قديماً قالوا: على قدر الألم يرتفع الصراخ
من خلال متابعاتي عما كتب عن قمة بغداد العربية لاحظت أن هناك مرضاً
وهمياً أخذ يستشري بين الكتاب العرب ومنْ يحسبون على الثقافة هو
(الشيعة فوبيا). يحاول البعض منهم أن يجعل العقل العربي أسيرا لهذا
الوهم، ليصيبه بالرعب حتى يكون قادراً على استغلاله وتسخيره في خدمة
مشروع انظمة الغلبة والإستبداد اللاشرعية.
بدا ذلك واضحاً في لغة الخطاب الموجه للشارع العربي، ولعل المتابع
لردود المعلقين على مقالات التحريض يشعر بحجم الرعب الوهمي في الشارع
من الشيعة دون تمييز.
وإذا كان الكلام في السابق كناية أصبح اليوم تصريحاً علنياً، دون
خجل أو مواربة، وهذا ما حصل بالفعل لمروجي ثقافة الكراهية والطائفية في
الإعلام العربي.
حينما سمع بعض الكتاب أن العراق حقق إنجازاً في القمة وهو رجوعه
لعمقه العربي وهو العمق الطبيعي له، يرتفع صراخه وكأن مسا اصابه، يبدأ
بالسب والشتم وهي حيلة المهزوم والعاجز بالتأكيد، و يكيل المديح
للدكتاتور المقبور ويردد أسطوانة مشروخة هي الشيعة والصفوية وإيران
والعمالة، ويستنفر كل مخزون الكراهية في داخله.
القطري محمد المسفر واحد من هؤلاء الطائفيين الشوفينين الذين فقدوا
صوابهم، راح يهذي ويشتم الإمريكان الذين جاءوا بالشيعة لحكم العراق،
متناسياً أن بلده هو من هيأ الارضية لذلك، ثم تتبعثر كلمات المسفر
ومفرداته فيصف صدام بالشهيد ويعاتب سمو أمير الكويت على حكمته
وعقلانيته متغافلاً عن غزو شهيد المسفر للكويت، ولا ادري لماذا يصر
المسفر وغيره من الشوفينيين على أن تبقى العلاقة بين العراق والكويت
متأزمة، ما الذي يحزن هؤلاء عندا تتحسن العلاقة بين بلدين شقيقين
وجارين تربطهما إمتدادات الدم والتاريخ.
ويوجه المسفر كلامه الى سمو أمير الكويت فيقول لقد خضنا حربين في
أقل من عشر سنوات من أجل الكويت واليوم نرى رمز السياسة الكويت في
العراق، ألم يسأل المسفر نفسه لو كان عقلانياً وواقعياً عن الحربين ومن
قام بهما ومن أشعل أوارهما، الم يكن صدام الذي تتباكى عليه!!! لماذا
يُحمل العراق عبثيات دكتاتور قتل شعبه واشعل الحروب وغزا جيرانه،
المسفر الذي سيطر المرض على روحه يعتبره الدكتاتور شهيداً و يقول كانت
آخر كلماته ذكر الله كما تقول، يا لها من مغالطة. وكأن ذكر الله
للخديعة والتضليل تسقط عن مجرم جرائمه.
ويعود المسفر لمغالطة أخرى ليقول ان الصهاينة تتجول في بغداد الرشيد
وهذا القول لوكان صادراً من غير المسفر لقبلناه، لأن المسفر آخر من
يتكلم عن الصهاينة وهو يعلم علم اليقين أن العلم الاسرائيلي يرفف فوق
رأسه في عاصمته ولربما يراه يومياً عندما يذهب الى عمله، وان اميره
الفاقد للشرعية قد بنى مستوطنات بالاموال القطرية للصهاينة الذي تحدث
عنهم المسفر وأدعوه أن يشاهد هذا الرابط :
http://www.youtube.com/watch?v=Dcp6TJloOwM
والمثل العربي يقول: رمتني بدائها وأنسلت،
فانا لا ألوم المسفر لأنني متأكد من ان الرجل مصاب بمرض الشيعة
فوبيا، ولقد شخص الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل ما يعاني منه
المسفر وأقرانه المرضى حيث قال: في مقابلة على قناة الجزيرة في
10-6-2011: (لقد استبدل العالم العربي الصهيونية بالتشيع وقد نجح
الإعلام الغربي في خلق عدو وهمي ) اسموه الشيعة وسوقوه للمواطن العربي
الغافل والمستغفل.
اما اليمني نجيب غلاب كاتب جريدة عكاظ السعودية وبوق المخلوع علي
عبد الله صالح هو الآخر أصيب بهذا المرض الذي أصم سمعه واعمى فؤاده
أتمنى أن يتعافى منه قريباً، أعتبر قمة بغداد هي قمة المالكي، مستخرجاً
كل فايروسات الكراهية ليبثها في عقول القراء العرب، واصفاً العراق بأنه
بلد طائفي وقوانينه قوانين الولي الفقيه، فقد أصيب هذا اليمني بعمى
الألوان فهو لا يرى ان الرئيس العراقي الذي رأس القمة هو كردي وأن
الطيف الذي جلس وراء المالكي ضم العراقيين جميعاً ولا يدري أن هذا
الكلام إهانة الى العراقيين جميعاً ولكنه على كل حال معذور لمرضه
والقاعدة تقول وما على المريض من حرج.
هذان نموذجان من المرضى فهناك الكثير من هؤلاء الكتاب مثل ياسر
الزعاترة ومواطنه عبد الباري عطوان الذي أعتبر الهيبة قد غابت عن القمة
بغياب الدكتاتوريات، وطلال آل الشيخ وطارق الحميد وعبد الرحمن الراشد
والقائمة تطول. فهؤلاء لم يتمكنوا من التعافي من مرض الطائفية بعد،
لأنهم داخل شرنقة الطائفية والقومية وقد اصيبوا بالخوف الوهمي الذي
صنعوه بأيديهم وبإيحاءات خارجية وراحوا يصدقون ما صنعوه معتبرين أن
الشيعة هم أعداء العروبة وكأن العروبة ماركة مسجلة باسم السعودية وقطر
والطائفيين أمثالهم.
أتمنى على هؤلاء أن يجيبوا المواطن العربي على سؤال يطرحه مفاده (
لماذا هذا التصعيد الطائفي، ولمصلحة من تمزيق الدول العربية؟)
لقد فقدوا هؤلاء المعتوهين صوابهم، ولم يستجيبوا لصوت العقل
والعقلاء، وراح الموبوئون بالعمالة وخيانة الضمير يخوِّنون كل صوت عربي
شريف يدعو للحوار كالسياسي والكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل،
وحمدي قنديل وجورج قرداحي وغسان بن جدو وحافظ الميرازي ورجل الدين
عدنان إبراهيم، وأخيراً الشيخ أحمد الكبيسي الذي أتهم بالتشييع وهي
سُبة كبيرة تبيح دمه. هؤلاء لم يفعلوا شيئاً سوى قالوا تعالوا بنا الى
قراءة متأنية للواقع، لأن خلق الوهم يكرس الخديعة ويضر الجميع وأن
الصراع سياسي وليس طائفي.
ومن أجل الحقيقة وتبديد الوهم أوجه سؤال الى كل العرب الذين عاشوا
في العراق أو عايشوا العراقيين في بلدانهم من مصريين وسودانيين ويمنيين
ولبيين واردنيين وفلسطينيين وغيرهم هل لمستم من خلال معاشرتكم للعراق
الشيعة أنهم طائفيون وحاقدون على العروبة والعرب، فقد عاش في العراق ما
يقارب 4 ملايين مصري هم شهود على كذب ما يدعيه المصابون بمرض الشيعة
فوبيا، لأنه مرض لا يوجد إلا في عقول المرضى. |