تكتيك جديد لسرقة محال الذهب في قلب بغداد

زاهر الزبيدي

من خلال الاطلاع على سيناريو العملية الإجرامية الأخيرة التي تسببت في سرقة مجموعة من محال الذهب في أحد الأسواق الشعبية في حي أور.. نؤكد أن هناك تكتيكا وتخطيطا تتبعه العصابات على أشكالها في تنفيذ عملياتها لكونها،العصابات، تفلت بسهولة من قبضة القوات الأمنية حال الانتهاء من تنفيذ الجريمة..

ويعلم الجميع أن قبل حدوث الجريمة كانت هناك شبهة عن سيارة قد تكون ملغومة متروكة قرب السوق مما تسبب في حال الشد والإرباك لدى المواطنين والقوات الأمنية وبعد التأكد من عدم وجود أي عبوة وذهب الجميع الى حالهم انفجر الوضع فجأة حين هاجمت المجموعة الإرهابية السوق لتنهب محال الذهب الموجودة فيه وتحول السوق الى ساحة حرب اختلط فيها الحابل بالنابل.. أنا لم أكن موجوداً حينها ولا أريد أن أخوض في تفاصيل الجريمة إستناداً للإشاعات وغيرها من الأقاويل التي تحدث بها القريبون من مكان الحادث كما عرضتها القنوات الفضائية ولكني اريد أن أطرح مجموعة أسئلة واستنتاجات عسى أن تجد مجيباً لها:

1. الجريمة حدثت في مركز العاصمة وفي منطقة مكتظة بالسكان بحيث لن يتوقع أحد أن يتم الهجوم على تلك السوق مهما حصل ولكن الذي حصل قد حصل بفعل توفر القناعة المسبقة لدى الإرهابيين من أن نجاح العملية مضمون 100%. لعدم توفر الحس الأمني وحاسة التوقع المستمر لدى القوات الأمنية القريبة من السوق، المسؤولة عن حمايته، بأن الأحداث تجري في أي لحظة وفي أي يوم ولا مجال لإبعاد أصابعنا عن الزناد مطلقاً فالغفلة داء القوات الأمنية وعناصرها.. وإلا فلماذا تحدث تلك العمليات الإرهابية المباغتة والتي يتم إستغلال عنصر الغفلة التي يتميز بها أفراد وحدات الحماية؟

2. لحظة بدء الهجوم أو أثناءه ألا توجد حلقة إتصال مع مركز قيادة خاص يحتوي على معدات رصد متمثلة بطائرات هليكوبتر خاصة سريعة تنطلق على وجه السرعة لتتعقب سيارات المهاجمين وتكتشف مخابئهم ولو لمرة واحدة فقط؟.. وحتى لو كانت طائرات دون طيار، عراقية كانت أو أمريكية، وإذا لم يكن هذا المركز موجوداً فما السبب في تأخير إنجازه وتوزيع مراكز مختلفة على مختلف مواقع بغداد لتسهيل وصول الإمدادات الساندة مع توفر الطيارين الماهرين والطائرات السريعة.. ترى اليست تلك الطائرات أهم من المصفحات؟ واهم من الكثير من المشاريع التي أغرقنا بها بلادنا بلا فائدة؟ وهل من سبيل الى أن تكون هناك قوات تدخل سريع خاصة منقولة عبر تلك الطائرات لتواجه الإرهاب في مخابئه؟ والى متى هذا الاستهتار والجميع ينادي " دم الشعب خط أحمر " " دم الشعب خط أحمر" حتى تلطخت واجهات المحال والأرصفة بدمائنا الحمراء وشبعت منها ذئاب الإرهاب والجريمة؟

3. إذا كانت العملية مفاجئة وبغداد تغص بالسيطرات الأمنية أليس من الأولى والأهم أن السيطرات القريبة من موقع الحادث تسمع إطلاق النار تغلق الشوارع وتتأهب للمواجهة؟ وما فائدة أن تطوق القوات الأمنية مكان الحادث وهي تعلم بأن العصابات لديها ذكاء في عدم ترك أدلة عنها؟

4. لماذا لم يتم توفر عناصر أمنية بزي مدني ومدربة بشكل كبير على أعمال العصابات منتشرة في مواقع خاصة داخل السوق وحوله لتساهم في درء الخطر عن أبناء الخط الأحمر؟

5. ما فائدة أن يتم إكتشاف العصابة بعد قيامهم بالجريمة؟ المفترض أن يكون الواجب الأسمى للقوات الأمنية كافة هو درء الخطر وتفادي عدم حدوثه بشتى الطرق والخطط.

6. ماهي ستراتيجية خطط حماية الأسواق الشعبية المكتظة بالسكان؟ عدا تلك المتمثلة بمجموعة متناثرة من الجنود ومجموعة من الشرطة منهمكون بالعلب بأجهزة الهاتف أو بغسل عجلاتهم أو سماع الأغاني عبر أجهزة الراديو الموجودة فيها أو نائمون؟ وعدا تلك المتمثلة بالجهاز الأعجوبة الكاشف عن المتفجرات والذي أصبح، بعد التورط فيه، أكبر فضيحة فساد في تأريخ الجيش بكونه يسهم ويمعن في تقتيلنا لا في حمايتنا وذاتهم، مستخدموه، غير مقتنعين فيه؟

7. كيف تم تدريب قواتنا على تنمية الحس الأمني لديهم؟ وكيف تم توجيههم تعبوياً وتعريفهم بأهمية دورهم في حماية دماء الشعب من أن تسال بين الحين والآخر بلا مبرر؟

8. لا أحد يشك مطلقاً بقدرة أبناءنا من أفراد القوات المسلحة وصلابتهم في مواجهة التحديات إلا إننا احياناً بتصريحات السياسيين نوهم الأخرين ومنهم هذه القوات بأن العصابات قد انتهت والقاعدة قد انتهت دون أن نفهمهم بأن المواجهة مستمرة والنزال قائماً بينهم، المدافعون عن الشعب الأصيل، وبين العصابات التي تحاول بين الحين والآخر أن تزرع الخوف والرعب في صفوفه.

 دعوة ونداء صادق لكل الشرفاء من أبناء قواتنا المسلحة والداخلية، بأننا خائفون.. خائفون على أهلنا وابناءنا وبناتنا وكاذب من يقول غير ذلك! والخوف لدينا أصبح متلازمة لم نتمكن التخلص منها مطلقاً على حجم ما نراه من أذى تلك الأذرع الخبيثة التي تضرب أعناقنا هنا وهناك غير قادرين، دون مساعدتكم، على أن نواجهها.

 ولكننا على يقين تام بأنكم، بأذن الله، لديكم القابلية على إنهاء وإطفاء نار العنف غير المبرر إطلاقاً والتي تذهب بنا وتترك بنا غصة مؤلمة على حجم ما نفقده من أبناءنا.. وقادرون ويعينكن الله وتدريبكم وفطنتكم وحسكم الأمني العالي بأهمية دوركم في تعزيز أمننا وسلامنا.. وفقكم الله.. وليرحمنا الله!

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/آذار/2012 - 25/ربيع الثاني/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م