نفط العراق... حسابات جديدة وتداعيات اقتصادية فاعلة

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: يعتمد العراق بشكل اساسي على ما توفرة واردات النفط باعتباره شريان الحياة الرئيسي لهذا البلد والذي تشكل عائداته مايقارب94% من عائدات البلاد، ويرى بعض المتخصصين في هذا المجال ان هنالك مساعي جاده من قبل الحكومة العراقية الى تطوير قطاع النفط الذي شهد تراجعا خطيرا بسبب الاوضاع المتقلبة التي شهدها العراق يضاف الى ذلك وجود الكثير من التحديات القائمة والمشاكل السياسية العالقة بهذا الجانب ، وفي هذا المجال اكد وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي ان انتاج العراق اليومي من النفط هو الاعلى منذ 1979، فيما اعلن نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ان الانتاج تجاوز الثلاثة ملايين برميل. وقال لعيبي على هامش احتفالية في وزارة النفط في بغداد ان "الانتاج الحالي من النفط هو الاعلى منذ 1979". من جهته قال الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ان "انتاج النفط الآن تجاوز ثلاثة ملايين برميل في اليوم". وكان العراق ينتج حتى فترة قريبة 2,9 مليون برميل يوميا من النفط، يصدر منها اكثر من مليونين. ويبذل العراق جهودا متواصلة لزيادة معدل انتاجه من النفط. وقد وقعت الوزارة عقودا مع شركات اجنبية لتطوير عشرة حقول تامل ان يصل الانتاج من خلالها الى حوالى 12 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات.

ودشن العراق في شباط/فبراير اول ميناء عائم لتصدير النفط عبر الخليج بهدف زيادة صادراته النفطية، حيث افتتح رئيس الوزراء نوري المالكي عملية ضخ النفط الى الميناء العائم في مقابل منطقة الفاو جنوب البلاد. وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط "ان الوزارة قامت وضمن خطة استباقية بناء هذه الموانئ لمواكبة الزيادات التدريجية الحاصلة في الحقول النفطية، بعد ابرام عقود التراخيص ضمن الجولة الاولى والثانية". واضاف ان "هذه الخطة تهدف الى رفع الطاقة التصديرية والانتاجية للعراق، وهذا المشروع واحد من خمسة موانىء عائمة تقوم وزارة النفط، بتنفيذها". واشار الى ان المشروع سيزيد الطاقة التصديرية بمعدل 850 الف برميل يوميا. وتابع "من المؤمل ان يدشن خلال هذا العام الميناء الثاني، والثلاثة الباقية بالتتابع للوصول الى طاقة تصديرية تصل الى اكثر من خمسة مليون برميل باليوم، من الموانىء الجنوبية، فقط خلال السنوات المقبلة". كما اشار جهاد الى ان المشروع شمل انشاء 16 خزانا، تم الانتهاء من بناء ثمانية منها، بطاقة خزنية تبلع ما بين 300 الى 350 الف برمي. وستمنح هذه الخزانات مرونة اضافية في الطاقة الخزنية للموانىء الجنوبية، وفقا للمتحدث.

وتشكل عائدات النفط 94 في المئة من عائدات البلاد ويملك العراق ثالث احتياطي عالمي من النفط يقدر بنحو 115 مليار برميل بعد السعودية وايران. وبحسب ارقام وزارة النفط، فان العراق حقق 82,988 مليار دولار من صادراته للنفط خلال 2011، بزيادة تبلغ ستين بالمئة عن عائدات 2010. وتشير الارقام ايضا الى ان صادرات النفط بلغت 790,5 مليون برميل خلال العام 2011، فيما كانت 689,9 مليون برميل في العام الذي سبقه. بحسب فرانس برس.

في سياق متصل رشح العراق كبير مستشاري رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير النفط الاسبق ثامر الغضبان لمنصب الامين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، وفقا لبيان رسمي. ونقل بيان حكومي ان "مجلس الوزراء وافق على ترشيح السيد ثامر الغضبان أمينا عاما لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)". وقال مصدر في وزارة النفط ان "العراق يسعى لترشيح الغضبان لهذا المنصب". وسيتنافس الغضبان على تولي المنصب بعد عبد الله البدري الذي تنتهي ولايته نهاية العام الحالي. وتولى الغضبان الذي يشغل حاليا منصب رئيس مستشاري رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، منصب وزير النفط بعد عام 2003. والغضبان حاصل على شهادة الهندسة النفطية من انكلترا وبدأ عمله في شركة نفط الجنوب ثم تولى مناصب عدة بينها رئيس دائرة الدراسات والتخطيط في وزارة النفط. وللغضبان العديد من البحوث والدراسات في مجال النفط ومشاركات في اغلب المؤتمرات العالمية الخاصة بالنفط. ويسعى العراق العضو المؤسس في منظمة اوبك التي تضم 12 دولة وتضخ 40 بالمئة من النفط العالمي، للعب دور مهم في المنظمة بعد غياب لسنوات طويلة بسبب سياسة النظام السابق. وشكلت منظمة اوبك في ايلول/سبتمبر عام 1960 في بغداد من قبل خمس دول منتجة للنفط هي السعودية وايران والعراق والكويت وفنزويلا.

خطط بديلة لتصدير النفط

من جهة اخرى اعلنت السلطات العراقية انها وضعت خططا بديلة لتصدير نفطها عبر عدة اتجاهات ووسائل في حال اغلاق مضيق هرمز، كما هددت ايران، الذي يعد الممر الرئيسي للصادرات النفطية العراقية. وقال وزير التخطيط العراقي علي الشكري في مؤتمر صحافي في بغداد "تم تشكيل لجان حكومية في العراق، وجرى بحث ما يمكن ان نفعله لو تم لا سمح الله اغلاق مضيق هرمز". واوضح "يمكن ان نزيد الصادرات من خط جيهان (عبر الاراضي التركية) الى مليون برميل". ويصدر العراق عبر هذا الانبوب التركي ما بين 400 الى 450 الف برميل يوميا، بينما يصدر القسم الاكبر من نفطه عبر ميناء البصرة جنوب البلاد، الذي يطلب الوصول اليه عبور مضيق هرمز.

وتابع الوزير "بحثنا ايضا مع الجانبين اللبناني والسوري في تفعيل خط بانياس طرابلس" عبر سوريا ولبنان. وقال الشكري "هناك خيار زيادة التصدير من خلال الناقلات". واضاف "طرح في مجلس الوزراء تفعيل خط التصدير الاستراتيجي الذي يمر عبر الاراضي السعودية، والمتوقف منذ سنوات طويلة". واكد "لم نبحث مع الجانب السعودي مباشرة هذا الامر، لكن من المؤكد انه ستكون هناك اشارات ايجابية في هذا الموضوع". وقال الوزير العراقي "هذا الموضوع يشغل كل دول المنطقة وخصوصا الدول التي تستورد النفط من العراق والسعودية والكويت".

و يذكر ان وزير التخطيط العراقي قد قال في وقت سابق ان العراق قد يخسر ما يزيد عن نصف صادراته النفطية لو أغلقت جارته ايران مضيق هرمز الحيوي مضيفا أنه لا يوجد بديل فوري لتعويض هذا النقص. ومن بين 2.165 مليون برميل يوميا هي متوسط صادرات العراق العام الماضي تم تصدير نحو 1.7 مليون برميل يوميا من مرافئ البصرة الى الخليج عبر مضيق هرمز. وقال الشكري ان العراق قلق لاته سيخسر ما يزيد عن نصف صادراته النفطية في حال اغلاق المضيق .

وقال الشكري ان العراق يمكن أن يعتمد على تصدير مزيد من النفط من خلال شاحنات ويمكن أن يعزز صادراته عبر خط الانابيب الشمالي الذي ينقل النفط من حقول شمال البلاد الى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط الى مليون برميل يوميا من 400 ألف برميل حاليا. لكنه قال ان تلك حلول متسرعة ربما لا تستوعب الطاقة التصديرية للبلاد.

وتعرض خط أنابيب كركوك-جيهان لهجمات تخريبية مرات عديدة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003 ويتعطل كثيرا بسبب مشكلات فنية. وفي العام الماضي قال مسؤولون عراقيون وأردنيون ان البلدين اتفقا من حيث المبدأ على انشاء أنبوب يمد الاردن بالنفط الخام في العقود القادمة. وينقل العراق حاليا نحو 15 ألف برميل يوميا من النفط الخام في شاحنات الى الاردن. وقال الشكري انه قد تجري دراسة خطط طويلة الاجل مثل دعوة شركات أجنبية لاعادة تأهيل خط لانابيب النفط بين العراق وميناء بانياس في سوريا وهذا الانبوب متوقف عن العمل منذ نحو ثلاثة عقود. لكن الاضطرابات في سوريا تجعل من غير المرجح أن يكون هناك اهتمام فوري باعادة تشغيل الخط.

ولوح مسؤولون ايرانيون مرارا بامكانية اغلاق المضيق ردا على العقوبات المتزايدة على الجمهورية الاسلامية. واعلن سفير ايران لدى الامم المتحدة في وقت سابق ان بلاده لن تسعى الى اقفال مضيق هرمز الاستراتيجي الا اذا حاولت قوة اجنبية "تضييق الخناق" على طهران في ملفها النووي. وتبدو العقوبات مسألة حساسة لبغداد التي تربطها علاقات سياسية قوية مع ايران وسوريا التي يواجه رئيسها بشار الاسد أيضا عقوبات دولية. بحسب فرانس برس.

وكان المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ اكد مطلع شباط/فبراير الحالي ان العراق يمكن ان يكون من اكثر البلاد تاثرا في حال تم اغلاق مضيق هرمز امام شحنات النفط الخام. وتابع "للأسف فان العراق لم يتمكن حتى الان من بناء بنية تحتية يمكن ان تنوع طريقة تصديره للنفط. وحتى الان فان خط الانابيب مع سوريا ليس عاملا، وقدرات خط الانابيب مع تركيا لا تزال منخفضة".

مضاعفة انتاج نفط الشمال

من جانب اخر اعلن مسؤولون في شركة نفط الشمال التي تشرف على حقول نفطية وغازية في اربع محافظات عراقية ان الشركة تبنت خطة لزيادة انتاج النفط من 600 الف برميل يوميا الى اكثر من مليون بحلول نهاية 2014. وقال مدير عام الشركة حميد عبد الرزاق الساعدي ان الشركة التي تعمل باشراف وزارة النفط "وضعت خطة لزيادة انتاج النفط، تشمل كذلك توسيع منافذ التصدير". واوضح مصدر رفيع المستوى في قسم التخطيط والاستثمار في الشركة ان "الخطة تقوم على زيادة معدلات الانتاج لتلبغ اكثر من مليون برميل في اليوم الواحد بحلول نهاية عام 2014". وتنتج شركة نفط الشمال حاليا نحو 600 الف برميل نفط يوميا، يضاف اليها بين 70 الى 80 الف برميل من اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، فيما تصدر بين 450 الى 500 الف برميل. واعلن الساعدي ان الشركة المسؤولة عن حقول في كركوك والانبار وصلاح الدين ونينوى "اعدت دراسة وخطة لاعادة تطوير حقل كركوك (شمال بغداد) ورفع الانتاج النفطي فيه من 280 الفا الى 600 الف برميل". وذكر ان الخطة تشمل ايضا "تطوير حقل باي حسن (في كركوك) لزيادة انتاجه من 195 الف برميل الى 250 الف برميل يوميا من خلال حفر آبار اضافية وحقن الماء في الحقل لرفع الضغط لجريان النفط من البئر بشكل طبيعي". وستعمل الشركة ايضا وفقا للساعدي على رفع الانتاج في حقول اخرى بينها حقل جمبور الشمالي في كركوك من 36 الف برميل الى 80 الفا، وحقل عجيل في صلاح الدين من 25 الف برميل الى 35 الفا. وستعمل شركة نفط الشمال على "زيادة عدد الابار في حقل حمرين (في صلاح الدين) الذي ينتح بين عشرين و25 الف برميل حيث تم حفر 52 بئرا ومع بداية العام المقبل يكون انتاجه قد وصل الى 60 الف برميل"، بحسب الساعدي. بحسب فرنس برس.

واشار مدير عام الشركة الى ان "هناك مشروعا لتطوير حقلي الكيارة ونجمة (في نينوى) ليبلغ مستوى الانتاج فيهما خلال السنوات الثلاث المقبلة 230 الف برميل في اليوم". وفي موازاة العمل على زيادة الانتاج، قال الساعدي ان خطط شركة نفط الشمال تشمل "زيادة المنافذ حيث ان هناك دراسة لدى الشركة تتناول مد خطوط جديدة الى الحدود السورية واستبدال واصلاح الخطوط الموجودة حاليا والمتوقفة".

اكسون موبيل تجمد عقودها

في سياق متصل كشف مصدر حكومي عراقي ان شركة اكسون موبيل النفطية الاميركية قامت ب"تجميد" عقودها التي وقعتها مع حكومة اقليم كردستان العراق، التي تعارضها بغداد. وقال المصدر طالبا عدم كشف هويته ان "شركة اكسون موبيل ارسلت خطابا الى وزارة النفط اكدت فيها تجميد تعاقداتها مع (اقليم) كردستان". وكانت الشركة اتفقت في 18 من تشرين الاول/اكتوبر الماضي، مع حكومة اقليم كردستان العراق، لاستثمار ستة حقول نفطية الامر الذي رفضته بغداد واعتبرتها غير قانونية. وانتقدت الحكومة العراقية بشدة الصفقة وخيرت الشركة الاميركية بين العمل مع بغداد او المضي في التعاقد مع الاقليم. وقال نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني في بيان سابق، ان "الحكومة العراقية ستتعامل مع اي شركة تخرق قوانينها بالطريقة نفسها التي تعاملت فيها مع الشركات المماثلة سابقا" اذ اعتبرت عقودا وقعتها مع كردستان العراق "باطلة وغير قانونية". وخير الشهرستاني اكسون موبيل بين العمل في حقل غرب القرنة، واقليم كردستان، بحسب البيان الذي اوضح ان "وزارة النفط قد ابلغت شركة اكسون موبيل بهذا الموقف". وكانت وزارة النفط العراقية وقعت في كانون الثاني/يناير 2010 عقدا مع ائتلاف بقيادة شركة "اكسون موبيل" الاميركية ويضم "شل" البريطانية الهولندية لتطوير حقل غرب القرنة النفطي في الجنوب.

الى جانب ذلك اكد رئيس اقليم كردستان العراق (شمال) مسعود بارزاني تمسكه بالعقود النفطية التي ابرمها الاقليم مع شركات النفط ووصف المسؤولين في حكومة بغداد المعارضين لها ب"الفاشلين". وتسعى حكومة اقليم كردستان العراق الى ابرام عقود نفطية مع الشركات الاجنبية بهدف استثمار الموارد الطبيعية في الاقليم، الامر الذي تعتبره بغداد غير قانوني. وقال بارزاني في كلمة خلال مؤتمر لشباب اقليم كردستان في اربيل (320 كلم شمال بغداد)، في اطار حديثه عن عقود النفط التي ابرمها الاقليم "ليعلم العالم بانه لا يوجد عقد واحد من عقود النفط المبرمة من قبل الاقليم مع الشركات النفطية العالمية مخالف للدستور".

واضاف "هناك فاشلون لم يستطيعوا ان يقدموا للعراق ما نقدمه لشعبنا بكردستان ويريدوننا ان نكون مثلهم". وتابع "انهم لايستطيعون ان ينظروا الى الامن والاستقرار الذي يتمتع به الاقليم" في اشارة الى مسؤولين في الحكومة المركزية ببغداد. واكد بارزاني "لهذا سنستمر في سياستنا ونحن ملتزمون بالدستور" . ويرى بارزاني ان "المشكلة ليست ان هذه العقود مخالفة للدستور او غير مخالفة، بل انهم لا يريدون ان يتطور (اقليم) كردستان" في اشارة للمسؤولين في حكومة بغداد. ووقعت السلطات المحلية في اقليم كردستان حوالى اربعين عقدا مع شركات اجنبية من دون ابلاغ وزارة النفط بذلك، او نقل العقود اليها. بحسب فرنس برس.

وتعتبر بغداد كل عقد نفطي موقع من دون موافقتها وان كانت سلطات اقليم كردستان الكردي وقعته، عقدا باطلا. ودعا وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي في مقابلة مع موقع "منتدى نفط العراق" في كانون الاول/ديسمبر الماضي، الاكراد الى ان يحددوا ما اذا كانوا يريدون ان يبقوا جزءا من العراق او ان يتحولوا الى "دولة مستقلة"، على خلفية عقود النفط الموقعة من قبل الحكومة المحلية في اقليم كردستان. وكانت الولايات المتحدة حذرت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الشركات الاميركية، وبينها شركة اكسون موبيل النفطية العملاقة التي وقعت عقدا مع اقليم كردستان العراق خلافا لرغبة بغداد، من المخاطر القانونية لتلك العقود.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/آذار/2012 - 28/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م