التنوع البيئي... ديمومة ترهق الارض

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: اصبحت التغيرات البيئية التي رافقت النهضة الصناعية الكبرى، من العقبات التي شكلت بمجملها ثقلاً ارهق كاهل الطبيعية والمساحات الخضراء وسلامة الكرة الارضية والحياة فيه، وقد اشارت العديد من الدراسات العلمية الحديثة الى ان حياة الاف الانواع من الحياة الحيوانية والنباتية وغيرها في خطر حقيقي يهدد التنوع البيئي للحياة البرية مالم تتخذ الدول والمنظمات العالمية الخطوات الصحيحة من اجل معالجة هذا الخلل.

ومع ان دول متطورة كأستراليا والولايات المتحدة والارجنتين وغيره، قد قامت بإنجاز بعض المحميات الطبيعية وتطبيق بعض القوانين الصارمة لحماية الحياة البرية والصيد الجائر وكذلك تقديم الدعم لإنشاء المزيد من مراكز الدراسات والابحاث وتطوير المعرفة البشرية بهذا الخصوص، الا ان الدعم البشري للبيئة ما زال محدوداً ولا يمكن مقارنته بما فقدته البيئة وتنوعها من جراء اهمال الانسان لها.

يذكر ان العلماء والباحثين ما زالوا ينظرون الى الطبيعة وحياتها المذهلة كونها ولادة ومتجددة باستمرار، خصوصاً وان المزيد من الاكتشافات لأنواع حياتيه جديدة تتواصل الامر الذي يعكس اهمية حماية ورعاية الطبيعية.  

التغير المناخي

اذ للمرة الأولى، أظهرت دراسة نشرت مؤخرا أن الطيور والفراشات الأوروبية تتأقلم مع الاحترار المناخي بالانتقال إلى الشمال لكن حركة نزوحها ليست سريعة بما يكفي لمواجهة سرعة ارتفاع درجات الحرارة المتوسطة، وأشارت دراسة مماثلة نشرتها مجلة "نايتشر كلايمت تشاينج" البريطانية إلى أن ارتفاع حرارة الأرض يؤثر بشكل ملحوظ في النباتات التي تعيش في المرتفعات الجبلية في كافة أنحاء القارة الأوروبية، وذكرت الدراسة التي أعدها عالم الأحياء الفرنسي فينسان دوفكتور من مركز مونبيلييه للأبحاث العلمية أن درجات الحرارة المتوسطة في أوروبا ارتفعت بمعدل درجة مئوية واحدة في غضون عشرين سنة (2008-1990)، وبما أن النظام الغذائي لدى الحيوانات واستراتيجياتها الخاصة بالنزوح وبيئاتها الطبيعية تعتمد كثيرا على المناخ في معظم الأحيان، فإن الاحترار المناخي يخلف تداعيات كبيرة على أنواع حيوانية عدة، وفي محاولة للتأقلم مع التغير المناخي، نقلت الفراشات بيئتها الطبيعية إلى الشمال وكذلك فعلت الطيور. بحسب فرانس برس.

وجاء في بيان للمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي أن هذا النزوح "يبين كيف يعيد التغير المناخي تنظيم الحياة البرية في أوروبا بشكل كبير وبوتيرة سريعة"، وأشارت الدراسة التي جاءت ثمرة تعاون غير مسبوق بين عدد من الباحثين الأوروبيين إلى تأثير التغير المناخي على 9490 جماعة من الطيور و2130 جماعة من الفراشات في بلدان مختلفة (فرنسا وبريطانيا واسبانيا وهولندا والسويد وفنلندا وتشيكيا)، واستند الباحثون إلى بيانات جمعها متخصصون متطوعون في مجال العلوم الطبيعية من شبكات مختلفة بعدما أمضوا أكثر من مليون ونصف مليون ساعة في الميدان لفترة تتخطى العشرين سنة لإحصاء الفراشات والطيور، ويبدو أن الميل نفسه موجود لدى النباتات التي تعيش في المرتفعات والتي تجد صعوبة أكثر من الحيوانات في التأقلم مع التغير المناخي بشكل جيد وسريع، بحسب دراسة أعدتها أكاديمية العلوم النمساوية وجامعة فيين، وفي العامين 2001 و2008، قام فريق من علماء النبات من ثلاثة عشر بلدا بتحليل 867 عينة من النباتات مأخوذة من ستين قمة أوروبية.

وخلص إلى أنه على صعيد القارة الأوروبية كلها، تتراجع النباتات التقليدية التي تعيش في المرتفعات الجبلية الباردة لتحل محلها نباتات تعيش في المناطق الأكثر دفئ، ويقول مايكل غوتفريد من برنامج "غلوريا" الذي نسق الدراسة "كنا نتوقع أن نجد عددا أكبر من النباتات التي تحب الحر على ارتفاع أعلى ولكننا لم نتوقع أن نلاحظ تغيرا كبيرا إلى هذا الحد في فترة زمنية قصيرة جدا"، أضاف أن "عددا كبيرا من الأنواع المتأقلمة مع البرد يهجر الجبال، وفي بعض القمم الأوروبية التي لا يتخطى ارتفاعها 1500 مترا، قد تختفي المروج في العقود المقبلة وتحل محلها شجيرات قزمة".

أعمق ينابيع المياه الحارة

من جهتها فهي ينابيع مياه حارة يصل عمقها إلى خمسة كيلومترات وحراراتها إلى 450 درجة مئوية في أخدود جزر كايمان، لكن هذه الحم الواقعة في قعر البحر والأعمق في العالم تعج بنوع جديد من قشريات الروبيان كان لا يزال مجهولا حتى يومنا هذا، وبحسب دراسة نشرت مؤخر، تتدفق من هذه الحمم مياه حارقة غنية جدا بالمعادن وهي تقع على عمق أكثر من 800 متر مقارنة مع جميع ينابيع المياه الحارة المكتشفة حتى تاريخنا هذ، وقد اكتشفت بعثة علماء من ساوث أمبتون (جنوب إنكلترا) في نيسان/أبريل 2010 هذه الحم، في أخدود كايمن بين جزر كايمن وجامايك، وقد عثر العلماء على مجموعات كبيرة من الروبيان الأبيض متكدسة حول مداخن يبلغ قطرها ستة أمتار تشكل فوهة هذه الحمم، وقد أطلق الباحثون على هذا النوع من الروبيان اسم "ريميكاريس هايبساي" تيمنا بغواصة "هايبيس" المستخدمة في صيد هذه القشريات، وتشير الدراسة التي نشرت في النسخة الإلكترونية من مجلة "نيتشر كوميونيكيشن" إلى أن نوع الروبيان هذا يشبه فصيلة "ريميكاريس إكزوكولاتا" المتواجدة أيضا في حم أخرى في أعماق البحار، لكن هذه الحم تقع على طول "حيد منتصف المحيط الاطلسي" على بعد 4000 كيلومتر من أخدود كايمن، بحسب ما يشرح علماء الأحياء البريطانيون. بحسب فرانس برس.

كذلك عثر الباحثون في مواضع أخرى على امتداد التصدعات التي تنبع منها المياه الحارة مئات شقائق النعمان البحرية التي تتمتع بمجسات بيضاء، ويشرح الدكتور جون كوبلي من جامعة ساوث أمبتون في بيان أنه "من شأن دراسة هذا النوع الجديد ومقارنته بأنواع أخرى متواجدة في حم أخرى في العالم، أن تساعدنا في فهم كيفية توزع الحيوانات وتطورها في أعماق البحار"، وتنبع من حم أخدود كايمن سوائل حارة جدا غنية كثيرا بالنحاس (بدرجة غير مسبوقة) تأتي على شكل دخان داكن اللون، الأمر الذي دفع إلى إطلاق تسمية "المدخنون السود" عليه، إلى ذلك تفاجأ الباحثون عندما اكتشفوا مثل هذه الحم على منحدرات جبل يقع في أعماق البحر، والجبل الذي يصل ارتفاعه إلى ثلاثة كيلومترات انطلاقا في قعر البحر، تبقى قمته مغمورة بالمياه على عمق أكثر من ثلاثة ألاف متر من سطح البحر، ويشرح الدكتور دوغ كونيلي من المركز الوطني لعلم المحيطات في ساوث أمبتون "لم نشهد يوما حم حارة وحمضية في مناطق مماثلة، وليس هناك عادة محاولات للبحث عنها في هذه المناطق"، وتعتبر جبال أعماق البحار شائعة نسبيا، الأمر الذي قد يشير إلى أن الحم هي أكثر انتشارا من المتوقع، وقد عثر العلماء في هذه الحم على الروبيان الأبيض نفسه بالإضافة إلى فصائل جديدة من الأسماك والحلزونات والقشريات، ويختم الدكتور جون كوبلي قائلا "يكمن اللغز الذي يلف هذه الحم في معرفة كيفية انتقال الحيوانات من حمة إلى أخرى وقطع مسافات جد طويلة. فقد نجد في الأسفل حم أكثر مما نتوقع".

اكبر محمية بحرية في العالم

من جهة اخرى بدأت استراليا في اقامة اكبر محمية بحرية بالعالم مؤخراً للحفاظ على مناطق شاسعة من الشعاب المرجانية على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد وموقع معركة بحرية ضارية جرت اثناء الحرب العالمية الثانية، وقال وزير البيئة توني بيرك ان المحمية ستقام على مساحة مليون كيلومتر مربع تقريبا -وهي مساحة تعادل مساحة فرنسا والمانيا معا- وستساعد على حماية الاسماك والشعاب المرجانية البكر ومواقع لاعشاش الطيور البحرية والسلاحف الخضراء، وستغطي مساحة المحمية الجديدة مواقع سفن غرقت اثناء معركة بحر الكورال وهي سلسلة من المواجهات البحرية التي دارت بين القوات اليابانية والامريكية والاسترالية عام 1942 والتي تعتبر أول معركة في العالم تشارك بها حاملات الطائرات، وقال بيرك انه من المعروف ان ثلاث سفن امريكية غرقت في المنطقة الشمالية الشرقية من بحر الكورال، وستنتهي الحكومة من وضع القيود التي ستفرض على محمية بحر الكورال -والتي ستكون في اطار المنطقة الاقتصادية لاستراليا- خلال 90 يوما. بحسب رويترز.

المنطقة المعنية بهذا القرار والواقعة في منطقة تجارية استرالية خالصة، تمتد على 972 الف كيلومتر مربع من الحاجز المرجاني الكبير وصولا الى مياه جزيرة سالومون وكاليدونيا الجديدة، وستصبح بذلك اكبر محمية بحرية في العالم يمنع فيها التنقيب عن النفط والغاز مع فرض قيود على الصيد ايض، وقال وزير البيئة الاسترالي توني بورك "المحيطات مصدر اقتصادي وفسحة ترفيه اساسية للاستراليين الا انه لا يمكننا ان نكون متساهلين"، الا ان الجمعيات المدافعة عن البيئة التي تطالب منذ فترة طويلة بتحويل بحر المرجان الى محمية اعتبرت ان المشروع ليس طموحا ما يكفي، واعتبرت ايموجين زيتوفين من جمعية "بيو اينفايرمنت غروب" ان "مستويات الحماية يجب ان تكون اعلى ولا سيما في المناطق المعرضة للخطر لحماية بحر المرجان على المدى الطويل".

واكد عالم الاحياء البحرية تيري هيوز من "جيمس كوك يونيفيرستي" في هذا الاطار، ان الصيد لن يمنع الا في نصف المحمية، واظهرت دراسة نشرت اخيرا ان 52 نوعا من سمك القرش في اعالي البحار والشفنين البحري والخرافة تستوطن بحر المرجان، من بينها 18 نوعا لم يسجل وجودها في اي مكان اخر، وهذا البحر هو الملاذ الوحيد لتضع اسماك المارلين السوداء بيوضه، وتشكل المنطقة معبرا للانواع المهاجرة مثل الحيتان بحدبة والسلاحف اللاحمة، ويتواجد في بحر المرجان حوالى 341 نوعا يعتبرها الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة مهمة جدا للمحافظة عليه، والحاجز المرجاني الكبير مدرج في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي وتشكل اكبر تجمع مرجاني في العالم. وتضم 400 نوع من المرجان و1500 نوع من الاسماك واربعة الاف نوع من الرخويات.

رومانيا وحماية غاباتها البدائية

الى ذلك فاشجار الزان الشامخة تلامس السماء في قلب جبال الكاربات في رومانيا التي تضم اكبر مساحة مغطاة بالغابات البدائية في الاتحاد الاوروبي وتريد حماية هذا "الكنز" بشكل افضل من اجل المناخ والتنوع الحيوي، لكن المهمة شاقة، وقال وزير البيئة الروماني لازلو بوربيلي قبل ايام من مؤتمر جنوب افريقيا حول المناخ "الغابات تشكل احد اهم المصادر لمكافحة التغيير المناخي"، فالغابات البدائية التي لم يطلها النشاط البشري تشكل 36 % من المساحة الحرجية العالمية على ما تفيد منظمة الامم المتحدة للاغذية والزراعة (فاو)، وفي هذه الغابات اشجار ضخمة تعود الى مئات السنوات ونماذج متوسطة العمر ونبتات شابة فضلا عن اشجار هالكة تستوطنها الحشرات والنبتات، وفي اوروبا اختفت هذه الغابات "البرية" في الكثير من الدول باستثناء الدول الاسكندنافية واوروبا الشرقة، وتمتد هذه الغابات في رومانيا على مساحة 250 الف هكتار غالبيتها من اشجار الزان والتنوب والسرو وتنتشر فيها الدببة الذئاب والوشق، ومع ان مساحتها تقلصت كثيرا منذ نهاية القرن التاسع عشر فان الغابات البدائية الرومانية بقيت على ما هي عليه بفضل صعوبة الوصول اليها على ما توضح اريكا ستاشيو مديرة برنامج الغابات في الصندوق العالمي للطبيعة (دبليو دبليو اف) في الكاربات مشددة على ان مسح هذه الغابات ليس كاملا حتى الان. بحسب فرانس برس.

الا ان هذه الغابات تتعرض لتهديدات متزايدة، ويقول الصندوق العالمي للطبيعة الذي اطلق نهاية تشرين الاول/اكتوبر حملة لانقاذها ان "18 % منها فقط تخضع للحماية"، وكتب فيكتور يورغيو من الاكاديمية الرومانية في مقال علمي "ما ان يبدأ باستغلال هذه الغابات البدائية فانها ستأخذ معها معلوماتها الجينية والبيئية التي كدستها طوال الاف السنين"، وجمعت عريضة للصندوق العالمي للطبيعة تطالب "باجراءات وقائية عاجلة وفعالة"، 90 الف توقيع في اقل من شهر، ويبدو ان الوزير ادرك الرسالة فاعلن عن مشروع قانون صنف بحلول نهاية العام الماضي كل الغابات البدائية كمناطق خاضعة لحماية صارمة مع انعدام امكانية الاستغلال، وسيحصل مالكو هذه الاراضي المحرمون من اي عائدات لكنهم يتكبدون بعض المصاريف تعويضات تمولها صناديق اوروبية بقمية اجمالية قدرها مئة مليون يورو، وقد نجحت هذه الخطة في سينكا (وسط) حيث وافقت البلدية على عدم المساس بجزء من الغابات البدائية في مقابل تعويض مالي من الصندوق العالمي للطبيعة، وقال غابريال بون من المنظمة غير الحكومية المدافعة عن البيئة "ايجينت غرين" ان "التزام الوزارة العلني حيال الغابات البدائية يشكل نجاحا لحملة الصندوق العالمي للطبيعة الا اننا ننتظر تطبيق هذه الاجراءات" بعدما "اختبرنا بعض تصريحات من الوزارة في السابق لم تطبق"، وتشكل توعية المالكين وفاعلية عمليات المراقبة امرا حاسما في هذا المجال.

وتشير الصحف بانتظام الى قطع اشجار بطريقة غير شرعية في الغابات البدائية او "الكلاسيكية" من قبل شركات خاصة بتواطوء من السلطات المحلية، وشددت الوزارة على انها عززت عمليات المراقبة مع ارتفاع عمليات الضبط (189892 مترا مكعبا العام 2010 و 134883 مترا مكعبا في الاشهر الستة الاولى من العام 2011)، ويوضح سكرتير الدولة لشؤون الغابات كريستيان ابوستول ان هذه النتائج تحققت بفضل علميات مراقبة يقوم بها ضباط في الشرطة اتوا من مناطق اخرى لتجنب عمليات التواطؤ المحلية، وتم رفع قيمة الغرامات، الا ان النتائج لا تزال قليلة على صعيد القضاء، وافاد وزير البيئة ان 0،5 % فقط من الملفات التي رفعت الى المحاكم ادت الى حكم نهائي منذ العام 1990.واضاف "القضاة يعتبرون ان لا خطر كافيا على المجتمع" واعدا بتوجيه رسالة الى مجلس القضاء الاعلى للتشديد على اهمية "تطبيق القانون في هذا المجال"، وتشدد المنظمات غير الحكومية على ان شركات صناعة الاخشاب لديها مسؤولية ايضا للتأكد من مصادر الخشب. ودانت منظمة "ايجينت غرين" اخيرا عمليات قطع اشجار بطريقة غير قانونية سلمت الى شركة "شفايغوفر" النمسوية في رومانيا.

مشكلة في موزمبيق

في سياق متصل لا تعتبر إعادة التشجير مراعية للبيئة بالضرورة، فقط لأن الأشجار تحمل أوراق، هذه هي العبرة المستخلصة بالإجماع في موزمبيق حيث تشكل أشجار الصنوبر والكينا مشاكل في بعض الأحيان، وخاضت شركات عدة في هذا البلد الواقع في إفريقيا الجنوبية والذي لا تنقصه الأشجار أساسا، مجال إعادة التشجير ومن بينها صندوق استثمار استحدثته في العام 2006 كنائس سويدية ونروجية تحت اسم "غلوبل سوليداريتي فورست فوند" يتحكم بثلاث مزارع على أقل تقدير، وفي عريضة حملت عنوان "كفى مزارع في موزمبيق"، تتهم "غيسفير" وهي جمعية جنوب إفريقية مراعية للبيئة، الصندوق بـ"قطع الأشجار في احراج أصلية محلية ليفسح المجال أمام زراعة حرجية احادية"، وتنتقد الجمعية "استهلاك المياه الهائل" مذكرة بأن شجرة الكينا تستهلك 50 ليترا من الماء يوميا وتندد باحتلال الأراضي الخصبة "التي كان السكان المحليون يستخدمونها في البداية للزراعات الغذائية التي تؤمن لهم الاكتفاء الذاتي والتي تعتبر ضرورية لأمنهم الغذائي"، وفي مقاطعة نياسي حيث تم زرع أشجار صنوبر، شب نزاع على أقل تقدير منذ العام 2008 على حد قول كجسا جوهانسون المتحدثة باسم جمعية تعاون سويدية، وتضيف "اقتلع بعض المزارعين الأشجار وأضرموا النار في مباني تخزين كما تلقى القادة المحليون رشاوى ولم يجر التحقيق المحلية وفق الأصول". بحسب فرانس برس.

أما الصندوق الذي قام بتشجير قرابة 23 ألف هكتار في مقاطعتي نياسا وزمبزيا فيؤكد من جانبه أنه "يمتثل" لتشريعات موزمبيق لكنه "يأخذ على محمل الجد الانتقادات الموجهة إليه"، كما أنه اضطر إلى تغيير إدارته بالكامل هذه السنة، وتقول المتحدثة باسم الصندوق كينا بروندن "من المعلوم أنه ينبغي إدارة إعادة التشجير بحذر ونحن نتخذ التدابير اللازمة لرصد المشاكل المحتملة"، ويشير الخبير الزراعي من جنوب أفريقيا كورت غيلدنهويس وهو صاحب مقالات علمية عدة، إلى أن "التشجير أصبح موضة، الكل يريد أن يزرع شجرا من دون أن يدري بالضرورة كيفية القيام بذلك"، ويضيف "ما يقلقني هو هذه الفكرة الخاطئة ومفادها أن استخدام الغابات لاستخراج الفحم النباتي مضر، إذ يظن الناس أن الغابة قد تدهورت في حين ان الاصناف التي تعيش تحت الأرض تكدس مخزونات تساعدها في الإنبات بعد الحريق أو القطع"، ويشرح "نحن بحاجة إلى تطوير اقتصادن، وإعادة التشجير تساعدنا في التقدم لا سيما خارج مابوتو، والمسألة هي مسألة دمج المزارع الجديدة بطريقة متوازنة"، بالإضافة إلى الصندوق، تقوم مجموعات صناعية بإعادة تشجير شمال موزمبيق هذا البلد الذي تغطي فيه الأحراج نصف مساحته الإجمالية (800 ألف كيلومتر مربع).

وقد حصلت المجموعة الحرجية النروجية "لوريو غرين ريسورسيس" على أراض مساحتها 180 الف هكتار في مقاطعة نامبولا وقد أطلقت مشروعا قيمته 2،2 مليار دولار يهدف إلى إنشاء مصنع ورق يكون الاول من نوعه في البلاد في غضون 12 عام، من جهتها أعلنت مجموعة مصانع الورق البرتغالية "بورتوسل سوبورسل" عن مشروع مشابه وزرعت أشجار كينا على سبيل التجربة لتقيس وتيرة نموه، ومن المفترض ان تحبس هذه الاشجار كلها الكاربون وهو الغاز الرئيسي الذي يتسبب بالاحترار المناخي، وبحسب المتحدثة باسم المجموعة البرتغالية آنا نيري، يتمتع المشروع "بمزايا تخوله الترشح لآلية التنمية المعتمدة في المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات" وهي آلية مالية وضعتها الأمم المتحدة لمكافأة البلدان التي تكافح إزالة الغابات، وتضيف المتحدثة البرتغالية أن "الأشجار ستزرع في المناطق المتدهورة ولن يتم اقتلاع أية شجرة أصلية قيمة"، ويشرح فيليب اوين رئيس جمعية "غيسفير" انه "من السهل وصف المناطقة بالمتدهورة، وفي الواقع هي تحافظ على تنوع حيوي كبير، وسرعان ما يعوض كل شيء، لكن عندما نعمد إلى إعادة التشجير لا سيما من خلال أشجار الصنوبر والكينا، فإن ذلك يؤدي إلى عواقب وخيمة".

مياه الدانوب وحركة الملاحة

على صعيد مختلف الملاحة على الدانوب ثاني انهر اوروبا طولا بعد الفولغا، تحولت كابوسا بسبب الجفاف غير المسبوق تقريبا الذي يؤدي الى انخفاض قياسي في منسوب مياه النهر الذي يمر في تسع دول قبل ان يصب في البحر الاسود، واشارت الوكالة البلغارية لاستغلال الدانوب الى عدد من المناطق التي تطرح مشاكل في هذا النهر الذي يمتد على 2860 كيلومتر، ويقول ايفان ايفانوف المدير المساعد للشركة البلغارية للملاحة النهرية "المياه غير موجودة، فالوضع حرج ليس هنا فقط في الدانوب الادنى بل في مناطق اعلى في المجر والنمسا والمانيا"، ويضيف "نحمل العبارات اقل بكثير من قدرته، فالممر المائي في بعض الاماكن ضيق جدا فتمر القاطرات مع عبارة واحدة بدل ست عبارات، لا يمكنني ان احصي الخسائر"، وتعمل المرافئ ايضا باقل من قدرته، وباتت شركتا معديات تقوم برحلات بين ضفتي النهر بين بلغاريا ورومانيا "على شفير" الاغلاق وهو امر لا فر منه اذا انخفض مستوى المياه الى ما دون الخمسين سنتمترا على ما يؤكد ايفان ايفانوف، وفي رومانيا اشارت سلطات مرفأ غالاتي (جنوب شرق) الى "عمليات مكثفة لجرف الرمال للمحافظة على مستويات عمق دنيا" تسمح بحركة الملاحة، وتخشى بوخارست من جهة اخرى ان تضطر الى اغلاق وحدة من محطتها النووية الوحيدة في سيرنافودا (شرق) في حال استمر مستوى المياه بالتراجع، وهذا المفاعل الذي يأخذ من مياه الدانوب لتبريد محركاته اوقف العام 2003 عندما سجل مستوى النهر انخفاضا قياسيا. بحسب فرانس برس.

واعلنت شركة "هيدرواليكترا" الرومانية العامة التي تعمت بنسبة 40 % من انتاجها على الدانوب، تخفيض امداداتها الكهربائية، ومع انحباس الامطار حتى الان، يتوقع الخبراء استقرارا او انخفاضا جديدا في منسوب النهر، والملاحة مستحيلة من الان في الدانوب على مسافة 200 كيلومتر بين بزدان عند الحدود الصربية-المجرية وبانتشيفو قرب بلغراد على ما تفيد هيئة الاحوال الجوية الصربية، وحدها مراكب خفيفة يسمح لها بالمرور في حين ان ثمة مئة تقريبا من قوارب الشحن الصغيرة عالقة عند مستوى بزدان، اما سلطات فوكوفار المدينة الكرواتية الرئيسية على الدانوب فقد منعت مرور السفن التي يزيد وسعها عن 1،3 متر، وفي سلوفاكيا امرت السلطات بخفض الحمولة، وتعاني الدول القريبة من مصب النهر اكثر من غيرها الا ان حركة نقل البضائع تأثرت ايضا في النمسا والماني، واعلن معهد الاحوال الجوية النمسوي "زامغ" ان تشرين الثاني/نوفمبر كان الاكثر جفافا منذ بدء تسجيل القياسات في العام 1858، ونقل البضائع عبر الدانوب لم يعد يشكل الا ربع الحجم الاعتيادي اذ ان السلع المشحونة باتت تسلك الطرقات او القطارات على ما قالت الجمعية النمسوية لملاحة "فيا دوناو".

فثمة جزء من النهر تمتد على مسافة 69 كيلومترا بين مرفأ ستراوبينغ وفيلشوفين الالمانيين المحظور على القوارب تشهد خدمة نقل بالقطارات والشاحنات الثقيلة على ما افادت ادارة النهر، وقد تراجعت الملاحة على قناة الرين-ماين-الدانوب باتجاه بحر الشمال بشكل كبير خلال مؤخر، ويقول ايفان ايفانوف "بما انه لا يتوقع هطول اي امطار فان مياه الدانوب ستتجمد عندما سيحل البرد"، وهذه الظاهرة سجلت للمرة الاخيرة في بلغاريا العام 1985، والدانوب ثاني انهر اوروبا مع مناطقه الرطبة يتمتع بانظمة بيئية كثيرة وثروة حيوانية فريدة تعاني من النشاط البشري من بناء السدوس وجرف الرمال، ودعا الصندوق العالمي للطبيعة (دبليو دبليو اف) الى التنبه كثيرا للمحافظة على الانظمة البيئية المهددة.

نسبة إزالة الغابات في الأمازون

من جانبها أعلنت البرازيل في وقت سابق عن انخفاض نسبة إزالة الغابات بشكل قياسي في الأمازون بين آب/أغسطس 2010 وتموز/يوليو 2011، علما أن المساحات التي قطعت فيها الأشجار بلغت في تلك الفترة 6238 كيلومترا مربع، وتراجع هذا الرقم بنسبة 11% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2009-2010، وقال جيلبرتو كامارا رئيس المعهد الوطني للأبحاث الفضائية "إنها نسبة إزالة الغابات الدنيا التي تسجل منذ البدء باتخاذ تدابير في هذا المجال سنة 1988".وتوازي المساحة التي قطعت فيها الأشجار أربع مرات مساحة مدينة ساو باولو التي تضم أكبر كثافة سكانية في البرازيل، وكانت الأمازون قد فقدت سبعة آلاف كيلومتر مربع من الغابات بين آب/أغسطس 2009 وتموز/يوليو 2010 وكان هذا الرقم الأدنى المسجل حتى تلك الفترة، وبلغت إزالة الغابات أوجها بين العامين 2003 و2004 اللذين امتد قطع الغابات خلالهما على مساحة 27700 كيلومتر مربع، وقال وزير العلوم والتكنولوجيا ألويزيو مركادانتيه "إنه انتصار كبير للبرازيل، فهذه أدنى نسبة تصحر على الإطلاق، ومساحة الأمازون الضخمة ملائمة لاحتواء الكربون"، ما يعتبر إحدى وسائل مكافحة الاحترار المناخي، وأعدت السلطات هذا التقرير عشية التصويت على مشروع قانون في مجلس الشيوخ يقضي بإصلاح التشريعات المتعلقة بالغابات وقد يؤدي إلى الحد من مساحة المناطق المحمية، وقد حظي نص القانون الذي سيتعين على مجلس النواب المصادقة عليه لاحقا بدعم القطاع الزراعي الصناعي في البرازيل، ويلحظ القانون المرعي الإجراء حاليا والعائد إلى العام 1965 الحد من استغلال الأراضي زراعيا وحماية 80% من مساحة الأمازون، وبحسب السلطات، فإن الحرائق والزراعة وتربية الحيوانات واستثمار الأخشاب والمعادن بطريقة غير الشرعية هي من الاسباب الرئيسة لإزالة الغابات في الأمازون. بحسب فرانس برس.

نوع جديد من الزهور

بدورهم اكتشف علماء زهرة جديدة تنتمي إلى فصيلة ميدينيلا في جزر فيجي، على ما اعلن الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة الذي يتخذ من جنيف مقرا له، وقد تم اكتشاف هذه الزهرة البيضاء الصغيرة في جبال قرية ماتاساواليفو الواقعة على جزيرة كادافو، خلال مهمة استكشافية نظمها علماء الاتحاد لتقييم نطاق التنوع الحيوي في مقاطعة ناكاساليك، وذكرت ماريكا تيواوا إحدى خبيرات الاتحاد في بيان "لم نعثر إلا على نبتة واحدة من هذا النوع"، ويعود هذا الاكتشاف إلى العام 2010 لكنه لم يعمم إلا مؤخراً بسبب بطء الإجراءات التقييمية، على ما شرحت إحدى المسؤولات في الاتحاد إيفا ماغيير، وقد أحصى العلماء حتى الان 193 زهرة من فصيلة ميدينيلا لا تنبت 11 منها إلا على جزر فيجي حتى أن رمز هذا البلد هو زهرة من فصيلة ميدينيل، وكان فريق العلماء التابع للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة يقيم مدى تدهور حوض أحد الأنهر في جزيرة كادافو عندما اكتشف الزهرة، وشرحت ماريكا تيواوا أن "النشاطات الزراعية التجارية وحرائق الأدغال تهدد هذه الفصيلة"، ولم يطلق على هذه الزهرة اسم بعد واقترح الخبراء تسميتها "ميدينيلا ماتاساواليفو" في إشارة إلى اصلها. بحسب فرانس برس.

نباتات تعود للحياة بعد تجميدها

من جانب اخر تمكن علماء في روسيا من استنبات نباتات من فاكهة خزنتها سناجب في الجليد قبل نحو 30،000 عام، وعُثر على الفاكهة بضفاف نهر كوليما في سيبيريا، التي تعد من المواقع البارزة بالنسبة لمن يبحثون عن عظام الحيوانات العملاقة، وقام فريق من معهد فيزيولوجيا الخلايا بأخذ نباتات "سيلين ستنوفيلا" من الفاكهةْ، وأشار العلماء في ورقة بحثية نشرتها دورية " Proceedings of the National Academy of Sciences" إلى أن هذه أقدم نباتات يتم زراعتها مجدد، وقبل ذلك، كان أقدم نبات يتم استنباته مجددا هي بذور أشجار نخيل حفظت لـ2000 عام في إسرائيل، يذكر أن رئيس فريق الباحثين الاستاذ ديفيد غيليتشنسكي مات قبل أيام قليلة من نشر بحثه، ويتحدث الباحثون عن العثور على نحو 70 جحرا لسناجب على ضفة النهر، وذكروا أن كل الجحور التي وجدوها كانت على عمق ما بين 20 إلى 40 مترا وتوجد في طبقات تحتوي على عظام ثديات ضخمة مثل الماموث ووحيد القرن والغزلان والجياد، ويبدو أن السناجب وضعت الفاكهة في أكثر الأجزاء برودة من الجحور، وتم تجميدها بصورة دائمة بعد ذلك، ربما بسبب برودة المناخ بهذه المنطقة. بحسب بي بي سي.

وفي المعمل، بالقرب من موسكو، فشلت محاولات فريق الباحثين لاستنبات البذور الناضجة، وفي النهاية حققوا نجاحا عند استخدامهم "النسيج المشيمي" داخل الفاكهة، ويعلق رئيس قسم الحفظ والتقنية في بنك بذور الألفية البريطاني روبن بروبرت: "لم أفاجأ لأنه كان ممكنا العثور على مواد حية قديمة مثل هذه، وهذا تحديدا ما نبحث عنه، ولكن المفاجأة أننا وجدنا مادة قابلة للحياة من هذا النسيج المشيمي وليس من البذور الناضجة"، وتركز نظرية الفريق الروسي على أن خلايا النسيج مليئة بالسكر الذي يمثل طعاما للنباتات المزروعة، ويعد السكر من مواد الحفظ، وتجري دراسات بشأن استخدامه كوسيلة للحفاظ على اللقاحات في المناخ الحار داخل أفريقيا من دون الحاجة إلى أجهزة تبريد، ولذا ربما كانت الخلايا الغنية بالسكر قادرة على البقاء في صورة قابلة للحياة طوال هذه الفترة الطويلة، وتنمو نباتات "سيلين ستنوفيلا" في السهل السيبيري، ووجد الباحثون اختلافا واضحا في شكل البتلات وجنس الأزهار بالنباتات الحديثة وتلك التي استنبتت من فاكهة قديمة، ولكن لم يتمكنوا من تحديد أسباب واضحة وراء ذلك.

ويشير العلماء إلى أن مثل هذا النوع من الأبحاث يمكن أن يساعد في الدراسات الخاصة بالتطور، كما أنها تلقي الضوء على ظروف بيئية على مدار آلاف من السنين الماضية، وربما المقترح الأكثر جاذبية أنه قد يمكن استخدام نفس التقنيات لزراعة نباتات منقرضة في الوقت الحالي إذا كانت السناجب البرية في القطب الشمالي أو بعض الحيوانات الأخرى قامت بتخزين الفاكهة والبذور، ويقول الدكتور بروبرت: "نتوقع أن البذور قابلة للنمو لآلاف وربما عشرات الآلاف من السنين ، ولكن لا أعتقد أن أحدا يتوقع بقاءها مئات الآلاف من الأعوام"، ويضيف "هناك فرصة لاستنبات نباتات انقرضت بنفس الطريقة التي نتحدث بها عن إعادة الحيوانات العملاقة إلى الحياة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/آذار/2012 - 27/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م