الاقتصاد الايراني ومحاولات الهروب من فخاخ العقوبات

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: بدت السلطات الايرانية غير مكترثة لنتائج العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حلفائها والتي اتت على خلفية ملفها النووي مثار الجدل الذي تسبب في تنامي حده الصراع و اتساع رقعة الخلاف وبين الخصوم، ويمكن ان تدرج هذه التصريحات ضمن حملة التصعيد الاعلامي بين الطرفين وهي ردة فعل متوقعه الهدف منه اضعاف قدرات الخصم وتعزيز سياسة الدولة واثبات قدرتها على التعاطي مع هكذا ازمات، ويرى بعض المراقبين في هذا الشأن ان العقوبات الغربية فشلت حتى الان في منع ايران من مواصلة العمل في برنامجها النووي وباتت اثارها الجانبية غير المتوقعة وغير المقصودة تفرز مجموعة جديدة من التحديات. فالغياب المتوقع لإنتاج النفط الخام الايراني يساعد على دفع اسعار النفط الى مستويات تعتبر مهددة للاقتصاد العالمي. ومن ناحية اخرى يساور القلق معظم متابعي الشأن الايراني وبينهم بعض المسؤولين الغربيين من انه بدلا من ان يؤدي تصعيد الضغط الاقتصادي الى انصياع ايران للمطالب الدولية فقد يجعل الجمهورية الاسلامية اكثر اضطرابا ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتها. وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عدة جولات جديدة من العقوبات هذا العام على النفط والنشاط المالي الايراني الاوسع بما في ذلك استهداف البنك المركزي للجمهورية الاسلامية.

وبينما تقول طهران ان نشاطها النووي سلمي تماما تعتقد اسرائيل والدول الغربية انها في طريقها لصنع قنبلة نووية وهو ما من شأنه ان يغير ميزان القوى في المنطقة. وتقول دينا اسفاندياري الباحثة المتخصصة في الشأن الايراني في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن "العقوبات لها تأثير - وليس فقط التأثير المفترض ان تحدثه. "العقوبات ليس لها التأثير المرغوب على النظام - اذا كان لها اي تأثير فربما يجعله (النظام) اكثر التزاما." بحسب رويترز.

وفي الوقت الذي قد يتحمل فيه الايرانيون العبء الاكبر للعقوبات الاقتصادية فان الشعوب في انحاء العالم تشعر ايضا بتأثيرات شديدة لارتفاع اسعار الوقود التي ترفع ايضا من اسعار الغذاء ومعدل التضخم . والى جانب زيادة التكهنات بشأن احتمال توجيه اسرائيل ضربة عسكرية لايران ساعدت العقوبات في رفع اسعار النفط بما يصل الى 15 في المئة هذا العام لكنها تراجعت بعض الشيء. وبلغ القلق في بريطانيا والولايات المتحدة فيما يبدو مبلغا دفعهما الى البدء في استخدام وقود من الاحتياطي الاستراتيجي. لكن دول اخرى كثيرة اغلبها من غرب اوروبا لم تفعل ذلك ربما لقلقها من تناقص المخزون في الوقت الذي يظل فيه خطر حدوث صراع على نطاق واسع في الخليج قائما. وقالت حياة ألفي الاستاذة المشاركة لدراسات الشرق الاوسط بكلية الحرب التابعة للبحرية الامريكية "العقوبات ورطة حقيقية للمجتمع الدولي. نظرا للترابط العالمي فستتأثر بشدة كثير من الاقتصادات الهشة وكذلك فرص انتعاشها... بدأنا بالفعل نرى بعض هذه الاثار." وتعارض قوى اسيوية مثل الصين والهند بالفعل تشديد العقوبات على ايران غير ان دبلوماسيين غربيين يقولون انه ربما يجري اقناعهما.

في السياق ذاته قال تقرير خاص بثه التلفزيون الرسمي الإيراني أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على إيران باتت بالفشل ولم تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة منها وعلى رأسها ردع إيران عن المضي في مشاريعها النووية. ونقل التقرير الذي بث على قناة "برس" على لسان أحد الدبلوماسيين الإيرانيين في هولندا، كاظم عبادي "فشلت العقوبات المفروضة على إيران بتفريق الصفوف الإيرانية، وإحداث خلل بين الشعب الإيراني والحكومة."

وأضاف عبادي "العقوبات المفروضة على إيران ليست جديدة حيث ان الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ 30 عاما وهي تفرض العقوبات والحواجز على الجمهورية الإيرانية." وفي تقرير آخر، أشار تلفزيون "برس" إلى أن إيران أوقفت تعاملاتها مع شركتي نفط يونانيتين، بدواعي عدم الوفاء بسداد المبالغ المالية المترتبة عليها، في خطوة تهدف لإيصال رسالة للمجتمع الدولي أن إيران لا تزال قوية اقتصاديا بما يكفي لاختيار الشركاء التجاريين وأنها ليست مجبورة على البحث عن أي طرف تجاري لتصريف خيراتها.

وقال المحلل الاقتصادي غسان معمر "التصريحات الإيرانية هي ليست إلا مناورات إستراتيجية، تهدف إلى رفع ثقة السوق الدولية بالقدرات الاقتصادية القوية لإيران." وأضاف معمر "العقوبات لها آثار كبيرة على اقتصاد الدولة مهما كانت قوة هذه الاقتصاد في هذه الدولة، وهناك قدرات لكل اقتصاد إلا أن المشكلة تكمن في أن الاقتصاد الإيراني يفتقر للشفافية وعليه لا يمكن تحديد المدخلات والمخرجات بصورة دقيقة الأمر الذي يصعب عملية تحديد أثر العقوبات بشكل دقيق."

وتأتي هذه التصريحات في حين أكدت عدد من المصادر داخل إيران في وقت سابق على ازدياد حجم الضغوطات والمصاعب التي تواجهها الحكومة الإيرانية لتأمين المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى الخناق الذي بدا يضيق أكثر فأكثر على تصدير النفط الخام. وأشارت هذه المصادر، إلى أن معدلات التضخم بدأت بالارتفاع، نتيجة لإعاقة قدرة إيران على استيراد وتصدير البضائع، في الوقت ذاته الذي تعاني عدد من المناطق الإيرانية من نقص كبير في السلع الغذائية الأساسية.

ارتفاع كبير في الصادرات

من جانب اخر سجلت الصادرات الايرانية غير النفطية ارتفاعا بمقدار 10 مليارات دولار في 2011-2012 على الرغم من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية ضد البرنامج النووي الايراني المثير للجدل، بحسب ارقام نشرتها وسائل الاعلام الايرانية. وبلغ اجمالي الصادرات الايرانية غير النفطية 48 مليار دولار في سنة 2011-2012 بحسب التقويم الايراني (تبدأ وتنتهي في اذار/مارس)، بحسب المسؤول في منظمة تنمية التجارة في ايران كيومرس فتح الله كرمانشاهي. واوضح كرمانشاهي ان الصادرات الايرانية بلغت 43,8 مليار دولار مقابل 38,2 مليار دولار في السنة السابقة بزيادة 29 بالمئة، تضاف اليها حوالى 4,2 مليار دولار من الخدمات. ويعود الفضل في هذا الارتفاع الى التقدم الكبير في قطاع المنتجات البتروكيماوية (بزيادة 55 بالمئة لتصل الى 15 مليار دولار) ومكثفات الغاز (بزيادة 36 بالمئة لتصل الى 10 مليار دولار) التي زادت ايران من انتاجها منذ العام الماضي واستفادت ايضا من ارتفاع اسعار النفط عالميا، بحسب احصاءات ادارة الجمارك. ويفترض ان تقارب صادرات النفط الايراني الخام (ثاني منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط) والتي لم يتم الاعلان عن حجمها بعد 100 مليار دولار (مقابل 78 مليار العام الماضي) بحسب توقعات رسمية تناقلتها وسائل الاعلام.

وتأتي هذه الزيادة الكبيرة في الصادرات الايرانية على الرغم من العقوبات التجارية والمالية التي تزداد تشددا والتي تفرضها الدول الغربية على ايران منذ 2010، للاشتباه بسعيها للحصول على القنبلة الذرية تحت غطاء برنامجها النووي المدني، الامر الذي تنفيه طهران. ويسلط القادة الايرانيون الضوء منذ بضعة اشهر على هذا التقدم الكبير في الصادرات الايرانية للتأكيد على ان العقوبات الغربية التي ستطال النفط في تموز/يوليو لن تجدي نفعا. وهم يشددون على ان هذه العقوبات وعلى العكس، دفعت ايران الى تطوير قدراتها الانتاجية في مختلف الميادين (انخفضت الواردات بنسبة 4,1 بالمئة العام الماضي الى 61,8 مليار دولار بحسب ادارة الجمارك) والبحث عن آفاق جديدة ولا سيما في اسيا. وتصدر ايران القسم الاكبر من نفطها الخام الى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، واصبحت الصين الى جانب الامارات العربية المتحدة الشريكتان الاساسيتان لطهران في مجال التجارة غير النفطية. بحسب فرنس برس.

ويعتبر الخبراء الغربيون في الشأن الايراني ان ازدياد الصادرات الايرانية سببه الاساسي الارتفاع المستمر منذ عام في اسعار النفط. وهو ما يخفي بنظرهم حقيقة ان الانتاج النفطي الايراني للنفط الذي تقدره اوبك بحوالى 3,5 مليون برميل في اليوم، يتراجع بشكل متواصل منذ 2008، وان العقوبات ابطأت الجهود الايرانية لانتاج وتصدير الغاز الذي تختزن ايران ثاني احتياطي عالمي منه، بحسب الخبراء. ويشدد الخبراء على ان طهران تجد صعوبة متزايدة في تحويل عائدات صادراتها الى ايران، وهو ما يفرض عليها القيام بمختلف عمليات المقايضة المباشرة وغير المباشرة مع العديد من زبائنها، الامر الذي قلص الى حد بعيد قدراتها الاستثمارية.

على صعيد متصل قالت صحيفة شرق اليومية ان ايران حظرت استيراد نحو 600 سلعة وان مستوردي السلع الضرورية فقط هم من سيحصلون من الان فصاعدا على أسعار صرف تفضيلية. ويعاني الاقتصاد الايراني الذي يعتمد على الطاقة من عقوبات دولية تهدف لعرقلة صادرات النفط ونتيجة لذلك تراجعت تدفقات العملة الصعبة وهوت قيمة الريال أمام الدولار مما اضطر ايران لاخذ خطوات لحماية احتياطي النقد الاجنبي. ونقلت الصحيفة عن حامد صفديل مدير هيئة دعم التجارة قوله انه جرى حظر استيراد 600 سلعة لها نظير محلي بشكل مؤقت. ولم تحدد الصحيفة السلع المعنية. ويضطر مستوردو 180 سلعة فاخرة لشراء العملة الاجنبية بسعر السوق بدلا من السعر الرسمي لدى بنوك الدولة ويحوم الريال حول 20 ألف ريال للدولار في السوق بينما السعر الرسمي 12260 ريالا. ونزلت واردات ايران أربعة بالمئة الى 61.8 مليار دولار في السنة الفارسية التي انتهت في 19 مارس اذار بينما زادت الصادرات غير النفطية 29 بالمئة الى 43.8 مليار حسب بيانات ادارة الجمارك. وتمثل الصادرات غير النفطة نحو خمس اجمالي الصادرات . بحسب رويترز.

والامارات أكبر مصدر الى ايران بنسبة 31.9 بالمئة من الاجمالي وتليها الصين بنسبة 11.9 في المئة. وأسواق التصدير الرئيسية لايران الصين بنسبة 16.7 فالمئة من الصادرات غير النفطية ثم العراق بنسبة 15.3 في المئة ثم الامارات ونصيبها 13.4 بالمئة ثم الهند بنسبة 8.2 في المئة. وقبل جولة العقوبات الجديدة على ايران توقع صندوق النقد الدولي نمو صادرات ايران من النفط والغاز الطبيعي الى 102.9 مليار دولار في السنة المالية 2011-2012 مقارنة مع 81.1 مليار قبل عام. وكان من المتوقع أن تنمو الصادرات ككل بنسبة تتجاوز 21 في المئة الى 142.9 مليار دولار وان تنمو الواردات ثمانية بالمئة الى 4 ر101 مليار دولار.

دعم المنتجات الايرانية

في السياق ذاته حث الزعيم الايراني علي خامنئي مواطني بلاده ن في بداية العام الايراني الجديد على شراء السلع المنتجة محليا للتغلب على العقوبات التجارية المتصاعدة التي يفرضها الغرب على البلاد. وقال خامنئي في خطاب اذاعه التلفزيون "شعار هذا العام هو الانتاج الوطني ودعم العمالة والاستثمار الايراني. ينبغي على الشعب الايراني ان يستهلك الانتاج المحلي ويتجنب استخدام السلع المنتجة في الخارج." وأضاف "آمل ان تتغلب الامة باتباع مثل هذا النهج على مؤامرات الاعداء. ندعو الله ان يساعد الامة الايرانية."

ومع تزايد الضغوط الخارجية على ايران لا يشعر كثيرون بالامل في تحسن الاحوال. وانتهز القادرون الفرصة للهرب من القيود الاجتماعية والدينية للجمهورية الاسلامية للاستمتاع بالحياة البراقة والصاخبة في الامارات العربية المتحدة القريبة. ويصل عشرات الالاف من السياح الايرانيين الى الامارات في اواخر مارس اذار لقضاء عطلة عيد النيروز مما يزيد عدد الجالية الايرانية الكبيرة بالفعل هناك . وتشير بعض التقديرات الى ان عدد الايرانيين هناك يصل الى نحو 400 الف شخص. ويساهم الزوار الايرانيون كل عام بمليارات الدولارات في الاقتصاد الاماراتي ولكن يثور القلق من ان تكبح العقوبات المشددة انفاقهم بشكل كبير. وشهدت التجارة بين الامارات وايران انخفاضا ملحوظا.

وقال مرتضى ماسموزاده عضو المجلس التنفيذي لمجلس الاعمال الايراني في دبي "في الماضي كان يزور دبي ما يصل الى 100 الف ايراني بمناسبة عيد النوروز ولكن العدد تقلص هذا العام بنحو 50 في المئة." وتعاونت الامارات مع الولايات المتحدة لفرض عقوبات مالية صارمة على طهران لكن رجال الاعمال الاماراتيين انفسهم ينتابهم القلق من ان تؤثر العقوبات ضد طهران على اقتصادهم. وفي ايران اقامت الحكومة عددا من الاسواق المحلية بمناسبة عيد النوروز في مسعى لثبات اسعار السلع الغذائية خلال العطلة. بحسب رويترز.

على صعيد متصل قال مسؤولون في شركات الصرافة الكبيرة في دولة الامارات العربية المتحدة ان شركاتهم أوقفت التعاملات في الريال الايراني مما يخفض من قدرة ايران على التجارة والحصول على النقد الاجنبي. ومنذ أواخر العام الماضي تم تجميد تعاملات ايران بشكل كبير في النظام المصرفي العالمي بمقتضى العقوبات الامريكية التي تستهدف برنامج طهران النووي المثير للجدل. واستخدمت واشنطن قانونا لمكافحة غسل الاموال لتجعل المخاطر مرتفعة أمام البنوك في أنحاء العالم لاجراء أنشطة مع ايران ومن بينها تمويل التجارة. وفي ديسمبر كانون الاول ضغطت حكومة الولايات المتحدة على بنك نور الاسلامي ومقره دبي لوقف تحويل مليارات الدولارات من مبيعات النفط الايراني عبر حساباته. وواصل رجال أعمال ايرانيون بعض المعاملات التجارية مع دبي وأنحاء أخرى رغم ذلك من خلال تحويل أموال عبر شركات الصرافة التي تعمل مستقلة عن النظام المصرفي بحسب ما قاله تجار. والان توقفت معظم شركات الصرافة عن اجراء تعاملات بالريال الايراني أيضا.

النجاح الكبير

من جهة اخرى صرح رئيس وفد تجاري هندي كبير زار ايران لدراسة الامكانيات التجارية الهائلة الناجمة عن العقوبات الدولية، ان مهمته في طهران تشكل "نجاحا كبيرا". وقال رفيق احمد رئيس الاتحاد الهندي للمنظمات المصدرة الذي ترعاه الحكومة، ان "الزيارة ايجابية جدا وتشكل نجاحا كبيرا". واضاف احمد الذي شارك في الوفد "لاحظنا اهتماما كبيرا من جانب الايرانيين بشراء منتجات هندية". وتابع "ناقشنا الامكانيات الممتازة القائمة في مجال الحبوب والصناعات الغذائية والمنتجات الصيدلانية وقطع غيار السيارات وقطاعات اخرى". وتحاول الهند الجمع بين ارادتها في اقامة علاقات تجارية مع ايران وتعزيز علاقاتها الجاري مع الولايات المتحدة واسرائيل. وتشتري الهند سنويا نفطا بقيمة احد عشر مليار دولار من ايران ثاني دولة مزودة لها بهذه المادة. لكن حجم صادراتها الى ايران لا يتجاوز ال2,7 مليار دولار. تأتي زيارة هذا الوفد التجاري الهندي الذي ترأسه نائب وزير التجارة الهندي ارفيند ميهتا بينما يؤدي تكثيف حملة العقوبات ضد ايران الى الحد من امكانيات تسديد ثمن ما تستورده الهند من النفط من طهران بالدولار او اليورو. بحسب فرنس برس.

وكانت الهند وايران وقعتا اتفاقا يقضي بان تدفع نيودلهي قيمة نصف ما تستورده من النفط الايراني بالروبي. وستستخدم ايران المبالغ التي تدفع بالروبي لشراء بضائع هندية بينما يطمح البلدان الى زيادة حجم المبادلات بينهما ليبلغ 25 مليار دولار في السنوات الاربع المقبلة. واعلنت الهند عن تعديلات في الرسوم لتسهيل المبادلات التجارية مع ايران، مشيرة الى "المصلحة القومية".

عقوبات جديدة

من جهة اخرى ان قرر الاتحاد الاوروبي قرر منع المؤسسات الايرانية من استخدام شبكة التحويلات بين المصارف "سويفت". وتشمل العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي حاليا 116 فردا و442 شركة، بينها البنك المركزي الايراني. وتهدف الى تجفيف موارد تمويل النظام الذي يتهمه الغربيون بالسعي الى امتلاك القنبلة الذرية تحت غطاء انشطة نووية مدنية. وجاء في بيان خاص ان الاتحاد الاوروبي "قرر منع تقديم الخدمات المتخصصة في مجال التحويلات المالية للأشخاص والكيانات الخاضعين لتجميد ارصدتهم" في ايران. واعلن مسؤول اوروبي رافضا كشف هويته ان هذا القرار الذي اتخذ بإجماع الدول ال27 الاعضاء، سيؤثر فعليا وبصورة رئيسية على المدفوعات التي تتم بواسطة شبكة "سويفت" للتعامل بين المصارف والتي يجري قطاع المال بموجبها كل تعاملاته المالية في العالم اجمع. واكدت شبكة "سويفت" في بيان انها "تلقت الامر بوقف خدمات الاتصال باتجاه مؤسسات مالية ايرانية تستهدفها العقوبات الاوروبية". وقرار الاتحاد الاوروبي الذي سيصبح رسميا مع نشره في الجريدة الرسمية الاوروبية الجمعة "يلزم سويفت بالتحرك"، كما اعلن في البيان رئيس الشبكة لازارو كامبوس الذي اشار الى ان وقف خدمات سويفت للمصارف يشكل "عملا استثنائيا وغير مسبوق من جانب سويفت".

في السياق ذاته فرضت الولايات المتحدة على وزارة الاستخبارات الايرانية بعد اتهامها بدعم تنظيم القاعدة والنظام السوري مجموعة من القيود الجديدة، وقالت وزارة الخزانة الاميركية ان وزارة الاستخبارات والامن الايرانية "تنتهك الحقوق الاساسية للمواطنين الايرانيين وتصدر ممارساتها الوحشية الى خارج الحدود ". واتهمت وزارة الخزانة ايضا ايران، في بيان اصدرته عن هذه العقوبات التي لا تأثير لها عمليا "بدعم مجموعات ارهابية بينها القاعدة في العراق وحزب الله (في لبنان) و(حركة) حماس" الفلسطينية.

من جهته، صرح مسؤول شؤون الارهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة ديفيد كوهين "نستهدف الوزارة لدعمها جماعات ارهابية من بينها تنظيم القاعدة وفرعه في العراق، وحزب الله وحماس". واكد ان ذلك "يكشف مرة اخرى مدى رعاية ايران للإرهاب بوصفها سياسة للدولة الايرانية". واوضحت الحكومة الاميركية انها اضافت وزارة الاستخبارات الايرانية الى لائحة الهيئات المادية والمعنوية التي فرضت عليها عقوبات بموجب مراسيم رئاسية لارتكابها انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان، وخصوصا مرسوم رئاسي صدر في 2012.

وينص هذا المرسوم على عقوبات بينها تجميد ممتلكات الاشخاص المدرجين على اللائحة السوداء لوزارة الخزانة. وتعني هذه العقوبات الجديدة مصادرة اي عقارات تملكها الوزارة في الولايات المتحدة او في اي منطقة خاضعة للسيطرة الاميركية ومنع مسؤولي الوزارة من السفر الى الولايات المتحدة. وكان مسؤول اميركي قال ان الولايات المتحدة لم تتمكن من تجميد اي موجودات بموجب هذا المرسوم لانها لم تجد اي ممتلكات على الاراضي الاميركية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند في بيان ان الولايات المتحدة "تشجع جميع شركائها على اتخاذ تدابير مماثلة ردا على الدور الذي تؤديه وزارة الاستخبارات الايرانية في نشاطات غير مشروعة". وقبيل اعلان وزارة الخزانة، صرح جيمس كلابر رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية الاميركي ان فرع القاعدة في العراق هو الذي نفذ على الارجح التفجيرين الانتحارين لمقرين امنيين في دمشق في العاشر من شباط/فبراير. وفي السابع من شباط/فبراير، اكد حزب الله اللبناني انه يتلقى تمويلا وتجهيزات من ايران. وتنفي ايران باستمرار تقديم اي دعم لتنظيم القاعدة. بحسب فرنس برس.

وتشكل هذه العقوبات تصعيدا جديدا في موقف واشنطن من الاتهامات الموجهة لإيران وكانت واشنطن اتهمت طهران حتى الآن بمد حلفائها في الشرق الاوسط بالأسلحة وتوفير مستشارين.

من جهة اخرى، اعلن مسؤول في الحكومة الاميركية ان الولايات المتحدة طلبت من الاتحاد الاوروبي التحرك لاستبعاد المصارف الايرانية من شبكة سويفت المالية الدولية. وقال المسؤول طالبا عدم كشف هويته ان ديفيد كوهين بحث في هذه المسألة مع المفوضية الاوروبية من اجل عزل ايران لوقف برنامجها النووي. واضاف ان كوهين "ناقش قضية خدمات سويفت التي تستفيد منها المصارف الايرانية" التي تتهمها الولايات المتحدة بالمساهمة في البرنامج النووي الايراني" موضحا ان كوهين "حض الاتحاد الاوروبي على التحرك في هذا الصدد".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/نيسان/2012 - 18/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م