المياه النظيفة خطوة أساسية لنهضة الشعوب

شبكة النبأ: يفتح الناس في البلدان المتقدمة صنبور المياه أكثر من عشر مرات في اليوم، دون أن يفكروا فيما يساهم به ذلك التدفق في حياتهم. أما في مجال التنمية الدولية، فإن إمكانية الحصول على المياه تُشكل فرضية أساسية: أعطِ مياهًا نظيفة للمجتمع الأهلي، فتساهم في تحسين نوعية حياتهم وزيادة الفرص.

 وأول الذين سيشعرون بحياة أفضل عند توفر مصدر للمياه النظيفة يمكن الوصول إليه هم النساء والفتيات، اللواتي سيتمكنّ من توفير الساعات التي يقضينها في كل يوم سيراً على الأقدام ذهاباً وإياباً إلى نهر قريب أو بحيرة مجاورة لنقل كميات المياه اللازمة لتلبية الاحتياجات المنزلية.

قال دانيال يوهانس، أكبر مسؤول تنفيذي في مؤسسة تحدي الألفية في الاحتفال باليوم العالمي للمياه في واشنطن يوم 20 آذار/مارس، "تخيلوا جميع الفتيات اللواتي قد يتمكن من البقاء في المدرسة". وأضاف، "تخيلوا درجة انخفاض الأمراض عندما لا يكون الناس مرغمين على البقاء في منازلهم انتظارًا للشفاء من مرض نقلته المياه إليهم. وتخيلوا الشركات التجارية التي ستتمكن من الازدهار وخلق الوظائف".

تضع مؤسسة تحدي الألفية الوصول إلى المياه، والصرف الصحي، والنظافة الشخصية (WASH)، في مرتبة أساسية لتحسين مستوى معيشتهم لأن إتاحة الوصول إلى المياه تؤدي إلى تحسينات في مجالات الصحة، والالتحاق بالمدارس، والإنتاجية، وريادة الأعمال. وتشارك مؤسسة تحدي الألفية في تنفيذ مشاريع ترتبط بالوصول إلى المياه ومرافق الصرف الصحي والنظافة الشخصية تبلغ قيمتها 800 مليون دولار تقريباً في تسعة بلدان.

جمعت مؤسسة تحدي الألفية سوية في 20 آذار/مارس ممثلين عن مجموعة من الوكالات ومنظمات التنمية التي تخصص جهودها لتوسيع إمكانية الحصول على الماء لحوالي بليون إنسان في العالم محرومين من المياه النظيفة، ولحوالي 2,5 بليون إنسان يفتقرون الى مرافق الصرف الصحي الأساسية.

ناقش المشاركون في الندوة التجارب والتحديات التي واجهت منظماتهم خلال محاولتهم تحسين إمكانية الوصول إلى المياه لدى المجتمعات الأهلية في دول العالم النامي. برزت خلال ذلك مواضيع بحث مشتركة: تأمين الاستدامة لشبكات المياه الموجودة، التشديد على شعور الناس بملكية تلك الأنظمة، ووضع نظام للمحاسبة يحافظ على استمرار عمل الأنظمة.

أشار نيد بريسلين، الرئيس التنفيذي للمياه في منظمة "الماء للناس"، مرة أخرى إلى الساعات الضائعة التي تقضيها النساء والفتيات في السير لمسافات طويلة للوصول إلى مصدر للمياه: "إن الواقع الموجود في معظم أنحاء العالم، هو أنهن يصادفن مضخة يدوية معطلة أو هيكل أساسي سابق لا يعمل تكون قد أنشأته إحدى المنظمات". وأكد أن الكثير من منظمات التنمية تركب نظامًا أو شبكة للمياه ثم تتركها غير آبهة بقدرة المجتمع المدني على المحافظة وصيانة تلك الشبكة أو ذلك النظام على المدى الطويل.

وأوضح وليم أسيكو، رئيس مؤسسة كوكا كولا أفريقيا التي تعمل مع عدد من الدول لتحسين إمكانيات الوصول إلى المياه، "إنني شديد الاهتمام بمسألة الاستدامة أو الاستمرارية". وتساءل أسيكو، متذكراً البنية التحتية الفاشلة التي واجهها خلال تجربته الخاصة كمواطن من كينيا، "كيف يمكننا ضمان أن هذه البنية التحتية ستظل صالحة للعمل بعد تطبيق البرنامج؟"

وأشار أسيكو إلى أن مؤسسته تعمل على تنفيذ مشروع تُطلق عليه اسم: "مياه آمنة لأفريقيا"، وتأمل في إيصال المياه النظيفة إلى المجتمعات الأهلية في أربع دول بحيث يستفيد منها مليونا إنسان خلال خمس سنوات. وأوضح أسيكو أن كسب الالتزام من المجتمع  المحلي يشكل خطوة أساسية في عملية تركيب مرافق لتنقية المياه". وأردف "إنهم يتبرعون بالأرض محلياً حيث سيتم بناء محطة تنقية المياه. ويشكلون لجان مياه لإدارة وتشغيل المحطة."

لدى مؤسسة كوكاكولا -أفريقيا عدد من الشركاء في مشروع "مياه آمنة لأفريقيا"، بما في ذلك شركة مشروبات أخرى منافسة لها.

ولفت بريسلين الى أن مشروع "المياه للناس" يضمن أيضاً بأن تكون المجتمعات الأهلية شريكة منذ البداية في مشاريع تأمين وصول المياه. وأكد أن أحدث استراتيجية لمنظمته هي إطلاق حملة تدعى "الجميع للأبد"، التي تعمل الآن في 30 مجتمعاً في عشرة بلدان. وأضاف أن الهدف من هذه الحملة هو كسب التزام المجتمع الأهلي بأن المياه ستصل إلى "كل عائلة، وكل مدرسة، وكل مستوصف." وفي الوقت الذي يقدم فيه مشروع "المياه للناس" التزاماً مالياً ببناء نظام أوشبكة المياه، فإن منظمته تشدد أيضاً على وجوب مشاركة المجتمعات الأهلية في الاستثمارات.

وأوضح برسلين، "نبدأ في أحيان كثيرة بتقديم استثمار ضخم جداً". فقد بدأنا في الهند بتحمل نسبة تراوحت بين 80 و85 بالمئة من جميع التكاليف المتعلقة بجميع المشاريع. وانخفضت نسبة مشاركتنا هذه لتبلغ الآن 10 بالمئة. تعمل منظمة "المياه للناس" سوية مع مجتمعات أهلية هندية للحصول على التزامات مالية من حكوماتها الوطنية لدعم مشاريع شبكات المياه كي تتمكن المنظمات غير الحكومية من خفض الأموال التي تنفقها على هذه المشاريع مع مرور الوقت.

انضم مُناصر رئيسي لقضية الحصول على المياه في مجلس النواب الأميركي إلى الاجتماع ليردد الملاحظة التي تقول إن المشاريع المستدامة يجب أن تكون الهدف. واعتبر النائب عن ولاية أوريغون، إيرل بلوميناير، أن أي مشروع فاشل للمياه يمثل "فرصة ضائعة"، وشدد على أن ذلك يثبط همة الناس ويرجعنا خطوات إلى الوراء". وقام بتشجيع خبراء تنمية الموارد المائية المشاركين في جلسة مؤسسة تحدي الألفية على استخدام معرفتهم بـ "التجارب الفاشلة" للتوصل إلى المسار الأفضل لتحقيق النجاح في المستقبل.

كان بلوميناور، أحد الرعاة والمناصرين الرئيسيين لمشروع قانون المياه للفقراء، الذي تمَّ التصديق عليه في عام 2005، وهو القانون الذي جعل من الوصول إلى المياه النظيفة في العالم النامي أحد أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

لقد نظمت مؤسسة تحدي الألفية هذا الحدث  بمناسبة اليوم العالمي للمياه، الذي يحتفل به  في 22 آذار/مارس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/آذار/2012 - 6/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م