شيماء العوادي... من ضحايا التطرف الديني المتبادل

 

شبكة النبأ: لاتزال قضية مقتل السيدة العراقية شيماء العوادي محط اهتمام الكثير من المنظمات الحقوقية الانسانية ولاتزال احداث قضية القتل مبهمة ويرجح بعض المهتمين ان تكون الجريمة قد نفذت بدافع الكراهية والحقد الذي يمارس ضد المسلمين في المجتمع الامريكي الذي يشهد تنامي الاعتداءات العنصرية، وشيع عشرات العراقيين الغاضبين في النجف الاشرف جثمان شيماء العوادي (32 عاما) التي توفيت في الولايات المتحدة بعد تعرضها لاعتداء يعتقد ان دوافعه عنصرية. ووصل الجثمان الى مطار النجف (150 كلم جنوب بغداد) حيث كان في استقباله العشرات بينهم مسؤولون محليون واعضاء في البرلمان وشخصيات عشائرية،  ثم نقل الجثمان الى داخل المدينة القديمة حيث اجريت له مراسم التشييع بحضور زوج الضحية واثنين من ابنائها وتليت صلاة في مرقد الامام علي(ع) قبل ان يوارى في مقبرة وادي السلام الواقعة في شمال النجف.

وقال والد الضحية نبيل العوادي "لا نعرف اسباب الجريمة وليس لشيماء مشكلة مع احد هناك، وهي تعمل داعية في مسجد الامام علي في مدينة سان دييغو الاميركية". واضاف "ابلغني زوجها ان شخصا القى مذكرة تقول 'ارجعي الى بلدك. انتِ ارهابية‘ ... من هو الارهابي الحقيقي.. شيماء أم هم."  واضاف  "ندعو الحكومة الى التدخل لمتابعة القضية كما ندعو الحكومة الاميركية الى الكشف عن ملابسات الحادث ودوافعه ومعرفة الجهات التي تقف ورائه". وتوفيت شيماء العوادي في سان دييغو في 25 اذار/مارس بعد وقف جهاز التنفس الصناعي الذي كان يبقيها على قيد الحياة. وكانت ابنة الضحية عثرت عليها فاقدة الوعي في صالون منزل الاسرة في ايل كاخون. وقالت الشرطة ان تحقيقا يجري في واقعة القتل بصفتها جريمة كراهية محتملة بسبب العثور على مذكرة تهديد بجوارها. وقال نبيل العوادي والد شيماء "الشهيدة اعتادت حب الجميع. لم تكن تميز بين الاديان."

وحمل المشيعون لافتة تطالب الجهات المختصة بالمتابعة القضائية للجريمة. وقال حيدر كاظم احد اقارب شيماء "الدافع وراء الجريمة عنصري... نطالب الجهات العراقية المختصة مثل وزارة حقوق الانسان واللجان البرلمانية ووزارة الخارجية بمتابعة الجريمة وضبط المجرمين." وكانت شيماء العوادي تعيش في ضاحية ال كاجون بسان دييجو التي يعيش فيها وفي عدة مناطق مجاورة لها ما بين 50 و 60 الف مهاجر ولاجئ من اصول شرق اوسطية. واذا تأكد ان الكراهية هي دافع القتل ستكون هذه اسوأ جريمة كراهية ترتكب في المنطقة ضد العرب او المسلمين منذ سنوات وذلك وفقا لما ذكرته صدف هين مديرة الحقوق المدنية بمجلس العلاقات الامريكية الاسلامية في سان دييجو. وتقول الشرطة ان المنطقة لم تشهد جرائم عنف بدافع الكراهية في الماضي. وقال داريل فوكسوورث المتحدث باسم مكتب التحقيقات الاتحادي ان المكتب يساعد ادارة شرطة ال كاجون في التحقيق وارسل عناصر من فريق مختص بالتعامل مع جرائم الكراهية. بحسب فرنس برس.

ويذكر ان الشرطة لم لم تكشف عن مضمون الرسالة، إلا أن ابنة الضحية، فاطمة الأحمدي، 17 عاماً، قالت إنها تحتوي على كلمات كره، ودعوات وتهديدات للعودة إلى دولتهم، بالإضافة إلى كلمات عنصرية. وقالت الأحمدي، "لم تكن هذه هي الرسالة الأولى التي نتلقاها، فقبل أسبوع وجدنا رسالة على باب المنزل، جاء فيها (هذه دولتنا وليست دولتكم أيها الإرهابيون.)" وأضافت الابنة "لم تأخذ أمي الرسالة على محمل الجد، حيث اعتقدت أنها مرسلة من قبل أطفال يلهون، وفي نفس اليوم وجدنا رسالة أخرى جاء فيها نفس العبارات التي جرحت مشاعر والدتي، إلا أنها لم تعلق على الموضوع." ورجحت فاطمة فكرة الاعتداء العنصري نظرا لكون الجناة لم يسرقوا اي شيء من المنزل. من جانبها اعلنت الشرطة انها "تدرس جميع الخيوط". وكانت الاسرة وصلت الى الولايات المتحدة في منتصف التسعينات. وياتي هذا العدوان في الوقت الذي تتنامى فيه حالة استياء في الولايات بعد مقتل شاب اسود في ال17 من العمر في فلوريدا على يد رجل ابيض كان يقوم بجولات مراقبة في الحي الذي يقيم فيه.

قتل شاب اسود

في سياق متصل وضع الرئيس الامريكي باراك اوباما ثقله للمرة الاولى وراء القتل المثير للجدل للمراهق الاسود ترايفون مارتن في فلوريدا متعهدا بالتحقيق بشكل كامل في حادث اطلاق النار وقال لوالدي القتيل "اذا كان لي ولد لكان يشبه ترايفون." وقتل الشاب الذي يبلغ من العمر 17 عاما برصاص حارس متطوع بالحي يدعى جورج زيمرمان (28 عاما) وهو ابيض من اصول لاتينية وقال انه اطلق الرصاص على الشاب غير المسلح دفاعا عن النفس. وتحولت القضية الى قضية رأي عام وشغلت عناوين الصحف وادت الى خروج مظاهرات احتجاج على تعامل الشرطة مع الحادث وعلى ما وصفه قادة سود بأنه نمط من التفرقة العنصرية في بلدة سانفورد بفلوريدا وغيرها في انحاء البلاد التي يرأسها في الوقت الحالي رئيس اسود. ووصف اوباما الحادث بأنه "مأساة" يجب ان تمس أي اب أو ام في الولايات المتحدة وقال انه جعله يفكر في ابنتيه ماليا وساشا. وقال "رسالتي الرئيسية لوالدي ترايفون مارتن. تعرفان.. لو كان لي ولد لكان يشبه ترايفون. اعتقد ان من حقهما ان يتوقعا ان نأخذ نحن الامريكيين هذا الامر بالجدية التي يستحقها واننا سنحقق في عمق ما حدث حقا."

وصرح رشاد روبنسون رئيس جمعية "كالور اوف تشينج" للدفاع عن السود الاميركيين "نامل الحصول على دعم كبير للمطالبة بالعدالة واعتقال جورج زيمرمان". واضاف ان "زيمرمان ما زال طليقا، انه في منزله مع عائلته بينما تحاول عائلة تريفون ان تتكيف مع ما حصل". واعتقل زيمرمان وهو من اصل اسباني، لفترة قصيرة ثم اطلق سراحه بعد ان دفع ببراءته بدعوى الدفاع المشروع عن النفس لكن ملابسات الحادث لا تزال غامضة في حين يتعرض تحقيق الشرطة الى انتقاد شديد.

ورغم اعلان وزارة العدل انها تكفلت بالملف، ما زالت القضية تلهب فلوريدا حيث تقام تظاهرات يومية تنديدا بنوع جديد من التصرفات العنصرية بينما تمتد الحركة الى مناطق اخرى من البلاد.

وتجمع الف متظاهر حسب الشرطة وثلاثة الاف حسب المنظمين في واشنطن مطالبين "بالعدالة" لترايفون. وحصدت عريضة على الانترنت تطالب بملاحقة زيمرمان، قرابة 1,9 مليون توقيع.

كذلك اقتحمت جريمة قتل الفتى الاسود حملة الانتخابات الرئاسية فانتقد الجمهوريون تدخل الرئيس باراك اوباما في هذا الموضوع. واتهم ريك سانتوروم، احد مرشحي الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، الرئيس اوباما "بتسييس" القضية. وصرح سانتوروم هو من اشد المحافظين لاذاعة اميركية "على رئيس الولايات المتحدة ان يتصرف لجمع الشمل ولا ان يستغل هذا النوع من القضايا الفظيعة لتحريض الاميركيين ضد بعضهم البعض". وقال المرشح الجمهوري الاخر نيوت غينغريتش في تصريح اذاعي ان "الكلمات التي تلفظ بها الرئيس فضيحة" متسائلا "هل يقترح الرئيس انه لو قتل شاب ابيض فان القضية لن تكون بالاهمية نفسها لانه لا يشبهه؟"

ورد ديفيد بلوف مستشار الرئيس اوباما الاحد في تصريح لقناة سي.ان.ان بالقول "لا اظن ان يكون في الولايات المتحدة اناس عديدون يتقاسمون تلك الاراء" مضيفا ان "هذين التعليقين غير مسؤولين ويستحقان الادانة". وقال "ان الانتخابات التمهيدية الجمهورية تشبه نوعا ما، سيركا او مشهد مهرج". وقد اعاد مقتل الشاب الاسود النقاش حول قانون اقر في فلوريدا سنة 2005 بدعم من لوبي الاسلحة "او.ار.ايه". وادخل القانون --اطلق عليه المدافعون عنه اسم "دافعوا عن انفسكم" بينما سماه منتقدوه "بادروا باطلاق النار"--، تخفيفا على ظروف ممارسة الدفاع عن النفس. لكن حاكم فلوريدا السابق جيب بوش الذي اقر القانون، اكد انه لا يمكن تطبيقه في هذه القضية مؤكدا في تصريح لدالاس مورنينغ نيوز ان القانون اعد "كي يتمكن الناس من الدفاع عن انفسهم وليس لمطاردة شخص ادار لهم ظهره".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/نيسان/2012 - 13/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م