قمة بغداد والقمم العربية السابقة... بعض من طرافة وظرافة

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: جميع الارباح التي يمكن ان يحصدها العراق خصوصا، وبعض الدول العربية عموما لا تساوي الجنون والمجون والضحك والطرافة المسلية التي كان العقيد القذافي الراحل يشيعها وسط الاجواء المكتئبة والروتينية للقمم العربية السابقة.

ستفتقد القمة العربية في بغداد خدمات المهرج الشهير قائد ثورة الفاتح من سبتمبر والذي ثار عليه شعبه وارسله الى حيث مكانه مع الكثير من الطغاة والمستبدين... اتوقع ان تكون هذه القمة متجهمة عابسة شديدة العبوس لكثرة الاحداث المؤلمة التي يعيشها العرب في ايامهم هذه، لن تكون في هذه القمة مواقف تلطف الاجواء فملك السخرية والاضحاك غير موجود، الجميع سيكون جادا اشد ما تكون الجدية الصارمة، وستكون واضحة على جميع الوجوه.

هذه بعض الطرائف من القمم العربية السابقة.

من طرائف قمة فاس العام 1982 اعتراض الرئيس الجيبوتي على مخاطبته باللغة الإنكليزية من قبل الملك فهد حينما حاول أن يوضح له ضرورة وجود عضوين فقط من وفده لحضور جلسة الرؤساء فردّ عليه الرئيس: «اثنين وزير؟ أنا عندي أربعة! أنا فين حط الباقي؟ حطه في جيبي؟».

وعندما لم يستوعب الرئيس الجيبوتي الكلام حاول الملك فهد أن يوضح له باللغة الإنكليزية – وبحسب المؤلف فإن إنكليزية الملك فهد أفضل، بالتأكيد، من عربية الرئيس الجيبوتي – فغضب الرئيس وقال للملك: «إنت كلّم إنكليزي ليه؟ أنا أربي زيّك؟ أنا أحكي أربي!».

في مارس العام 2001، عقدت القمة الثالثة والعشرون في عمان، حيث فاجأ القذافي خلالها الجميع بطرح فكرة "إسراطين" لحل النزاع التاريخي الاسرائيلي الفلسطيني من خلال دولة ثنائية القومية للعرب واليهود معاً، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في الصحف العربية في حينه.

وفي أثناء كلمة له في القمة، وصف القذافي الفلسطينيين بأنهم أغبياء، ما جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يفرط في الضحك، وسط دهشة الزعماء العرب.

في قمة دمشق العام 2008، أظهر وزير الخارجية السوري وليد المعلم في المؤتمر الصحافي الافتتاحي لاجتماعات وزراء الخارجية على هامش قمة دمشق، قدرة لافتة على استخدام عبارات وتراكيب لغوية تنطوي على مضامين سياسية، فقد قال المعلم في عبارة (ملغمة) لا تخلو من الإيحاء، بأنه يريد المحافظة على (شعرة موسى) تعليقا على إجابة الأمين العام السابق للجامعة العربية (عمرو موسى)، على احد الأسئلة.

وتمكن مصور ذكي أثناء قمة دمشق، من التقاط صورة لوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة وهو يقرأ مطبوعة ملونة بالمقلوب أمام الكاميرا، ليعلق أحد الصحافيين اللبنانيين بأن زيباري يملك قدرات خاصة جدا من بينها القراءة بـ( المعكوس).

وفي قمة دمشق خاطب القذافي الزعماء العرب قائلا: (الدور جاي عليكم بعد إعدام صدام على يد أميركا والغرب).

ونشبت مشادة كلامية بين القذافي والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز خلال قمة الدوحة العام 2009 حين تبادل الاثنان ألفاظا قاسية.

واعتبر الوفد السعودي كلام القذافي اهانة لرئيس الوفد الذي سارع بمغادرة قاعة الاجتماع. لكن الرئيس السوري بشار الأسد قفز من مقعده ليلحق بالقذافي ملتمساً عودته، ولكن الزعيم الليبي رفض ذلك.

وكان القذافي قد قاطع كلمة أمير قطر فجأة‏,‏ ووجه حديثه إلي خادم الحرمين، وسط اعتراض من الشيخ حمد وانقطاع لبث الصوت، قائلا‏:‏ ست سنوات وأنت هارب وخائف من المواجهة‏,‏ وأريد أن أطمئنك بألا تخاف‏,‏ وقد ثبت أنك أنت الذي الكذب وراءك والقبر أمامك‏,‏ وأنت هو الذي صنعتك بريطانيا‏,‏ وحاميتك أمريكا‏!!‏

وتابع القذافي‏:‏ احتراما للأمة أعتبر المشكل الشخصي الذي بيني وبينك قد انتهي‏,‏ وأنا مستعد لزيارتك وأنت تزورني‏..‏ أنا قائد أممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقيا وإمام المسلمين‏..‏ مكانتي العالمية لا تسمح لي بأن أنزل لأي مستوي آخر‏!‏

ووفق التقارير فإن الزعيمين قد تقابلا لمدة نصف ساعة في جلسة مغلقة في وقت لاحق من ذلك اليوم، بحضور امير قطر وتمّ التوصل إلى نوع من الصلح يرضي الطرفين.

في قمة سرت في ليبيا العام 2010، أثارت القيادة الليبية جدلا كبيرا بين الأوساط السياسية والإعلامية حين أبدت عزمها على تمجيد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بإقامة نصب تذكاري له في مدينة طرابلس، ما أثار استنكار الحكومة العراقية ورفضها المشاركة في القمة إلا إذا عدلت الحكومة الليبية عن مشروعها. وكان من ضمن البرامج اليومية التي أعدتها طرابلس للزعماء العرب، زيارتهم لنصب الرئيس العراقي المخلوع.

وشهدت القمة أيضاً سخرية الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي من الوزن الزائد لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حيث قال في كلمة له في افتتاح القمة إن الشيخ حمد اقدر على (ملء الفراغ) منه، ساخرا من (جسمانية) الشيخ حمد، وتلافى حمد الموقف بمحاولته سؤال من حوله عن خلل في الصوت لم يتح له سماع الكلام كاملاً.

ومن ابرز ما شهدته قمة سرت تكرار إطلاق زغاريد السيدات داخل القاعة، ما استدعى تدخل رجال الأمن خصوصا وان بعض الزعماء وضعوا أصابعهم داخل آذانهم كتعبير عن استيائهم من حدة الأصوات التي كسرت هدوء القاعة.

والقمم العربية فرصة لأصحاب السخرية العرب لتأليف النكات والنوادر حول الرؤساء والملوك والامرا، وواحدة من هذه النوادر هي ما يطلق عليه (دعاء اختتام القمة العربية) والذي فيه:

اللهم ثبتنا على كراسينا، وبارك لنا فيها، واجعلها الوارث منا، واجعل ثأرنا من شعبنا، وانصرنا على من عارضنا، ولا تجعل مصيبتنا في حُكمنا، ولا تجعل راحة الشعب أكبر همنا ولا مبلغ عِلمنا، ولا الانقلاب العسكري مصيرنا، واجعل القصر الرئاسي هو دارنا ومستقرنا.

اللهم أني أبرأ إليك من الاستعانة في حكم شعبي بأحد، ولا حتى بصديق، ولا برأي الجمهور، اللهم أني أعوذ بك من كرسي يُخلع، ومن شعب لا يُقمع، ومن صحيفة لا تُمنع، ومن خطاب لا يُسمع، ومن مواطن لا يُخدع، وأعوذ بك من أن أجلس على الكرسي ثم أقوم أو أ ُقام عنه.

القمة العربية بحماية 100 ألف جندي

في بغداد أكدت الحكومة العراقية اكتمال الاستعدادات لاستقبال الوفود المشاركة في القمة العربية، المقرر عقدها في بغداد أواخر مارس/ آذار الجاري، وسط أنباء عن نشر ما يقرب من 100 ألف جندي وعنصر أمن، لتأمين مقر انعقاد القمة، التي تعول العراق عليها كثيراً، للعودة إلى "بيت العرب."

ونظمت أمانة بغداد جولة لعدد من الصحفيين والإعلاميين داخل مقر انعقاد القمة العربية، للوقوف على الاستعدادات الجارية في العاصمة العراقية، لاستضافة القمة التاريخية، التي من المتوقع أن يحضرها نحو 14 من رؤساء وملوك الدول العربية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الحكوميين في مختلف الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية.

ونقلت تقارير إعلامية محلية عن أمين بغداد، صابر العيساوي، قوله إن الطرق والحدائق والقاعات أصبحت مؤهلة لاستقبال ضيوف القمة، المقرر انعقادها في 29 من الشهر الجاري، وهي ثالث قمة تستضيفها العاصمة العراقية، بعد قمتي 1978 و1990.

إلى ذلك، أفادت التقارير، نقلاً عن مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، باكتمال نشر القوات الأمنية المكلفة بحماية أمن وسلامة الزعماء والقادة العرب، مبينا أن تلك القوات تعمل تحت إدارة القادة الأمنيين وبإشراف مباشر من رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة.

وقال الناطق باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وقيادة عمليات بغداد، العقيد ضياء الوكيل، في تصريحات أوردتها وكالة كردستان للأنباء "آكانيوز"، إن "الخطط الأمنية تكاملت، وهي كفيلة بحماية أمن وسلامة الزعماء والقادة العرب."

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، قد أكد في وقت سابق استكمال الاستعدادات الفنية والإدارية والتنظيمية واللوجستية، الخاصة باستضافة القمة العربية الثالثة والعشرين في العراق، خلال الفترة من 27 إلى 29 مارس/ آذار الجاري.

على الصعيد ذاته حظر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يتظاهر أنصاره بانتظام ضد البحرين والسعودية الاحتجاجات أثناء قمة الجامعة العربية التي تعقد هذا الشهر على أمل تجنب مشاهد يمكن ان تحرج الحكام الخليجيين وبغداد التي تستضيف القمة.

لكن القمة تغامر بجذب الانتباه للعلاقات الفاترة بين العراق --الذي تقطنه أغلبية شيعية وتقوده حكومة يتزعمها الشيعة -- والدول العربية الخليجية التي تحكمها جميعا أسر سُنية.

ونظم آلاف من أنصار الصدر مظاهرات ضد الأسر الحاكمة في الخليج بسبب أحداث البحرين التي دعت قوات من السعودية ودول خليجية اخرى العام الماضي لسحق الاحتجاجات التي نظمها الشيعة.

وفي أحدث المظاهرات أحرق أنصار الصدر أعلام السعودية والبحرين ورددوا هتافات معادية للبلدين. وذكر موقع مقتدى الصدر على شبكة الانترنت الذي تشارك حركته في الائتلاف الحاكم ان رجل الدين أمر أنصاره بعدم تنظيم احتجاجات اثناء القمة.

وذكر الموقع ان الصدر أكد ان استضافة الشعب العراقي للزعماء العرب يقتضي الالتزام تماما بكل متطلبات الضيافة. وأضاف انه لذلك عارض الصدر اولئك الذين يريدون التظاهر أثناء القمة بشأن قضايا محددة مشيرا الى ان المضيف الحقيقي هو الشعب العراقي وليس الحكومة.

ولم يتأكد حتى الآن عدد الزعماء العرب الذين سيحضرون القمة. ويمكن أن يكون الامن ذريعة للبعض لعدم الحضور. وسيرسل العراق قوات اضافية تضم الاف الجنود لاغلاق بغداد ويؤكد ان العاصمة ستكون امنة.

وسيكون احتمال تنظيم مظاهرات ضد الدول العربية الخليجية مسألة بالغة الحرج لزعماء لا يتساهلون مع الاحتجاجات في الداخل ولم يتعودوا على مواجهة العداء عند زيارة دول عربية أخرى.

وقال خالد الاسدي النائب بكتلة دولة القانون التي يتزعمها الشيعة ويقودها المالكي ان المظاهرات علامة على التعددية السياسية وهي من أوجه قوة العراق لكن جميع الكتل السياسية الاخرى ملتزمة بنجاح القمة.

وقال انه يجب فهم ان العراق دولة ديمقراطية وان الحكومة لا يمكنها ان تحظر أي مظاهرة. وأضاف قوله ان الاخوة العرب بدأوا يدركون ان العراق ديمقراطي وانه توجد تعددية هناك.

وقال المحلل السياسي ضياء الشكرجي انه لن تكون هناك مفاجأة اذا غاب كثير من الزعماء العرب عن القمة. وقال انه لا يعتقد ان عدد الرؤساء العرب الذين سيحضرون المؤتمر سيكون كما يأمل العراق. وأضاف ان الجامعة العربية لها موقف سلبي نحو العراق لسببين أولهما ان التغيير في العراق يعني ان العراق سيكون به نظام ديمقراطي ومعظم الدول العربية ليست ديمقراطية والثاني هو ان الشيعة يحكمون العراق بصفتهم الغالبية.

استعادة دور العراق

من جهته اعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني ان انعقاد القمة العربية في بغداد يمثل "رسالة مهمة" لاستعادة "الدور الريادي والمحوري" للعراق في الشرق الاوسط والعالم العربي. وقال طالباني بحسب ما جاء في بيان نشر على موقع الرئاسة العراقية ان "انعقاد القمة العربية القادمة في بغداد هي رسالة مهمة من اجل استعادة الدور الريادي والمحوري الذي يمثله العراق على الصعيد العربي والاقليمي". واضاف ان استضافة القمة العربية تشكل "انعطافا تاريخيا في تعزيز مكانة العراق الجديد واحتضانه لجميع العرب".

واكد طالباني خلال لقاء مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي "اهمية مواصلة بذل كل الجهود وتهيئة الاجواء اللازمة لانجاح هذا المؤتمر" العربي. وفي الوقت نفسه قام رئيس الوزراء نوري المالكي بتفقد القاعات التي ستحتضن القمة العربية حيث اثنى على "الجهود المبذولة من قبل الجهات المشرفة" التي اكدت له "اكتمال التحضيرات والاجراءات الخاصة بانعقاد المؤتمر"، وفقا لبيان صادر عن مكتب المالكي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/آذار/2012 - 6/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م