الجفاف... معارك مؤجلة بين دول العالم

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: تحولت ازمة المياه وانتشار الجفاف في بقع كثيرة من العالم في الآونة الاخيرة الى ازمة عالمية تهدد الامن الغذائي للملايين من البشر بعد ان تضاءلت المساحات الخضراء والمزروعة نتيجة للجفاف، اضافة الى امكانية حصولهم على مقدار كافي من مياه الشرب لهم ولحيواناتهم الداجنة.

وقد تحول امر تقاسم المياه المشتركة بين الدول الى صراع ربما يهدد بانفجارات مستقبلية كبيرة، خصوصاً وان الامن المائي والحصول على المقدار الكافي منه من الاولويات المهمة لدى الدول سيما وان التقارير والدراسات العلمية الحديثة اكدت على ان ازمة الجفاف وانخفاض مناسيب المياه الصالحة للشرب اخذت بالارتفاع بصورة خطيرة، الامر الذي ولد الرغبة لدى بعض الدول في تحصين امنها على حساب البعض الاخر، ولعل هذا الامر هو ما يحدث في الصراع القائم على نهري دجلة والفرات ونهر النيل وغيرها من الانهر المهمة والحيوية.

فيما دأبت بعض الدول على اتباع بعض التقنيات الحديثة وطرق الري الحديث من اجل تعويض النقص الحاصل لديها في امدادات المياه ومكافحة الجفاف لديه، كما حرصت منظمات اممية على تبني قرارات دولية والحث على العمل الجماعي للحد من ظاهرة الفقر المائي وتوفير فرص الحياة، خصوصاً لدى الدول التي تعاني من الاضطرابات الداخلية والنزوح والحروب والفقر وليس لها الامكانية في تحسين الوضع المائي لديها.    

العراق وتبني تقنيات الري الحديثة

اذ سوف تستمر مستويات المياه غير المستقرة في نهري دجلة والفرات، المصدران الأساسيان للمياه السطحية في العراق، في إعاقة التنمية الزراعية ما لم يتم الاتفاق مع البلدان المجاورة على ضمان فرص أكثر عدلاً للوصول إلى المياه، واتباع تقنيات الري الحديثة على نطاق أوسع للحد من الهدر، حسب مسؤول حكومي، وأضاف عبد الرزاق جاسم حسون، رئيس إدارة الإحصاء الزراعي في وزارة التخطيط، أنه "يجب على العراق اتخاذ خطوة قانونية بمساعدة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي لتحديد حقوقه المائية مع هذه الدول، كما يجب أن نبدأ في استخدام تقنيات الري الحديثة لأننا لا نزال نستخدم الطرق التقليدية القديمة التي تتسبب في هدر كبير للمياه"، وتشجع وزارة الزراعة على استخدام نظم الري الحديثة، خصوصاً تقنية الري بالتنقيط والرش، وحسب نائب وزير الزراعة، رياض القيسي، يحتاج هذا النظام ما بين 4 و6 سنوات للاستكمال، ويمكنه أن يوفر 3،6 مليار متر مكعب من المياه سنوي، وقد حاول العراق منذ عام 2003 التوصل إلى اتفاق مع تركيا وسوريا وإيران بشأن حصص المياه، ولكن لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى الآن، وترى الدول الثلاث أن حاجتها المتزايدة للمياه بسبب الجفاف تجعل من المستحيل التوصل إلى اتفاق، وتحث العراق على اعتماد تقنيات الري الحديثة بدلاً من طلب تعديل حصص المياه. بحسب ايرين.

ومن الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء العراقي فوض وزير الشؤون الخارجية في شهر ديسمبر الماضي لقيادة المفاوضات مع تركيا وسوريا من أجل التوصل إلى اتفاق لتقاسم المياه، ولكن حتى الآن لم يتم عقد أية اجتماعات، وفقاً لتصريحات المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، علي هاشم، الذي ذكر أن العراق قام في 20 فبراير بالتوقيع على مذكرة تفاهم غير ملزمة مع إيران لتفعيل اللجان المشتركة المعنية بقضايا المياه، وأضاف "إننا نأمل أن يؤدي هذا إلى اتفاقات في المستقبل"، كما يخطط الوزير أيضاً إلى زيارة تركيا "في القريب العاجل"، وصرح حسون، رئيس إدارة الإحصاء الزراعي في وزارة التخطيط، بأنه "من الواضح الآن أن الموارد المائية في العراق، التي تأتي من نهري دجلة والفرات بشكل رئيسي، تتناقص باستمرار بسبب السدود الضخمة التي يجري بناؤها في تركيا وسوريا"، ووفقاً لوزارة الموارد المائية، تم بناء 22 سداً و19 محطة طاقة كهرومائية على نهر الفرات في تركيا، بينما شيدت سوريا 5 سدود، ويملك العراق 7 سدود على نفس النهر، وأشارت وزارة التخطيط في تقرير أصدرته مؤخراً إلى أن معدلات تدفق المياه في نهري دجلة والفرات تفاوتت بشكل كبير منذ عام 2003. ووصل أعلى معدل تدفق في نهر الفرات، الذي يبلغ طوله 2،700  كيلومتر، إلى 27،4 مليار متر مكعب في عام 2003، قبل أن ينخفض إلى أدنى مستوى له، وهو 14،7 مليار متر مكعب، في 2008، ثم ازداد إلى 19،3 مليار متر مكعب في عام 2010.

أما في نهر دجلة، الذي يبلغ طوله 1،900 كيلومتر، فقد بلغ متوسط تدفق المياه 49،48 مليار متر مكعب في عام 2003، ثم انخفض إلى أدنى مستوى له، وهو 20،37 مليار متر مكعب، في 2008، قبل أن يرتفع مرة أخرى إلى 47،7 مليار متر مكعب في عام 2010، وللنهر رافدان يدخلان العراق من إيران، وأكد التقرير أن مستويات المياه غير المستقرة، إلى جانب التنمية النفطية والخطط الزراعية، قد أثرت سلباً على انتعاش الأهوار في جنوب العراق. حيث كانت الأهوار (التي تقع في محافظات الناصرية وميسان والبصرة) تغطي 8،350 كيلومتراً مربعاً في بداية سبعينيات القرن الماضي، ولكنها تقلصت بنسبة 90 بالمائة بحلول عام 2003 بعد هجمات صدام حسين الانتقامية على المجتمعات الشيعية في المنطقة، وأضاف التقرير أن الأهوار استعادت 63،4 بالمائة من مساحتها في عام 2006، ثم ارتفعت النسبة إلى 70،1 بالمائة من مساحتها في عام 2008، ولكنها عادت وانخفضت إلى 45 بالمائة بحلول عام 2010، ومن جهتها ذكرت الأمم المتحدة أن مستويات المياه في النهرين قد انخفضت إلى أقل من ثلث قدرتهما الطبيعية منذ عام 2003، وأن 20 بالمائة من الأسر العراقية تستخدم مياه شرب غير مأمونة المصدر، بينما يقول 16 بالمائة من السكان أنهم يواجهون مشاكل يومية في الحصول على المياه.

وأضافت الأمم المتحدة في تقريرها الصادر في 2011 بشأن المياه في العراق أن 43 بالمائة فقط من سكان المناطق الريفية يحصلون على مياه شرب مأمونة، وأن المياه المخصصة للزراعة تبقى نادرة وذات نوعية رديئة في كثير من الأحيان، وهو الوضع الذي تسبب في مغادرة العديد من القرويين لمجتمعاتهم الريفية بحثاً عن المياه وسبل العيش، مما أدى إلى زيادة التوسع في المناطق الحضرية، وأثر انخفاض مستويات المياه في النهرين، وقلة الأمطار، وارتفاع مستويات ملوحة التربة إلى حد كبير على الزراعة والثروة الحيوانية في العراق، حسب القيسي، الذي أضاف أن العراق اضطر منذ عام 2007 إلى خفض عدد الهكتارات المستخدمة في زراعة القمح والأرز والخضروات بسبب نقص المياه، ومنذ عام 2008، تم حصر المنطقة المزروعة بالأرز في محافظات النجف والديوانية والمثنى، ووفقاً لإحصاءات وزارة التجارة، يستهلك العراق ما يزيد قليلاً عن 1،2 مليون طن من الأرز في السنة، ولكن إنتاج العام الماضي بلغ 83،000 طن فقط، كما يستهلك العراق أيضاً 4،4 مليون طن من القمح سنوياً، لا ينتج منها سوى حوالي 1،75 مليون طن على المستوى المحلي.

القرن الأفريقي ومواجهة الجفاف

فيما حذر علماء المناخ الذين اجتمعوا في كيغالي، عاصمة رواندا، أنه من المرجح أن يعود الجفاف إلي الصومال وأجزاء أخرى من القرن الأفريقي على مدى الأشهر الثلاث المقبلة، وتأتي التوقعات بعد أسابيع قليلة من إعلان الأمم المتحدة انتهاء حالة "المجاعة" في الصومال، وفي هذا السياق، قال لابان أوجالو، مدير مركز التنبؤ بالمناخ وتطبيقاته التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) والذي يقوم بتقديم تنبؤات عن المناخ بمنطقة القرن الأفريقي، أن "هناك احتمالاً كبيراً لعودة الجفاف لأجزاء كبيرة من القرن الأفريقي، حيث بدت ندرة الأمطار واضحة في جميع أنحاء الصومال، وجيبوتي، وشمال كينيا، وجنوب وشرق وشمال شرق أثيوبيا"، وأضاف أوجالو: "لقد أعلنا عن تخوفنا، والأمر الآن متروك للحكومات، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام للاستعداد لمواجهة أسوء السيناريوهات حتى إذا لم يحدث الأسو، فليس هناك ضرر من الاستعداد، ويجب أن ندرك أن العديد من تلك المناطق تواجه بالفعل الأثر التراكمي لموجات الجفاف العديدة"، ومن جهته، قال يوسف أيت شلوش، نائب المنسق الإقليمي للاستراتيجية الدولية للأمم المتحدة للحد من الكوارث، أن آلية المواجهة لدى سكان معظم المناطق التي عانت من الجفاف الشديد خلال عامي 2010-2011 تكاد تكون منعدمة، وأضاف أنه سيلتقي خلال الأيام المقبلة مع مديري مخاطر الكوارث من مختلف البلدان والوكالات لوضع خطة للعمل المبكر. بحسب ايرين.

وجاء في قول يوسف: "لا يمكننا الانتظار حتى يتوافد النازحون على مخيم داداب مرة ثانية، ويجب أن نتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة الآن، فنحن بحاجة لإيجاد سبل لتأمين الثروة الحيوانية وتقديم التحويلات النقدية للأشخاص في الوقت الحالي، وهذه بعض الدروس المستفادة من موجة جفاف العام الماضي"، وقضى العلماء المعنيون ثلاثة أيام من المناقشات حول بيانات هطول الأمطار ودرجات الحرارة، وحالة تيارات المحيط وقوة ظاهرة النينا من أجل التوصل إلى توقعات يتم طرحها في المنتدى الثلاثين لتوقعات مناخ القرن الافريقي الأكبر في كيغالي، وأوضح أوجالو أن نشاط الأعاصير المتزايد الذي تم تسجيله فوق المحيط الهندي في الأسابيع القليلة الماضية كان أحد العوامل الرئيسية التي ساعدت على سحب الرطوبة بعيدا عن منطقة القرن الأفريقي، وأضاف، مشيراً إلى الأعاصير الأخيرة التي تم تسجيلها بالقرب من مدغشقر، أن "المحيط الهندي دافئ إلى حد ما في الوقت الحالي وسيستمر كذلك على مدي الأشهر القليلة القادمة"، من جهته، أفاد أندرو كولمان، من مركز هادلي التابع لمكتب الأرصاد الجوية البريطاني، وفادلاماني كومار، من الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي التابعة للحكومة الأمريكية، أن آثار ظاهرة النينا شكلت بدورها عاملاً مساعداً في قلة الأمطار في القرن الإفريقي.

وتحدث ظاهرة النينا عندما يبرد سطح الجزء الأوسط والشرقي من المحيط الهادي -أكبر مسطح مائي في العالم- مخلفاً تأثيراً مناخياً في الأقاليم الأخرى من العالم، وقد سجلت ظاهرة النينا أشد قوة لها على الإطلاق في عامي 2010-2011 مما جعل أجزاء من القرن الأفريقي تواجه أشد فترة جفاف لها منذ ستين عام، وفي هذا السياق، قال بيتر أمبينجي، نائب مدير إدارة الأرصاد الجوية الكينية: "إننا في مرحلة انتقالية: إذ يبدو أن ظاهرة النينا تخمد ولكنها دائما ما تحدث نوعاً من الفوضى (من ناحية الطقس) خلال تلك الفترة، وهناك توقعات بهطول "أمطار شبه عادية إلى أقل من العادية" في مناطق جنوب وشرق وشمال تانزانيا، وبورندي، ورواندا، وأوغندا، وغرب وجنوب كينيا، وهو ما يعني أن التوقعات غير مبشرة، قال أمبنجي: "لقد سجلنا بالفعل بعض أعلى درجات الحرارة التي تم تسجيلها خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية في شمال كينيا في يناير 2012"، مضيفاً أن الحكومة تخطط بالفعل لتدابير طارئة حيث سيحتاج "الناس للمياه كما ستحتاج ماشيتهم إلى حماية"، من جهتها، أفادت شبكة نظم الإنذار المبكر من المجاعة التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أنه ينبغي توقع هطول أمطار غير منتظمة في جنوب الصومال وجنوب شرق كيني، وسيتم خلال الأسابيع القادمة الإعلان عن توقعات مفصلة.

ومن الممكن أن يواجه الرعاة الإثيوبيون في المناطق الصومالية والمجتمعات الرعوية الزراعية في جنوب أوروميا أوقاتاً صعبة، غير أن دولا شانكو، رئيس قسم الأرصاد الجوية الإثيوبية، أفاد أنه من المتوقع أن تكون موجة الجفاف أقل حدة من العام الماضي نظراً لهطول أمطار جيدة على عدة أجزاء أثيوبيا في نهاية عام 2011، من جهته، قال عثمان سعد سعيد، رئيس قسم الأرصاد الجوية في جيبوتي، أن بلاده تواجه بالفعل نقصاً في المياه. حيث أن شخصاً من بين كل 8 أشخاص بالبلاد كان بحاجة إلى مساعدات طارئة في عام 2011 حسب الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، وأضاف سعيد: "نحن نقوم بالفعل بحفر المزيد والمزيد من الآبار في المدينة"، وفي حين أشار العديد من خبراء الكوارث إلى الاستجابة البطيئة من قبل الحكومات والجهات المانحة لتوقعات الإنذار المبكر لموجة الجفاف في القرن الأفريقي في عام 2010-2011، قال عباس جوليت، السكرتير العام للصليب الأحمر الكيني، أن منظمته استجابت للتحذير وأطلقت نداءً في بداية عام 2011 ولكنها لم تستطع جمع الموارد الكافية بسبب فشل الحكومة في دق نواقيس الخطر الرسمية.

ولم تتمكن من جمع بعض التمويل إلا بعد أن توجهت للناس لاحقاً خلال العام كجزء من حملة "كينيا للكينيين"، وكان من بين المشكلات التي تم إبرازها عدم وجود صلة بين الإنذار المبكر والعمل المبكر، حيث أفاد أحد عمال الإغاثة أنه "لا يوجد إطار عمل يسمح بصرف الأموال عندما يتم دق ناقوس الخطر"، في حين أشار عامل إغاثة آخر إلى ضرورة "اتخاذ الحكومات والسكان لإجراءات وقائية من تلقاء أنفسهم وعدم انتظار الجهات المانحة لتقدم لهم الأموال"، وفي السياق نفسه، قال مارتن فان آلست، مدير مركز المناخ في جمعية الهلال والصليب الأحمر والمؤلف الرئيسي المنسق للتقرير الخاص الموجز حول إدارة أخطار الكوارث والأحداث غير العادية السابقة لتغير المناخ: "سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيفية قيام الجهات المانحة والجهات الفاعلة في المجال الإنساني بإدراج تلك المعلومات في عملية صنع قراراتهم"، وكانت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد قامت بإصدار التقرير في عام 2011، وأضاف مارتن أنه "نظراً لاعتدال التوقعات، أعتقد أن أفضل الخيارات تتمثل في استثمارات تستهدف بصورة خاصة المناطق المعرضة للخطر والتي تعاني من أزمة حالية، وكذلك الرصد السليم حتى تكون زيادة المتابعة سريعة عند الحاجة إليها".

المحيطات تزداد حموضة

الى ذلك وجدت دراسة جديدة أن المحيطات تزداد حموضة بشكل أسرع مما كان قبل 300 مليون عام أثناء حصول عدة انقراضات جماعية، وذكر موقع "لايف ساينس" الأميركي أن باحثين في جامعة "كولومبيا" وجدوا أن زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو تزيد حرارة الكوكب وتجعل المحيطات أكثر حموضة، وهذه التغييرات ترتبط بتحولات في المناخ وبانقراضات جماعية، ولفت الباحثون إلى أنه في حين ان ارتفاع معدلات ثاني أكسيد الكربون نتج سابقاً عن البراكين وأسباب طبيعية أخرى، فإن الارتفاع الحالي سببه أنشطة البشر، وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة "نحن نعرف أن الحياة سابقاً خلال فترة حموضة المحيطات لم تنته، وتطورت أنواع (من النباتات والحيوانات) كبديل عن التي ماتت، لكن في حال تواصل انبعاث الكربون الصناعي بالوتيرة الحالية، فإننا قد نخسر الكائنات الحية التي نهتم بشأنها مثل الشعاب المرجانية والمحار والسلمون"، ومع تزايد معدلات ثاني أكسيد الكربون في الجو، تمتص المحيطات هذا الغاز الذي يتحوّل إلى حمض الكربون، وبالتالي تصبح المياه أكثر حموضة، ما يحلل الكربونات التي تحتاجها بعض الكائنات الحية مثل الشعاب المرجانية والمحار والدويدات الصغيرة التي تقتات عليها أسماك السلمون، وقال العلماء إن المحيطات حالياً تزيد حموضة أسرع 10 مرات على الأقل من قبل 56 مليون عام. بحسب يونايتد برس.

الامم المتحدة تبحث مياه اكثر امنا

من جهتها قالت الامم المتحدة مؤخراً ان الدول النامية حققت بالفعل هدفها لعام 2015 بتقليل عدد الناس المحرومين من الحصول بطريقة منتظمة على مياه شرب محسنة بشكل جذري لكن الكثير من الجهود في ذلك المجال تحققت في الهند والصين، وقال صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة في تقرير مشترك انه على الرغم من ان هدف المنظمة الدولية بخفض عدد الاشخاص المحرومين من مياه انظف الى النصف تحقق مبكرا الا ان هدف الوصول الى تحسن مماثل على صعيد الصرف الصحي بحلول 2015 لن يتحقق على الارجح، وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون في التقرير "بعض المناطق خاصة افريقيا جنوبي الصحراء تتخلف عن الركب"، واضاف "غالبا ما يفتقد الكثير من سكان الريف والفقراء التحسينات على صعيد مياه الشرب والصرف الصحي"، وتابع "تقليل هذه الفوارق ينبغي أن يكون اولوية"، وهدفا تحسين الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي جزء من اهداف تنمية الالفية وهي حزمة من الاهداف التي تبناها زعماء العالم في الامم المتحدة عام 2000 لمكافحة الفقر والجوع والمرض في الدول الفقيرة، وذكر التقرير ان اكثر من ملياري شخص اصبح متاحا لهم الحصول على ما تصفها الامم المتحدة بمصادر المياه "المحسنة" من 1990 الى 2010 بينما اصبحت نسبة سكان العالم الذين لا يزالون يستخدمون مصادر مياه غير امنة حاليا 11 بالمئة فقط انخفاضا من 24 بالمئة في 1990.

وعلى الرغم من ذلك يحمل التقرير تحذيرا بين طياته. فبينما تتحدث اهداف تنمية الالفية عن الحصول على مياه شرب امنة يشير تقرير الامم المتحدة الى الحصول على مصادر مياه "محسنة" وهناك اختلاف جوهري بين الامرين، ويعرف التقرير مصادر المياه المحسنة على انها تلك المصادر المحمية من التلوث الخارجي خاصة مخلفات الصرف الصحي لكن ربما لا تكون المياه التي تحتويها تلك المصادر امنة للشرب، وحذر التقرير ان "من المرجح ان عدد الناس الذين يستخدمون امدادات مياه امنة مبالغا فيه"، وهناك ايضا فوارق كبيرة جغرافيا اذ يحصل 90 بالمئة او اكثر على مياه شرب محسنة في امريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وشمال افريقيا ومعظم انحاء اسيا بينما يحصل 61 بالمئة فقط على مصادر مياه اكثر امنا في منطقة افريقيا جنوب الصحراء، وبشكل عام في العالم النامي فان 86 بالمئة يحصلون بشكل منتظم على مياه اكثر امن، لكن في الدول الافقر التي توصف بأنها "الاقل نموا" فان 63 بالمئة فقط ليهم مياه افضل، ويعني ذلك حسبما ورد في التقرير ان هدف مياه الشرب لم يتحقق لاكثر من 780 مليون شخص. بحسب رويترز.

وقال البنك الدولي الاسبوع الماضي ان الدول النامية حققت بالفعل فيما يبدو هدف الامم المتحدة بخفض نسب الفقر المدقع الى النصف في الدول الاكثر فقرا بحلول 2015 وذلك بفضل الازدهار الاقتصادي في الصين بشكل رئيسي، وبالمثل فان كثيرا من التحسينات على صعيد الحصول على المياه تنسب الى الصين ومعها الهند، وقال التقرير "تقدم الهند والصين، يمثل ما يقرب من نصف التقدم العالمي نحو هدف مياه الشرب"، واضاف "اذا كان العالم النامي هو المعني فقط فان الصين والهند تمثلان اكثر من نصف الناس الذين حصلوا (على مصادر للمياه("، واشار التقرير الى عدم وجود غرابة في ذلك لان البلدين بهما 46 بالمئة من سكان العالم النامي، وعلى الرغم من ظهور تحسن على صعيد هدف متصل لتحسين الحصول على صرف صحي ملائم فان العالم النامي لا يسير على مسار تحقيق هذا الهدف، وذكر التقرير "عالميا فان 63 بالمئة من الناس يستخدمون مرافق صرف صحي محسنة بزيادة قدرها 1.8 مليار شخص تقريبا منذ 1990"، ووفقا لمعدل التقدم الحالي يقول التقريران 67 بالمئة من العالم سيحصل على صرف صحي افضل وهو ما يقل عن الهدف المتفق عليه لعام 2015 وهو 75 بالمئة، وقالت باربره فروست مديرة جماعة النشطاء "ووتر ايد" في بيان بشأن تقرير الامم المتحدة "في ظل ان امراض الاسهال الناتجة عن الصرف الصحي غير الملائم هي اكبر قاتل للاطفال في افريقيا حاليا فانه ينبغي تحسين التقدم."

النازحون في اليمن يفتقرون للمياه

في سياق متصل ترك عبد الله المراني وزوجته وأطفاله التسعة الكهوف التي كانوا يحتمون بها في منتصف فبراير وعادوا إلى بلادهم، ولكن الحياة لم تكن أفضل كثيرا في ديارهم بقرية شعب بمديرية أرحب، على بعد 30 كم شمال شرق العاصمة اليمنية صنعاء، وهم يعيشون في الغرفة الوحيدة التي لا زالت تحظى بسقف في منزلهم المكون من طابقين بعدما تضرر المنزل بشدة أثناء الاشتباكات التي دارت بين قوات الحرس الجمهوري (التي يقودها العميد أحمد علي نجل الرئيس السابق على صالح) ومسلحين من المعارضة، وقد قرر المراني أن يعود هو وأسرته إلى منزله بعدما هدأ القتال في أعقاب اتفاق نقل السلطة في نوفمبر 2011، وفي حديثه قال المراني: "هذه هي الغرفة الوحيدة التي نجت من الصراع، في حين أصبحت جميع الغرف الأخرى والمطبخ والحمامين أنقاض، لقد أصبحنا مضطرين لقضاء حاجتنا في الهواء الطلق"، مضيفاً أنهم أصبحوا أيضاً مضطرين لصد الأفاعي والجرذان والعقارب، ويعتبر القات مصدر الدخل الرئيسي للأسرة، لكن محصولهم منه تدهور بعدما عجزوا عن الاعتناء به نتيجة أعمال العنف، وقال المراني أن "المساعدات الغذائية التي نتلقاها من منظمات الإغاثة غير كافية بالنسبة لنا جميع، فنحن نستطيع تحمل الجوع وتفويت الوجبات لكن أطفالنا الصغار لا يستطيعون ذلك"، وكانت عمليات النزوح التي استمرت لمدة سبعة أشهر تقريبا قد تسببت في تعثر الإنتاج الزراعي بشدة في المحافظة بما في ذلك إنتاج البرتقال والعنب والحبوب. بحسب ايرين.

وفي هذا السياق، قال عبد العليم الحمدي، رئيس جمعية أرحب الخيرية الاجتماعية، وهي منظمة غير حكومية محلية أن معظم الأسر التي بلغ عددها 1500 والتي فرت من المنطقة واحتمت في الكهوف القريبة أو في محافظة عمران تعتمد على المياه التي يتم ضخها لري مزارع القات الخاصة به، من جهته، قال كناف الظاري، وهو مزارع قات بقرية مجاورة: "إننا نجد ما يكفي من المياه للاستخدام المنزلي بصعوبة، فكيف يمكننا أن نروي النبات إذا زرعنا حقولنا"، وأفاد منصور الحنيك، عضو البرلمان عن أرحب، أنه تم تدمير أو إتلاف نحو 25 بئراً في المنطقة، مضيفاً أن "أياً من هذه الآبار لا تعمل في هذه الأيام. وفي بعض القرى مثل قرية شعب تمت سرقة مضخات المياه"، من جهته، أفاد الشيخ صالح المراني، من قرية شعب، أنه حتى إذا تم إصلاح الآبار، فإن القات يحتاج إلى شهرين من الزراعة قبل أن يمكن إنتاج محصوله وفي حالة العنب يحتاج المحصول إلى ستة أشهر"، وفي حديثه قال عبد الخالق الرجاوي، من جمعية أرحب الخيرية الاجتماعية، أن ما يقرب من 80 % من العائلات عادت إلى ديارها في بعض قرى المديرية لشعب، ولكن بعض القرى الأخرى لا تزال تشهد اشتباكات متقطعة بين قوات الحرس الجمهوري وعناصر مسلحة من المعارضة، وأضاف أن "معظم الأسر لم تعد بعد إلى منازلها حتى الآن في هذه القرى بسبب القصف المتقطع".

وقال أدريان جاغيرسما من منظمة فيجن هوب إنترناشيونال أن التقييم الصادر عن المنظمة في يناير 2012 أظهر أن 70 بالمائة من النازحين داخلياً بمحافظة أرحب عادوا إلى ديارهم ولكنهم يفتقرون إلى المياه وغالبا ما يكونون غير قادرين على الزراعة بسبب تحطم الآبار، وتقوم منظمة رؤية الأمل الدولية حالياً بتوزيع المواد الغذائية مثل الدقيق وزيت الطعام والبقوليات والسكر والأرز على الآلاف من النازحين داخلياً العائدين إلى الوطن، وحسب الرجاوي، هناك حالياً وكالتان إنسانيتان تعملان على مساعدة العائدين، وهما منظمة فيجن هوب إنترناشيونال والهيئة السبتية للتنمية والإغاثة وتقدم الوكالتان بعض الأغراض غير الغذائية مثل البطانيات والمراتب، من جهته، أفاد أحمد الرحابي، رئيس تقييم الخسائر المادية في منظمة هود للدفاع عن الحقوق والحريات، أن هناك 500 منزل تعرض للضرر والدمار في محافظة أرحب.

زراعة بدون ماء

من جهة اخرى أعلن الدكتور أحمد فيصل العلوي، المتخصص في علم البكتيريا والأمراض الوراثية، عن تطوير اختراع هولندي بحريني يساهم في الزراعة بالصحراء بدون ماء، واعتماد خصائص بيولوجية للنباتات للبحث عن الماء من أعماق الأرض، وهو النظام الذي ستعتمد عليه قطر كأحد البدائل لزراعة المناطق الشاسعة في أراضيه، وقال العلوي إن التقنية الجديدة "سوف تساهم في انحسار المناطق الصحراوية بنسبة كبيرة بأموال أقل وبمساحة خضراء أكبر"، وأوضح أن "المساحة الزراعية التي تحتاج إلى 50 لتر ماء في اليوم، لا تحتاج مع التقنية الجديدة أكثر من 50 لتر ماء في السنة، وبتكلفة 10 % فقط من النظام العادي المعتمد"، وأضاف، أن النظام الزراعي يعتمد على الري بالماء المستخرج من الأرض، بينما التقنية الجديدة تستفيد من الماء قبل خروجه من الأعماق، بتوجيه جذور الزراعة عمودياً إلى أسفل الأرض بدلاً من التوجيه الأفقي، وجعلها تبحث عن المياه الجوفية بدلاً من اعتمادها على نظام الري، وقال العلوي: "تستعين قطر بهذا الاختراع لزراعة الصحارى القطرية والمناطق المعمارية الشاسعة التي سوف تبنيها خلال الفترة من الآن وحتى العام 2022م، لاستضافة كأس العام." بحسب سي ان ان.

والنظام هو تطوير لاختراع "استعادة الماء" للهولندي بيتر هوف، وهو عبارة عن صندوق لتكثيف الماء يستخدم لزراعة الأشجار الدائمة الخضرة، بعد ملئه بكمية مقدارها 15 لتر ماء، ويدفن مع النبات لمدة عام دون إعادة ريه مرة أخرى، وتعتمد الفكرة تعتمد على تكثيف الماء من الأمطار والرطوبة الجوية، حيث إن الجهاز عبارة عن أسطوانة، توضع في قعرها فتيلة يتم من خلالها التقطير، وتستخدم هذه العملية في التقليل من المساحات العارية من النباتات وزراعة الصحراء.

ونجح الجهاز خلال تجربته في عدة أماكن من الصحراء، وساعد كتقنية في اتساع رقعة الأراضي الخضراء، ومكافحة التصحر، وكتقنية في الري من خلال التعويض عن حفر الآبار والأيدي العاملة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 25/آذار/2012 - 4/جمادى الأولى/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م