انتهت قمة العرب في بغداد بإعلان بيان ختامي مقتضب تضمن تسعة بنود
في سابقة لم تشهدها القمم العربية الماضية.. واذا كانت تلك البنود
ومقررات القمة؛ مع الاقتضاب؛ دون مستوى طموح وتطلعات الشعوب العربية
ليس لانها جاءت عامة وشاملة وسط غياب واضح لآلية تضمن تطبيق بنود
الاعلان الختامي فحسب او لجان تنبثق عن القمة تتولى مسؤولية وضع قرارات
القادة والزعماء موضع التنفيذ؛ بل لانها ناقشت ايضا قضايا وملفات ساخنة
واهملت اخرى لا تقل سخونة.. فقد كالت بمكيال الاهتمام للملف السوري
مثلا والغياب والتغييب للملفين؛ اليمني الذي ما زال يعاني تلكؤا واضحا
في تطبيق المبادرة الخليجية وقضية الشعب البحريني التي غيبت معاناته
تماما عن طاولة النقاش..
ان كل ما يتعلق بالقمة من تحضيرات ومستوى التمثيل والنقاشات والجلسة
المفتوحة والمغلقة وحديث الكواليس والبيان الختامي ؛ اصبح في ذمة تأريخ
القمم العربية الذي اضيفت الى ارشيفه صفحة قمة بغداد الثالثة والعشرين.
واذا كانت القمة قد اسدلت ستارها بالنسبة لجميع الدول المشاركة
فيها، فانها ليست كذلك بالنسبة للعراق الذي تسلم رئاسة القمة من ليبيا
التي عقدت فيها آخر قمة عام 2010.. والرئاسة الدورية للقمة تعني
مسؤولية مضاعفة تتمثل في تفعيل العمل العربي المشترك وادارة ملفاته
والتنسيق مع الجامعة العربية والمنظمات الاقليمية والدولية في مواجهة
التحديات، مما يهيأ للعراق فعلا فرصة حقيقية للاندماج بمحيطه العربي
وتحقيق الهدف والغاية من عقد القمة ببغداد والتي لا تعني؛ باية حال من
الاحوال؛ مثلما يعتقد البعض تلك الساعات المعدودة التي عقدت فيها.
ان نشوة نجاح القمة من الناحية البروتوكولية والامنية رغم المؤاخذات
الكثيرة على اجراءات الاخيرة؛ والمقدرة العالية في التنظيم.. يجب ان لا
تطغى على متطلبات نجاح السياسة الخارجية التي ترتكز دائما على وضع
داخلي مستقر تسوده لغة الحوار البناء والتفاهم بين مكوناته وتوسيع
قاعدة المشاركة والاتفاق في مواجهة المشاكل والتحديات.. وهو ما ننتظره
من اللقاء الوطني المرتقب بين الكتل السياسية ليس لانه استحقاق داخلي
ملح بل لانه اصبح استحقاقا خارجيا كفيل باخراج مقررات القمة العربية من
ذمة التأريخ الى ساحة التطبيق.
|