء نوري المالكي.

كان المالكي فاز بحكم قضائي في يناير كانون الثاني 2011 يضع أجهزة مستقلة مثل البنك المركزي العراقي تحت ولاية الحكومة مما أثار بواعث قلق لدى منتقدين ينظرون بعين الشك لما يقولون انها بوادر استبداد في بعض قراراته.

وقال رئيس الوزراء الشيعي ان هذا لن يؤثر على استقلالية البنك المركزي لكن اجراءات أخرى اتخذها بحق ساسة كبار من السنة وسيطرته على الوزارات الامنية المهمة تثير المخاوف من أنه يحاول تعزيز سلطته.

وقال مصدر بمكتب رئيس البرلمان أسامة النجيفي ان البرلمان بعث برسالة الى مجلس الوزراء يذكره فيها بأن وضع السياسة النقدية ليس ضمن صلاحياته.

وتأتي رسالة البرلمان بعد أن كتب مجلس الوزراء الى البنك المركزي بأنه ينبغي أن يكون للحكومة دور في السياسات النقدية حسبما ذكر مشرعون تلقوا نسخة من الخطاب.

وقال جابر الجابري عضو اللجنة المالية بالبرلمان لرويترز انها ليست المرة الاولى التي تحاول فيها الحكومة فرض سيطرتها على البنك المركزي. بحسب رويترز.

وقال البرلمان في موقعه على الانترنت ان النجيفي التقى بمحافظ البنك المركزي سنان الشبيبي لتأكيد دعمه لاستقلالية البنك المركزي كما هو منصوص عليه في الدستور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/نيسان/2012 - 25/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م