عن اوثان الحضارة الحديثة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: في نهاية الاسبوع الاول من شهر اذار / مارس الماضي اصبحت مغنية البوب الاميركية ليدي غاغا اول شخص يتجاوز العشرين مليون مشترك في حسابه على خدمة تويتر للمدونات الصغرى ، وتسجل ( الوحش الصغير ) كما يحلو للنجمة ان تسمي متابعيها، الذي رفع العدد الى العشرين مليونا، في عطلة نهاية الاسبوع. وبلغ عدد متابعي النجمة على حسابها 20,12 مليونا. وحل الكندي جاستن بيبر معبود المراهقات، ثانيا مع 18,11 مليون مشترك تلته المغنيات كايتي بيري (15,75 مليونا) وشاكيرا (14,56 مليونا) وريهانا (14,49 مليونا). وحل الرئيس الاميركي باراك اوباما في المرتبة الثامنة مع 12,84 مليون متابع.

اي ان المراكز الاولى حصلت عليها رموز جنسية مما يتم تسويقه عبر الاعلام المرئي او صحف الفضائح والمشاهير او عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية الانترنت

واحدث الارقام في هذا المجال مغازلة النجمة جينيفر لوبيز لحبيبها الراقص المعروف كاسبر سمارت والتي تخطت حدود التصريحات في الإعلام، ووصلت لخروج كليب جديد بعنوان Dance Again أو ( ارقص من جديد ) ويظهر فيه وهو يرقص وتغني هي لمهنته قائلة( أريد الرقص والحب ). أصدرت لوبيز الكليب في الخامس من نيسان /ابريل الجاري وحتى ظهر السبت السابع من الشهر نفسه شاهده على قناتها الخاصة بموقعYouTube.com أكثر من 2.5 مليون شخص..

وظهرت لوبيز في الكليب وهي ترقص مع كاسبر بملابس تشبه ملابس البحر، وبعد ذلك استبدلت ثيابها ببذلة مثيرة. وظهور لوبيز في الفيديو الجديد متعلق بما كانت ترتديه، وهو ما اشار اليه الخبر السابق، حيث ارتدت ( ملابس تشبه ملابس البحر، وبعد ذلك استبدلت ثيابها ببذلة مثيرة ) اضافة الى عدد من الحركات التي تشير الى نوع من الممارسات الجنسية، والى التركيز على اقدامها الحافية، وهو ما يشير صراحة الى مسالة ( الفتشية ) والتي كثيرا ماتركز عليها وسائل الاعلام عبر الاعلانات او الصور او المواد المكشوفة الاخرى التي تعرضها . وهو مايطلق عليه اصطلاحا ب ( الوثن ) وهو انحراف جنسي ونفسي شهير قوامه إشباع الرغبة الجنسية من طريق الانجذاب المرضي اللاعقلاني إلى ‏أجزاء من الجسد غير ذات صلة في الأصل بتلك الرغبة، كالقدم مثلا، أو إلى شيء من الأشياء بعينه، سواء أكان ذلك الشيء ‏قبعة، أو حذاء، أو جوربا، أو خصلة شعر، أو ثوبا تحتيا. ,ويقتصر على الذكور دون الإناث. فهو‎ ‎تكرار‎ ‎استخدام‎ ‎أشياء‎ ‎غير حسية‎ ‎للحصول‎ ‎على‎ ‎إثارة‎ ‎جنسية إلا‎ ‎إذا‎ ‎كان‎ ‎الشيء‎ ‎مخصصاً‎ ‎للإثارة‎ ‎الجنسية ‎مثل‎ ‎ملابس‎ ‎النساء، أو‎ ‎متعلقاتهن‎ ‎من‎ ‎الأحذية‎ ‎أو‎ ‎الجوارب‏‎.‎‏وقد‎ ‎يشمل‎ ‎النشاط‎ ‎الجنسي‎ ‎الوثن‎ ‎وحده، كما‎ ‎في‎ ‎حالة‎ ‎الاستمناء، أو‎ ‎يدمج‎ ‎الوثن‎ ‎في‎ ‎ممارسة‎ ‎جنسية‎ ‎بأن‎ ‎يطلب‎ ‎من‎‎ الشريك‎ ‎ارتداء‎ ‎شيء‎ ‎معين‎.‎‏ ويبدأ‎ ‎هذا‎ ‎الاضطراب‎ ‎من‎ ‎الطفولة، ويصبح‎ ‎مزمنا ..

وتتردد للوثن اصداء في تقليدين نظريين رئيسيين : التحليل النفسي الفرويدي والماركسية .. رغم ان المفهوم يعمل بطريقة مختلفة الى حد ما في كل واحد منهما ..ففي التحليل النفسي، تكمن العلاقة الرئيسة في ( عقدة اوديب ) التي هي الالية المركزية في اكتساب الهوية الجنسية . اما في الماركسية فتكمن الرابطة في تحجير قوة العمل والتسليع .. لكن مايتضح هو ان التوثين هو المفتاح لفهم موضوعات الاهتمام الاساسية في كلتا النظريتين : اللاشعور الحركي وبواعث التراكم الراسمالي وفي كلتا الحالتين يقنّع الوثن الواقع التحتي المؤلم ..

ويذهب جيفري ويكس في كتاب ( مفاتيح اصطلاحية جديدة ) الى ان المصطلح عرفيا يشير في العادة الى اي موضوع له دلالة جنسية، اي انه يدل فقط على الاستبدال والتمويه وليس على البنى الضمنية التي تشكل الاستبدال. ان عملية ازالة الشخص، والتمويه على الواقع الضمني في موضوع العبادة، يوفران رابطة مع الاستعمال الماركسي للمفهوم .. كان ماركس يرى ان الوثنية تتخلل المجتمع الراسمالي، وكانت تدل على العملية التي تبدو بها الموضوعات المادية، التي تنطوي على بعض السمات التي تعزوها لها حقيقة العلاقات الاجتماعية المعقدة، نتاجات للطبيعة .. وكانت الصورة الاولية لهذا هي وثنية السلعة، بوصفها حامل القيمة . وفي ظل الراسمالية برغم ان جميع السلع هي نتاجات قوة العمل في مجتمع منظم حول تقسيمات معقدة تبدو قيمة السلعة وكانها من صلب الشيء نفسه، وتقليديا كان يبدو الذهب كمقياس للتبادل في القرن التاسع عشر، وكانه ينطوي على قيمة ذاتية في ذاته، فيعبد ويوثّن، ولكن يتم التلبيس على قوة العمل التي دخلت فيه، وهكذا بدلا من رؤية الشيء كنتاج للعمل الاجتماعي، يبدو العامل تابعا للنتاج نفسه ويتم اخفاء العلاقة الاستغلالية ..

عن طريق التوسيع، يمكن اضفاء الطابع السلعي على كل شيء بما في ذلك الجنس .والحقيقة غالبا ما يقال انه في ظل ظروف الرأسمالية المتأخرة، تم جذب الجنس كما لم يحصل من قبل الى علاقات الاسواق . نشر الاغراء الشبقي لبيع كل شيء بدءا من السيارات وانتهاءا بحفلات العطل التجريدية، في حين حبس الجنس في صور موثّنة لما هو مرغوب لاسيما من خلال صناعة الازياء المعولمة ...

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/نيسان/2012 - 18/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م