مشروع إجهاض دور العراق في القمة العربية

ناجي الغزي

تعتبر القمة العربية في بغداد فرصة ثمينة لتعزيز دور العراق وتمتين علاقاته مع المنظومة العربية والاقليمية، وبعد النجاح المنظور الذي حققته القمة العربية في بغداد من 27/3- 29/3/2012 حسب آراء المشاركين من زعماء ووزراء ومندوبين ومراقبين. من حيث ظروف انعقادها وتنظيمها وإدارتها والفعاليات التي رافقتها، وهذا النجاح يمثل تحدي واختبار لقدرة العراق في قيادة القمة وادارتها.

والقمة رغم إنعقادها في موعدها المقرر الذي حاولت للاسف أطراف سياسية عراقية وإقليمية بعدم انعقادها من خلال دفع المزيد من الرسائل الى أمانة القمة وهذا ما جاء على لسان أمينها السيد نبيل العربي، فضلا عن العروض التي قدمتها دول البترول للعراق كتعويض عما أنفقه لتحضيرات القمة شريطة ان لا تنعقد في بغداد.

إلا أن إصرار الحكومة العراقية وبعض القوى السياسة على إنعقادها في موعدها دليل على أن العراق يرغب بإعادة عافيته واستعادة دوره في زعامة الامة العربية بعد إنحسار دوره لأكثر من عقدين ووضعه بعزلة دولية وعربية واقليمية نتيجة ممارسات وحماقات النظام الدكتاتوري السابق.

وفي ظل الدورة الاعتيادية لانعقاد القمة العربية في بغداد سيكون العراق رئيساً لها لمدة عام واحد، يحاول العراق من خلال البيان الختامي واعلان بغداد أن يرسم دوره ويطرح آرائه وتصوراته لشكل الجامعة العربية ومهامها القادمة. ابتداء من اصلاح هيكلية الجامعة من نظم ادارية وهيكلية وتشريعية ومؤسساتية.

وهذه الدورة الأولى التي جاءت بعد ربيع الثورات العربية، التي تعتبر فرصة مهمة للعراق لطرح تصوراته التي تنسجم مع معطيات التحولات العربية من الانماط السياسية الكلاسيكية الى الانظمة السياسية الحديثة.

وبما أن للعراق القدرة على اعادة دوره الواعد بقيادة الامة العربية نظراً لما يملكه من مؤهلات وقدرات لاتتوفر عند غيره. وهذا يشكل لبعض الدول كقطر والسعودية مصدر قلق لكون العراق بتاريخه الطويل وحضارته العريقة وثقافته المتنوعة وقدراته الاقتصادية ونمو سياسته بالأطر الديمقراطية يستطيع أن يستعيد دوره ومكانته السياسية والاستراتيجية في الشرق الاوسط. كما يستطيع أن يكون محطة للمؤتمرات الدولية والاقليمية وقناة دبلوماسية مميزة بين الفرقاء الدوليين كإيران وأمريكا وأن يلعب دوراً في العلاقات الدولية.

وقبل أن يجف حبر بنود القمة العربية سارعت مشيخة قطر على دعوة طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والمتهم من قبل القضاء العراق بجرائم قتل وإبادة لمئات العراقيين باعتراف أفراد حمايته أمام شاشات التلفزيون وأمام المحققين، وهذا يعتبر خرق أخلاقي وقانوني للدبلوماسية العربية وتجاوز على سيادة العراق وما جاءت به مقررات القمة العربية. وقبل هذه الدعوة جاءت تصريحات وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم حول تدني تمثيل بلاده في القمة والسبب هو تهميش سنة العراق.

 وهذه السلوكيات تعد تدخل سافر من قبل مشيخة قطر في الشؤون الداخلية العراقية، وتقليل من شأن سنة العراق لكون مشيخة قطر تمثل احد أقضية محافظة الانبار الثمانية من حيث تعدادها السكاني.

وكذلك الهجوم الذي شنته صحف سعودية مدفوعة من قبل النظام الرسمي على مقررات وتصريحات رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بخصوص مواقف العراق السياسية من القضايا العربية ومنها القضية السورية. التي تهم العراق باعتباره الجار المباشر لسوريا التي تتأثر من التغيرات التي ترسم بغرف مظلمة في الرياض والدوحة وتل أبيب وهي ما ترمي الى تغيير الاستراتيجية السياسية في العراق.

وهذا ماجاءت به جميع المؤشرات التي تنذر بخطر التدخلات الخليجية في الشأن السياسي العراقي، وهذه السياسية دأبت عليها مشيخة قطر من خلال دعمها طرف دون آخر فضلا عن الاعلام المفبرك الذي توجهه غرفة عمليات قناة الجزيرة ضد خصومها. وهذه الدول بعقليتها البدوية تنظر بعين طائفية الى الطرف الاخر دون النظر حجمها الحقيقي وحدودها السياسية ووزنها الاستراتيجي ومصالحها وشؤونها الداخلية.

فهذه الدول لاتزال تفتقد الى أبسط القوانين والقواعد الدستورية التي تنظم علاقتها بشعوبها.  فالشعوب لاتزال تفتقر الى أبسط الحقوق الفردية كالمشاركة السياسية وحرية التظاهر وأبداء الرأي وحرية المرأة وحقوقها السياسية والطبيعية في قيادة السيارة والسفر والتنقل. أضافة الى القمع والتهميش الذي تعيشه الاقليات الدينية داخل بلدانهم.

واليوم نرى من خلال تحرك المحور القطري السعودي التركي وأهدافه الرامية الى خلق واقع سياسي جديد في المنطقة العربية عامة وفي العراق خاصة من خلال أثارة المشاكل وخلق الازمات بين الفرقاء السياسيين العراقيين من خلال دعوات غير مبررة لأطراف سياسية ذات بعد طائفي.

هذه الاطراف تريد إجهاض الدور السياسي العراقي الواعد من خلال تعويق وضعه الداخلي وعرقلة مهمته الخارجية وكسر همته في قيادة الجامعة العربية للدورة 23.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 9/نيسان/2012 - 18/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م